ملخص
علمت "اندبندنت عربية" من مصدر أممي خاص أن الاستراتيجية لا تزال في مراحلها الأولى، ومن المرتقب عقد اجتماع في جنيف السويسرية بعد أسبوعين لمناقشتها من دون معلومات واضحة عن الخطة الزمنية، أو المناطق الجغرافية التي يمكن تنفيذها لخطة التعافي بخاصة أن الأراضي السورية مقسمة إلى مناطق نفوذ متعددة.
بعد 13 عاماً من حرب سوريا وما دار من معارك تعد الأعنف بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة، وفي وقت ما زال صوت الرصاص عالياً في كثير من بقاع الأرض السورية والأمان معدوماً يعيش المدنيون على وقع توترات أمنية وعسكرية متلاحقة، فيما يبقى الشأن الإنساني والإغاثي في صدارة الأولويات بخاصة أنه ترك تأثيره في الدول المجاورة والأوروبية.
على المدى الطويل
في الأثناء أعلن المنسق المقيم للأمم المتحدة، ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبدالمولى إطلاق استراتيجية التعافي لسوريا (2024 ـ 2028) وتهدف إلى تعزيز القدرة على الصمود على المدى الطويل ومعالجة الأزمة الإنسانية المستمرة بالبلاد.
وجاء في بيانه حول إطلاق استراتيجية التعافي، "تعتمد الاستراتيجية على توسيع تدخلات التعافي المبكر التي بدأت في إطار خطة الاستجابة الإنسانية، والبرامج الأخرى، مع التركيز على تعزيز القدرات المحلية، ومن خلال معالجة الحاجات الإنسانية، والحد من الاعتماد على المساعدات المستمرة بمرور الوقت، وتدعم الاستراتيجية التدخلات المستدامة، التي تستجيب للنوع الاجتماعي، وتناسب حساسية السياق".
وبحسب المعلومات المتوافرة علمت "اندبندنت عربية" من مصدر أممي خاص أن الاستراتيجية لا تزال في مراحلها الأولى، ومن المنتظر عقد اجتماع في جنيف السويسرية بعد أسبوعين لمناقشتها من دون معلومات واضحة عن الخطة الزمنية، أو المناطق الجغرافية التي يمكن تنفيذها لخطة التعافي، بخاصة أن الأراضي السورية مقسمة إلى مناطق نفوذ متعددة.
وتتشاطر المعارضة السورية والحكومة أراضي الشمال السوري، بينما تحكم فصائل مسلحة الجزيرة والبادية السورية تحت سيطرة وحدات الحماية الكردية، فيما تقع إدلب تحت هيمنة تنظيم متشدد يدعى هيئة تحرير الشام (النصرة) سابقاً، علاوة على وجود قوات أجنبية هي التحالف الدولي وأميركا وروسيا وتركيا وإيران. ناهيك بتوترات تشهدها جنوب البلاد في محافظتي السويداء ودرعا.
التعليم والصحة
استراتيجية التعافي السورية حددت مجالات عدة، منها إعطاء الأولوية للصحة والتغذية وضمان جودة التعليم وتحسين المياه والصرف الصحي والنظافة ودعم سبل العيش المستدامة، في حين تولي الخطة الطاقة المستدامة عاملاً أساساً لدعم هذا المجهود، وتمكين التعافي الفعال والمستدام.
ولم يخف آدم عبدالمولى أن الاستراتيجية جاءت كثمرة عمل أشهر عدة من قبل الأمم المتحدة، وقال "ستكون أداة قيمة لضمان تحقيق تقدم ملموس، والمساعدة بالنظر في الأسباب الجذرية للأزمة السورية لضمان نهج مستدام نحو الصمود".
في المقابل انتقد ناشطون سياسيون إنشاء صندوق التعافي في العاصمة دمشق، واعتبروا أن الضغط الروسي أتى ثماره لتوسيع دائرة الدعم والمساعدات من الدول المانحة، مع زيادة العلاقات مع العاصمة السورية.
