في زمن تسيطر فيه التقنية الرقمية على حياتنا اليومية ظهر مصطلح جديد يحمل دلالات مقلقة "تعفن الدماغ" Brain Rot أطلقته جامعة أكسفورد في عام 2024، ليصف التأثيرات السلبية الناتجة من الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي والفيديوهات القصيرة والمحتوى التافه في وظائف العقل البشري.
وفي ملف صوتي مع "اندبندنت عربية"، أوضح الطبيب السعودي فهد العريفي أن مصطلح "تعفن الدماغ" يعبر عن التأثيرات السلبية البالغة التي يتعرض لها الدماغ، نتيجة الإدمان والاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار العريفي إلى أن هذه الحال ترتبط بتغيرات ملموسة في بنية الدماغ، بخاصة في المادة الرمادية المسؤولة عن أعقد العمليات الدماغية، لافتاً إلى أن هناك دراسات علمية عدة، أبرزها دراسة أجريت في ألمانيا، أظهرت أن هناك اضمحلالاً في المادة الرمادية من دماغ الإنسان لدى مدمني التقنية الرقمية، وهي حال كانت تُلاحظ في السابق مع التقدم في السن.
وأضاف أن الأشعة المغناطيسية الوظيفية كشفت عن تغيرات في أدمغة مدمني الألعاب الإلكترونية وتصفح الإنترنت لساعات طويلة، تشبه تلك التي يعانيها الأشخاص المصابون باضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه، موضحاً بأن هذه التغيرات تؤثر في التركيز والعمل العميق، إضافة إلى الإرهاق الناتج من التفاعل المستمر مع المشاعر التي تثيرها مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الحزن والفرح والإثارة، ومع كل هذا ندفع ثمن هذه التفاعلات الكيماوية التي تحدث على مستوى الدماغ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبين الطبيب السعودي أن هذا الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي يُجهد الدماغ ويُضعف القدرة على التركيز وتذكر المعلومات، إذ إن مركز الذاكرة القصيرة في الدماغ غير مهيأ لاستقبال هذا الكم الهائل من البيانات، إذ يُقدر أن الإنسان يتعرض لأكثر من 100 ألف كلمة وصورة يومياً، ومع استمرار هذا النمط تقل قدرة الدماغ على تحويل المعلومات إلى الذاكرة الطويلة الأمد، مما يؤدي إلى ظهور مصطلح يسمى بـ"العمى المعلوماتي"، إذ يمر الشخص على المعلومة أكثر من مرة من دون إدراك أنه قد قرأها أو سمعها سابقاً، لأن العقل لم يأخذ الوقت الكافي لتخزينها أو ربطها بمعلومات أخرى يسهل استرجاعها.
واختتم العريفي حديثه بالتأكيد أن مصطلح "تعفن الدماغ" يمثل تحذيراً واضحاً من الآثار السلبية للإفراط في استخدام التقنية، داعياً إلى إيجاد توازن بين الاستفادة من التكنولوجيا وحماية صحة الدماغ.