Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تكرر كامالا هاريس معجزة بايدن في ولاية بنسلفانيا؟

تبدأ مرشحة الحزب الديمقراطي حملتها الانتخابية قرب مسقط رأس الرئيس الأميركي الجمعة، وسط تساؤلات حول قدرتها على تكرار الإنجاز الذي حققه بايدن في مدينة سكرانتون

بيج كونيتي، عمدة مدينة سكرانتون مسقط رأس الرئيس الأميركي جو بايدن، تتحدث خلال مقابلة في مكتبها بسكرانتون في ولاية بنسلفانيا، الولايات المتحدة، 10 مارس 2023 (رويترز)

ملخص

تقول عمدة مدينة سكرانتون إنه "عندما تترشحين لمنصب، بخاصة كامرأة، سيحاول بعضهم إقناعك بالعدول عن ذلك، إما بالتشكيك في جنسك أو أصولك أو عرقك أو خبرتك، في حين سيسعى آخرون إلى النيل منك حتى لا تترشحي، أو لكي يهزوا ثقتك في نفسك".

عندما أعلنت بيج كونيتي ترشحها للمرة الأولى لمنصب عمدة سكرانتون، قيل لها إنها لن تفوز في انتخابات المدينة لأن عائلتها لا تنحدر من أصل إيرلندي، وكان عليها التغلب على تحدي جسيم في مدينة لم تشهد يوماً امرأة تتولى منصب العمدة، بل اعتبر كثيرون فوزها في انتخابات عام 2019، وتأكيد ثقة الناخبين بها واختيارها بعد عامين، مؤشراً على تحول في التيارات السياسية لهذه المدينة.

وحول ذلك تقول كونيتي خلال لقاء صحافي معها في مقهى "آبيز ديلي" وسط المدينة "واجهت عوائق كثيرة ولكن من الواضح أن سكرانتون كانت تتوق إلى التغيير".

ومن المقرر أن تزور كامالا هاريس المنطقة الجمعة في محاولة لاستمالة الناخبين نفسهم الذين ساعدوا كونيتي على الفوز في هذه المدينة الرئيسة بولاية بنسلفانيا المتأرجحة، وذلك بعد شهر فقط من زيارة دونالد ترمب للمدينة نفسها وسعيه إلى تحقيق الهدف نفسه، وليس من المبالغة القول إن الفوز بمفاتيح البيت الأبيض يعتمد على الفوز بقلوب سكان هذه المدينة.

قد تكون في قصة كونيتي دروس لحملة هاريس، فالتحديات التي واجهتها كونيتي آنذاك في محاولتها للفوز في سكرانتون تشبه تلك التي تواجهها هاريس الآن، وعن ذلك تقول كونيتي إنه "عندما تترشحين لمنصب، بخاصة كامرأة، سيحاول بعضهم إقناعك بالعدول عن ذلك، إما بالتشكيك في جنسك أو أصولك أو عرقك أو خبرتك، في حين سيسعى آخرون إلى النيل منك حتى لا تترشحي، أو لكي يهزوا ثقتك في نفسك".

وتضيف "هذا ما نراه يتجسد على أرض الواقع اليوم لدى كل من يشكك وينتقد نائبة الرئيس هاريس بصورة مفرطة، بينما يجري التغاضي عن ترمب على رغم استمراره في التخبط والانهيار".

وتجلت هذه الشكوك بصورة واضحة في سكرانتون، مسقط رأس جو بايدن، الذي نسج من خيوط قصة نشأته الصعبة حكايته عن الكفاح التي أكسبته أصوات الناخبين البيض من الطبقة العاملة في جميع أنحاء الولاية، والذين استقطبهم ترمب بصورة كاملة عام 2016، وانتزع ما يكفي من الأصوات للفوز بالبيت الأبيض، واليوم يحمل أحد الشوارع الرئيسة في وسط المدينة اسم جو بايدن.

ويشير ما بات يعرف بـ "مشكلة سكرانتون" إلى عجز هاريس المحتمل عن استنساخ نجاح بايدن واستمالة الناخبين، مما يقوض فرصها بالفوز، ليس فقط في ولاية بنسلفانيا بل في السباق الرئاسي برمته، ولكن قد يكون في قصة نجاح كونيتي بصيص أمل.

