أفاد مراسل "اندبندنت عربية" في بغداد، بأن تظاهرة كبيرة تتجمع في ساحة الطيران الآن، والمحتجون يحاولون الوصول إلى ساحة التحرير المجاورة، لكن إطلاق النار الكثيف من قبل أجهزة الأمنية يمنعهم من التقدم، في حين أبلغ متظاهرون قبل دقائق (العاشرة من مساء 3 أكتوبر) عن سقوط متظاهر في ساحة الطيران. فيما اعلنت خلية الأزمة العراقية عن ارتفاع عدد قتلى التظاهرات إلى 44 شخصا، فيما بلغ عدد المصابين 1188 جريحا.
كما حاول المحتجون، إحراق مقر حزب الدعوة في منطقة الزعفرانية ببغداد، وإحراق مقر المجلس المحلي في منطقة التاجي شمال العاصمة.
في المقابل، أعلن مجلس مكافحة الفساد في العراق أنه أوقف نحو ألف موظف بتهم الاختلاس وتبديد المال العام. وأوردت وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن "المجلس الأعلى لمكافحة الفساد اطلع في الجلسة التي عقدت برئاسة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي الخميس، على تقرير هيئة النزاهة/دائرة التحقيقات بخصوص الموظفين الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية متعلقة بالنزاهة سواء كان هدر المال العام أو تعمد الإضرار بالمال العام أو الاختلاس أو الإثراء على حساب المال العام وغيرها من جرائم النزاهة".
وفي سياق متصل، تستمر التظاهرات الجوالة لليوم الثالث على التوالي على الرغم من حظر التجوال من قبل السلطات الأمنية في بغداد وعدد من المحافظات. ووفقاً لمشاهدات ميدانية، كرر المحتجون أسلوب التظاهرات المتعددة والمتفرقة لسببين: الأول يتعلق بسهولة التحاق المحتجين بمواقع مختلفة بحسب البعد والقرب من منازلهم، والثاني يتصل بحماية التجمعات، إذ يصعب على قوات الأمن تفريق كل هذه التظاهرات أو ملاحقة المحتجين داخل الأزقة والشوارع الفرعية. ومنذ ليل الأربعاء، لا تزال قوات الأمن تغلق بالحواجز، مداخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، حيث يقع مقر حكومة عادل عبد المهدي ووزارة الدفاع وعدد من السفارات المهمة، بينها الأميركية والبريطانية. وكثّفت هذه القوات انتشارها الأمني في محيطها، خشية اقتحامها.
قوات الأمن كانت سدّت كل مداخل العاصمة العراقية ومنعت الدخول إليها، ونُقل عن ضباط في قوات مكافحة الشغب أنهم رصدوا عناصر تابعين لـ"سرايا الخرساني" و"منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق"، وهي منظمات مؤيدة لإيران، وسط المتظاهرين يحثونهم على إحراق مؤسسات حكومية وعجلات.
ساحة التحرير
مراسل "اندبندنت عربية" وفي تحرك عبر الشوارع الفرعية، استطاع الوصول إلى ساحة التحرير لبعض الوقت، حيث شاهد النيران تندلع في سيارة إسعاف وسط الساحة، فيما هرع متظاهرون لإطفائها. لاحقاً، قال هؤلاء إنّ مجهولين أقدموا على هذا الفعل لتوريط حركة الاحتجاج في أعمال عنف، ما يبرر قمعها. مصادر أكدت أن حظر التجوال في بغداد، سيستمر حتى نهار الجمعة في أقل التقديرات. في وقت لا تزال الحكومة تمنع خدمات الإنترنت في البلاد، باستثناء في محافظات الإقليم الكردي الثلاث. وأوضح نشطاء في التيار الذي يتبع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، أنهم يحضّرون لتظاهرات ليلية شرق العاصمة العراقية، ما يمكن أن يشكل ضغطاً إضافياً على الحكومة.
وتحوّلت عمليات تشييع قتلى سقطوا أمس الأربعاء إلى تجمعات كبيرة، هتف خلالها المتظاهرون بشعارات تحضّ على إسقاط النظام السياسي. ويقول مراسل "اندبندنت عربية" إن الانتشار الأمني كان كثيفاً في بغداد، مشيراً إلى أن قوات الأمن دأبت على استقصاء حركة المشاة وسؤالهم عن وجهاتهم، سامحةً لهم بالتجول في المناطق البعيدة من الساحات الرئيسة.
وتسبب حظر التجوال ووقف خدمات الإنترنت بشلل اقتصادي للعاصمة، فيما كبّد رجال الأعمال والشركات والعمال اليوميين على حد سواء خسائر كبيرة.
