Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران واغتنام لحظة التفاوض

الضوء الأخضر الذي قد يحصل عليه الرئيس الجديد بزشكيان وفريقه لن يكون مقتصراً على الاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية

تعتبر المرحلة الحالية "لحظة تاريخية" لإيران من أجل السير بالعملية التفاوضية (غيتي)

ملخص

تمسّك بزشكيان بموقفه المعلن من الحوار مع الغرب، أوروبا وأميركا، بهذه الصلابة والوضوح، والتأكيد أن المخرج من عنق العقوبات الاقتصادية الخانق لا بد من أن يمر من هذا الحوار، لم يكن ليحصل لو لم تكن هناك إشارات واضحة من الجناح الثاني المقرر في مثل هذه السياسات

حرص الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان في كل مواقفه وكتاباته على محاولة تحديد الخطوط العريضة والإطار العام لرؤيته المتعلقة بالسياسات الخارجية لإيران خلال المرحلة المقبلة، وتأكيده إستراتيجية الحوار والتفاوض وتعميق العلاقات وإعادة بناء الثقة مع المحيطين الإقليمي والدولي، والعودة للتوازن بالابتعاد من سياسة تغلب التحالف مع أطراف على حساب الانفتاح والعلاقة والحوار مع الأطراف الأخرى، تحت سقف المصالح الإيرانية الوطنية والقومية والاقتصادية والسياسية والإستراتيجية.

هذه الرؤية الطموحة لبزشكيان وفريقه المعلن أو الذي يعمل من خلف الكواليس، تأخذ في الاعتبار عينه أيضاً صعوبة تنفيذها من دون الحصول على ضوء أخضر من المرشد الأعلى الذي يملك صلاحية رسم السياسات العامة والإستراتيجية للنظام على المستويين الداخلي والخارجي، لذلك كان كلام بزشكيان في المقالة التي نشرها في صحيفة "طهران تايمز" حاملاً كماً كبيراً من التطمينات للمرشد من خلال التأكيد على تعميق العلاقة مع روسيا والصين، ليضمن الحصول على البعد الآخر من رؤيته والمرتبط بالحوار مع أميركا وأوروبا، وفي الوقت نفسه تعزيز الانفتاح والتعاون والثقة مع دول المحيط وبخاصة الدول الخليجية.

تمسك بزشكيان بموقفه المعلن من الحوار مع الغرب، أوروبا وأميركا، بهذه الصلابة والوضوح، والتأكيد أن المخرج من عنق العقوبات الاقتصادية الخانق لا بد أن يمر من هذا الحوار، لم يكن ليحصل لو لم تكن هناك إشارات واضحة من الجناح الثاني المقرر في مثل هذه السياسات إلى جانب المرشد الأعلى، أي المؤسسة العسكرية ممثلة في قوات حرس الثورة الإسلامية وتحديداً قيادة "قوة القدس"، ولعل اللقاء الذي جمع بين الرئيس المنتخب وقيادات قوات "حرس الثورة" أعطى مؤشراً واضحاً على وجود مثل هذا التوجه الذي يدعم مشروع ورؤية بزشكيان المستقبلية حول الانفتاح والحوار والتفاوض، خصوصاً وأن هذا اللقاء اتسم بالإيجابية العالية، عكس اللقاء الذي جمع بين الرئيس حسن روحاني وهذه القيادات العسكرية، وما اتسم به من توتر وتباين في المواقف السياسية والإقليمية والاقتصادية.

وتتحدث معلومات خاصة عن أن دائرة الشؤون الدولية في "قوة القدس" أبلغت المعنيين باتخاذ القرار في منظومة السلطة، وهؤلاء نقلوا الموقف للرئيس المنتخب بزشكيان بأن المرحلة الحالية على الصعيد الدولي تعتبر لحظة تاريخية من أجل السير بالعملية التفاوضية، والوصول إلى حلول ونتائج جدية تحفظ المصالح الإيرانية في الإقليم، وأن التغيير الحاصل مع انتخاب الرئيس الجديد قد يشكل عاملاً مساعداً في تحقيق هذا الهدف.

