أحيت قوافل المدرعات العسكرية التركية المتقاطرة نحو الشمال السوري والخسائر التي أحدثتها، ذكريات سحيقة لدى العرب والكرد الذين كانت المنطقة المستهدفة نقطة ارتكازهم منذ عقود، فأعادت إلى الأذهان ما يوصف بأنه تاريخ مرير من هيمنة إسطنبول على قرار شعوب المنطقة، تحت وطأة "الخلافة" وحوافر الخيل العثمانية.
وغدا أنصار الضحايا من العملية التي أطلقتها تركيا تحت شعار "ينابيع السلام"، تنبش التاريخ بين الفريقين، وتداولت محطات من الإرث والخيانات المتبادلة والتمييز والاحتلال المزعوم، وأحداثه الجسام في كل من دمشق والموصل وأربيل والمدينة المنورة ومصر والبلقان، وبقية الأرجاء التي خضعت لسيطرة الإمبراطورية العثمانية خلال قرون حكمها، قبل أن تنهار بعد الحرب العالمية الأولى.
تركيا لا تستفيد من أخطائها
وهو التاريخ الذي لاحظ الباحث في الشؤون التركية محمد الرميزان أن تركيا لم تستفد من تجاربه، إذ "لم تنجح في استذكار الماضي العثماني إلاّ من خلال توارث العداء مع القومية والدول العربية بسياساتها التي لا تنسجم مع جيرانها العرب مما أدى لخلاف سياسي عميق بين تركيا والدول العربية في مجملها". بينما يختار رئيس منظمة التعاون الإسلامي الأسبق التركي أكمل إحسان الدين أوغلو تقسيم أوزار عودة أمواج الكراهية بين القوميين الأتراك والعرب.
لكن معلقين عرباً وكرداً تجاوزوا الوقائع التاريخية وحوافر الخيل إلى أزيز الطائرات والمجنزرات، فاعتبرت الناشطة الكردية روشان قاسم شعار العملية التركية (ينابيع السلام)، ماهي إلا حرفاً للكلم تبعاً للغايات عن مواضعها، ووصف الشيء بنقيضه، فهي في واقع الأمر عملية " نبع الإرهاب والشر والفساد والبطش والقمع ..إلخ" على حد قولها. كما أنها نبهت إلى تلاعب الرئيس التركي رجب طيب أوردغان بمصطلحات أكثر قداسة عندما وصف جنوده في الحملة والفصائل المساندة لها بـ"الجيش المحمدي"!
قبل أن تضيف مواطنتها نادية مراد الحائزة على جائزة نوبل للسلام، بعد نجاتها من سبي داعش وروايتها للعالم تجربتها المريرة أنها تدين بشدة "غزو تركيا الشمال الشرقي لسوريا، وأحث على وضع حد لجميع أعمال العدوان. حياة المدنيين الأبرياء في المنطقة مرة أخرى تحت التهديد. ومقاتلي داعش من المرجح أنهم سيقومون بالهرب للهروب من العدالة".
حِدة عربية ورد تركي
الصوت العربي هو الآخر لم يكن بعيداً عن قوة اللهجة الكردية، فلئن كان الآخرين هم أصحاب النفوذ والقوة العسكرية المسيطرة في المنطقة، فإن العرب هم حكام سورية العضو في جامعة الدول العربية، مثلما أن السكان العرب شكلوا دائماً مع الأكراد نسيجاً للتعايش بين القوميات والأعراق، ظل سمة المنطقة منذ قرون، قبل عصر تمزيق الخرائط والقتل على الهويات، الذي بلغ ذروته مع تنظيم داعش، المستمد قوته من بطش النظام السوري والتغاضي التركي والطائفية الإيرانية.
ولذلك كانت إدانة دول عربية للتدخل التركي شديدة، إذ نددت السعودية بالعملية ومعها مصر والإمارات والكويت والبحرين ومصر وأعضاء في جامعة الدول العربية التي أعلنت الاستنفار، ووُصفت من جانبهم الخطوة بأنها "عدوان وتعدٍ سافر على وحدة واستقلال وسيادة الأراضي السورية"، وهي الإدانات التي واكبها دفق هائل من تنديد المثقفين والكتاب والنشطاء العرب والأجانب ضد العملية التركية.