وبينما تعيش سوريا على أعتاب حرب جديدة من جهة الجبهة الجنوبية، وهي على وشك دخول معركة محتملة إلى جانب حرب الجنوب اللبناني تستمر تل أبيب في قصف دمشق والأحياء السكنية بحثاً عن أهداف من فصائل المقاومة الموالية لإيران بخاصة مع وجود بنك معلومات عن شخصيات قيادية توجد في العاصمة، ويترافق ذلك مع تدمير غالب المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، التي تعد شريان حياة المدنيين، إضافة إلى تدفق ما يقارب 400 ألف وافد من لبنان، 70 في المئة منهم سوريون.
الهجرة وصندوق التعافي
وحذر المسؤول الأممي عبدالمولى في مؤتمر صحافي أعقاب إطلاق صندوق التعافي في دمشق، والخطة الاستراتيجية للتعافي المبكر من أن "عدم الاستجابة ستنقل حالة عدم استقرار إلى بلدان مجاورة، وسيؤدي إلى زيادة عمليات تنظيم داعش".
ودعا الدول المانحة إلى المساهمة في تمويل استراتيجية التعافي، محذراً الدول من التردد "ثلث طالبي اللجوء في أوروبا سوريون، كذلك 44 ألف سوري وصلوا أوروبا خلال ثلاثة أشهر فقط" وخاطب الدول المانحة "إذا كنتم لا تريدون لاجئين فعليكم أن تقدموا الدعم إلى سوريا".
وكانت الجهات المشاركة في مؤتمر بروكسل بنسخته الثامنة حول مستقبل سوريا خلال مايو (أيار) من العام الحالي 2024 تعهدت بتقديم مساعدات بقيمة 7.5 مليار يورو على صورة منح وقروض لمساعدة اللاجئين.
ولا تزال سوريا تمثل إحدى أكبر أزمة لجوء في العالم، فقد بلغ عدد اللاجئين قسراً 13.8 مليون شخص داخل وخارج البلاد بحلول عام 2023، مما ترك تداعيات على دول الجوار والمستضيفة، في المقابل انتقلت رؤوس أموال ضخمة من سوريا للاستثمار في الدول المستضيفة، بينما تعيش سوريا أزمة اقتصادية في اتساع، صنفت الأمم المتحدة على أثره 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر لسوء وتردي الحياة المعيشية، وانعدام فرص العمل وتوقف عجلة الصناعة والتجارة والزراعة وانتشار المخيمات، علاوة على توقف المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مثير للجدل
ويتوقع مراقبون أنه في حال العمل بصندوق التعافي فعلى المنظمات الإنسانية التي تعمل على امتداد شمال سوريا بشقيه الغربي والشرقي التنسيق مع دمشق مقر الصندوق، ولعل ذلك ما ترغب فيه العاصمة السورية، وكانت تطالب به سابقاً لكنه يأتي في ظل غياب الحل السياسي المنتظر.
ومن المرجح أنه سيخلق تحديات استمرارية تقديم المساعدات الإغاثية، كون غالبية هذه المنظمات الإنسانية والإغاثية العاملة محلية، ومن الوارد مقاطعتها العمل مع دمشق، إذ تفضل البقاء بالعمل مع مكتب غازي عنتاب التركية.
يأتي ذلك في وقت كانت الحكومة السورية وافقت فيه على إدخال مساعدات إنسانية عبر معبر باب السلامة والراعي أعقاب زلزال السادس من فبراير (شباط) 2023، الذي أسفر عن دمار واسع شمال البلاد.
وكشف تقرير أعدته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، ومركز الدراسات السورية في جامعة سانت أنروز، عن تحديات تواجه التعافي المبكر في سوريا، ورأى التقرير الذي أعده باحثون عام 2020 أن التعافي سيكون طويلاً ومعقداً.
وأوصى بأنه "يتعين على الجهات الفاعلة، الحكومة والمجتمع الدولي، أن تنظر في ترابط عملية التعافي بطريقة شاملة تتطلب الاهتمام في مرحلة بناء السلام، وخدمات الطوارئ والحوكمة السياسية والإدارية والإصلاح المؤسسي، والتعافي الاقتصادي وتفكيك اقتصاد الحرب"، في وقت تبلغ كلفة إعادة الإعمار نحو 400 مليار دولار أميركي، وهو فوق إمكانية دمشق والحليفين الاستراتيجيين لها روسيا وإيران بل في حاجة إلى تضافر دولي واسع.