أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة أنه شنّ غارة جوية ضد هدف لـ"حزب الله" في جنوب لبنان، في هجوم هو الثاني من نوعه ولليوم الثاني توالياً منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بين الطرفين الأربعاء.
وقال الجيش في بيان "تم رصد نشاط إرهابي وتحرّك لمنصة صاروخية متنقلة تابعة لحزب الله في جنوب لبنان. تم إحباط التهديد من خلال غارة جوية لطائرة تابعة لسلاح الجو".
وأرفق الجيش بيانه بمقطع فيديو يظهر قصفاً من الجو لما يرجح أنها منصة لإطلاق الصواريخ موضوعة على ظهر شاحنة تتحرك ببطء، واندلاع النيران فيها.
وشدد الجيش على أنه "يعمل لإزالة تهديدات تهدد دولة إسرائيل وتشكل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار".
من جانبه، اتهم الجيش اللبناني إسرائيل بخرق الاتفاق مرات عدة.
وأنهى اتفاق وقف النار، الذي أبرم بجهود أميركية- فرنسية، نزاعاً امتد لأكثر من عام بين "حزب الله" وإسرائيل، بدأ مع إعلان الحزب فتح "جبهة إسناد" لقطاع غزة غداة اندلاع الحرب في القطاع في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتحوّل إلى حرب واسعة النطاق اعتباراً من سبتمبر (أيلول)، وأسفرت المواجهة عن مقتل الآلاف في لبنان وتسببت في نزوح جماعي على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الخميس أنه قصف جواً "منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين الصواريخ المتوسطة المدى في جنوب لبنان".
إطلاق نار
في اليوم الثالث من وقف إطلاق النار، واصلت القوات الإسرائيلية اليوم الجمعة عملياتها في قرى حدودية جنوب لبنان مطلقة القذائف والنيران على بلدات عدة.
وأطلق جنود إسرائيليون اليوم النار على سكان بلدة الخيام قرب الحدود، أثناء تشييع أحد أبناء البلدة، وفق ما أفادت به "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية.
وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي من جهتها لوكالة الصحافة الفرنسية رداً على سؤال حول إطلاق النار على السكان، إنه "خلال الساعات القليلة الماضية كانت قوات الجيش الإسرائيلي تعمل على إبعاد مشتبه بهم في منطقة الخيام جنوب لبنان"، وأضافت "يستمر الجيش الإسرائيلي في الانتشار في جنوب لبنان دفاعاً عن دولة إسرائيل وقوات الجيش الإسرائيلي".
كما توغلت أربع دبابات إسرائيلية "في الحي الغربي من بلدة الخيام" اللبنانية الحدودية، وفق "الوكالة الوطنية".
وقالت الوكالة إن الجيش الإسرائيلي قصف بلدات طلوسة ومركبا وبني حيان، وقام بأعمال جرف للبيوت والأراضي في بلدة مركبا، وأفادت بأن دبابة "ميركافا" قصفت منزلاً في خراج برج الملوك محلة تل نحاس.
وأضافت "الوكالة الوطنية" إنه رصدت جرافات إسرائيلية تجرف وتقتلع أشجار زيتون، قرب منطقة العبارة قبالة الجدار في بلدة كفركلا.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي اليوم الجمعة إنه يحظر على السكان اللبنانيين الانتقال جنوباً لخط من القرى ومحيطها حتى إشعار آخر، وفي منشوره الأحدث دعا أدرعي السكان اللبنانيين إلى عدم العودة لأكثر من 60 قرية جنوبية، وقال إن "كل من ينتقل جنوب هذا الخط يعرض نفسه للخطر".
بدورها دعت بلدية ميس الجبل في بيان سكانها إلى عدم التوجه إلى البلدة حالياً نظراً إلى خطورة الدخول إليها، وإطلاق الجيش الإسرائيلي "النار والقذائف المدفعية على أحياء وشوارع البلدة بهدف استهداف أي تحرك مدني في المنطقة الحدودية، ونظراً إلى وجود ألغام وعبوات وقذائف غير منفجرة في البيوت والأحياء ووجود بعض المنازل التي ما زالت مفخخة وقد تنفجر في أية لحظة، ونظراً إلى إغلاق شوارع البلدة بالركام والعوائق".
ماكرون يدعو إلى وقف الانتهاكات
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الوقف "الفوري" لكل "الأعمال التي تنتهك" وقف إطلاق النار الساري في لبنان منذ فجر أول من أمس الأربعاء، وفق ما أعلن قصر الإليزيه اليوم.
وخلال مكالمتين هاتفيتين أمس الخميس مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، دعا ماكرون "جميع الأطراف إلى العمل على التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار هذا" بين لبنان وإسرائيل، مشدداً على أن "جميع الأعمال التي تخالف هذا التطبيق الكامل يجب أن تتوقف فوراً".
بدوره أكد المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان اليوم في ختام زيارة لبيروت الحاجة الملحة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، خلال الجلسة التي دعا إليها بري في التاسع من يناير (كانون الثاني). وقال لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم قبل رحيله، "جئت إلى لبنان فور إعلان وقف إطلاق النار لإبداء دعم فرنسا لتطبيقه بالكامل، ولتأكيد الضرورة الملحة لانتخاب رئيس للجمهورية واستئناف العملية المؤسساتية".
"مشتبه بهم"
وذكرت إسرائيل أنها فتحت النار أمس على من وصفتهم بأنهم "مشتبه بهم" قدموا في مركبات وصلت إلى مناطق عدة في جنوب لبنان، وقالت إن هذا يمثل خرقاً للهدنة مع "حزب الله" التي دخلت حيز التنفيذ يوم الأربعاء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أمس الخميس أن سلاح الجو قصف منشأة يستخدمها "حزب الله" لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان، في أول هجوم من نوعه منذ سريان وقف إطلاق النار صباح أول من أمس الأربعاء.
واتهم الجيش اللبناني في وقت سابق إسرائيل بانتهاك وقف إطلاق النار مرات عدة، يومي الأربعاء والخميس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اتفاق الهدنة
كما اتهم حسن فضل الله النائب البرلماني عن "حزب الله" إسرائيل بانتهاك اتفاق الهدنة، وقال فضل الله للصحافيين "العدو الإسرائيلي يعتدي على العائدين للقرى الأمامية".
ويعكس تبادل الاتهامات هشاشة وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا لإنهاء الصراع الذي اندلع بالتوازي مع الحرب في غزة، ومن المقرر أن تستمر الهدنة 60 يوماً على أمل التوصل إلى وقف دائم للأعمال القتالية.
قذيفة وحذر
ميدانياً سقطت قذيفة مدفعية إسرائيلية اليوم على الخيام (جنوب)، كما يقوم الجيش الإسرائيلي بين الحين والآخر بعمليات تمشيط بالأسلحة الرشاشة.
وتعيش قرى قضاءي صور وبنت جبيل حالاً من الحذر والترقب بعد دخول اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار، ويعود هذا الحذر لمنع الأهالي من دخول القرى المتاخمة للحدود الدولية مع إسرائيل، وبعمق ثلاثة كيلومترات، ويقدر عدد هذه القرى بـ20 قرية تضاف إليها مدينة بنت جبيل.
وأهم العقبات التي تواجه عدداً من العائدين هي المنازل المدمرة، إذ إن عدداً من القرى والبلدات مسحت بالكامل في وقت توجد في مدينتي صور وبنت جبيل أحياء مدمرة لا وجود لها.
الحرب في غزة ولبنان
وسط هذه الأجواء أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداده لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ولكنه لن يوافق على إنهاء الحرب في القطاع "لأن حركة حماس لم تفكك بعد". وأوضح نتنياهو أن "إنهاء الحرب في غزة هو إنجاز مختلف مقارنة بإنهاء حرب إسرائيل ضد حزب الله في لبنان، حيث لدينا هدفان مختلفان". وقال "في الشمال كان الهدف هو منع التسليح وفي الجنوب القضاء على حماس"، مشيراً إلى أن "إسرائيل قادرة على منع الأسلحة من دخول لبنان عبر سوريا، وذلك من خلال قصف سوريا ومعابرها الحدودية مع لبنان، وفي سوريا قلت للرئيس بشار الأسد أنت تلعب بالنار".
وتابع "الاتفاق مع لبنان تم توقيعه الآن تحديداً لأننا حققنا ما أردنا تحقيقه"، موضحاً أنه "إذا لزم الأمر فقد أصدر تعليماتي للجيش الإسرائيلي بالاستعداد في حال حدوث انتهاك لهذه الخطوط العريضة لوقف إطلاق النار لحرب كثيفة". وأضاف "أن إسرائيل لا تستطيع أن تفعل الشيء نفسه مع غزة، لأن لديها اتفاق سلام مع مصر التي تحد قطاع غزة من الجنوب".
وبموجب اتفاق وقف النار، أكد الجيش اللبناني أنه بدأ بتعزيز انتشاره في جنوب لبنان خصوصاً المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني الواقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود. وينصّ الاتفاق على حصر الوجود المسلح في هذه المنطقة بالجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل).
وقال مسؤول أميركي للصحافيين مشترطاً عدم الكشف عن هويته، إنّ الجيش الإسرائيلي يبقى في مواقعه بموجب الاتفاق، ولكن "ستنطلق فترة مدّتها 60 يوماً يبدأ خلالها الجيش اللبناني وقوات الأمن الانتشار باتجاه الجنوب".
وخلال هذه المدة، يتعيّن على إسرائيل الانسحاب تدريجاً من دون ترك فراغ يمكن لـ"حزب الله" أو تنظيمات مسلحة استغلاله.