Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تشهد سوق الديون السعودية انتعاشة مع إجراءات تحفيزية مرتقبة؟

تقرير لـ"بلومبيرغ" يشير إلى تعديلات تستهدف دعم سندات الشركات وانتظار تعديل قواعد الإدراج

تعتزم "تداول" السعودية تعديل قواعد إدراج أدوات الدين بهدف تحفيز إصداراتها (اندبندنت عربية)

ملخص

على رغم أن سوق الأسهم كانت نقطة قوة في السعودية، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى انتعاش الاكتتابات العامة الأولية، فإن سوق الديون المحلية لا تزال في مهدها

تسعى السعودية إلى إحداث انتعاشة في سوق الديون المحلية من خلال جعله أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب عبر وضع خطة جديدة لتطويره، في مؤشر إلى اهتمامها بهذه السوق باعتبارها إحدى القنوات الرئيسة لتمويل الأعمال والاقتصاد، من دون إخلال بمستوى حماية المستثمرين ورفع ثقتهم في مستقبل الاقتصاد السعودي.

وعلى رغم أن سوق الأسهم كانت نقطة قوة في السعودية ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى انتعاش الاكتتابات العامة الأولية، فإن سوق الديون المحلية لا تزال في مهدها.

وفي هذا الصدد قال محللون ومتخصصون إلى "اندبندنت عربية" إن السعودية تسعى إلى أن تكون سوق الصكوك وأدوات الدين مشجعة للإصدارات الحكومية وغير الحكومية من خلال تطوير بيئتها التشريعية والتنظيمية، بإتاحة آليات ومنتجات استثمارية حديثة بما يجذب فئات المستثمرين المحليين والدوليين.

وكانت هيئة السوق المالية السعودية أعلنت في وقت سابق عن خطة جديدة لتطوير سوق أدوات الدين والصكوك من طريق مبادرات عدة تعمل السلطات على تنفيذها، وتعد أبرزها خطة تفعيل إصدارات الدين ضمن الاستراتيجية المالية لصندوق الاستثمارات العامة والشركات التابعة له.

سلسلة خطوات لدعم سوق الديون

وذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية في تقرير لها أخيراً أن السعودية حددت سلسلة خطوات ستتخذها لدعم سوق الديون الرأسمالية فيها بما في ذلك تخفيف محتمل للضرائب، والذي يجعل سندات الشركات السعودية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

وبحسب الوكالة فإن هيئة السوق المالية تدرس إلغاء ضريبة الاستقطاع على إصدارات أدوات دين الشركات المحلية البالغة خمسة في المئة التي قالت إنها "غير جذابة" للاستثمار، وفقاً لتقرير يوضح استراتيجيتها لتطوير سوق الديون في السعودية.

وترغب الهيئة كذلك في تبسيط الإجراءات التنظيمية لطروحات الديون لتقليل الكلفة والوقت على الشركات لدى إصدار السندات، وستعمل أيضاً على تنظيم عمليات التداول والتسوية والمقاصة بالعملات الأجنبية.

وتواصل هيئة السوق المالية سعيها إلى النهوض بسوق الصكوك وأدوات الدين كأحد أهم البدائل التمويلية التي توفرها السوق المالية لتمويل مشاريع القطاعين العام والخاص.

ونظراً إلى ما تمثله هذه السوق من أهمية في نمو الاقتصاد ونشاطاته، فقد شكل برنامج تطوير القطاع المالي "لجنة تطوير سوق الصكوك وأدوات الدين" لتكون لجنة فرعية تابعة للبرنامج، وذلك بهدف توحيد الجهود وتحديد التوجهات الاستراتيجية لتطوير سوق الصكوك وأدوات الدين للإسهام في تعزيز تحقيق هدف برنامج تطوير القطاع المالي، المتمثل في تكوين سوق مالية متقدمة وخصوصاً في ما يتعلق بسوق الصكوك وأدوات الدين.

توسيع قاعدة المستثمرين

تأمل الهيئة أن تؤدي خطوات مثل التخلص من ضريبة الاستقطاع على إصدارات أدوات دين الشركات المحلية إلى توسيع قاعدة المستثمرين التي تهيمن عليها البنوك حالياً، لتشمل مزيداً من الأفراد والأجانب.

تعديل قواعد الإدراج

وتعتزم مجموعة "تداول" (المشغلة للبورصة السعودية) تعديل قواعد إدراج أدوات الدين بهدف تحفيز إصداراتها، نظراً إلى كونها إحدى القنوات الرئيسة لتمويل الأعمال والاقتصاد والمؤسسات، وذلك وفقاً لوثيقة المشروع المنشورة على موقع "تداول".