قيادة "قوة القدس" تحولت إلى قوة مقررة داخل هرمية منظومة السلطة بشكل مستقل عن قيادة "حرس الثورة"، وذلك لخصوصية تتمتع بها نتيجة ارتباطها المباشر بالمرشد الأعلى واستقلالية قرارها بالتنسيق معه من دون الحاجة إلى المرور عبر قيادة "قوات الحرس"، إضافة إلى أنها تشكل الذراع العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية للنظام في الإقليم وعلى المستوى الخارجي، مما يعطيها ميزة عن غيرها في تحديد أولويات النظام ومصالحه الإستراتيجية والسياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وينطلق موقف دائرة العلاقات الدولية في "قوة القدس" من رؤية واضحة بناء على معطيات عملانية، تقول إن الميدان الذي يشكل مساحة نفوذها ودورها على مستوى منطقة غرب آسيا، وبخاصة في الشرق الأوسط، قد وصل إلى حال من "الإشباع"، أي أنه لم يعد قادراً على إضافة أي جديد، وأن ما حققه هذا الميدان من نقاط على المستويات العسكرية والأمنية والإستراتيجية في ساحات نفوذ هذه القوة وصل حده الأقصى، وأن مزيداً من الضغط والإصرار على تحقيق مزيد من المكاسب قد يدفع المنطقة إلى حافة الانفجار، وبالتالي الدخول في أخطار خسارة الجزء الأكبر من هذه المكاسب، وأن تنقلب المعادلات بالكامل لغير مصلحة إيران.

وانسجاماً مع هذا التوجه الذي يطلق يد الرئيس الجديد في تنفيذ رؤيته أو مشروعه وبرنامجه السياسي على المستويين الإقليمي والدولي، والعمل بشكل مختلف وأكثر جدية على إعادة إحياء الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات الاقتصادية، من دون أن يكون حذراً أو متخوفاً من اتخاذ خطوة باتجاه الحوار والتفاوض المباشر مع الإدارة الأميركية، بغض النظر عن الجهة التي ستكون على رأس إدارة البيت الأبيض، انسجاماً مع هذا التوجه، يأتي تأكيد كبير المفاوضيين الحاليين علي باقري كني على  أن "قناة مسقط" لا تزال فاعلة وتعمل في إطار التفاوض تحت عنوان "مجلس العلاقات الخارجية الأميركي".

تسريب الموقف الإيجابي لـ "قوة القدس" من مسألة التفاوض يعني أن الضوء الأخضر الذي قد يحصل عليه الرئيس الجديد بزشكيان وفريقه لن يكون مقتصراً على الاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية، لأن موقف هذه القوة هو "القدس"، بما يمثله من موقف "الميدان"، يعني أن المجال بات مفتوحاً ومهيئاً لتوسيع دائرة التفاوض لتشمل مختلف الملفات الإقليمية، بخاصة مستقبل المنطقة وموقع ودور إيران ونفوذها ما بعد عملية "طوفان الأقصى" التي قامت بها "حماس"، والحرب الإسرائيلية المفتوحة ضد قطاع غزة.

وإضافة إلى ما تعتقده الذراع الخارجية للنظام الإيراني في الإقليم من وصوله إلى نقطة متقدمة في تكريس هذا النفوذ، وتوسيع دائرة تأثيره من خلال رفع مستوى التنسيق وتوحيد الأهداف بين الفصائل والقوى التابعة والمتحالفة مع إيران تحت قيادة هذه الذراع الخارجية في لبنان وسوريا واليمن والعراق، والذي سمح لطهران بتكريس المحور الذي تقوده ووحدة الساحات والأهداف التي أنتجها كلاعب في المعادلة الإقليمية التي تسمح لإيران بالجلوس إلى طاولة أية مفاوضات لترتيب المنطقة، من موقع القوة والأمر الواقع، وبالتالي بحسب اعتقاد القيادة الإيرانية و"قوة القدس"، فإن أي تغيير في الإدارة الأميركية وإمكان وصول الرئيس السابق دونالد ترمب مرة جديدة للبيت الأبيض لن يكون له التأثير الكبير في المعادلات الإقليمية، لاعتقادها بصعوبة إقصائها أو إبعادها أو إخراجها من هذه المعادلات.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء