ملخص
نظمت قطر عام 2021 انتخابات لاختيار 30 عضواً في خطوة عدها كثر "ديمقراطية الحد الأدنى"
رحب ناشطون وناشطات قطريون بقرار أميري يقضي بإلغاء انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى والعودة لنظام التعيين، معتبرين أن تجربة الانتخاب النيابي التي خاضتها البلاد للمرة الأولى عام 2021 أسفرت عن بعض "الشروخ التي لا تنسجم مع هوية وخصوصية الشعب القطري".
وكانت الدوحة أقرت للمرة الأولى، منذ تأسيس برلمانها في 1972، أول انتخابات تشريعية بمشاركة شعبية سينتج منها اختيار ثلثي أعضاء مجلس الشورى المكون من 45 عضواً.
لكن التجربة التي وصفت بـ"الديموقراطية المحدودة" لم تستمر بسبب حرمان بعض القبائل من حق التصويت والترشح، إذ كان حق التصويت مقتصراً فقط على أحفاد القطريين "الأصليين"، وهو ما يعني استبعاد بعض أفراد العائلات المجنسة بعد عام 1930.
وهذا الاستثناء الذي حرم آلافاً من حق الترشح والتصويت، ومنهم قبيلة آل مرة التي احتج بعض أفرادها على هذا الإقصاء.
لكن قرار الأمير تميم بالعودة لنظام التعيين أصبح محل ترحيب لكثير من أطياف المجتمع القطري، المؤيديون منهم والمنائون، ومن أبرزهم الشاعر القطري المقيم في المهجر محمد بن الذيب الذي وصف خطاب أمير البلاد أنه "يشفي الصدور"، وفيه إعادة لحقوق المواطنين، معتبراً الشاعر الذي تربطه أواصر مع آل مرة أن التجربة السابقة كانت "مهينة".
والثلاثاء الماضي، أعلن أمير قطر في كلمة أمام مجلس الشورى أنه سيطرح للاستفتاء العام تعديلات دستورية تشمل إلغاء انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى، وتكريس نظام تعيينهم جميعاً.
وقال "أبيت أن تبقى ثمة أحكام في الدستور تنتظر التنفيذ..."، لذا "دعوت إلى الانتخابات على رغم تحفظ عديد من المواطنين المخلصين الذين رأوا أنه كان ثمة منطق معتبر في عدم تطبيق هذه الأحكام". وأوضح أن الانتخابات حينها كانت تعد "تجربة"، مضيفاً "استخلصنا (منها) النتائج التي قادتنا إلى اقتراح التعديلات الدستورية".
وأكد أن "ليس مجلس الشورى برلماناً تمثيلياً في نظام ديمقراطي، ولن تتأثر مكانته وصلاحيته سواء اختير أعضاؤه بالانتخاب أم التعيين". وأعلن أنه "حرصاً منا على أن يشارك جميع المواطنين معاً في بناء صرح الوحدة الوطنية وإقرار المواطنة المتساوية... ستطرح التعديلات الدستورية للاستفتاء الشعبي، وأدعو جميع المواطنين والمواطنات للمشاركة فيه". ولم يحدد الأمير تاريخ إجراء الاستفتاء.
وعدَّ الشيخ تميم أن "التنافس بين المرشحين للعضوية في مجلس الشورى جرى داخل العائلات والقبائل، وهناك تقديرات مختلفة في شأن تداعيات مثل هذا التنافس على أعرافنا وتقاليدنا ومؤسساتنا الاجتماعية الأهلية وتماسكها".
المواطنة المتساوية
وعدت الأكاديمية القطرية بثينة حسن الأنصاري القرار أنه جاء من أجل "تحقيق المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، وتأكيد أن الجميع سواسية أمام القانون، ومشاركة الشعب في اتخاذ أهم القرارات"، وأتمت الأنصاري في مقالة نشرتها صحيفة "الوطن" المحلية أن تشديد الأمير تميم على مشاركة القطريين والقطريات في الاستفتاء على التعديلات الدستورية "يعكس مدى ما يوليه سموه من أهمية بالغة لرأي المواطن، ومصلحة الشعب التي تكمن في تكاتفه وتلاحمه ووحدته".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن جهتها تقول الكاتبة القطرية آمنة العبيدلي إن "التعديلات الدستورية أمل يراود المواطنين حققه الأمير لهم". وهذه الخطوة "من شأنها الذي لا يختلف عليه اثنان تعزيز المواطنة القائمة على العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، والحفاظ على اللحمة الوطنية".
لن يتأثر المجلس بالتعيين أو الانتخاب
ويرى رئيس تحرير صحيفة "الراية" القطرية عبدالله بن طالب المري أن "مكانة مجلس الشورى لن تتأثر سواء اختير أعضاؤه بالانتخاب أم بالتعيين"، مضيفاً "اقتراح التعديلات الدستورية من منطلق الحرص على وحدة الشعب من جهة، والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات".
وأضاف "التنافس بين المرشحين للعضوية في مجلس الشورى جرى داخل العائلات والقبائل، وهناك تقديرات مختلفة في شأن تداعيات مثل هذا التنافس على أعرافنا وتقاليدنا ومؤسساتنا الاجتماعية الأهلية وتماسكها. إذ يتخذ طابعاً هوياتياً لا قبل لنا به، وما قد ينجم عنه مع الوقت من ملابسات نحن في غنى عنها. لقد بينت التجربة القطرية أن الجوانب الإيجابية في مؤسساتنا الأهلية لم تكن عائقاً أمام التطور بل عاملاً مساعداً فيه، وشكلت قاعدة راسخة مكنتنا من الجمع بين أصالتنا وحداثتنا" وفق قوله.
ولا يجيز الدستور القطري الساري منذ عام 2005 الأحزاب السياسية، لكنه يكرس مبدأ انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى المؤلف من 45 عضواً، على أن يعين الأمير الثلث. لكن ذلك لم يكن مطبقاً وجرت العادة أن يعين الأمير جميع الأعضاء، إلى أن نظمت الدولة الخليجية عام 2021 انتخابات لاختيار 30 عضواً في خطوة عدها كثر "ديمقراطية الحد الأدنى".
وقطر إحدى أصغر الدول العربية (11 ألفاً و437 كيلومتراً مربعاً) ويبلغ عدد سكانها 2.5 مليون نسمة معظمهم أجانب. وتحكمها سلالة آل ثاني منذ منتصف القرن الـ19.