Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عاد ترمب الذي قال خامنئي إنه "ذهب إلى مزبلة التاريخ"

بدأت طهران المفاوضات ومن المفترض أن تستضيف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية

استخدم النظام الإيراني دائماً الجماعات التي تدعمه كأداة لتنظيم العلاقات مع الولايات المتحدة، وإضعاف هذه الجماعات بالضرورة يحد من قدرة طهران على المناورة (أ ب)

ملخص

نتيجة نشاط اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة ومساعدة حكومة بايدن، لم تواجه طهران أي تهديد جدي خلال هذه الفترة بسبب تقدم برنامجها النووي المشكوك فيه وحسب، بل تمكنت من بيع مزيد من النفط. لكن دونالد ترمب أكد وفي أكثر من مناسبة أنه سيمنع النظام الإيراني من امتلاك القنبلة النووية.

بعد أقل من أربعة أعوام على ما قاله المرشد علي خامنئي، إن "دونالد ترمب ذهب إلى مزبلة التاريخ"، فاز الأخير بواحدة من أكثر الانتخابات حساسية في تاريخ الولايات المتحدة، وقد حصل على أكبر عدد من الأصوات في تاريخ الرؤساء الجمهوريين، وأصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأميركية.

وعلى رغم أن ترمب تحدث في أكثر من مناسبة عن رغبته بالتفاوض مع طهران خلال الأولى، فإن علي خامنئي أصر على الرفض قائلاً، "لا حرب ولا تفاوض".
وفي أغسطس (آب) 2018، بعد شهرين من انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، أكد المرشد خامنئي أنه "إذا ما افترضنا جدلاً أن نتفاوض مع الولايات المتحدة، فلن نتفاوض مع هذه الحكومة. وليعلم الجميع أنه لا تفاوض مع ترمب".

وبعد عام رفض المرشد الوساطة التي قام بها رئيس الوزراء الياباني آنذاك شينزو آبي، وقال لآبي، إنه "ليس لديه أي رد على رسالة ترمب". وبعد مقتل قاسم سليماني، هدد ترمب بـ"الانتقام الشديد".

ويبدو أن إمكانية عودة ترمب إلى البيت الأبيض كانت قد أخذت في الحسبان في عملية وصول حكومة مسعود بزشكيان والشخصيات السياسية المعروفة مثل محمد جواد ظريف إلى السلطة.

وبلغت التطورات في الأعوام الأربع الماضية، خصوصاً بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حداً بات معه من الصعب تكرار استراتيجية "لا حرب ولا تفاوض" من دون تقديم تنازلات من جانب طهران.

تطورات الـ4 أعوام الماضية

تهديد "الوعد الصادق-3" على طاولة النظام الإيراني الآن، الذي أثير بعد جولتين من الهجمات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران. ومع ذلك، هناك تاريخ من عدم تنفيذ التهديدات من قبل النظام الإيراني، لكنه نظراً لمستوى التوترات بين إيران وإسرائيل فإن الصدام بين الطرفين آت لا محالة عاجلاً أم آجلاً.
وفي مثل هذا الوضع، ستقف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل. أي بمعنى آخر يجب أن يؤخذ عامل إسرائيل بعين الاعتبار في حسابات معادلة "لا حرب ولا تفاوض".
والتطور الآخر الذي حدث بعد هجوم "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، هو إضعاف الأذرع الإيرانية في المنطقة مقارنة بما كانت عليه عندما كانت إدارة دونالد ترمب الأولى في السلطة.

وفي يناير (كانون الثاني) 2020، اغتيل قاسم سليماني، الزعيم الروحي لهذه الجماعات. وعاد ترمب إلى البيت الأبيض في ظل وضع أصبحت فيه "حماس" و"حزب الله" في أضعف حالاتهما في الأعوام الأخيرة، بعدما فقدا كل قادتهما الميدانيين المؤثرين تقريباً. وهذا الوضع سيؤثر من دون أدنى شك على النفوذ الإقليمي للنظام الإيراني في الأقل بالمديين القصير والمتوسط.

واستخدم النظام الإيراني دائماً الجماعات التي تدعمه كأداة لتنظيم العلاقات مع الولايات المتحدة، وإضعاف هذه الجماعات بالضرورة يحد من قدرة طهران على المناورة.

