Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد البريطاني يودع عاما من التقلبات التجارية والصناعية

من ارتفاع الشوكولاتة إلى انتعاش الذهب و"بيتكوين" وتراجع أسعار المساكن ونمو كلفة السيارات الكهربائية

شهد الناتج المحلي الإجمالي البريطاني انكماشاً غير متوقع بنسبة 0.1 في المئة في أكتوبر الماضي (رويترز)

ملخص

السؤال الذي يطرحه الاقتصاديون مع اقتراب نهاية العام هو ما إذا كانت بريطانيا تتجه نحو الركود

كان عام 2024 في عالم الأعمال بمثابة رحلة أفعوانية، إذ تميز بالتقلبات الحادة والتقلبات غير المتوقعة ولحظات من التفاؤل، بعدما شهدت الأسواق العالمية تقلبات حادة مع تأثير التوترات الجيوسياسية وضغوط التضخم وتغير سياسات أسعار الفائدة على المشهد الاقتصادي. وشهدت أسعار السلع الأساسية، خصوصاً في النفط والذهب، ارتفاعات وانخفاضات حادة، إذ كان المستثمرون يقيمون الأخطار والفرص في الوقت ذاته.

في الوقت نفسه برزت سوق بريطانيا كهدف رئيس للاندماجات والاستحواذات، إذ جذبت التقييمات المنخفضة اهتمام الشركات الخاصة والمستثمرين الأجانب. وعلى رغم التحديات، مثل تباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى وتعطل سلاسل التوريد، إلا أن بعض القطاعات مثل السيارات الكهربائية واصلت ازدهارها، ومع اقترابنا من نهاية العام، تتركز الأنظار على إمكان إجراء مزيد من التعديلات في السياسات النقدية وسرعة تعافي الاقتصاد.

صحيفة "التايمز" ألقت نظرة على الصعود والهبوط الأفعواني الذي قاد التجارة والصناعة خلال عام 2024.

ارتفاع أسعار الكاكاو

واجه عشاق الشوكولاتة كلفة أعلى للحصول على متعتهم الحلوة في عام 2024، إذ وصلت أسعار الكاكاو إلى مستويات قياسية جديدة، وتسببت الأحوال الجوية القاسية في غانا وساحل العاج، اللتين تنتجان ثلثي إمدادات الكاكاو العالمية، في أضرار جسيمة للمحاصيل، ففي بداية العام أدت الأمطار الغزيرة إلى انتشار مرض العفن الأسود، مما تسبب في تلف النباتات، تلاه جفاف زاد من تفاقم الأزمة.

ويعتمد إنتاج الكاكاو على ملايين المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، الذين يواجهون ارتفاعاً في كلفة الإنتاج وتحديات غلاء المعيشة، مما شكل عائقاً أمام تحسين الإمدادات. ووفقاً لبيانات "فاكت سيت"، بلغ سعر الكاكاو الآن نحو 10 آلاف دولار للطن، بعدما تضاعف أكثر من مرتين منذ بداية العام.

أسعار المساكن

أدى ارتفاع أسعار الفائدة في بداية العام إلى تفاقم تحديات القدرة على تحمل الكلفة، مما دفع أسعار المنازل في بريطانيا إلى المنطقة السلبية في مارس (آذار) الماضي، ومع ذلك فإن بدء خفض أسعار الفائدة أدى إلى تراجع تدريجي في معدلات الرهن العقاري. وبحلول نوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام ارتفعت أسعار المنازل بأسرع وتيرة لها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، بزيادة شهرية متوسطة قدرها 1.2 في المئة، وفقاً لبيانات مؤسسة "يشين وايد".

مع ذلك يتوقع المقرض تقلبات في السوق مع تسريع المشترين لعمليات الشراء لتجنب انخفاض عتبة ضريبة الدمغة، المقرر خفضها في أبريل (نيسان) الماضي، من 425 ألف جنيه استرليني (534.92 ألف دولار) إلى 300 ألف جنيه استرليني (377.58 ألف دولار) للمشترين للمرة الأولى، ومن 250 ألف جنيه استرليني (314.65 ألف دولار) إلى 125 ألف جنيه استرليني (157.35 ألف دولار)، ومع ذلك تتوقع مؤسسة "نيشين وايد" نمواً يراوح ما بين اثنين وأربعة في المئة في متوسط الأسعار خلال العام المقبل.

عملة "بيتكوين"

دفعت الآمال في أن يؤدي انتخاب دونالد ترمب رئيس جديد للولايات المتحدة إلى إدخال العملات المشفرة إلى الأسواق المالية السائدة، ودفعت عملة "بيتكوين" إلى ما يزيد على 100 ألف دولار للمرة الأولى.

تعهد ترمب، الذي كان في السابق من المشككين في العملات المشفرة، خلال حملته الانتخابية بجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة في العالم" وإنشاء "احتياط استراتيجي" من العملة المشفرة، ومنذ بداية العام تضاعف سعرها أكثر من مرة، وارتفع بأكثر من 50 في المئة منذ انتخاب ترمب.

