ملخص
غمرت المياه معبر أشكيت الحدودي بين السودان ومصر مما أدى إلى توقف حركة النقل، وجرفت السيول الطريق القومي الذي يربط البحر الأحمر ببقية أنحاء السودان، وكذلك الطريق القومي الرابط بين القلابات والقضارف، كما اجتاحت السيول ولايتي شمال كردفان والنيل الأبيض وجرفت طريق الصادرات الذي يربط بين أم درمان والأبيض، وطريق بارا الدبة.
أثارت كارثة انقطاع عدد من خطوط طرق النقل البري الرئيسة وبعض الجسور في السودان المخاوف من دخول ولايات عدة في موجة حقيقية من الجوع نتيجة توقف وصول البضائع والمواد الغذائية إلى أقاليم كردفان الثلاثة وولايات دارفور الخمس، وكذلك ولاية النيل الأبيض، ونتيجة لهذه الأوضاع ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية إلى أكثر من 600 في المئة، فضلاً عن الشح والندرة بالأسواق.
وتسببت السيول والأمطار بجرف ستة طرق وجسور تربط بين أقاليم البلاد المترامية الأطراف، إذ انعزلت تماماً عن بعضها البعض وانقطع التواصل مع مراكز الخدمات، كما عاقت الفيضانات تسليم المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية وتمدد المجاعة.
توقف النقل
وجرفت السيول عدداً كبيراً من طرق النقل البري في البلاد وبخاصة التي تربط ولايات كردفان والشمالية وأقاليم دارفور الخمس وولاية النيل الأبيض، مما أدى إلى توقف حركة نقل إمدادات البضائع والسلع الضرورية، وتسببت الأمطار الغزيرة في جرف الطريق الرئيس الرابط بين عطبرة وأبو حمد عند منطقة العبيدية شمال السودان، وكذلك الطريق بين دنقلا وحلفا، وطريق عبري ووادي حلفا، وجرفت السيول جسر "التشكيل" بين مدينتي ناوا وكريمة، وتعرض الطريق القومي الرابط بين ناوا ودنقلا للانقطاع.
في حين غمرت المياه معبر أشكيت الحدودي بين السودان ومصر مما أدى إلى توقف حركة النقل، وجرفت السيول الطريق القومي الذي يربط البحر الأحمر ببقية أنحاء السودان، وكذلك الطريق القومي الرابط بين القلابات والقضارف.
واجتاحت السيول ولايتي شمال كردفان والنيل الأبيض وجرفت طريق الصادرات الذي يربط بين أم درمان والأبيض، وطريق بارا الدبة.
ارتفاع الأسعار
يقول التاجر في سوق مدينة النهود ضمن ولاية غرب كردفان رمضان عبيد إن "السيول جرفت الطرق البرية التي تعتمد عليها ولايات الإقليم الثلاث في نقل البضائع والمواد الغذائية، وهي طريق الصادرات الذي يربط بين أم درمان والأبيض، وكذلك طريق الدبة الرابط بين الولاية الشمالية ومنطقة كردفان الكبرى".
وأضاف التاجر أن "الأزمة فاقمت المعاناة وأسهمت في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية إلى أكثر من 600 في المئة، فضلاً عن شح وندرة المواد الغذائية وعدم القدرة على التنقل وانعدام السيولة".
وأوضح عبيد أن "التجار لجؤوا إلى عربات (الكارو) التي تجرها الخيول لتفادي الخيران والمجاري ونقل البضائع، إذ يحتاجون يوماً كاملاً من الصباح وحتى الليل، ومثله عند العودة لكي يوفروا المواد الغذائية للسكان".
وتابع المتحدث "اضطر تجار كثر في المنطقة إلى رفع أسعار البضائع ثلاثة أضعاف عما كانت عليه في السابق بسبب كلفة جلبها من المدن الأخرى".
تفشي المجاعة
وفي ولايات دارفور الخمس يعيش السكان أوضاعاً مأسوية جراء قطع معظم الطرق الرئيسة، لا سيما معبر "المالحة" الذي يربط بين شرق الإقليم وليبيا، وكذلك الطرق التي تربط بين هذه الولايات ودولتي تشاد وجنوب السودان التي تغذي المناطق كافة بما تحتاجه من المواد الغذائية والسلع المختلفة.
أحد الموجودين في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور محجوب محمد طاهر قال إن "أسعار بعض السلع اتجهت نحو الأعلى بنسبة تراوحت ما بين 500 و600 في المئة مثل السكر والدقيق والزيوت والبصل، ونفدت أخرى من بينها الألبان والبيض".
