ملخص
كان الجيش اتخذ "أم القرى" عقب سيطرته عليها في الثاني من أغسطس منصة لانطلاق مدفعيته وصواريخه تجاه بقية مناطق ولاية الجزيرة.
تمكنت قوات "الدعم السريع" اليوم السبت، من استرداد منطقة "أم القرى" (40 كيلومتراً من ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة)، بعد هجوم واسع شنته على المنطقة من ثلاثة اتجاهات، مما أجبر الجيش السوداني على الانسحاب إلى ولاية القضارف التي تقع شرق البلاد.
وكان الجيش اتخذ "أم القرى" عقب سيطرته عليها في الثاني من أغسطس (آب) منصة لانطلاق مدفعيته وصواريخه تجاه بقية مناطق ولاية الجزيرة.
وبث أفراد تابعون لقوات "الدعم السريع" مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي بكامل عتادهم وأسلحتهم من أمام مقر محلية "أم القرى"، إذ يلوحون بعلامة النصر وسط أهازيج من الفرح تأكيداً لسيطرتهم على المنطقة بعد طرد قوات الجيش منها.
آخر الحروب
وقال بيان صادر عن "الدعم السريع" على منصة "فيسبوك"، "ألحق أشاوس قوات (الدعم السريع) اليوم هزيمة ساحقة بميليشيات البرهان وكتائب الحركة الإسلامية ومرتزقة الحركات بمنطقة أم القرى في ولاية الجزيرة، وتمكنوا من تحرير المنطقة وبسط سيطرتهم عليها بالكامل".
وأضاف البيان، "تمكنت قواتنا من تسلم عدد 40 عربة قتالية بكامل عتادها ودبابة وكميات من المدافع المختلفة والذخائر، وتدمير عدد 2 دبابة ومقتل أكثر من 270 من عناصر العدو".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأردف، "الانتصارات العظيمة التي حققها الأشاوس في منطقة أم القرى ومحاور الجزيرة المختلفة ستستمر في جميع جبهات القتال حتى تحرير كامل الوطن من عصابة الحركة الإسلامية الإرهابية وجيشها المؤدلج الذي أغرق السودان في الحروب لمصلحة الدولة القديمة".
وأكد البيان عزم "الدعم السريع" على جعل هذه الحرب آخر الحروب السودانية، وبناء السودان على أسس جديدة عادلة ترفع الظلم والتهميش عن جميع الشعوب السودانية.
وبحسب مرصد "أم القرى" فإن قوات "الدعم" شنت هجوماً كبيراً على هذه المنطقة من ثلاثة محاور، استطاعت من خلاله التوغل داخل المدينة مع انسحاب القوات المسلحة وقوات "درع السودان" المتحالفة معها من المدينة، في حين شن الطيران الحربي التابع للجيش غارات على كامل المنطقة استهدفت القوات المهاجمة.
وأشارت مصادر عسكرية إلى انسحاب الجيش وحلفائه من منطقة "أم القرى" في أعقاب الهجوم الواسع الذي نفذته "الدعم السريع" مستخدمة المسيرات الانتحارية والأسلحة الثقيلة، فضلاً عن تعزيز قواتها بمقاتلين من منطقة شرق النيل بولاية الخرطوم.
كر وفر
من جانبه أفاد المراقب العسكري المقدم عبدالعظيم محمد أن "ما يحدث في هذه الحرب لا يعدو أن يكون انتصارات موقتة، لأنها حرب عبثية بامتياز تعتمد على عملية الكر والفر، من ثم فلن يكون فيها منتصر مهما طال الوقت، فالطرفان الآن يتبادلان المواقع لفترات محددة لعدم قدرتهما على الصمود نتيجة عوامل عديدة".
وتابع محمد لـ"اندبندنت عربية"، "المشكلة أن القوتين المتحاربتين بلغتا مرحلة الإنهاك نظراً إلى طول فترة الحرب التي استمرت أكثر من 19 شهراً ولا تزال تدور في حلقة مفرغة، فالجيش قوته الضاربة في الطيران الحربي فحسب، ومعروف أنه لا يستطيع حسم معركة خصوصاً المعارك التي تدور داخل المدن، فضلاً عن أن أفراد (الدعم السريع) أصبحوا أكثر احترافية في التعامل مع الغارات الجوية وكيفية تفادي خسائرها. وفي المقابل تعاني (الدعم) من مشكلات عديدة تجعل من الصعوبة بمكان السيطرة على كل أراضي السودان".
وأوضح أنه بحسب طبيعة منطقة الجزيرة بوسط السودان، فإن القتال فيها سيأخذ وقتاً لأنها أرض مكشوفة، من ثم تعتمد المعركة على التكتيك العسكري وسرعة الحركة وكثافة النيران، وليس من السهل على أي طرف التقدم في كل المحاور بوتيرة واحدة.
ولفت المراقب العسكري إلى أن هذه الحرب هي خسارة للمواطن والدولة السودانية، ويجب على الطرفين العمل على إيقافها بأسرع وقت وإلا ستستمر خسائرها على الجميع.
مواجهات طاحنة
وكانت مناطق "أم القرى" ومحيط قرية "ود المهيدي" التي تبعد 15 كيلومتراً من عاصمة ولاية الجزيرة شهدت يومي الخميس والجمعة معارك ومواجهات بين الطرفين خصوصاً على محور شرق الجزيرة اتسمت بالعنف والكر والفر وكثافة نيران المدفعية، إذ تقدمت قوات الجيش وقوات "درع السودان" التي يقودها القائد المنشق عن "الدعم السريع" أبو عاقلة كيكل داخل مزيد من مناطق محلية "أم القرى".
وخاضت قوات "درع السودان" الموالية للجيش معارك كبيرة في محور شرق وغرب مدينة "أم القرى"، وتمكنت من كسر شوكة "الدعم السريع" في منطقة "ود الأبيض" ووصلت حتى "ود المهيدي"، وفتحت المسارات أمام قوات الجيش القادمة على محور "الخياري" من الشرق، وتأمين المناطق التي جرى تنظيفها من قوات "الدعم" بمنطقة "أم القرى".
وتطورت الأحداث في جبهة ولاية الجزيرة عقب انضمام قائد قوات "الدعم السريع" بالولاية أبوعاقلة كيكل الذي يقود قوات "درع السودان" إلى الجيش السوداني، إذ قادت قوات "الدعم" ما وصفت بأنها حملات انتقامية في مناطق شرق الجزيرة التي ينتمي إليها كيكل.
وتقع "أم القرى" في سهل البطانة الذي يحازي ولايات القضارف والخرطوم ونهر النيل، مما يجعل سيطرة "الدعم السريع" عليها مجدداً محل تهديد أمني لتلك الولايات.
وينفذ الجيش هجوماً من ثلاثة محاور من أجل السيطرة على مدينة ود مدني، لكن ظل المحور الشرقي يتعرض على الدوام لهجمات قاصمة من "الدعم السريع" نظراً إلى طبيعة المنطقة المكشوفة والخالية من الموانع الجغرافية.
وتعتمد قوات "الدعم" في هجماتها على ما يعرف شعبياً باسم "الفزع"، بأن تحشد مجموعات كبيرة من القوات في هجمات خاطفة مع كثافة نارية عالية، بينما يشارك الطيران الحربي التابع للجيش السوداني بكثافة في المعارك الأخيرة شرق ولاية الجزيرة.