وتشمل التعديلات الجديدة استثناء أدوات الدين الصادرة من الصناديق والبنوك التنموية والصناديق السيادية المطروحة طرحاً مستثنى وفق قواعد طرح الأوراق المالية والالتزامات المستمرة، من الطرح العام على الجمهور.

وتتضمن التعديلات المقترحة خفض الحد الأدنى لإصدار الصكوك والسندات ليصبح خمسة ملايين ريال (1.3 مليون دولار)، من 50 مليون ريال (13.3 مليون دولار) في حال كان لدى المصدر أوراق مالية مدرجة، و100 مليون ريال (26.7 مليون دولار) في حال لم يسبق له القيام بذلك، وأن هذه تستهدف تحفيز الإصدارات من دون الإخلال بمستوى حماية المستثمرين.

7.9 في المئة نمواً سنوياً منذ 2019

وبحسب أحدث البيانات الصادرة من هيئة السوق المالية السعودية فقد سجل سوق الصكوك وأدوات الدين المحلية نمواً سنوياً يعادل 7.9 في المئة منذ عام 2019، وحقق سوق الصكوك وأدوات الدين غير المدرجة نمواً بنحو 33 مليار ريال (8.8 مليار دولار) منذ عام 2019، إذ بلغ حجمها آنذاك 72 مليار ريال (19.2 مليار دولار) فيما بلغ حجمها بنهاية العام الماضي نحو 105 مليارات ريال (28 مليار دولار).

فيما بلغ حجم سوق الصكوك وأدوات الدين للشركات 125 مليار ريال (33.3 مليار دولار) نهاية عام 2023، مقارنة بـ95 مليار ريال (25.3 مليار دولار) نهاية 2019، وتضاعف عدد الشركات المصدرة لأدوات الدين بنحو ثلاث مرات نهاية عام 2023 بالمقارنة مع نهاية عام 2019.

وارتفعت حصة المستثمرين الأفراد في سوق الصكوك وأدوات الدين للشركات من نحو الواحد في المئة نهاية عام 2021 إلى نحو 12.5 في المئة نهاية عام 2023، وذلك نتيجة اكتمال طرح عام لإصدار صكوك خلال الربع الرابع من عام 2022، الذي نتج منه اكتتاب أكثر من 125 ألفاً من المستثمرين الأفراد، مما يدعم بدوره تنويع قاعدة المستثمرين في سوق الصكوك وأدوات الدين المحلي.

تعميق سوق الدين الوطني

ومن جهته قال المحلل والكاتب الاقتصادي أحمد الشهري إن تعميق سوق الدين الوطني في السعودية يستند إلى ثلاثة جوانب رئيسة، أولها الإدارة المالية العامة الصارمة وفي هذا الجانب نجحت الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية والمالية بهدف تحقيق رؤية 2030 في تحقيق هذا الجانب.

وأضاف الشهري أن الجانب الثاني يتمثل في السياسات النقدية القوية والتي تتحقق من خلال الالتزام بسياسة الصرف مقابل الدولار، أما الجانب الثالث يتمثل في تبني استراتيجية واضحة للديون مع إعلان المركز الوطني لإدارة الدين خطة الاقتراض السنوية لـ2024 في وقت مبكر من العام الحالي، أي إن السعودية أمام التزام بكل الأسس التي تجعل أخطار الدين محدودة من المنظور الاقتصادي.

وتابع الشهري "مع وجود سوق دين عميقة ستقلل الحكومة من اعتمادها على عوائد النفط وبصورة أساس في جدولة وترتيب أولوياتها التنموية، بمعنى أن وجود سوق دين داخلية فعالة وضخمة يخفف العبء عن العوائد النفطية المباشرة، ويضمن استدامة الإنفاق وتنامي معدلات الاستثمارات التي بدورها تجعل النمو الاقتصادي مستداماً بعيداً من تيار أموال النفط الساخنة، إن صح التعبير.

وأكد أحمد الشهري أن السعودية نجحت في تأسيس سوق دين داخلية وأشادت بها بعض الوكالات، مثل "أس أند بي" حول تطور سوق أدوات الدين في السعودية، وبوتيرة تفوق تطور أسواق الدين في الاقتصادات المتقدمة، وهو اتجاه تعززه الرياض وبخاصة سوق الدخل الثابت للشركات المحلية المملوكة للحكومة أو القطاع الخاص، مشيراً إلى أن استدامة الدين كان لها أثر بارز في تعميق السوق وتنويع التمويل وجعله أكثر سهولة، ورفع من تصنيف السعودية في الجدارة الائتمانية.