ولفت إلى أن "السيول جرفت الطرق البرية التي تربط المنطقة بجنوب السودان، وأدى هذا الوضع إلى تفاقم معاناة المواطنين بدرجة لا توصف، واضطر غالبية السكان إلى الاستعانة بالحمير لنقل حاجاتهم الأساسية".
وأوضح طاهر أن "شح المتاح من السلع الغذائية والغلاء الفاحش للمتوفر منها وعدم القدرة على التنقل، أسباب قد تجعل السكان في مواجهة مستمرة مع خطر الجوع الماثل خصوصاً بعد فشل المنظمات في إيصال المساعدات الإنسانية بسبب جرف السيول للطرق البرية".
مرحلة الكارثة
وفي ولاية النيل الأبيض ضاعف انقطاع الطرق الأزمات، إذ شهدت الأسواق اختفاء لسلع رئيسة، مما أرجعه تجار إلى الانعكاسات السريعة لكارثة السيول والأمطار وصعوبة الحصول على بضائع جديدة، في ظل إغلاق الطرق وأخطار التنقل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار أحد التجار في مدينة كوستي الفاضل جمعة إلى أن "هناك تزايداً في وتيرة الشراء من قبل المواطنين بغية التخزين، على رغم ارتفاع الأسعار".
وأضاف أن "مخاوف المستهلكين من نفاد السلع أو استمرار ارتفاع الأسعار إلى جانب صعوبة الحصول على مواد غذائية في الأيام المقبلة، رفعت من وتيرة الشراء وبكميات أكبر من الاستهلاك".
وأشار جمعة إلى أن "الأوضاع الإنسانية تنحدر نحو الكارثة مع مرور الأيام، لا سيما مع تبقي ثلاثة أشهر على نهاية موسم الخريف مع توقعات بمزيد من الأمطار والسيول، مما يجعل آلافاً يقفون على أعتاب مرحلة متقدمة من الجوع".
اختبار حقيقي
واعتبر المتخصص في الطرق والجسور ومصارف المياه أيمن نقد الله أن "توقف عمليات الصيانة الدورية السنوية عن الطرق البرية بسبب الحرب أدى إلى فشل صمودها في أول اختبار حقيقي، وحال استمرار موجة الأمطار والسيول العنيفة وغير المسبوقة لن يفلح المسؤولون في إجراء عمليات صيانة لإعادة الطرق إلى الخدمة في الفترة المقبلة".
وأضاف أن "الفيضانات عاقت تسليم المواد الغذائية إلى المتضررين من الحرب في إقليم دارفور، بما في ذلك أول شحنة من الإمدادات من برنامج الأغذية العالمي إلى منطقة كرينيك المهددة بالمجاعة، وذلك بسبب جرف السيول للطرق البرية".
وأوضح نقد الله أن "تردي الطرق وانتهاء عمرها الافتراضي من دون إحلال أو تجديد أو حتى صيانة، أمور تؤدي إلى سهولة جرفها بأقل معدلات أمطار وسيول".
ولفت المتخصص في الطرق والجسور ومصارف المياه إلى أن "خطوة إعادة إعمار الطرق البرية لن تتم إلا بعد ثلاثة أشهر لأن موسم الأمطار سينتهي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لذا فإن معاناة السودانيين ستتفاقم وسيموت الناس جوعاً بسبب انقطاع الطرق وتوقف نقل البضائع".
تحذيرات أممية
من جهة أخرى، حذرت ثلاث منظمات إغاثة كبرى تعمل في السودان من أزمة جوع ذات مستويات "تاريخية" تشهدها البلاد إذ أُجبر عدد من العائلات على أكل أوراق الأشجار والحشرات، منددة بموقف "اللامبالاة" الذي يتخذه المجتمع الدولي.
وفي بيان مشترك قال كل من المجلس النرويجي للاجئين والمجلس الدنماركي للاجئين ومؤسسة "ميرسي كوربس" العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية في السودان "يشهد السودان أزمة جوع ذات مستويات تاريخية غير مشهودة، ومع ذلك، فإن الصمت يصم الآذان ويموت الناس من الجوع كل يوم".
وقالت المنظمات "تحدثت فرقنا بالسودان عن الخسائر الهائلة في الأرواح الناجمة عن العنف الشديد، والآن تخبرنا أنه من المرجح أن تخلف المجاعة وفيات تتجاوز هذا العدد من القتلى".