على عكس إغلاقات البورصات الأميركية المتفائلة الأسبوع الماضي، كان افتتاح الأسهم الأميركية أمس متراجعا مع تزايد حدة الأزمة السياسية التي تعيشها واشنطن لعزل الرئيس الأميركي، دونالد ترمب.
وكانت البورصات قفزت يوم الجمعة بنسبة تقارب 1.5% على خلفية بيانات التوظيف، التي أظهرت نموا معتدلا لشهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وتراجعا تاريخيا للبطالة، هو الأدنى منذ 50 عاما.
لكن أزمة عزل ترمب وتزايد الضغوط من الحزب الديموقراطي الممثل في الكونغرس دفعا الأسهم للتراجع من جديد خوفا من حالة عدم اليقين التي ستأتي بالرئيس المقبل في حال تم عزل ترمب. والمؤشرات تدل على وجود مرشحين ديموقراطيين يطالبون بمزيد من الضرائب والقيود على الشركات في الولايات المتحدة، ما يعني إمكانية تغيّر خريطة الارتفاعات التاريخية التي تشهدها البورصات الآن في حال وصولهم إلى سدّة الرئاسة.
وتراجع مؤشر "داو جونز"، الذي يقيس الأسهم الصناعية، بنسبة 0.36%. بينما هبط مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، الذي يقيس أكبر500 شركة أميركية، بنسبة 0.45%. وانخفض مؤشر "ناسداك"، الذي يقيس الشركات التكنولوجية، بنسبة 0.33%.
مخاوف المستثمرين
وعلى الرغم من القيود التي تضعها إدارة ترمب على الشركات في إمكانية استقطاب المهاجرين والعمالة من الخارج، بسبب سياسة ترمب التي تركز على خفض أعداد المهاجرين، فإن الشركات الأميركية تدين بالفضل لإدارة ترمب في تخفيض الضرائب العام الماضي من نسبة 35% إلى نسبة 21%، وأدى ذلك إلى إشعال أرباح الشركات وقفز أسهمها منذ بداية 2018 وحتى شهر مايو (أيار) الماضي، عندما قررت إدارة ترمب أن تخوض معركة تجارية مفتوحة مع الصين عبر رفع الرسوم الجمركية على بضائعها بنسبة وصلت إلى 25%، وهددت بأزمة ركود اقتصادي.
اجتماع صيني أميركي
وتنتظر الأسواق اجتماعا بين الطرفين الأميركي والصيني هذا الأسبوع، حيث يعود الطرفان إلى طاولة المفاوضات بعد أن تعثر التوصل إلى اتفاق حول ملف التجارة البينية منذ مايو أكثر من مرة. ويلتقي المسؤولون الأميركيون والصينيون في واشنطن يومي الخميس والجمعة في مسعى جديد للتوصل إلى اتفاق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتطالب الولايات المتحدة بكين بتنفيذ شروط عدة لتصحيح مسار التجارة بين البلدين، حيث تتهم واشنطن الحكومة الصينية بدعم شركاتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ما يجعل منتجاتها تتفوق في المنافسة مع المنتجات الأميركية غير المدعومة، والتي تعمل بمنطق السوق المفتوحة والمنافسة العادلة. كما تتهم واشنطن بكين بأنها تخفض قيمة عملتها "اليوان" بشكل متعمد لترفع من تنافسية بضائعها، أضف إلى ذلك هناك اتهامات للشركات الصينية بأنها تسرق الملكية الفكرية للشركات الأميركية، وتعيد تقليد المنتجات والسلع وبيعها بالأسواق من دون دفع حقوق الملكية، وهي أمور تنفيها بكين.
ترمب متفائل بالتوصل لاتفاق
وحاول الطرفان التصعيد في الحرب الدائرة منذ أشهر، لكن يبدو أن الاتجاه حاليا هو إلى الاتفاق. وكان لافتا ما قاله الرئيس الأميركي، أمس الاثنين، من أنه "متفائل بالمفاوضات المقررة هذا الأسبوع مع الصين. نعتقد أنه ثمة فرصة لأن نحقق شيئا كبيرا جدا". لكنه عاد لينبه إلى أنه "لن يرضى باتفاق جزئي". وكانت بكين تراجعت غير مرة عن الالتزام بأمور حساسة وتهدد نموها مثل تحرير العملة الصينية، لكن الصين أدركت أيضا أن الحرب التجارية ستضغط على نموها، وأن المفاوضات هي الطريق الأنسب لإنهاء النزاع التجاري.
وكانت البورصات الأميركية انهارت قبل أسبوعين بعد تسرّب أخبار عن إمكانية إلغاء إدراج الشركات الصينية في البورصات الأميركية، كعقاب جديد تقوم به واشنطن ضد بكين.
لا اتجاه لإلغاء إدراج الشركات الصينية
لكن كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأميركي، لاري كودلو، نفى كليا هذا الأمر، قائلا إن "إلغاء الإدراجات ليس أمرا مطروحا. لا أعرف من أين جاء هذا الكلام". غير أن تصريحات كودلو حملت أيضا بعض المخاوف، حيث قال إن "الإدارة الأميركية بدأت دراسة إجراءات لحماية المستثمرين الأميركيين في الصين"، في مؤشر على إمكانية تصاعد الأزمة في حال فشلت المفاوضات بين الطرفين. وأوضح في هذا الصدد أن هناك سوء تفسير لاتجاهات الإدارة الأميركية، حيث إن "ما ندرسه، في حقيقة الأمر، هو حماية المستثمرين، وإجراءات حماية المستثمرين الأميركيين... من الشفافية والامتثال لعدد من القوانين"، مشيرا إلى هناك شكاوى من البورصات.
ومع أن هناك توقعات متفائلة بإمكانية التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، إلا أن "رويترز" نقلت أن "وزارة التجارة الصينية كبحت التوقعات عندما قالت إنها قد تتوصل إلى اتفاق تجارة في المسائل التي يوجد بالفعل توافق بشأنها بين الولايات المتحدة والصين، لكنها ستضع جدولا زمنيا للقضايا الأصعب من أجل الاتفاق بخصوصها العام المقبل، وفقا لتغريدات من مراسل لدى "فوكس بيزنس".