Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جبال مارغالا: جمال طبيعي يخفي تاريخا دمويا

كانت تشكل حصناً للحضارات القديمة وتحتاج إلى الحماية من التجاوزات البيئية اليوم

جبال مارغالا الجذابة تطل على العاصمة الباكستانية من خلف مسجد الملك فيصل الشهير (علي مجتبى - اندبندنت أوردو)

ملخص

انتشرت الحضارة التي تطورت عند سفوح جبال مارغالا من تيكسلا إلى سوات وبيشاور وأصبحت مركز اهتمام العالم قبل آلاف السنين، واليوم يقع البرلمان الباكستاني في أكناف مارغالا ويحكم رئيس الوزراء الباكستاني من الموقع نفسه الذي كان يحكم منه حكماء مثل تشاناميا وأشوكا.

تتميز العاصمة الباكستانية إسلام أباد بالطبيعة الخلابة التي تضيف على الجمال العمراني للمدينة وتجعلها من أبهى العواصم في العالم، ولعل أهم ما يجذب النظر إليها هي سلسلة الجبال الخضراء الضخمة المشرفة على معالمها وأبنيتها.
جبال مارغالا، التي تسمى بـ "أقدام هيمالايا"، تحتفظ في كهوفها بتاريخ دموي طويل، إذ كانت تشكل حصناً طبيعياً للحضارات القديمة. وبحسب الباحثين فإن السلسلة الجبلية تكونت قبل ما يقارب 40 إلى 50 مليون عام، عندما اصطدمت الصفائح الأرضية للمنطقة بقارة آسيا لتتشكل جبال الهيمالايا العملاقة. ووجد الباحثون آثار حياة بحرية على هذه الجبال مما يشير إلى أنها كانت تحت سطح البحر قبل التغييرات الجيولوجية. وتمتد سلسلة جبال هيمالايا اليوم على مساحة 2900 كيلومتر بين أربع دول هي باكستان والهند والصين ونيبال.
وتقع هذه الجبال على بعد نحو 37 كيلومتراً فقط من مدينة تيكسلا التي كانت مهد العلم والفن في حضارة غاندارا في القرن الخامس قبل الميلاد. ويقترن ذكر مدينة تيكسلا في كتب التاريخ بجامعة "تيكسلا"، إحدى أقدم جامعات العالم، ومنهل الطلاب في علوم الطب والتنجيم والتعاليم البوذية.
وشكلت جبال مارغالا حصناً طبيعياً لحضارة "غاندارا" التي ذاع صيتها في أرجاء العالم، لكنها لم تستطع الوقوف في وجه عاصفة شعب الـ "هون" من الشمال التي أكلت الأخضر واليابس، وأحرقت المدن العظيمة، ودمرت كل ما أتى في طريقها من مدن وجماعات، ليندثر ذكر غاندارا من على وجه الأرض حتى يأتي الباحثون في القرون المتأخرة ويكتشفوا بعض آثارها الدالة على عظمتها.

 

مصدر الإسم

وبحسب بعض النظريات، فإن مارغالا أخذت اسمها من راجا غولا، أحد زعماء قبيلة "هون"، وابن مؤسسها تورمان، الذي أقام احتفالاً كبيراً بعد طمس آثار تيكسلا على سفوح الجبال وضحى بآلاف البشر أمام إله الشمس، وأقام مركز حكومته هناك وسماها ماهر غولي والي الذي أصبح في ما بعد مارغالا. وقد نقل اسم ماهر غولي السياح الصينيون القدماء إلى هذه المنطقة.
وبحسب رواية مؤلف كتاب راج تارانجاني، بانديت كالهان، فإن عبادة القمر بدأت للمرة الأولى على هذه الجبال وكان هناك معبد يسمى "ماريكالا"، "ماري" تعني مكان العبادة و"كالا" تعني القمر، لتصبح "ماري كالا" في ما بعد مارغالا.

