Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قطاع السياحة في الشرق الأوسط يتطلع للمستقبل رغم التوترات السياسية

وزير السياحة السعودي لـ"اندبندنت عربية" صناعتنا مقترنة بالسلام ونشجع على تعزيز الاستقرار

تعوّل السعودية على قطاعات ناشئة مثل السياحة لزيادة فرص التوظيف وخفض معدل البطالة (واس)

ملخص

خلال الـ21 من سبتمبر الجاري سجلت دول الشرق الأوسط بما فيها السعودية والإمارات وقطر وعمان والكويت والبحرين وإيران زيادة ملحوظة بنسبة 26 في المئة في عدد السياح الدوليين الوافدين خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. ويضع هذا الارتفاع المنطقة في المرتبة الأسرع نمواً من حيث السياحة على مستوى العالم.

حرب مستمرة في غزة منذ نحو عام ومسيرات وصواريخ تعكر صفو البحر الأحمر وقناة السويس التي يمر منها 12 في المئة من التجارة العالمية، وأخيراً تصعيد دموي في لبنان. كلها أحداث زادت المخاوف من تمدد رقعة الصراع في الشرق الأوسط وعلى أساسها علقت شركات طيران عالمية رحلاتها إلى المنطقة أو سعت إلى تجنب المجالات الجوية المتأثرة، وفي ضوء ذلك تبرز السياحة كأحد القطاعات المعرضة لأخطار التوترات السياسية. لكن وعلى رغم المخاوف التي تفرض نفسها ترى قيادات السياحة الإقليمية والعالمية أملاً في محيط من الحرائق.

الحد من التوترات

يقول وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب لـ"اندبندنت عربية" إن "بلاده تواصل الدعوة إلى الاستقرار والتعاون"، وجاء ذلك رداً على سؤالنا حول تأثير التوترات الجيوسياسية في خطط بلدان الشرق الأوسط للاستثمار في القطاع السياحي، وبخاصة أن السعودية تنظر إليه كوسيلة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط وهما من الأهداف الرئيسة لاستراتيجية البلاد الوطنية "رؤية 2030" التي أطلقت عام 2016.

وأضاف الخطيب الذي تولى قيادة أول وزارة للسياحة في السعودية خلال فبراير (شباط) 2020، بأنه يعتقد أن "السياحة يمكن أن تلعب دوراً محورياً في الحد من التوترات وتعزيز الترابط الاقتصادي، وتشجيع التعايش السلمي"، مما دفع قيادات القطاع إلى إطلاق يوم السياحة العالمي لعام 2024 بعنوان "السياحة والسلام"، لافتاً إلى وجود "حالة عدم يقين عالمية" يتطلب معها "النظر إلى السياحة كمنصة قوية لتعزيز الحوار والتفاهم الثقافي".

وأكد وزير السياحة السعودي في تصريحه على هامش اجتماع وزراء السياحة بدول "مجموعة الـ20" في البرازيل الأسبوع الماضي أن بلاده "تعمل من خلال الشراكات الاستراتيجية في قطاع السياحة والسفر العالمي واستثمارات القطاع الخاص على تعزيز أجندة رؤيتها 2030 وفتح أبوابها لكل من الجيران الإقليميين والزوار الدوليين"، لافتاً إلى أن السعودية تواصل "التطوير النشط للمدن للوجهات الحديثة ذات المستوى العالمي"، بالتوازي مع الاستفادة من المقومات التاريخية و"الحفاظ على المواقع التراثية".

 

وظائف السياحة

ما يشهده القطاع اليوم من عدم يقين أقل وطأة من تداعيات وباء كورونا الذي دفع بنحو 70 مليون شخص يعملون في السفر والسياحة إلى البطالة، وكانت فئتا النساء والشباب الأكثر تأثراً بسبب عملهم في مجالات الضيافة والفندقة وخدمات الطعام. وعلى رغم انتعاش القطاع أخيراً فإن هناك رغبة بتعزيز فرص التوظيف لهاتين الفئتين. وتكشف الإحصاءات أن القطاع وظف 42 مليون امرأة أقل بنسبة 13 في المئة مقارنة بعام 2019 وأكثر من 16 مليون شاب خلال عام 2022، أي أقل بنسبة 15 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتسعى السعودية أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط إلى خفض معدل البطالة إلى سبعة في المئة بحلول 2030، وهذا الهدف بات مرتبطاً بالقطاعات الناشئة في البلاد ومنها السياحة التي يُتوقع منه توفير مليون وظيفة بنهاية العقد الجاري ، وأثمرت حملة أطلقتها وزارة السياحة عام 2021 في توظيف 100 ألف شابة وفتاة في القطاع بالتنسيق مع جهات وشركات مختلفة.

