بعدما التقى رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بافون مع المرشح للانتخابات الرئاسية المسجون نبيل القروي في السجن المدني بتونس، وذلك بناء على طلب من رئيس الهيئة للبحث مع المرشح سبل تمكينه من حقه في مخاطبة ناخبيه بإجراء حوار تلفزيوني مع إحدى المحطات التلفزيونية المحلية، تقدم رئيس الهيئة العليا للانتخابات بطلب للقاضي المكلف بملف المرشح القروي يسأله السماح له بإجراء هذا الحوار، ضماناً لتكافؤ الفرص بين المرشحين.
القضاء وفي خطوة مفاجئة جديدة، رفض طلب رئيس الهيئة ومنع إجراء أي حوار مع المرشح من داخل أسوار السجن. وبذلك، أضاف حلقة جديدة من أزمة تتصاعد بخصوص إجراء الانتخابات الرئاسية وضمان النزاهة والمساواة بين المرشحين.
المحامي عبد العزيز الصيد، محامي المرشح نبيل القروي نشر وثيقة لقرار قاضي التحقيق تؤكد رفضه إجراء حوار تلفزيوني مع القروي.
وقال الصيد إن "قاضي التحقيق يصدر قراراً بعدم الترخيص لإجراء حوار تلفزيوني مع المرشح نبيل القروي... أصبح الآن ثابتاً أن الدور الثاني للانتخابات الرئاسية سيتم يوم 13 أكتوبر من دون مناظرة تلفزيونية بين المرشحين ومن دون حوار مصوّر… وإن كنت أتفهم هذا القرار من الناحية القانونية… إلاّ أنّني كنت أنتظر من السيد القاضي اجتهاداً استثنائياً لحلّ إشكال استثنائي".
قرار سيعقد الأزمة
المحلل السياسي المنذر ثابت قال تعليقاً على القرار إن هناك معايير دولية في علاقة الانتخابات بالديمقراطية والشفافية، وهو معيار المساواة في الفرص والحظوظ بين المرشحين، ما لم يتوفر في الحالة الراهنة، بل لم يتوفر منذ الدور الأول، إذ لم يتمكن المرشح نبيل القروي من خوض غمار الحملة الانتخابية والاتصال بأنصاره وأعضاء حزبه، وخصوصاً لم يتمكن من مخاطبة الرأي العام لعرض برامجه وآرائه للناخبين.
واعتبر ثابت أن هذا القرار يخلق إشكالاً يتعلق بالمسار الانتخابي، مضيفاً "لا أفهم كيف القضاء لا يتفاعل مع قضية على علاقة بالأمن القومي لتونس".
وتابع أن "القضاء حتى إن كان ملزماً بقوانين وإجراءات، فهو مؤسسة يحكمها وعي باستحقاقات وطنية، وباب الاجتهاد والتأويل مفتوح كما هي الحال بالنسبة إلى إطلاق سراحه بكفالة، وسبق أن حصل ذلك في دول راسخة في الديمقراطية مثل القضاء الفرنسي الذي يعطّل إجراءات الإيقاف في علاقة بمرشحين، بل يذهب إلى حد إطلاق سراح شخصيات متورطة بقضايا خطيرة. ومن المفترض أن يتفاعل القضاء مع المسائل ذات الصلة بالمصلحة العامة. وباعتقادي أن المسألة تبقى في الأساس، مسألة ضغط سياسي ومناخ عام يمنع القضاء من أن يجتهد وأن يحل هذه الأزمة الخطيرة التي قد تنهي مسار الانتقال الديمقراطي برمته".
تجن على حقوق الناخبين
واعتبر الإعلامي حافظ النيفر أن حرمان القروي من إجراء لقاء تلفزيوني، هو تثبيت لعدم تكافؤ الفرص بين المرشحين ومن حق أنصاره الاستماع إلى مرشحهم عبر وسائل الإعلام المرئية وليس المكتوبة، موضحاً أن هذا القرار قد يخلق أزمة تقود إلى الطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 13 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، خصوصاً أن عدم تكافؤ الفرص يمسّ بنزاهة العملية الانتخابية وربما تنتج منه أزمة كان بالإمكان تجاوزها، بعيداً من تأجيج الصراعات التي لا طائل منها.
واعتبر رئيس الجمهورية بالنيابة محمد الناصر، في كلمة وجّهها إلى الشعب التونسي، أنّ هذه المحطّة الانتخابية محلّ الأنظار على المستويَيْن الدولي والعربي، وهي مصيرية ستحدد قيادة تونس في السنوات المقبلة.
وأعرب الناصر مجدداً عن قلقه حيال تأثير وضعيّة المرشح القروي في مجريات الانتخابات، واصفاً هذا الوضع بالغريب وذي تداعيات خطيرة على صدقية الانتخابات والمسار الديمقراطي، باعتبار أن القروي موجود في السجن، وتالياً غياب مبدأ تكافؤ الفرص بينه والمرشح قيس سعيد.