استثمارات كبرى

ومن جانبه قال كبير محللي السوق في "سنشري فاينانشال" أرون ليزلي جون إن "السعودية تحتل مكانة استراتيجية في أسواق الدين في منطقة الشرق الأوسط في ظل حالة الاستقرار المالي والتنظيمي التي تشهدها، مما أسهم في جذب استثمارات كبرى إلى سوق الصكوك في المنطقة"، مضيفاً أن "تلك الاستثمارات تعكس الاهتمام المتزايد بموقع السعودية إقليمياً في هذا القطاع، ويعزز من ثبات السوق ونموه المستقبلي".

وأشار جون إلى أنه يمكن تعزيز جاذبية سوق الدين السعودي لصناديق التنمية والبنوك وصناديق الثروة السيادية من خلال تبسيط الإجراءات التنظيمية المتعلقة بإصدار الصكوك وأدوات الدين، وهذا من شأنه تسهيل عملية الإصدار وجعلها أكثر كفاءة واقتصادية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد كبير محللي السوق في "سنشري فاينانشال" أن خفض كلف الإصدار سيعزز جاذبية هذه الأدوات للمصدرين، لافتاً إلى أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال خفض الرسوم الإدارية وتوفير حوافز ضريبية، وتعزيز الشفافية والكفاءة في عملية الإصدار.

وأشار إلى أن تشجيع تنوع العروض في الصكوك وأدوات الدين سيسهم في تطوير سوق نشط، مؤكداً أنه ينبغي أن تشمل الإصلاحات المقترحة دعم مختلف أنواع المصدرين سواء من القطاع العام أو الخاص، وتسهيل إصدار أنواع متنوعة من أدوات الدين.

تمويل المشاريع التنموية

وبدوره لفت المحلل الاقتصادي محمود عطا إلى أن هذا التنوع سيعزز سيولة السوق وجاذبيته للمستثمرين، إذ إنه بالتركيز على دور الصكوك وأدوات الدين في تمويل المشاريع التنموية يمكن تحقيق انسجام مع أهداف رؤية 2030، وجذب الاستثمارات المؤسسية المحلية والأجنبية وتوفير خيارات تمويل متنوعة للاقتصاد الوطني.

وأشار عطا إلى أن توسيع نطاق المؤسسات المالية المسموح لها بإصدار أدوات الدين سيزيد من عدد المصدرين ويعزز تنوعهم، ويوفر مجموعة أوسع من أدوات الدين مما يزيد من ديناميكية السوق وجاذبيته.

تطوير مستمر

 ومن جانبه قال رئيس استراتيجية وأبحاث الاستثمار في "كامكو إنفست" جنيد أنصاري إن السوق الثانوية السعودية لديها عدد من أدوات الدين الحكومية المدرجة إلى جانب أربع أدوات صكوك للشركات، مضيفاً أن البورصة تتمتع بمنصة فعالة وتسلط الضوء على النشاط في سوق السندات والصكوك من خلال عدد من المؤشرات ذات الصلة، لافتاً إلى أن عمق السوق يحتاج إلى التطوير المستمر حتى يتمكن المستثمرون من الحصول على فرص كبيرة للاستثمار في الأدوات ذات الدخل الثابت.

وأوضح أنصاري أن سوق الدين في السعودية لا يزال سوقاً تهيمن عليه الحكومة بصورة كبيرة، لافتاً إلى أن طبيعة السوق ذاتها هي الشراء والاحتفاظ مما يعطي الحد الأدنى من الحافز للشركات للإدراج ما لم تكن هناك سيولة كافية في السوق.

وأشار إلى أن السوق لا تزال في مرحلة ناشئة للغاية في السعودية وفي منطقة دول مجلس التعاون الخليجي على نطاق أوسع، وأن التقدم بصورة عامة يكون تدريجاً جداً في هذا المجال، كما هو الحال عالمياً.

وأما عن المقترحات لتطوير السوق فقد أشار إلى أن من أبرزها تقديم الحد الأدنى من الرسوم مع المتطلبات التنظيمية الأساس بهدف تحسين السيولة، وتسليط الضوء على إمكانات السوق للمستثمرين الدوليين، وتوعية المستثمرين والتجار المحليين بالسوق وفائدته في المحفظة المتوازنة، وتشجيع التقييم المستقل لأدوات الدين من قبل وكالات التصنيف أو المؤسسات الحكومية المماثلة للتأكد من الوضع الائتماني وإبرازه.

اقرأ المزيد