لكن الرئيس التركي رجب طيب أوردغان لم يمهل معارضي عمليته (ينابيع السلام) طويلاً، فحمل على الدول المعترضة، مُذكّرا ً إياها بما يراه معيباً في حقها، مثل الحرب في اليمن بالنسبة إلى السعودية، وإنهاء حكم تنظيم الإخوان المسلمين في جمهورية مصر، حسب ما نقلت وكالة "الأناضول" التابعة للحكومة التركية.
وكان أورد غان جدد دفاعه عن العملية التي يصفها معارضون له بـ"الغزو"، رافضاً حتى التلميح بالتخفيف من وطأتها على الرغم من الانتقادات الواسعة لها. ونفى أن تكون تستهدف المواطنين الأكراد "بل تنظيمات إرهابية ومن بينها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". وأكد هو وزارة خارجية بلاده على استمرار العملية حتى إبعاد المسلحين الأكراد وغيرهم من الجماعات المسلحة عن المناطق الحدودية لـ"إنشاء منطقة آمنة".
هدية إلى "داعش"
بيد أن النقمة على التدخل الجديد ليست عربية وحسب، ولكن أخذت صدى عالمياً يوشك أن يقسم حتى الحزب الجمهوري، الذي اعتبر أنصار له ناهيك عن الديموقراطيين تخلي الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن "الأكراد" قراراً أخرق، يبعث رسالة قاسية إلى حلفاء أميركا في المنطقة، ويرتقي إلى درجة "الخيانة".
وهكذا نظر الجمهوري ليندسي جراهام إلى المسألة في تصريحاته إلى الإعلام الأميركي على أنها "كارثة ستضمن عودة "داعش" من جديد، ويجبر الأكراد على التحالف مع "الأسد" وإيران، ويدمر العلاقات التركية مع الكونجرس الأمريكي، كما أنه سيلطخ الشرف الأمريكي من خلال التخلي عن الأكراد".
وتذهب التحليلات المستنكرة التفاهم الأميركي التركي حول الخطوة إلى أبعد، إذ ترى أن استهداف قوات سورية الديموقراطية التي الحقت هزائم عدة بتنظيم داعش ولا تزال تحتفظ بعناصر ثمينة من مقاتليها أسرى عندها، يعتبر بمثابة هدية إلى التنظيم الدموي، وخطاً أخضر له بالعودة إلى سابق عهده في المنطقة الحدودية بين سورية والعراق.
وهذا ما عبر عنه بصراحة أكبر رئيس تحرير الزميلة "الشرق الأوسط" الكاتب اللبناني غسان شربل، حينما رأى "من حق البغدادي ان يحتفل. تلقى "داعش” هدية لم يحلم بمثلها. ايقظ الغزو التركي التوترات بين الأعراق وحرك مخاوف دول ومجموعات. وفي مثل هذا الاضطراب الكبير يسبح "داعش" في دم ضحاياه".
عند "الخرائط" الخبر اليقين
لكن بالنظر إلى السياق الذي جاءت فيه الحملة، يرى محللون أنها ليست إلا استكمالاً للصورة التي بدأت تكتمل شيئاً فشيئاً منذ الحرب الأهلية السورية، وفتح البلاد على مصراعيها لأطماع القوى الأجنبية المتحالفة تارة والمختلفة تارة أخرى، نظير اختلافها على نصيب كل واحدة منها في "كعكة الخريطة" السورية، حسب تعبير شربل. وأبرز تلك القوى معروفة هي روسيا وإيران وتركيا، ولكل منها حلفاؤه من النظام أو الفصائل، كما أن له مناطق نفوذ.
ويظهر تحليل خرائط النفوذ الشهرية على سورية الذي يصدره مركز جسور للدراسات ومقره اسطمبول، كيف أن الكل يحاول أن يوسع نصيبه من الخريطة، ويزيد من حصته على حساب الطرف الآخر، إما عبر التفاهمات والهدن الهشة، عبر "ثلاثي استانة" روسيا وإيران وتركيا، أو بواسطة القتال الضاري، كما هو نهج داعش، أو الاكراد الذين ليس لهم ممثل في الأطراف الثلاثة وإنما يحتمون بالأميركيين الذين يحاولون الإبقاء على خيوط تفاهم وتواصل مع الروس والترك على حد سواء.