الحضارات

وتقول رواية أخرى إن الغزاة الذين أتوا من الغرب اضطروا إلى التضحية بآلاف من جنودهم أثناء عبور هذه الجبال لأن القبائل المحلية كانت تنصب لهم مكامن وتقتلهم ليلاً. ويؤيد هذه الرواية الإمبراطور المغولي جهانغير في يومياته "تزك جهانغيري" إذ يقول فيها "دخلت الإثنين النزل المعروف باسم خربوزا، وينبع هذا الطريق من ممر مارغالا، مار تعني قاطع الطريق باللغة الهندية بينما تعني غالا القافلة، ومن ثم فإن مارغالا تعني المكان الذي يُسطى فيه على القوافل. هذا الممر هو حدود أراضي الغخارات الذين هم دائماً على خلاف مع بعضهم بعضاً". وبحسب المؤرخ منصور الحق صديقي، فقد اكتُشفت آثار 11 حضارة حول مارغالا، عُثر على بعض منها، مثل الأخمينية واليونانية والموريانية. استقرت هذه الحضارات على الجانب الآخر من مارغالا وكانت هذه الجبال تشكل ملاذها الطبيعي. وتوجد آثار طريق جبلي من مارغالا نحو مدينة تيكسلا، ويقع هناك برج مراقبة مهجور أيضاً وآثار مسجد قريب يشير إلى أن الفتح الإسلامي وصل إلى هنا أيضاً. وقد بُني البرج كنقطة أمنية حيث تضاء المصابيح ليلاً لمساعدة المسافرين والتسهيل عليهم أثناء السفر. وفي حال وجود خطر محتمل يخبر الجندي أصحاب المدينة ليستعدوا.
وانتشرت الحضارة التي تطورت عند سفوح جبال مارغالا من تيكسلا إلى سوات وبيشاور وأصبحت مركز اهتمام العالم قبل آلاف الأعوام، واليوم يقع البرلمان الباكستاني في أكناف مارغالا ويحكم رئيس الوزراء الباكستاني من الموقع نفسه الذي كان يحكم منه حكماء مثل تشاناميا وأشوكا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الحفاظ على البيئة وبناء النفق

وأمرت المحكمة العليا في باكستان قبل أشهر بإزالة مطعم مشهور كان يقع داخل حدود منتزه جبال مارغالا الوطني من أجل الحفاظ على البيئة الطبيعية. لكن في الوقت نفسه يُتجاهل الجزء الآخر من جبال مارغالا التي تقع خارج حدود العاصمة، حيث تُبنى منشآت كبيرة فيها من دون أن يتطرق إليها أحد. وفي عام 2012 قال مطور العقارات، ملك رياض، إنه في حال السماح ببناء نفق يمر من جبال مارغالا ويصل إلى الجانب الآخر منها، حيث تُبنى مدينة أخرى مثل إسلام أباد، فإنه سيساعد على تعافي الاقتصاد المحلي للأعوام المقبلة.

"عاصمة مزدوجة"

ونفذت وكالة التنمية الفيدرالية الاقتراح على الورق في عام 2013، وقدمت خطة "عاصمة مزدوجة" تشمل شق نفق من مارغالا إلى مدينة هاريبور، بينما يُطور طريق إسلام أباد السريع، على خطى طريق الشيخ زايد في دبي، كما تُبنى منطقة اقتصادية قرب العاصمة تحوي مطاراً للشحن.
من جانب آخر يبدي الناشطون تحفظاتهم على مثل هذه المشاريع بسبب آثارها السلبية في البيئة. وشددت الناشطة المدنية "جايا" أثناء حديثها مع "اندبندنت أوردو" على استبدال مشاريع سكنية مخططة وصديقة للبيئة بالمستوطنات العشوائية. وتضيف، "إذا لم تُفرض حال الطوارئ البيئية في إسلام أباد فإنها ستصبح مثل مدينة لاهور، التي تعاني الضباب الدخاني، في غضون أعوام قليلة. هناك كثير من خطط المشاريع على الجانب الآخر من مارغالا، حيث سيُبنى ميناء جاف وسكة حديد تمتد إلى الصين. لذلك فإن المنطقة الواقعة على الجانب الآخر من التلال ستصبح مركزاً اقتصادياً، إذا لم يُبنَ النفق اليوم فسيتعين بناؤه غداً، علينا أن نستبق ذلك ونقوم باللازم لجعل هذه المشاريع مطابقة لمعايير الحفاظ على البيئة".
وعلق متخصص السياحة الزراعية مظهر إقبال على خطة بناء مدينة محاذية للعاصمة الباكستانية، بأن "70 في المئة من مناطق إسلام أباد تعاني نقصاً حاداً في المياه وسط زيادة في التلوث، لذلك بدأت النخب تنتقل إلى المناطق المجاورة حيث تُبنى قصور كبيرة، ويتبعهم في ذلك عامة الناس. وإذا لم تُوضع اللوائح البيئية اللازمة في المناطق المجاورة فإنها ستصبح عرضة للتلوث أيضاً".

نقلًا عن "اندبندنت أوردو"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير