ملخص
أن نكتب في عيد ميلاد سفيرتنا إلى النجوم، ليس بالأمر السهل. فهذه فيروز، نحن نعلم عنها القليل والكثير، هي حاضرة في كل يوم ولحظة من حياتنا لكنها بعيدة جداً، كالقمر تماماً، ذاك القمر الذي كان جارنا في زمن مضى.
ماذا نقول لك عن لبنان؟ لبنان اليوم يا سيدة فيروز، ولك فقط يليق لقب السيادة، جريح جداً، كمن يحارب مرضاً عضال قضى على كل قوته، ضعيف هزيل لكنه يرفض أن يسلم الروح... هكذا هو وطننا اليوم الذي قلتي له يوماً "بحبك يا لبنان يا وطني بحبك"، ونحن رددنا من بعدك.
"كيفك إنتِ" يا فيروزتنا اليوم؟ أخبرينا كيف تحتفلين بذكرى ميلادك التسعين؟ أين أنتِ في كل حال؟ في أية بقعة جغرافية تحتمين داخل هذا الوطن الصغير بحجمه المثقل بحربه الكبرى؟.
أن نكتب في عيد ميلاد سفيرتنا إلى النجوم، ليس بالأمر السهل. فهذه فيروز، نحن نعلم عنها القليل والكثير، هي حاضرة في كل يوم ولحظة من حياتنا لكنها بعيدة جداً، كالقمر تماماً، ذاك القمر الذي كان جارنا في زمن مضى.
ماذا نقول لك عن لبنان؟ لبنان اليوم يا سيدة فيروز، ولك فقط يليق لقب السيادة، جريح جداً، كمن يحارب مرضاً عضال قضى على كل قوته، ضعيف هزيل لكنه يرفض أن يسلم الروح... هكذا هو وطننا اليوم الذي قلتي له يوماً "بحبك يا لبنان يا وطني بحبك"، ونحن رددنا من بعدك.
ماذا نقول لك عن قلعة بعلبك؟ أدراجها اشتاقتكِ كما كل لبنان. أعمدتها التي عاندت الزمان لآلاف السنين، خائفة اليوم أن تمحيها يوميات الحرب البشعة، وقد طاولت ضرباتها محيط القلعة، وهناك توقف قلب كل اللبنانيين.
أتعلمين يا فيروزتنا أنك وحجارة قلعة بعلبك اثنان لا يفترقان في ذاكرتنا؟
بعلبك
أنا شمعة على دراجك
وردة على سياجك
أنا نقطة زيت بسراجك
بعلبك
يا قصّة عزّ عليانة
بالبال حليانة
يا معمّرة بقلوب وغناني
هون نحنا هون
لوين بدنا نروح
يا قلب يا مشبّك
بحجارة بعلبك
ماذا نقول لك عن فندق بالميرا؟ ذاك المكان الذي بناه المهندس اليوناني ميكماليس باركلي عام 1872 وبداخله كنت ضيفة كما كانت السيدة أم كلثوم وكان فريد الأطرش في زمن لبنان الجميل، والذي لطالما افتحر القيمون عليه بأن بداخله غرفة مخصصة للسيدة فيروز... لنخبرك الحقيقة البشعة، فندق بالميرا طاوله القصف وتبدلت ألوانه من أحمر وأصفر وأخضر إلى رمادي شاحب، تماماً كلون الجنوب وبعض بلدات البقاع ومناطق في بيروت.
ماذا نقول لكِ عن بيروت؟ ماذا نقول لك عن زقاق البلاط التي زارها القصف قبل أيام؟
ولمن لا يعلم، فإن فيروز والتي ولدت باسم نهاد وديع حداد، أبصرت النور في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1934، و"من يومها صار القمر أكبر".
البعض يقول إنها ولدت في الشوف، والبعض الآخر يجزم في زقاق البلاط داخل منزل قديم لا يزال صامداً بقرميده البرتقالي العتيق. لكن الخوف كل الخوف أن يصل إليه الموت أيضاً، ومن قال إن الموت يودي فقط بالبشر الأحياء.
ضاع لبنان يا فيروز تماماً كما ضاع شادي في مسرحية "يعيش يعيش" عام 1970... غني له مرة جديدة بصوتك حتى يعود ونعود معه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أتسمعين يا فيروز صوت الناس في الغربة وهم ينشدون كل يوم في صباحهم "نسم علينا الهوا من مفرق الوادي، ويا هوا دخل الهوا خدني على بلادي"؟.
أتعلمين أننا ننشد هذه الكلمات لصغارنا عند نومهم؟ أنت التي رافقتي طفولتنا في أروقة العمر؟.
فيروزتنا، يطول الحديث عنك ولا ينتهي. ولكن ماذا إن تكلمت أنت اليوم؟ هل كنت ستنفجرين غضباً وتمرداً وعصياناً على ما يحدث بلبنانك؟ أنت لم تغادري يوماً وطن الأرز حتى في عز الحرب الأهلية اللبنانية.
أنت التي أكرمتي على لبنان والوطن العربي والعالم بـ 800 أغنية، كنت "بخيلة" علينا في إطلالاتك الإعلامية وكلامك، منذ أيام نجاحك الذهبي وصولاً إلى عزلتك المخملية التي اخترتي أن تكون في منطقة الرابية شرق بيروت.
تسعون عاماً من المجد وأنت هنا، أقل قليلاً من عمر لبنان الكبير، وأكثر قليلاً من عمر استقلالنا الأول... ولا كبراً للبنان بغيباك.
فيروزتنا، وسفيرتنا إلى النجوم.
لبنان الجريح في أحوج أوقاته إلى الصلاة
فأكثري الغناء له