وتحدث مراسل "اندبندنت عربية" إلى متظاهرين في بغداد، قالوا إنهم لن يعودوا إلى منازلهم حتى تعلن الحكومة استقالتها. أما آخرون، فاعتبروا أن الإبقاء على مطار بغداد مفتوحاً واستمرار حركة الرحلات فيه على الرغم من حظر التجوال، يضمر نية الهرب لدى المسؤولين في حال تطوّرت الأوضاع. وأشار مراقبون إلى أنّ الحكومة العراقية تفتقر إلى رؤية واضحة في التعامل مع حركة الاحتجاج. لذلك، تأتي إجراءاتها في سياق تقليدي، كأسلوب القمع القاسي والتشكيك بدوافع الجهات التي تقف خلفها، ومحاولة عزل الشارع عنها من خلال حظر التجوال وقطع الإنترنت.
ظهور عبد المهدي
وعصر الخميس 3-10-2019، ظهر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للمرة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات يوم الثلاثاء في قيادة عمليات بغداد، متوسطاً عدداً من كبار الضباط. وقال مكتبه إنه تابع الاتصالات المستمرة بممثلين "عن المتظاهرين السلميين للوقوف على طلباتهم المشروعة، وصولاً إلى ما يلبي تطلعات شعبنا، بخاصة فئة الشباب، بغية تهدئة الأوضاع والعودة إلى الحياة الطبيعية والتحضير للّقاء بهم". ونشر مكتب عبد المهدي أرقام هواتف قال إنه بإمكان المحتجين التواصل من خلالها مع رئيس الوزراء. كذلك دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي المحتجين إلى حضور جلسات البرلمان وعرض مطالبهم.
وعلى الرغم من كل هذا التشديد، لم تنجح الإجراءات الأمنية الميدانية والحراك السياسي على أعلى المستويات في إقناع المحتجين بالعودة إلى منازلهم، إذ استمرت محاولاتهم للوصول إلى ساحة التحرير، بينما أحرق آخرون إطارات سيارات في محيطها مساء الخميس، وسط استنفار أمني كبير.
الأمم المتحدة تدعو إلى التحقيق
ورحب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك بقرار رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي فتح التحقيق بعد سقوط قتلى وجرحى خلال الاحتجاجات.
وأفاد دوغاريك في إجابته على سؤال أحد الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي اليومي من مقرّ الأمم المتحدة أنه يأمل في أن تضطلع الحكومة والمتظاهرون بحوار يقود إلى تخفيض مستوى التوتر، وحث على الابتعاد عن العنف وتجنّب الاستخدام المفرط للقوة.
وكانت الأمم المتحدة قد اعربت عن قلقها البالغ الأربعاء عقب الاحتجاجات العنيفة في العراق من خلال الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت.
وأكدت "على الحق في الاحتجاج ولكل فردٍ الحقُّ في التحدّث بحريةٍ بما يتماشى مع القانون".
فساد مستشرٍ
ويعاني العراق الذي أنهكته الحروب، انقطاعاً مزمناً في التيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.
وتشير تقارير رسمية إلى أنه منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، ابتلع الفساد نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.
وتطالب نسرين محمد (46 سنة) بـ"رحيل الجميع"، قائلةً "لا نحصل من الحكومة والسياسيين إلاّ على الأكاذيب والوعود التي لا يفون بها أبداً. الأحزاب سرقت كل أحلامنا". وتضيف "لا مكان للفقراء في هذا البلد".
أما العسكري السابق وليد أحمد، فيؤكد بدوره وسط أعمدة الدخان الأسود المتصاعدة من الإطارات التي أشعلها المتظاهرون عند التقاطعات الرئيسة في بغداد الأربعاء، أنه لا يمكن لهذا الحراك أن يسقط بأيدي سياسيين.
ويضيف "مشكلتنا الأولى هي الفساد، لقد قتلنا. اليوم، نحن نريد فقط الشعب وبلدنا. لا نريد الأحزاب أو الشخصيات البارزة أو المعممين، لا نريدهم أن ينضموا إلى حراكنا".
دعوات لعدم السفر للعراق
وطالبت وزارة الخارجية الكويتية المواطنين الكويتيين بالتريث وعدم السفر للعراق في الوقت الراهن نتيجة الاضطرابات والمظاهرات التي تشهدها عدد من المدن العراقية ، مطالبة المواطنين المتواجدين حاليا هناك بضرورة مغادرتها بالسرعة الممكنة وإلى اتخاذ اقصى درجات الحذر والابتعاد عن أماكن التجمعات والمظاهرات.
هذا وكانت قد دعت وزارة الخارجية البحرينية في وقت سابق أمس مواطنيها إلى عدم السفر للعراق في الوقت الراهن كذلك، نظرا للظروف الأمنية كما دعت كافة المواطنين المتواجدين في العراق إلى ضرورة المغادرة فورا.