Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يحدث في جزيرة الوراق المصرية؟

حظر دخول مواد البناء يُجدد النزاع والدولة تلجأ إلى اتباع سياسة "الشراء الرضائي" في مقابل الرحيل وهذه هي مطالب الأهالي

يرغب الأهالي في البقاء بالجزيرة والمفاوضات مع المسؤولين لا تزال مستمرة (أ ف ب)

ملخص

بين تساؤل الأهالي "لماذا يجبروننا على الرحيل؟"، وإجابة المسؤولين بأنه "لا إجبار على الرحيل، والاتفاق يجري بالتراضي"، تثار أزمة جزيرة الوراق في مصر من حين إلى آخر... فماذا يجري في الوراق؟ وما مطالب الأهالي؟ وما جديد الأزمة؟

يوماً تلو آخر يتصاعد النزاع الدائر بين السلطات المصرية وأهالي جزيرة الوراق أو ما يُطلق عليها جزيرة "بين البحرين"، إثر رغبة الحكومة في إخلاء المنازل والأراضي ونزع ملكيتها تمهيداً لبناء مشروع استثماري ضخم، وسط اعتراضات واحتجاجات عدد من الأهالي الرافضين الرحيل والمتمسكين بالبقاء في الجزيرة.

وصعدت الأزمة إلى السطح أخيراً مع محاولة أحد سكان الجزيرة إدخال عربة محمّلة بالسيراميك إلى الجزيرة، وهو ما ترفضه السلطات المعنية بمصر التي "تحظر دخول مواد البناء إلى المنطقة"، مما تسبب في حدوث مناوشات وتجمهر، انتهى بحمل الأهالي كراتين السيراميك على أكتافهم.

وسبق أن وجّه رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في يونيو (حزيران) الماضي بـ "التصدي بحسم" لأية محاولات للبناء المخالف بالجزيرة، ومنع عودة التظاهرات العشوائية" فيها، مع ضرورة الالتزام بالبرامج الزمنية المُقررة لتنفيذ أعمال الإخلاء للمنازل والأراضي، واستمرار صرف التعويضات للمستحقين، ومواصلة مشاريع التطوير المُستهدفة لإحداث نقلة نوعية بالخدمات في الجزيرة.

وضجت منصات التواصل الاجتماعي خلال الآونة الماضية بفيديوهات عدة تبرز احتجاج أهالي جزيرة الوراق على نزع ملكية أراضيهم وإجبارهم على إخلاء منازلهم، والتنديد بحظر دخول مواد البناء إلى الجزيرة، وهي الخلافات المتكررة منذ يوليو (تموز) 2017، أي قبل أكثر من سبعة أعوام من الآن.

وبحسب شهادات أهالي الجزيرة ممن تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" فإن المفاوضات بين مسؤولي الدولة والأهالي "مستمرة وجارية"، موضحين أن الدولة تتبع حالياً سياسة "الشراء الرضائي" مع الأهالي، ومشيرين إلى أن مطالب الأهالي تتلخص في "الحصول على شقق سكنية بديلة أو قطعة أرض على مساحة 300 فدان داخل الجزيرة لبناء مجمع سكني لأهالي الجزيرة عليها في مقابل الرحيل عن منازلهم وأراضيهم".

وفي المقابل تعرض الدولة على الأهالي وحدات سكنية داخل الجزيرة وخارجها بمدينة أكتوبر الجديدة ومنطقة مطار إمبابة، إضافة إلى قطع أراض زراعية في مدينة السادات.

من جزيرة هادئة إلى مشكلة متجددة

تعتبر جزيرة الوراق من أهم الجزر النيلية المصرية، إذ تقع في قلب النيل على مساحة ما بين 1400 و1600 فدان بمحافظة الجيزة، وهي واحدة من 255 جزيرة إلا أنها الأكبر في المساحة، وتحدها من الشمال محافظة القليوبية ومحافظة القاهرة من الشرق والجيزة من الجنوب، ويمارس أهلها مهناً بسيطة مثل الزراعة والصيد، وتعتمد على محاصيل البطاطس والذرة والخضراوات، ولا توجد وسيلة تصلها بالبر سوى المعديات.

ويرجع أصل النزاع على ملكية الجزيرة لعام 1998 حين وضعتها الحكومة ضمن نطاق المحميات الطبيعية، وفي عام 2000 قررت تحويل الوضع القانوني للجزيرة إلى جانب جزيرة الذهب (نيلية تقع قرب الوراق) من محمية طبيعية إلى أملاك ذات منفعة عامة، واحتج قاطنو الجزيرتين على القرار.