كما أنه خلال الأعوام الأربعة من رئاسة جو بايدن، شهد البرنامج النووي الإيراني تقدماً ملحوظاً. ووفقاً لعديد من الخبراء والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن كمية احتياط اليورانيوم المخصب لا مبرر لها غير صناعة القنبلة النووية.

ونتيجة لنشاط اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة ومساعدة حكومة بايدن، لم تواجه طهران أي تهديد جدي خلال هذه الفترة بسبب تقدم برنامجها النووي المشكوك فيه وحسب، بل تمكنت من بيع مزيد من النفط. لكن دونالد ترمب أكد وفي أكثر من مناسبة أنه سيمنع النظام الإيراني من امتلاك القنبلة النووية.
من ناحية أخرى، فإن الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الجمهورية الإسلامية في إيران في عام 2022 التي كانت امتداداً للاحتجاجات المتقطعة في العقد الماضي، جعلت المستوى المنخفض لشرعية النظام أكثر وضوحاً في المجتمع الدولي، وهو ما يؤثر أيضاً في الطريقة التي تتعامل بها إدارة ترمب الجديدة مع النظام الإيراني. 

المفاوضات تحت التهديد

خلال الأعوام الـ35 التي قضاها علي خامنئي مرشداً لنظام الجمهورية الإسلامية، واجه ستة رؤساء أميركيين، لكن وضع دونالد ترمب يختلف عن غيره من الرؤساء. كما يبدو أن المرشد الإيراني لا يحب غطرسة ترمب ونظرته الاستعلائية، والأهم من ذلك كله أن ترمب قتل عزيز خامنئي، قاسم سليماني.

ومع ذلك، خلال الـ45 عاماً من تاريخ العداء بين النظام الإيراني والولايات المتحدة شاهدنا انعطافاً في المواقف على رغم من الخطابات الرنانة. بدءاً من روبرت ماكفارلين في عهد مؤسس الجمهورية الإسلامية "روح الله الخميني" الذي وصف أميركا بـ"الشيطان الأكبر" والمجرمة التي لا تستطيع فعل أي شيء، إلى خليفته المرشد علي خامنئي الذي قال في أواخر الثمانينيات القرن الماضي، إن التعامل مع الولايات المتحدة مشروط بتعاملها الإنساني مع إيران.

وفي الأعوام التي سبقت الاتفاق النووي، تغيرت لهجة خامنئي ورأى أن من مصلحته أن يتفاوض مع الشيطان لدفع الشر. وبعد رفع العقوبات، أصبحت المفاوضات مع الولايات المتحدة "سماً قاتلاً". وفي عهد إدارة ترمب الأولى، فضل عبارة "لا حرب ولا تفاوض"، بينما في إدارة بايدن بدأت المفاوضات من جديد.
وبعد يوم واحد من فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية، عقد خامنئي اجتماعاً مع أعضاء مجلس الخبراء، لكنه في هذه الاجتماع لم يتطرق أبداً إلى أهم القضايا التي شغلت أذهان الإيرانيين والعالم منذ أشهر.

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد صرح في وقت سابق بأن الانتخابات الأميركية قد تغير تكتيكات النظام. ورداً على فوز ترمب قال عراقجي، إن بلاده تحترم رغبة الشعب الأميركي. إذ غرد على منصة "إكس" قائلاً إن "الشعب الأميركي اتخذ قراره وإيران تحترم حقه في اختيار الرئيس الذي يريده". كما نفى عراقجي مؤامرة اغتيال دونالد ترمب التي كشفت عنها الولايات المتحدة رغم وعد المرشد بـ"الانتقام الشديد".

كما أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية عن أمله في أن تكون الانتخابات الأميركية فرصة لمراجعة سياسات الماضي.

وفي السياق نفسه، حاولت شخصيات سياسية مثل الرئيس السابق للبرلمان الإيراني علي لاريجاني التقليل من أهمية فوز ترمب، وهذا يأتي في محاولة لتهدئة الأجواء في البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تنفيذ جزء من الشروط الـ12

وكانت إدارة ترمب الأولى قد وضعت 12 شرطاً للاتفاق مع طهران، وبعد السابع من أكتوبر 2023، نفذت بعض هذه الشروط، مثل وقف دعم "حماس" و"حزب الله" إلى حد ما. وحالياً هاتان المجموعتان الميليشياويتان في وضع ضعيف بسبب فقدان كبار قادتهما، كما أن المساعدات الإيرانية لم تعد كما كانت في الماضي.