وبعد تجاوز الهدف الأساس المتمثل في الترحيب بـ100 مليون زائر بحلول عام 2030 تهدف السعودية الآن إلى جذب 150 مليوناً، ويتطلب ذلك زيادة مسارات الطيران والاستثمار في مطارات جديدة وموسعة وتوسيع نظام التأشيرة الإلكترونية الذي يوفر وصولاً أسرع وأسهل إلى البلاد.

توسع غير مسبوق

وخلال الـ21 من سبتمبر الجاري سجلت دول الشرق الأوسط بما فيها السعودية والإمارات وقطر وعمان والكويت والبحرين وإيران زيادة ملحوظة بنسبة 26 في المئة في عدد السياح الدوليين الوافدين خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. ويضع هذا الارتفاع المنطقة في المرتبة الأسرع نمواً من حيث السياحة على مستوى العالم، مما يعكس التعافي القوي والثقة المتزايدة بين المسافرين الدوليين.

ورداً على سؤال "اندبندنت عربية" قالت المديرة التنفيذية لـ"المجلس العالمي للسفر والسياحة" جوليا سيمبسون إنه "على رغم حال عدم اليقين العالمية، فقد أظهر قطاعا السياحة والسفر مرونة ملحوظة، مع نمو قياسي في عديد من المناطق". ولفتت سيمبسون إلى أن "هذا الاتجاه الإيجابي سينعكس في منطقة الشرق الأوسط إذ تشهد السياحة توسعاً غير مسبوق. وتقود دول مثل السعودية والإمارات الطريق بمشاريع واستثمارات طموحة تهدف إلى تنويع اقتصاداتها ووضع نفسها كمراكز سياحية عالمية".

 

وتبلغ مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي للمنطقة نحو 9 في المئة، وتشير التوقعات إلى معدل نمو سنوي متوسط ​​قدره 7.7 في المئة في صناعة السياحة داخل المنطقة حتى عام 2032، أي أكبر بثلاث مرات من معدل النمو البالغ 2.5 في المئة للاقتصاد الإجمالي، وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي.

جهود لتعزيز الاستدامة

إضافة إلى التوترات السياسية، يواجه قادة القطاع تحدياً في تعزيز السياحة المستدامة وتقليل الانبعاثات وبخاصة أن القطاع عالمياً مسؤول عن نحو ثمانية في المئة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وترتبط نصف الانبعاثات بمجالات مثل السلع والإقامة والبناء والخدمات بينما يرتبط النصف الآخر بأنشطة النقل.

ويمثل الطيران 2 في المئة من الانبعاثات عالمياً، ولذلك اتخذت بعض دول المنطقة مبادرات لتعزيز الاستدامة في المطارات مثل البحرين التي أصبح مطارها الدولي منشأة خالية من الكربون منذ عام 2022، ويسعى المطار الآن إلى القضاء على استخدام المواد البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة.

وانطلقت في العالم العربي مشاريع للجمع بين الاستدامة والسياحة مثل مشروع البحر الأحمر في السعودية الذي يهدف لمعالجة التهديدات التي تواجه الشعاب المرجانية المعرضة للخطر بسبب التلوث والصيد الجائر في البحر الأحمر، وسيخصص المشروع تسع جزر كمناطق محمية خاصة ويحافظ على الطبيعة البكر لـ92 جزيرة على طول الساحل السعودي، ومن المفترض أن يساهم بنحو 5.3 مليار دولار سنوياً في الاقتصاد بحلول نهاية العقد.

تعاف مستمر

ووفقاً لبيانات "منظمة السياحة العالمية" التابعة للأمم المتحدة يقترب قطاع السفر والسياحة العالمي من أداء ما قبل الوباء، إذ تعافت السياحة الدولية ووصلت إلى مستوياتها ما قبل الوباء عام 2019 بنسبة 96 في المئة، وحصلت دول المنطقة على نصيبها من هذا الارتفاع على رغم التحديات الجيوسياسية.

ويأتي انتعاش القطاع في الشرق الأوسط مدعوماً بعوامل عدة منها تعزيز الاتصال الجوي من خلال زيادة مسارات الرحلات الجوية من قبل شركات الطيران الكبرى، والاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية للسياحة وتحسينات الخدمات الرقمية واستمرار المهرجانات الثقافية والأحداث الدولية في جذب الزوار إلى المنطقة.

المزيد من تقارير