وفي عام 2002 حصل الأهالي على حكم لمصلحتهم بتملك أراضي الجزيرة، وفي عام 2010 أعلنت الحكومة ترسيم الحدود الإدارية لخمس محافظات كانت بينها محافظة الجيزة وضمنها الوراق، ووضعت خطة لتطوير الجزيرة قبل أن تهدأ الأمور في الجزيرة بضع سنوات بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك (1981 – 2011).

وعاودت السلطات المصرية مساعيها في نزع ملكية أراضي الوراق بداية من عام 2017، وهو ما قابله السكان بالاحتجاج المتكرر ورفع دعاوى قضائية تختصم رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان، وبموجب قرار حكومي في العام ذاته جرى استبعاد 17 جزيرة من قرار المحميات الطبيعية وتحويل الوراق إلى منطقة استثمارية، وأعقب القرار اقتحام قوات الأمن الجزيرة وبررت الداخلية هذا الاقتحام بمحاولة تنفيذ قرار إزالة 700 منزل مبني على أراضي الدولة، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل أحد شباب الجزيرة وهدم منازل عدة إضافة إلى إلقاء القبض على عدد من سكان الجزيرة.

ودانت منظمات حقوقية محاولات السلطات المصرية إخلاء جزيرة الوراق من سكانها بـ "التهجير القسري" المخالف للقوانين والأعراف الدولية والدستور المصري، ويحظر الدستور المصري في نص المادة 63 التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم.

 

وفي يوليو 2017 نشر المحامي الحقوقي خالد علي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن "أهالي الجزيرة أصحاب ملكيات خاصة على الأرض ولم يعتدوا على أراضى الدولة كما تزعم الحكومة، فمساحة الجزيرة 1850 فداناً منها 1810 أفدنة ملكيات خاصة و40 فداناً فقط ملك الحكومة وشاغلوها لم يشغلوها غصباً لملك الدولة، وإنما في مقابل انتفاع يسدد للدولة بانتظام".

وأوضح علي أنه كان هناك نزاع سابق في بداية عام 2000 لنزع ملكية المواطنين بالجزيرة، لكن مجلس الدولة حكم بوقف وإلغاء قرارات نزع الملكية، كما صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 848 لسنة 2001 بعدم جواز إخلاء أي مبنى مقام حتى تاريخه بجزيرتي الدهب والوراق، وعدم جواز التعرض لحائزي الأراضي الزراعية بالجزيرتين".

وفي أعقاب ذلك نشرت شركة "آر بي أس" (إماراتية – سنغافورية)، وكذلك شركة كيوب المصرية للاستشارات الهندسية على موقعيهما مخططات تطوير الجزيرة، وقالت الشركة إن الحكومة المصرية تعاقدت معها منذ 2013 لتطوير الجزيرة، فيما قالت الشركة المصرية إنها تعاقدت مع الحكومة في 2010 لتطوير الجزيرة التي ستحمل اسم "حورس".

وفي يوليو من عام 2022 نشرت الصفحة الرسمية للهيئة العامة للاستعلامات المصرية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" صوراً لمخطط تطوير جزيرة الوراق التي اختير لها اسم جديد هو "مدينة حورس"، وقالت الهيئة إن المدينة ستتحول إلى مركز تجاري عالمي على أرض مصرية يضاهي أبرز مراكز التجارة حول العالم، إذ تصل الكلفة التنفيذية للمشروع إلى 17.5 مليار جنيه.

ماذا يريد الأهالي؟

"قضيتُ عمري بأكمله في الجزيرة ولا أعلم أين سأذهب إذا رحلت عنها؟". بتلك الكلمات يسرد محمد عبدالجليل، المحامي بالنقض وأحد أهالي جزيرة الوراق، واقع معاناته الحالية، مؤكداً "تمسكه بالبقاء فيها لا الرحيل عنها"، ومضيفاً أن "أكثر من 100 ألف شخص يقطنون الجزيرة والدولة ترغب في الحصول عليها، كونها تطل على ثلاث محافظات، الجيزة والقليوبية والقاهرة، ويحيطها النيل من كل الجهات".

