في سياق المعارك الدائرة في اليمن، استطاع الجيش الوطني من استعادة أجزاء واسعة في محافظة صعدة معقل الجماعة الحوثية، والمقر المفترض لتواجد زعيمها عبد الملك الحوثي.
هذا التطور العسكري يأتي بحسب مراقبين، مخالفاً لما روّجه الحوثيون عن تقدم أحرزوه على الحدود الجنوبية مع السعودية. إذ يبدو أن المواجهات الفعلية تدور داخل جغرافية محافظة صعدة، في مناطق كتاف وضحيان وباقم والبقع وغيرها.
معلومات مصدر عسكري
وسخر مصدر عسكري يمني من بيان للحوثيين ادعى فيه أسر ثلاثة ألوية من الجيش اليمني وفصيل سعودي، ووصفه بـ"المضحك".
ونفى المصدر الذي يحمل رتبة عقيد في الجيش اليمني، وسبق له العمل في جبهة ضحيان بصعدة، وجود جبهة قتال تسمى "محور نجران"، مؤكداً "أن مسرح العمليات العسكري يتم داخل الأراضي اليمنية في محافظة صعدة التي طُهّرت أجزاء واسعة منها على يد قوات الجيش الوطني، بإسناد جوي وبري مباشر من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة".
وأضاف المصدر لـ"اندبندنت عربية"، "هذا دليل جديد على ادعاءات الحوثي الكاذبة التي يروّجها بين أنصاره المغرر بهم ليواصل الزج بهم في محارق الحرب في معاقله بمحافظة صعدة موهماً إياهم بدخول أرض المملكة".
وبرأي المصدر ذاته أن الحوثيين يروّجون لمثل هذه الأخبار بهدف "كسب المزيد من المقاتلين وجرهم للدفاع عن صعدة تحت تأثير وهم الانتصارات المخادعة، وبالتالي كسب المزيد من الوقت قبل سقوط معقلهم الذي بات وشيكاً".
وأشار إلى الخسائر التي تكبدوها في جبهة كتاف وصعدة، وسقوط عدد كبير من قادتهم الميدانيين، ومنهم قائد محور صعدة، اللواء أمين حميد الحميري، وقائد محور البيضاء، محمد عبده دغيش، الذي قُتل في كتاف، وقائد لواء 135 العميد عادل قائد أبو أصبع، الذي قتل في جبهة كتاف أيضاً، وقائد وحدة التدخل السريع في القوات الموالية لهم، إضافة لشخصيات قيادية كبيرة أخرى.
ولم يتسن لـ"اندبندنت عربية" الحصول على تعليق من قبل جماعة الحوثي بشأن المعلومات التي أوردها المصدر العسكري اليمني.
استهداف أرامكو
ومؤخراً، ادعى الحوثيون تنفيذ هجمات أرامكو باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ باليستية، لكن الدوائر الرسمية لغالبية البلدان وكذلك تحليلات الخبراء العسكرين دحضت روايتهم حيث أثبتت التحقيقات تنفيذ الهجوم من الشمال وتوجهت أصابع الاتهام إلى إيران التي دفعت بالحوثيين إلى تبني العمليات لتخفيف حدة الضغط الدولي المتزايد عليها في الآونة الأخيرة.
المتحدث باسم التحالف العربي، العقيد تركي المالكي، كان وصف ما أعلنه الحوثيون بـ "المسرحية".
مؤكداً أن "الادعاءات التي تصدر من الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران لا تمتّ للحقيقة بصلة"، ومبيناً أنه "من غير المناسب أن يرد التحالف على مثل هذه الادعاءات".
وأوضح المالكي خلال المؤتمر الدوري لقيادة القوات المشتركة للتحالف الإثنين المنصرم، أن "إجمالي خسائر الميليشيات الحوثية الإرهابية التابعة لإيران في المدة ما بين 16 و30 سبتمبر الماضي، بلغت 421 معدة وسلاحاً، إلى جانب مقتل 881 شخصاً من تلك الميليشيات الحوثية."
مديرية كتاف
الباحث السياسي اليمني ثابت الأحمدي قال "إن ادعاءات الحوثي الأخيرة تهدف لكسب المزيد من المقاتلين للزج بهم في معاركه الخاسرة في صعدة دفاعاً عنه".
ويضيف، "هذه الادعاءات ليست بجديدة، فمنذ سنوات يسوِّق لأتباعه أنه احتل نجران عسير، بينما صعدة نفسها مطوقة من التحالف، ومئات القتلى من اتباعه في الجبهات لم يتم التعرف عليهم. الحوثي لا يأبه بكل هذه الأرواح من الشباب المغرر بهم، في سبيل إطالة أمد الحرب دفاعاً عنه طمعاً في الحصول على تسوية سياسية".
بدوره، يرى المحلل السياسي اليمني، محمد المقبلي، أن "ما أعلنه الحوثي، شائعة تفتقر لأدنى معايير الموضوعية العسكرية والسياسية والجغرافية".
ويضيف، "من الواضح أن المعارك تدور في محافظة صعدة، وعلى وجه التحديد في وادي الجبارة الذي يتبع مديرية كتاف. الجميع سخر من هذه الدعاية لأنها وسيلة حوثية دارجة تصب في خانة الحرب الدعائية الإعلامية التي تفتقد لكثير من المصداقية".
خسائر مستمرة
ومنذ صراعهم مع الشرعية اليمنية تكبد الحوثيون، في صعدة تحديداً، خسائر فادحة في صفوف قياداتهم الميدانية من الصف الأول، تحت قصف طائرات التحالف وقوات الجيش الوطني في مختلف الجبهات، ومن أبرزهم، طه المداني، الرجل الثالث في الجماعة بعد شقيقه يوسف، والعقيد حسن الملصي، قائد القوات الخاصة الحوثية، إضافة للعشرات الذين ينتمون للأسرة الحوثية.
وجرت العادة أن يعلنوا عن مقتل مسؤوليهم بعد أشهر عدة تحسباً لردود فعل قبلية كما حدث في مرات سابقة.