قدم إطلاق صناديق الاستثمار المتداولة في "بيتكوين" من "بلاك روك" و"فيديليتي"، وهما من أكبر مديري الأموال في العالم، دفعة إضافية لـ"بيتكوين"، ومع ذلك لا يزال يواجه تشككاً في شأن إمكانيته في التوسع بصورة أكبر في النظام المالي.

أسعار النفط

عاشت سوق النفط رحلة مليئة بالتوترات، من حيث تقلبت الأسعار بصورة حادة في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، مما أثار المخاوف في شأن الإمدادات، وتراجع في الاقتصاد الصيني.

وتجاوز سعر "خام برنت"، المعيار الدولي، 90 دولاراً للبرميل في بداية أبريل الماضي، لكن بحلول ديسمبر (كانون الأول) كان يتداول قرب 74 دولاراً. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أجلت "أوبك+"، منظمة الدول المصدرة للنفط التي تقودها السعودية وروسيا، خططها لبدء تقليص خفض الإنتاج تدريجاً حتى أبريل المقبل دعماً للأسعار، وخططت لإعادة 2.2 مليون برميل يومياً إلى السوق بدءاً من يناير (كانون الثاني) القادم.

وعلى رغم رفع وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب العام المقبل إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإن التوقعات لا تزال غير مستقرة، إذ وصفت الوكالة السوق بأنه "مؤمن بصورة مريحة".

الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا

السؤال الذي يطرحه الاقتصاديون مع اقتراب نهاية العام هو ما إذا كانت بريطانيا تتجه نحو الركود، فقد شهد الناتج المحلي الإجمالي انكماشاً غير متوقع بنسبة 0.1 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو أقل من التوقعات بنمو بنسبة 0.1 في المئة من الاقتصاديين، مما يمثل الانخفاض الثاني على التوالي في الإنتاج.

أظهرت الأرقام المنفصلة من مكتب الإحصاءات الوطنية أن الاقتصاد البريطاني توقف في الربع الثالث من العام، إذ سجل نمواً صفرياً بين يوليو (تموز) الماضي، وسبتمبر (أيلول) من هذا العام، انخفاضاً من التقدير الأولي الذي كان يشير إلى نمو بنسبة 0.1 في المئة في الربع نفسه.

في ديسمبر الجاري رفعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وهي هيئة مقرها باريس تمثل الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، توقعاتها للاقتصاد البريطاني إلى نمو بنسبة 1.7 في المئة في العام المقبل، بزيادة عن التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى 1.2 في المئة، مما سيجعل بريطانيا واحدة من أفضل الاقتصادات أداء في مجموعة الدول السبع الصناعية (G7) ، وهذا سيضع البلاد في المقدمة مقارنة بمنطقة اليورو التي يتوقع أن تحقق نمواً بنسبة 1.3 في المئة وألمانيا بنسبة 0.7 في المئة في العام المقبل.

مبيعات السيارات الكهربائية

تجاوزت مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل التراجع الذي ضرب سوق السيارات بصورة عامة هذا العام، ففي نوفمبر الماضي ارتفعت التسجيلات للشهر الـ11 على التوالي إلى 38581 سيارة، وفقاً للبيانات الصادرة عن جمعية مصنعي وتجار السيارات، بزيادة بلغت 58 في المئة مقارنة بالعام السابق، مما جعل السيارات الكهربائية تشكل نحو ربع السوق الإجمالي.

وبلغت الزيادة الإجمالية منذ بداية العام 18 في المئة، متفوقة على انخفاض بنسبة 13 في المئة في تسجيلات السيارات التي تعمل بالديزل وثلاثة في المئة في السيارات التي تعمل بالبنزين.

ومع ذلك فإن زيادة المبيعات قد ترافق مع تخفيضات عميقة في أسعار السيارات الكهربائية من التجار، التي وصلت إلى أربعة مليارات جنيه استرليني (خمسة مليارات دولار)، ومع استشارة الحكومة البريطانية حول كيفية تحقيق هدف التخلص التدريجي من السيارات الجديدة التي تعمل بمحركات ديزل وبنزين بحلول عام 2030، يبقى السؤال ما إذا كانت هناك حوافز إضافية ستقدم لدعم مبيعات السيارات الكهربائية.

توقعات الذهب

مع استمرار الاضطرابات الجيوسياسية وتراهن المستثمرين على سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة، وصل سعر الذهب إلى أعلى مستوى قياسي له عند 2788 دولاراً للأونصة في أكتوبر الماضي، وتدفق المستثمرون نحو المعدن الثمين، الذي يعد ملاذاً آمناً في أوقات عدم اليقين، مع تصاعد الاضطرابات في الشرق الأوسط. وأسهم قرار البنوك المركزية الغربية بخفض أسعار الفائدة، بعد سلسلة سريعة من الزيادات من أدنى المستويات التاريخية، في تعزيز الأسعار، إذ إن انخفاض أسعار الفائدة يزيد من جاذبية الذهب النسبية، الذي لا يدر عوائد للمستثمرين.

ارتفع سعر الذهب أيضاً بزيادة عمليات الشراء من البنوك المركزية، التي تسعى إلى تنويع احتياطاتها لأسباب مالية أو استراتيجية، وتوقع محللو "غولدمان ساكس" أن يتجاوز سعر الذهب ثلاثة آلاف دولار للأونصة بحلول نهاية العام المقبل مع استمرار "الاحتياطي الفيدرالي" في تخفيف السياسة النقدية.

أسعار الفائدة

أدى الانخفاض المستمر في التضخم إلى خفض بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) سعر الفائدة الأساس للمرة الأولى في أكثر من أربع سنوات في أغسطس (آب) الماضي، من 5.25 في المئة، وهو أعلى مستوى له في 16 عاماً، مما قدم راحة كبيرة لملايين من مالكي المنازل والعائلات الذين ما زالوا يعانون ارتفاع كلفة المعيشة، وتبع خفض آخر إلى 4.75 في المئة، على رغم أن بنك إنجلترا قرر الإبقاء على هذا المعدل خلال اجتماعه الأخير في ديسمبر الجاري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وستؤدي زيادة الإنفاق العام، التي أعلنتها وزيرة الخزانة راشيل ريفيز في أول موازنة لها، إلى تباطؤ انخفاض أسعار الفائدة أكثر مما كان متوقعاً، وفقاً للتوقعات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إذ لا يزال التضخم عنيداً، ومن المتوقع أن ينخفض المعدل الأساس إلى 3.5 في المئة بحلول أوائل عام 2026، بحسب ما ذكرت المنظمة.

التضخم المتوقع

بعدما رفعت أسعار السلع الأساسية معدلات التضخم إلى مستويات مزدوجة الرقم، استمر معدل التضخم في التراجع مع بداية هذا العام. وفي سبتمبر الماضي انخفض المؤشر الرسمي للتضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى ما دون الهدف المحدد من بنك إنجلترا البالغ اثنين في المئة للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات، مسجلاً 1.7 في المئة.

وجاء التراجع الثابت في نمو الأسعار نتيجة لانخفاض أسعار الطاقة العالمية بسرعة، وتخفيف اضطرابات سلاسل الإمداد بعد الجائحة، وتأثير الزيادات الحادة في أسعار الفائدة.

ومع ذلك بدأت أسعار المستهلكين في الارتفاع مجدداً، إذ أسهمت زيادة كلفة الوقود وأسعار الملابس في ارتفاع التضخم، الذي وصل إلى 2.6 في المئة في نوفمبر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) الماضي، وتوقع مراقب الإنفاق الحكومي أن يكون معدل التضخم المتوسط في العام المقبل 2.6 في المئة.

عروض الاستحواذ

وجعلت التقييمات المنخفضة لسوق بريطانيا أرضاً خصبة لشركات الأسهم الخاصة والشركات الأجنبية التي تبحث عن أهداف للاستحواذ، وبلغ إجمالي العروض المقدمة هذا العام 50 مليار جنيه استرليني (62.9 مليار دولار)، بزيادة عن 19 مليار جنيه استرليني (23.9 مليار دولار) في العام الماضي و41 مليار جنيه استرليني (51.6 مليار دولار) في عام 2022، وفقاً لتحليل من شركة "بيل هنت".

وعادت الصفقات الأكبر للطاولة أيضاً، مع ارتفاع متوسط قيمة الصفقة إلى 977 مليون جنيه استرليني (1.229 مليار دولار) هذا العام، مقارنة بـ327 مليون جنيه استرليني (411.5 مليون دولار) في العام الماضي.

وكان هناك مزيد من العروض لشركات بريطانية لم تتقدم، بما في ذلك سعي شركة "بي أتش بي" البالغ 39 مليار جنيه استرليني (49 مليار دولار) إلى الاستحواذ على شركة "أنغلو أميركان"، وهي شركة التعدين المدرجة في مؤشر "فوتسي 100"، ومحاولة الاستحواذ على شركة "كيريز" من "إليوت مانغمنت"، مجموعة الأسهم الخاصة الأميركية.

وبينما كان المشترون البريطانيون أكبر مجموعة من العارضين، إذ مثلوا 45 في المئة من العروض، كان هناك أيضاً تزايد في الاهتمام من شمال أميركا، الذي مثل 29 في المئة من الإجمالي للشركات في لندن، وقالت شركة "بيل هانت" إن تراجع التضخم وانخفاض كلفة الديون وتحسن الثقة في آفاق الاقتصاد أسهمت جميعها في زيادة التفاؤل بين المزايدين المحتملين.

اقرأ المزيد