وعلى غرار هاريس تُعد كونيتي وافدة على بنسلفانيا، إذ نشأت بمدينة يوجين بولاية أوريغون، وتخرجت في جامعة هارفارد، ثم عملت بوزارة الخزانة في عهد أوباما.

 

حملة كونيتي الانتخابية ارتكزت على خبرتها كتكنوقراطية قادرة على إدارة الموارد المالية للمدينة بكفاءة، بخاصة بعد اتهامات الفساد التي طاولت سلفها، وعلى رغم أن بنسلفانيا لم تنتخب امرأة قط لمجلس الشيوخ أو منصب الحاكم، إلا أن كونيتي كسرت الحاجز بتوليها منصب العمدة، الأول من نوعه في تاريخ سكرانتون.

وخاضت كونيتي غمار حملتي كلينتون الرئاسيتين مشاهدة عن كثب التحيز ضد المرأة، وعلى رغم نجاحها في سكرانتون فإنها تتوجس من مواجهة هاريس لعقبات مماثلة، وتقول إن "المرأة القيادية في أميركا لا تزال تحيق بها التحديات، وأنا كامرأة ما زلت أتلقى انتقادات لاذعة عبر الإنترنت وأواجه تحرشات بسيطة ومستمرة".

 

وتستطرد كونيتي أن "التصويت لترمب عام 2016 قد يُفسر كثورة ضد النظام القائم، لكن ما أقلقني حقاً كان احتمال أن يكون دافعه الخفي تحيزاً ضد المرأة، وأتطلع بحذر إلى انتخابات 2024، آملة ألا نشهد تكرار هذا النمط المقلق".

وتشهد سكرانتون تحولات جذرية قد ترجح كفة هاريس، متحدية المفاهيم التقليدية للنجاح السياسي في هذا المعقل الانتخابي، وتصف كونيتي مدينة سكرانتون قائلة "ما زلنا مجتمعاً عمالياً أصيلاً وغالبية سكاننا من العمال النقابيين وعمال المصانع السابقين، وأسر عريقة عمل أجدادها في المناجم، لكننا أيضاً نشهد تنوعاً متسارعاً".

إحصائياً انخفضت نسبة السكان البيض من 80 في المئة قبل عقد إلى 68 في المئة اليوم، مما يعكس تحولاً ديموغرافياً ملحوظاً، مضيفاً "أصبحت مهرجاناتنا مرآة لهذا التنوع، فإلى جانب 'لا فيستا إيطاليانا' التقليدية وموكب عيد القديس باتريك، نحتفل الآن بـ 'لاتينو فييستا' في أغسطس، وننظم احتفالاً كبيراً بيوم 'جونتينث' في يونيو، وهناك كثير من المهرجانات الجديدة التي يمكن إضافتها إلى تلك التي أقمناها بالفعل".

 

وتمنح هذه التحولات الديموغرافية أملاً لهاريس كمرشحة تغيير تعد بإصلاحات كثيرة، والتي قد تقلل اعتمادها على الناخبين البيض ضمن الطبقة العاملة، مقارنة بأسلافهم من المرشحين البيض.

وعلى رغم أن هاريس قد لا تحقق نجاح بايدن نفسه بين طبقة البيض العاملين، فإنها تتفوق عليه في أوساط الناخبين السود واللاتينيين المتزايدة أعدادهم، وتستهدف حملة هاريس هذه الفئات بزخم متجدد إذ أطلقت الجمعة الفائتة إعلاناً باللغة الإسبانية في بنسلفانيا موجهاً لـ 579 ألف ناخب لاتيني مؤهل، ويظهر في الإعلان فيكتور مارتينيز، مالك أكبر شبكة إذاعية إسبانية بالولاية ومقدم برنامج صباحي شهير، قائلاً "الجميع يتحدث، وميزة كامالا هاريس أنها تستمع".