ومن الشروط الأخرى، هو انسحاب القوات التي تدعمها إيران من سوريا، الذي نفذ جزئياً نتيجة الهجمات الإسرائيلية المستمرة والاستهداف المتكرر لقادة الحرس الثوري وقواته. كما استدعت طهران بعض قادتها وقواتها من سوريا.

وكذلك، عدم دعم الميليشيات الشيعية في العراق واليمن. وفي الوقت الحالي، انخفض نفوذ النظام الإيراني في العراق مقارنة بإدارة ترمب الأولى. وفي ما يتعلق بجماعة الحوثيين في اليمن، التي تهاجم السفن في البحر الأحمر خلال العام الماضي، تواصل مجموعات التحالف مهاجمة مواقعها لهذه اللحظة.

وفي شرط آخر، طالبت إدارة ترمب بعودة جميع المواطنين الأميركيين المسجونين في إيران، وهو ما تم تحقيقه إلى حد كبير.

وبطبيعة الحال، فإن جزءاً آخر من الشروط الـ12 لإدارة ترمب الأولى، بما في ذلك البرنامج النووي والبرنامج الصاروخي ومسألة دعم "فيلق القدس" للإرهاب لم تحل بعد، بل شهدت هذه البرامج تقدماً كبيراً من حيث التطوير والتوسع.

وهناك شرط آخر، وهو تهديد دول الجوار، إذ تمت معالجة هذه الجزئية التي تتعلق بالمملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة العربية إلى حد ما، لكن بالنسبة لإسرائيل فقد وصل الوضع إلى مستوى الصراع العسكري المباشر.

وأما الآن، فتأتي إدارة ترمب الثانية إلى السلطة في وقت نفذ جزء من هذه الشروط الـ12 المتعلقة بالنظام الإيراني. ومن ناحية أخرى، فإن الحلفاء الأوروبيين الذين لم يرافقوا ترمب في الإدارة الأولى أصبحوا اليوم قلقين من تهديدات طهران أكثر من ذي قبل.

لقد أكد دونالد ترمب في أكثر من مناسبة في مقابلاته التلفزيونية وحملته الانتخابية أنه لا يريد الحرب. كما أنه يتباهى بأن حكومته الأولى لم تبدأ أي حرب. ويؤكد أيضاً أنه كإجراء أولي سينهي الحرب بين روسيا وأوكرانيا والحرب في الشرق الأوسط. وبالنسبة لإدارة ترمب الثانية، أصبحت أميركا والشعب الأميركي أولوية أكثر من أي وقت مضى. إنه يريد إصلاح الاقتصاد وحل أزمة الحدود ليثق به 75 مليون أميركي صوتوا له.

وصحيح أن جزئية "لا حرب" يمكن أن تكون القاسم المشترك بين دونالد ترمب وعلي خامنئي من استراتيجية الأخير "لا حرب ولا تفاوض"، لكن اليوم هناك لاعباً آخر دخل المشهد، إذ يرى أن النظام الإيراني هو من يقف خلف السابع من أكتوبر ولا يبدو أنه سيمر بسهولة على هذا الحادثة.

وكما هو معلوم، لجأت طهران وفي أكثر من مناسبة إلى "الصبر الاستراتيجي"، وربما ترغب في انعطافه جديدة في ما يخص "الوعد الصادق-3" الذي تقول طهران إنه آت لا محالة، لكن قضايا مثل كمية احتياط اليورانيوم المخصب عالي النقاء في مستودعات النظام أو صواريخه الباليستية ليست قضايا ستغض إدارة ترمب كما فعلت إدارة بايدن الطرف عنها.

ولذلك، بدأت طهران المفاوضات بالفعل، ومن المفترض أن تستضيف اليوم الأربعاء المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، لإعادة اللعبة النووية إلى أرض الوكالة الدولية من جديد.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير