ملخص
وعلى رغم تباطؤ المعدل فان نمو التجارة العالمية هذا العام يأتي نتيجة النمو في قطاع الخدمات أكثر منه في تجارة السلع والبضائع
على رغم التوجهات الحمائية التي بدأت عقب أزمة وباء كورونا واضطراب سلاسل التوريد والإمداد العالمية، تواصل التجارة العالمية النمو وإن بمعدلات بطيئة. ويقدر أن تصل خلال العام الحالي إلى مستوى غير مسبوق يفوق معدلاتها في عام 2022، بحسب ما يخلص إليه تحديث مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) عن وضع التجارة العالمية الصادر هذا الأسبوع.
واستناداً إلى نمو التجارة العالمية خلال الربع الثالث من العام، بمعدل ربع سنوي وبالمعدل السنوي، يتوقع التقرير أن تضيف التجارة العالمية بنهاية هذا العام (بعد أرقام الربع الرابع الذي ينتهي بنهاية هذا الشهر) ما يصل إلى تريليون دولار ليصل حجم التجارة العالمية هذا العام إلى 33 تريليون دولار، أي بزيادة سنوية بنسبة 3.3 في المئة. ومن البيانات والأرقام التي تضمنها التقرير يتضح أن النمو خلال الربع الثالث يرجع في معظمه إلى نمو التجارة للدول المتقدمة. ولم تحقق التجارة للدول النامية والصاعدة نمواً كبيراً بينما توقف نمو التجارة تقريباً في منطقة شرق آسيا.
وعلى رغم تباطؤ المعدل فان نمو التجارة العالمية هذا العام يأتي نتيجة النمو في قطاع الخدمات أكثر منه في تجارة السلع والبضائع. وهناك تباطؤ شديد أو حتى تراجع في التجارة بالنسبة إلى قطاعات مختلفة، لكن النمو الأكبر يظل في قطاع الاتصالات والمعلومات، بما في ذلك تجهيزات المكاتب إضافة إلى التجارة في الملابس والأزياء. أما أكثر القطاعات التي تراجعت التجارة فيها كانت قطاع السيارات ووسائل النقل.
توجهات وتحديات
ويتوقع التقرير أن تواصل التجارة العالمية نموها خلال الربع الرابع والأخير من العام الحالي، على أن يستمر النمو خلال عام 2025 على رغم التحديات المنتظر نتيجة تغير السياسات الأميركية لإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، ومن ثم يصعب القول إلى أي مدى تتجاوز التجارة العالمية تلك التحديات إلى أن يعرف مداها ونطاقها وتأثيرها كاملاً.
وحققت التجارة العالمية خلال الربع الثالث معدل نمو ربع سنوي بنسبة 1.5 في المئة للسلع والبضائع، بينما حققت التجارة في الخدمات نمواً بنسبة واحد في المئة لتلك الفترة. أما بالمعدل السنوي، فيتوقع التقرير أن تحقق التجارة في الخدمات نمواً سنوياً لهذا العام بنسبة سبعة في المئة، على أن تحقق التجارة في السلع والبضائع نمواً بنسبة اثنين في المئة، لتظل أدنى من أعلى مستوى نمو وصلت إليه عام 2022.
ومع أن أسعار السلع والبضائع ارتفعت قليلاً خلال الربع الثالث من هذا العام، فإن تقرير (أونكتاد) يتوقع أن تظل مستقرة في الربع الرابع ولا تشهد أي تغيير كبير في معدل الزيادة السنوية. وبصورة عامة يظل معدل التضخم في التجارة العالمية قرب الصفر خلال النصف الثاني من هذا العام على رغم التوجه الإيجابي في المعدل السنوي.
ومنذ منتصف العام الماضي كان نمو التجارة للدول النامية والصاعدة أكبر منه للدول المتقدمة، لكن هذا التوجه تغير خلال الربع الثالث من هذا العام، ليصبح نمو التجارة للدول المتقدمة أكبر. ومن أهم المؤشرات أن الاقتصادات النامية والصاعدة في آسيا شهدت تراجعاً في نمو التجارة، بينما توقف النمو تماماً تقريباً لمنطقة شرق آسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما تفوق التجارة في الخدمات على التجارة في السلع والبضائع من حيث النمو فربما يعود إلى ارتفاع أسعار الخدمات عالمياً بصورة عامة. ويتوقع التقرير استمرار معدل النمو الإيجابي خلال الربع الأخير من هذا العام، مع إسراع الشركات والأعمال للتخلص من إنتاجها ومخزوناتها قبل أن تبدأ حروب تجارية محتملة خلال عام 2025، مع فرض إدارة ترمب رسوماً وتعرفة جمركية على الشركاء التجاريين حول العالم وبخاصة على الصين.
تباين المناطق والقطاعاتالحرب
بالنسبة إلى توقعات عام 2025 فهي تبدو إيجابية على رغم الحروب التجارية المتوقعة وبخاصة بين أميركا والصين، وفي مناطق أخرى مثل ما هو متوقع من فرض رسوم كبيرة على صادرات المكسيك وكندا للولايات المتحدة أيضاً. فمعدلات التضخم تتراجع عالمياً، وهناك تفاؤل في معدلات النمو الاقتصادي وإن بصورة بطيئة ومن ثم فنشاط الشركات والأعمال مستمر في الزيادة، مما يعني استمرار نمو التجارة العالمية حتى ولو بمعدلات أقل.
ويخشى أيضاً أن يشهد عام 2025 إلى جانب السياسات الحمائية المتزايدة نتيجة الإجراءات العقابية، رداً على السياسات الأميركية، مزيداً من تقديم الدعم للسلع والبضائع والخدمات المحلية مما يؤثر ليبا على التصدير والاستيراد، وبخاصة في أميركا الشمالية ودول الاتحاد الأوروبي.
ومنذ أزمة وباء كورونا زاد تفضيل الدول التجارة مع نظيرتها المقربة منها في السياسات وغيرها، في ما عرف بمصطلح "التجارة الجيواقتصادية"، ومع أن ذلك التوجه استقر الآن إلى حد ما إلا أنه مرشح للاستمرار مما يعني تباينا في نمو التجارة بالنسبة إلى مناطق العالم المختلفة. كما أن استمرار التوترات الجيوسياسية حول العالم واحتمالات تصاعدها يمكن أن يؤثر سلباً في نمو التجارة داخل بعض المناطق، ومن ثم على التجارة العالمية ككل.
ومن التحديات التي يمكن أن تواجه نمو التجارة العالمية خلال عام 2025 استمرار التباين في القطاعات المختلفة. فعلى رغم أن قطاع الاتصالات والمعلومات يظل قائد النمو في التجارة العالمية فإن تراجع التجارة في قطاعات أخرى ربما أثر سلباً على معدل النمو بصورة عامة. ومن تلك القطاعات التي تشهد تراجع التجارة فيها السيارات ووسائل النقل والكيماويات والمعادن والطاقة والنسيج وبعض منتجات الصناعات الأخرى.