بنبرة حزن وكلمات لا تخلو من الأسى، يتساءل عبدالجليل "لماذا يجبروننا على الرحيل؟ وما مصير أبنائنا وعائلاتنا؟". مشيراً إلى أن ثلث سكان الجزيرة اضطروا للرضوخ لسياسة الأمر الواقع ورحلوا بعد الحصول على تعويضات بديلة، فيما لا تزال هناك مفاوضات جارية من قبل مسؤولي الدولة والجهات الأمنية مع ثلثي السكان الآخرين لإقناعهم بالرحيل، لافتاً إلى أن الدولة طرحت بدائل عدة مثل الحصول على وحدات سكنية في مطار إمبابة أو أكتوبر الجديدة.

ووفق عبدالجليل فإن هناك عدداً من الاجتماعات التي عُقدت مع مسؤولي الدولة وجهات أمنية طوال الفترة الماضية، منوهاً بأن الدولة عرضت على الأهالي بدائل عدة أبرزها 1428 جنيهاً (29.32 دولار) لمتر الأرض الزراعية، و4 آلاف جنيه (82.13 دولار) لمتر الأرض المنشأ عليها مباني و7 آلاف جنيه (143.73 دولار) لمتر المبنى نفسه، و250 ألف جنيه (5.133.20 دولار) لقيراط الأرض، و50 ألف جنيه (1.026.64 دولار) تعويضاً للغرفة في السكن الاجتماعي، منوهاً إلى أن الأهالي يدرسون تلك العروض ويبحثون مدى تنفيذها.

"لا أريد أي تعويضات وكل ما أتمناه العيش في منزلي بأمان"، يقول عبدالجليل، موضحاً أنه يمتلك منزلاً مكوناً من سبعة طوابق ويعيش في شقة مساحتها نحو 186 متراً، فيما لا تتجاوز مساحة الشقق التي عرضتها الدولة 90 متراً، كما أن كل وسائل النقل متاحة وبسيطة من الجزيرة إلى أي مكان في مصر، متسائلاً "ما الذي يجعلني أرحل وأترك كل ذلك؟".

وفي مطلع يونيو الماضي أعلن رئيس مجلس الوزراء في بيان رسمي خطة التعويضات التي تتابع الحكومة تنفيذها مع أهالي الوراق وتشمل وحدات سكنية بإجمال 7763 وحدة داخل الجزيرة وخارجها بمدينة أكتوبر الجديدة ومنطقة مطار إمبابة، إضافة إلى قطع أراض سكنية بإجمال 529 قطعة في مدينتي حدائق أكتوبر وأكتوبر الجديدة، وقطع أراض زراعية بمدينة السادات بإجمال 180 فداناً.

 

وفي شأن مطالب الأهالي من الدولة في مقابل الرحيل يقول ناصر أبو العينين، مالك معدية جزيرة الوراق، إن معظم طلبات الأهالي بسيطة وتتلخص في الحصول على شقة في مقابل شقة داخل الجزيرة من دون تحمل أي كلف إضافية، إذ تطرح الدولة خلال مفاوضاتها متر المباني بـ 7 آلاف جنيه (143.73 دولار)، فيما تريد طرحه للبيع في العمارات السكنية الجديدة التي أنشأتها بالجزيرة بـ23 ألف جنيه، وهو ما يرفضه الأهالي، أما المطلب الثاني فيشمل الحصول على 300 فدان بالمنافع ليقام عليها مجتمع سكني داخل الجزيرة بالنظام الذي تراه الدولة حتى يستوعب جميع أهالي الجزيرة التي يزيد تعدادها على 100 ألف نسمة.

ووفق أبو العينين فإن أهالي الجزيرة ليسوا ضد محاولات التطوير لكنهم يرغبون في البقاء بالجزيرة، موضحاً أن "الوضع حالياً ضبابي ولا نعرف من يدير أزمة الجزيرة حالياً، وما سيحدث في الأيام المقبلة؟"، ومشيراً إلى أن الأهالي "يجلسون يومياً مع جهات مختلفة في الدولة للتفاوض حول المطالب لكن في النهاية لا أحد يرد علينا في شأن ما نطلبه"، بحسب تعبيره.

ويؤكد الرجل الستيني لـ "اندبندنت عربية" أن كل أملاك أهالي الجزيرة خاصة ومُسجلة رسمياً ومصونة بحكم القانون، محذراً من أن أي أموال سيحصل عليها الأهالي لن تمكنهم من شراء "عشة" في أحياء القاهرة والجيزة، بحسب قوله، وبالتالي سيلجأون إلى السكن في مناطق العشوائيات مما يخلق مجتمعات عشوائية جديدة، مضيفاً أن الدولة أنشأت 50 عمارة سكنية داخل الجزيرة في منطقة حوض القلمية، وجرى تشطيب تلك الوحدات لتكون أشبه بسكن بديل لأهالي الجزيرة.