وبإيجاز، تتباين صورة سكرانتون في المخيلة العامة مع واقعها المعاصر، فالمدينة التي اشتهرت يوماً كـ "عاصمة الفحم الأنثراسيتي العالمية" بفضل مناجمها الضخمة، ونالت لقب "المدينة الكهربائية" لريادتها في استخدام الترام الكهربائي، تشهد اليوم تحولاً جذرياً.

 

وعكس ازدهار المدينة السابق نفسه في حركة عمالية قوية يجسدها تمثال جون ميتشل أمام محكمة المقاطعة الذي يعد أحد أبطال المدينة ورئيس نقابة عمال المناجم الأميركية سابقاً، إذ قاد نضالات عمالية تاريخية مطلع القرن الـ 20، لكن مع أفول الصناعة الأميركية تراجع الازدهار في سكرانتون، فمن ذروة سكانية بلغت 143.333 نسمة خلال الثلاثينيات، تقلص عدد سكانها اليوم إلى النصف في انعكاس صارخ لتحديات العصر الجديد.

وغدت سكرانتون، بعد نزوح سكانها، أيقونة للانحدار ما بعد الصناعي حتى اختيرت خلفية لمسلسل "ذا أوفيس" الكوميدي لطابعها الرتيب المفترض، ويذكر أن النسخة البريطانية الأصلية صورت في مدينة سلاو التي وُصفت يوماً بـ "أسوأ مكان للعيش" في بريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن سكرانتون اليوم تشهد نهضة ملموسة وتعج بالمطاعم العصرية ومقاه كثيرة يرتادها عدد كبير من الطلاب، ويخضع مبنى مجلس المدينة للترميم بدعم من خطة بايدن للبنية التحتية.

وترى كونيتي في هذا الاستثمار، مع خطة هاريس الاقتصادية، فرصة للفوز، وتقول "بعيداً من قضايا السياسة الكبرى ومجلس الشيوخ، فالناس يهتمون بقدرتهم على تحمل كلف قهوتهم اليومية أو نزهة عائلية بعد الكنيسة يوم الأحد".

وتختم أن "هذه ليست قضية محلية بل حاجة إنسانية عالمية، وهذا ما يجب التركيز عليه دائماً".

 

وتؤكد كونيتي أن هاريس لا تحتاج إلى تجاهل قاعدة بايدن الانتخابية برمتها، فوجود رجلين أبيضين مخضرمين من الولايات الواقعة في المنطقة الغربية الوسطى في فريقها يعزز موقفها، كما أن تيم والز، مرشح نائب الرئيس، يمثل إضافة قوية في مناطق كشمال شرق بنسلفانيا، فهو شخصية مألوفة للناخب العادي وتعكس الطبقة العمالية الموجودة في قطاعات التجزئة".

"تحمل هاريس قصة بايدن كونها نائبته، فهي لا تتمتع فقط بدعمه الآن كمرشحة رئاسية، بل كانت اختياره الشخصي لمنصب نائب الرئيس قبل أربعة أعوام".

والجمهوريون أقلية في سكرانتون على رغم هيمنتهم على المناطق الريفية المحيطة، وفي الطرف الآخر من المدينة، وتحديداً في مقر الحزب الجمهوري المحلي الذي تحول إلى مركز لحملة ترمب، تبدي ليندا بونتشكيفيتش شكوكها حول قدرة هاريس على تكرار نجاح بايدن، وتقول "أكرس كل جهدي وكل لحظة من وقتي لهذه الحملة"، وهي محاطة بلافتات ترمب خارج مكتبها واستمارات تسجيل الناخبين.

وتتابع بونتشكيفيتش التي نشأت في مزرعة وتقطن حالياً في منطقة ريفية بمقاطعة لاكاوانا: "لا أرى أي إنجاز يُذكر لهاريس، فقد أمضت ثلاثة أعوام ونصف العام في منصبها من دون أن تحقق شيئاً ملموساً، فماذا عساها أن تفعل إذا أصبحت رئيسة؟"

وتؤكد بونتشكيفيتش أن ديمقراطيين يترددون على المكتب لتغيير انتمائهم الحزبي إلى الجمهوري، وهو ما تدعمه الإحصاءات الرسمية، غير أن الفارق في بنسلفانيا لا يزال ضئيلاً للغاية.

© The Independent

المزيد من متابعات