ويلاحظ المركز أن "خريطة النفوذ العسكري في سورية لشهر أغسطس (آب) 2019 أظهرت اختلافاً في نسب السيطرة الكلية بين أغلب القوى المتصارعة على الأرض السورية مقارنة مع النسب التي سجّلتها في شهر يوليو (تموز) الماضي". ووفقاً للخريطة الشهرية التي يصدرها مركز جسور للدراسات فإنّ نسبة سيطرة النظام السوري على الأرض أصبحت (62.19%) مقارنة مع نسبة (61.96%) التي تم تسجيلها في الشهر الفائت. فيما تراجعت نسبة سيطرة فصائل المعارضة إلى (9.97%) مقارنة مع نسبة (10.20%) التي سجّلتها الشهر الماضي. بينما حافظت قوات سوريا الديمقراطية على نسبة سيطرتها التي سجلتها في شهر مايو المنصرم عند (27.84%). وبطبيعة الحال لم يعد لتنظيم داعش أي سيطرة عسكرية على الأرض السورية منذ فبراير الماضي.
وربما كان هذا أحد العوامل التي تفسر التحرك التركي، لتقليل حجم النفوذ الكردي وتقليم أظافره، وليس إنهاءه بالكلية، بذريعة تشكيل تعاظم النفوذ الكردي على حدود أنقره خطراً على الداخل التركي المتوجس دوماً مثل العراقي والإيراني والسوري من قيام كيان جامع للأكراد، وبناء جسور بينهم، من شأنها تحقيق جانب من تطلعهم إلى الاستقلال وبناء دولة.
العملية توفر ملاذاً آمناً للاجئين
لكن المتفهمين للعملية التركية يعتبرون أن لها جوانب إيجابية على الرغم من الخسائر في الأرواح المترتبة عليها، إذ يعتقدون أن الهجوم مع ذلك سيوفر "الأمن والسلام" لقرابة 4 ملايين لاجئ يعيشون حالياً داخل الأراضي التركية.
وبين أولئك شريحة من السوريين المتحالفين مع حزب العدالة التركي، أمثال مدير مركز الشرق العربي زهير سالم، الذي أبدى في مقالة كتبها استغرابه من استنكار عملية "ينابيع السلام" منذ وقت مبكر من بدايتها، في وقت "لم يجمع العالم على إدانة الاحتلال الإيراني لسورية، ولم يدن العمليات الإرهابية للميليشيات الشيعية متعددة الجنسيات كما يفعل اليوم أمام عملية محدودة".
أما هو فإنه يؤكد أنها جاءت بتوافق مع السوريين، مؤكداً أنها "خطوة إيجابية وفي الطريق الصحيح، لتقليم مخالب الإرهاب التي استقوت على شعبنا برعاية الأمريكيين والروس وحلفائهم، ونالت من بنية مجتمعنا ما نالت، مما تطفح به تقارير وشهادات منظمات حقوق الإنسان مما ارتكبته منظمة "البي واي دي" ضد جميع مكونات المجتمع السوري في مناطق سيطرتها المختلفة. ولا يستطيع منكر أن ينكر أن إرهاب هذه التنظيمات لم يقل في ممارساته لحظة عن إرهاب منظمات يزعم البعض أنه جاء إلى سورية ليقاومها ويحاربها". واعتبر "نبع السلام" قطعا للطريق على جميع مشروعات التقسيم التي وصفها بـ"المريبة".
ويعلق سالم وشرائح من مواطنيه العملية مدخلاً نحو إقامة المنطقة الآمنة، التي "ستمثل الاستراحة العملية لكل الذين هجروا وشردوا... ولتكون هذه العملية في الوقت نفسه العتبة الحقيقة لسورية الآمنة الموحدة والمستقرة. التي هي المطلب الوطني كل السوريين الأحرار". كما يقول.
ثمن الحضور الأجنبي والغياب العربي
أما المدهش بالنسبة إلى المحلل السياسي السعودي الدكتور خالد الدخيل حتى قبل الهجوم الأخير، هو "هذا الحضور الأجنبي والغياب العربي، هل هناك تواطؤ بين أميركا وروسيا وإيران؟ الأرجح لا، السؤال الأهم في مثل هذه الحالة: لماذا قبلت الحكومة العراقية بعد الاحتلال الأميركي بأن يتحول البلد إلى ساحة صراع طائفي، وسمحت لإيران بأن تكون طرفاً في هذا الصراع؟ في حالة سورية أيضاً استدعى النظام تدخل إيران بكل ميليشياتها العربية وغير العربية، لاحظ أن هذا يتم تحت ظلال «حزب البعث»، في كلتا الحالتين التدخل الأجنبي (الطائفي) يتم بغطاء رسمي معلن، كيف يستقيم للبعض".
الدخيل ينظر إلى منظومة الموقف العربي مما يحدث في سورية، على أنه أيضاً يبرز موقف الجزائر والمغرب ومصر، ثلاث من أكبر الدول العربية، وكأنها "تبدو فرادى ومجتمعة خارج اللعبة، وخاصة الجزائر والمغرب، صمت هذه الدول أمام هول ما يحدث للسوريين يصم الآذان، وهو صمت لا يطاول الموقف من النظام وحسب، بل يمتد ليشمل الوجود الإيراني والروسي ودوره فيما يحدث، لا يعني الصمت هنا قبول بالمجازر التي يتعرض لها السوريون، لكنه يعني عدم اكتراث بخطورة ما يحدث، ويستند إلى واقعية مشوهة، وربما مزيفة، هي خليط من العجز والانتهازية وضعف الحيلة في الوقت ذاته، هي واقعية مغلفة، وخاصة في حالة مصر، بخطاب أجوف عن العروبة ورفض الطائفية".
طائفية وأطماع ولا استراتيجية
ومن منظور استراتيجي، سيقال إن السعودية أيضاً لم يعد لها صوت مرتفع عن سورية أخيراً، يقول الدخيل هذا صحيح، "لكن يمكن القول إننا في هذه الحالة أمام واقعية حقيقية تفرض نفسها، فمع الانكفاء الأميركي، وانكفاء العرب، وخاصة الدول الثلاث، وعجز أوروبا، والوضع في اليمن، يضاف إلى ذلك أزمة قطر، وتقلّب مواقف تركيا من الأزمة السورية، ماذا يمكن السعودية وحدها أن تفعل؟ على الأقل لم يتغير موقف السعودية من النظام، وفي الوقت ذاته لا يسعها إلا التفاهم وتعطيل مفاعيل الصدام مع روسيا، وذلك في ضوء خصومتها مع إيران، وارتباك علاقتها مع تركيا".
يمضي الباحث السياسي السعودي في هذا السياق في تحليل له سابق للزميلة "الحياة"، ليلمح إلى أن حصيلة الانكفاء العربي نحو ما يجري في سورية يمكن أن تفضي إلي واقع كارثي، في ظل غياب استراتيجية جامعة للحل على نحو مشابه لما آل إليه الصراع مع إسرائيل.
وقال " غابت الرؤية الاستراتيجية في الصراع مع إسرائيل، وهي تغيب الآن أمام طائفية تتهدد الجميع، وتدخلات أجنبية من دول وميليشيات تتحدى بنية الدول العربية وشرعيتها، وهذه الدول تبدو ليست في عجلة من أمرها، كأن التاريخ يعيد نفسه".
ويتفق معه مواطنه الباحث في الشأن التركي والشرق أوسطي محمد الرميزان في أن المسؤولية والملامة في الهجوم الأجنبي على الشمال السوري، يتجاوز تركيا وإيران وروسيا إلى المجتمع الدولي، وخصوصاً جميع الدول العربية بلا استثناء تتحمل جزءاً من المسؤولية"، ولذلك كانت مواقف الدول العربية الفاعلة في المنطقة من وجهة نظره أجمعت على استنكار التدخل العسكري التركي ما عدا دول قليلة أعربت عن دعمها بشكل صريح وأخرى متحفظة. المملكة العربية السعودية القائدة للموقف الخليجي ويشمل ذلك البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة بل وحتى الكويت إلى جانب مصر والأردن جميعهم أعربوا عن قلقهم تجاه ما يحصل بل البعض وصفوه بالعدوان التركي على الدولة السورية".
"نبع السلام" بعد "درع الفرات" و "غصن الزيتون"
غير أن الرميزان لا يرى في التدخل التركي العسكري سوى استمراراً لتدخلات سابقة، ومنها عمليات عسكرية كـ “درع الفرات" والتي بدأت في أغسطس 2016م، ثم انتهت بعد مرور سنة. وكذلك عملية "هجوم عفرين" الذي أسمته الدولة التركية بـ "غصن الزيتون"، وبدأ منذ مارس 2017م، والتي ما زلت مستمرة إلى الآن. العملية الأخيرة، كما تم ترميزها بـ "نبع السلام"، قبل يومين وقد سبقها تسريبات وتخطيط تم الإعلان عنه من جهات دولية عديدة.
وأما الشق الآخر الذي يفسر الهجوم التركي فإن فهمه في اعتقاد الرميزان يتم عبر تأمل خيوط الانسحاب الأميركي، فهو "بشكل أساسي نتيجة لإعلام الولايات المتحدة الأمريكية بالخروج تدريجياً من سوريا، وبالتحديد مناطق الشمال. تركيا تريد أن تكون لها "اليد العليا" في منطقة سوريا لا سيما بعد خروج اللاعب الأكبر، وهي القوات الأمريكية، لحماية حدودها وتسرب أي ميليشيات كردية او حتى عربية قد يكون كان لهم عدا او ثأر مع الجيش التركي".
في نهاية المطاف على الرغم مما يمكن أن يقال عن المخاوف المنطقية لأنقرة "لا يوجد شك" بالنسبة للباحث المتعمق في الشأن التركي بأن لدى "أسطمبول طموحات توسعية في الشرق الأوسط وخصوصاً المنطقة العربية ثم يليها الأفريقية. لكن، ينبغي فهم ذلك ضمن الإطار المصلحي للكيان التركي، ولا يجب فهم ذلك كطموح استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، فتلك أيام قد ولت وخلت، ولا يمكن حتى تصور ذلك في العصر الحديث". لافتاً إلى أن ما سوى ذلك من هتافات الرئيس التركي وحزبه فإنه لا يتجاوز الاستهلاك السياسي الخطابي، حسب قوله.
وكان التدخل التركي الذي بدا أنه بالتنسيق مع الاميركيين، وجه مزيداً من أصابع الاتهام إلى نجاعة السياسة التي ينتهجها الرئيس الأميركي ترمب تجاه المنطقة، إذ واجه قراره بالانسحاب من الشمال السوري معارضة شديدة، دفعته إلى فتح الباب موارباً أمام اللجوء إلى خيارات أخرى في حال تجاوزت تركيا حدود التفاهم، لكن القرار ظل مريراً بالنسبة إلى الأكراد خصوصاً الذين اعتبروا نموذجاً للتحالف الأميركي المثمر مع الأقليات في المنطقة.
وعلمت "انبدبندنت عربية" من مصادر كردية أن الانسحاب الأميركي، جاء كذلك خلافاً للترتيبات القائمة في الشمال السوري منذ الحرب على داعش، اذ تعمل الدول المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بينها دول عربية، على دعم قوات سورية الديموقراطية ليس عسكرياً فقط ولكن مدنياً أيضاً لإعادة تأهيل المناطق التي طردت منها داعش، وإيجاد صيغة وفاق بينها العرب والأكراد من جانب، والنظام السوري من جانب آخر تمهيداً لما قبل الانتخابات السورية المقرر تنظيمها بعد كتابة الدستور. لكن الأميركيين بانسحابهم، يعرضون المنطقة للتوسع الإيراني مجدداً، ناهيك عن الروسي والتركي. حسب تقدير الأكراد وحلفائهم في المنطقة.