وفي يوليو 2023 استعرض وزير الإسكان المصري المهندس شريف الشربيني موقف أعمال الإخلاء للمنازل والأراضي بمخطط تطوير التجمع العمراني الجديد بجزيرة الوراق خلال الفترة من 26 يونيو 2023 إلى 28 يوليو 2024، مشيراً إلى أنه جرى الحصول على نحو 993 فداناً من أصل 1295 فداناً، بما تخطى 76 في المئة من إجمال مساحة المنطقة محل التطوير، ومنوهاً بأن المرحلة العاجلة للتطوير ستشهد تشييد مشاريع سكنية وتجارية إلى جانب منظومة متكاملة من الخدمات، مع استكمال أعمال البنية التحتية والشبكات والمرافق.

الشراء الرضائي

"لسنا واضعي يد أو مغتصبين لأراضي الجزيرة ولا نتفاوض من أجل زيادة الأسعار، ولسنا ضد التطوير أو الاستثمار لكن نريد أن نكون جزءاً منه، لأننا سكان الجزيرة الأصليون". بتلك الكلمات يُعقب المحامي وأحد أهالي الجزيرة، محمد خالد، موضحاً أن أزمة الجزيرة بدأت عقب اقتحام قوات الأمن للجزيرة وسقوط أحد أبناء الجزيرة قتيلاً على إثر الاشتباكات التي اندلعت بين الطرفين، تلاها عدد من المناوشات والأحداث، وجاء ذلك نتيجة معلومات مغلوطة وصلت لمسؤولي الدولة أن معظم أبناء الجزيرة بلطجية وسكان عشوائيات وخارجين عن القانون التي تبين للمسئولين لاحقاً كذب تلك الشائعات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف خالد خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "الدولة تتبع حالياً سياسة الشراء الرضائي مع أهالي الجزيرة، إذ عرضت أموالاً وشققاً بديلة خارج الجزيرة، كما قامت ببناء 4 آلاف وحدة سكنية داخل الجزيرة للأهالي، لكن لم يتم الإفصاح عن التفاصيل أو طرح كراسات الشروط، فيما عرض الأهالي مطالبهم، ولا يزال هناك نقاش دائر حول تلك الأمور حالياً"، متسائلاً "أقطن في منزل مساحته تقدر بـ 500 متر، فما الذي يدفعني للرحيل والبحث عن مكان آخر بديل؟".

ويسرد المحامي القانوني وقائع أزمة نشبت قبل أيام قليلة بين الأهالي ورجال الأمن نتيجة رفض الأخير دخول عربة محملة بمواد البناء "سيراميك" أثناء وجودها في معدية "أولاد السني" بشبرا الخيمة بالقليوبية، ونجم عنها مناوشات واحتجاجات من قبل شباب الجزيرة انتهت بدخول مواد البناء محملة على أكتاف الأهالي، مشيراً إلى أن نقطة الخلاف الرئيسة حالياً تتمثل في قرار حظر دخول مواد البناء ومنع البناء على الأراضي الزراعية، ومنوهاً بأن المسؤولون الذين يتابعون الملف حالياً يتعاملون بمرونة مع أهالي الجزيرة ويعتبرون أفضل من القيادات السابقة ويتعاملون بشكل إنساني مع أهالي الجزيرة.

ويوضح خالد أن من رحلوا عن الجزيرة خلال الفترة الماضية وحصلوا على تعويضات من الدولة ليسوا من أهالي الجزيرة الأصليين، لكنهم أصحاب ممتلكات أخرى خارج الجزيرة وقاموا في فترات سابقة بشراء شقق وأراضي استغلالاً للأسعار الموجودة بالجزيرة. 

لا إجبار على الرحيل

فيما يرى الرجل الأربعيني إبراهيم مكرم عيد، محاسب بشركة قطاع خاص وأحد أهالي الجزيرة، أن التعويضات التي تعرضها الدولة على أهالي الجزيرة في مقابل الرحيل ليست عادلة وغير منصفة وزهيدة، بحسب قوله، موضحاً أنه يعيش في منزل كبير به شقتان ومساحة الشقة الواحدة 120 متراً، علاوة على امتلاكه قطعة أرض مساحتها 200 متر، متسائلاً "ما الذي يجبرني على الرحيل في مقابل مبلغ ضئيل وأسعار زهيدة لن تستطيع أن تعينني على أعباء الحياة؟".

ويوضح الرجل الأربعيني الذي يعول زوجة وولدين خلال حديثه لـ "اندبندنت عربية"، أنه على رغم ارتباطه عاطفياً بالجزيرة إلا أنه ليس لديه مانع من الرحيل عنها شرط أن تمنحه الدولة سعراً مناسباً، مردفاً "لو عرض علي سعر مغر فسأرحل على الفور وأؤيد التطوير والاستثمار وأرغب في أن أكون جزءاً منه"، مشيراً إلى أن التعويضات قد تكون جيدة ومناسبة لملاك الأراضي لكنها غير عادلة نهائياً لأصحاب الشقق والوحدات السكنية.

يقول مكرم إن الجزيرة لم يعد حالها مثلما كان في السابق، إذ ساءت الخدمات بها وأصبح الركام يحيطها من كل الجوانب، وجرى تبوير عدد من الأراضي، وهناك تضييق أمني مستمر على الجزيرة منذ اندلاع الاشتباكات عام 2017، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية أزيل المستشفى القروي بجزيرة الوراق بعد سحب المستلزمات الطبية منه وإزالة مركز شباب الجزيرة ومكتب البريد وإغلاق معدية الجزارين التي كانت تخدم ربع سكان الجزيرة من إجمال أربع معديات أخرى، علاوة على حظر دخول أي مواد بناء أو تشطيبات أو مواد صيانة أو أغراض أدوات صحية، قائلاً "لو حدث تلف في حمام شقتي فلن أتمكن من إصلاحه بسبب منع دخول مواد البناء".

 

"الدولة لم تُجبر أحداً على الرحيل والاتفاق يجري بالتراضي"، يُعقب البرلماني المصري عن دائرة الوراق وأوسيم بشمال الجيزة أسامة الأشموني، موضحاً أن المفاوضات مستمرة بين الأهالي ومسؤولي الدولة من أجل البيع بالتراضي سواء للمنازل أو الأراضي.

ويرى البرلماني المصري أن اهتمام الدولة بالحصول على تلك الجزيرة يرجع لكونها أقدم وأكبر الجزر المصرية وتوجد بين بحر الوراق وبحر دمنهور شبرا بالقليوبية، لذلك أطلق عليها جزيرة "بين البحرين"، مشيراً إلى أن مساحة الجزيرة تقدر بـ 1950 فداناً وجميع الأملاك بها خاصة ومسجلة في الشهر العقاري، موضحاً أن هناك عقوداً بالجزيرة يعود تاريخها لعام 1850.

وفي شأن المفاوضات الجارية يقول الأشموني لـ "اندبندنت عربية" إن الدولة عرضت بدائل عدة للرحيل، إما حصول أهالي الجزيرة على أموال أو الحصول على منازل بديلة في منطقة 6 أكتوبر أو مطار إمبابة، أو أراضي زراعية بمدينة السادات، منوهاً أن من يوافق على ترك الجزيرة يحصل على شيك بالمبلغ في الوقت نفسه وبالرضى التام من دون إجبار، قائلاً "حتى الآن لا يزال الحوار ممتداً ومتسعاً بين كل الجهات المعنية بالدولة وأهالي الجزيرة".

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد عقد اجتماعاً في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2022 لتناول تطوير وتنمية جزيرة الوراق، ووجه بإشراك وزارة التضامن الاجتماعي والجمعيات الأهلية ذات الخبرة الناجحة في العمل الميداني الخدمي والمجتمعي لتعزيز جهود الدولة للتطوير العمراني لجزيرة الوراق وتزويدها بالخدمات المتكاملة في إطار تخطيط هندسي حديث ومنظم، وكذلك تدقيق وحوكمة البيانات على أرض الواقع لتنفيذ التطوير على الوجه الأمثل ولتلبية حاجات وطلبات الأهالي بما في ذلك التعويضات ذات الصلة.

ووفق الأشموني فإن نقطة الخلاف الراهنة بين الدولة وأهالي الجزيرة في حظر البناء على الأراضي الزراعية لأنه ممنوع بأمر القانون، في حين أن بعض الأهالي يرغبون في هدم منازلهم والبناء في أماكن أخرى من الجزيرة نفسها، وهو ما ترفضه الدولة نهائياً.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات