تجربة فريدة في السفر يقوم بها المغامر المصري علي عبده الذي جاب أنحاء مصر من شمالها إلى جنوبها على دراجة، كهوايةٍ ومغامرة في البداية لتتحوّل رغبته في الاستكشاف إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ حقق عدة أرقام قياسية سجلها كأول مصري وعربي يقوم بها، وأحدها دخلت موسوعة "غينيس".
سعى المغامر المصري من خلال رحلاته إلى دعم السياحة، والتعريف بكثير من الأماكن غير المعروفة في مصر، واختارته وزارة الهجرة ليكون سفيراً لحملة (مفيش زي مصر)، ويسعى في خلال الأيام المقبلة إلى تحقيق الرقم القياسي الأكبر بالقيام بتحدٍ حول مصر في 100 يوم وزيارة 75 مدينة مصرية بالتعاون مع وزارات الشباب والرياضة والهجرة والإنتاج الحربي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات.
حول مصر على موتوسيكل
وعن بداياته وكيف اتجه إلى خوض مثل هذا النوع من المغامرات يقول علي عبده "البداية جاءت بسبب طبيعة عملي، إذ أعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، ومعظم الوقت أباشر مهامي من منزلي، وكان لديّ وقت فراغ، كنت أحاول استغلاله في شيء بعيداً عن الأنشطة الروتينية التقليدية، فاشتريت (موتوسيكل)، وتعلَّمت قيادته، والتعامل معه، وقررت استغلاله بشكل غير مألوف، وهو السفر إلى محافظات مصر المختلفة، لمجرد أن أخوض تجربة السفر، وكانت رحلتي الأولى إلى الواحات البحرية والفرافرة (غربي مصر)، وانبهرت بالمكان، إذ إنها المرة الأولى التي أتوجه فيها إلى تلك المنطقة".
ويضيف، في حديثه مع "اندبندنت عربية"، "بعدها تبعتها رحلات إلى سيوة وسيناء والقناة وجنوب مصر، وأوحت لي هذه الرحلات بمشروع (حول مصر على موتوسيكل)، وكان هدفي دعم السياحة، لأن قطاعاً كبيراً من المصريين أنفسهم لا يعرفون شيئاً عن كثيرٍ من الأماكن في المحافظات المختلفة".
أرقام قياسية
بعد مرحلة الاستكشاف وخوض تجربة السفر بالموتوسيكل في ربوع مصر لم يكتف عبده بهذا، إنما انتقل إلى مرحلة أخرى، وهي تسجيل أرقام قياسية في السفر بالموتوسيكل، وعن هذا الأمر يقول "أول رقم قياسي سجّلته كان في عام 2015، وكانت جولتي في كل مصر، التي استغرقت 15 يوماً، وهدفي الأساسي منها هو نشر فكرة أن الحياة بمصر آمنة، ويمكن التجول فيها والسفر بأمان على الطرق السريعة في توقيت كانت الأوضاع السياسية غير مستقرة، ثم تبعتها بأطول رحلة على موتوسيكل في 7 أيام، وقطعت فيها 6 آلاف كيلومتر، وسُجّلت في 5 موسوعات عالمية، وكنت أول مصري وعربي يُسجّل هذه الأرقام القياسية".
ويضيف عبده، "السفر على موتوسيكل بهذه الصورة غير مألوف في مصر والعالم العربي، لم أكتف بالرحلة فحسب، بل نشرت تفاصيلها من خلال صور ومقاطع فيديو للتوثيق وللتعريف أكثر بالمكان أو المنطقة التي زرتها، أمَّا الرقم القياسي الذي سُجّل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2017 فكان عن أطول مسافة لقيادة موتوكروس خلال 24 ساعة، والموتوكروس يساق عادة في حلبة أو أرض غير ممهدة، وسُجّل الرقم القياسي في منطقة الجونة بالبحر الأحمر من أجل تسليط الضوء عليها، بأنها يمكن أن تُمارس فيها هذه الأنشطة".
أهداف أخرى
تحقيق الأرقام القياسية ماذا يمثل وما الهدف من ورائه؛ هل هو مجرد نجاح وسبق يقوم به الشخص على حسب المجال الذي حقق فيه الرقم القياسي أم أن الأمر يحمل أبعاداً أخرى؟ عن هذا الأمر يقول المغامر المصري، "تحقيق الأرقام القياسية غالباً ما يستغل لدعم قضايا معينة وتوجيه رسائل متعلقة بقضايا مهمة مثل البيئة والتنمية المستدامة على سبيل المثال، ويعطي المبادرات الفردية قيمة أكبر من خلال تسليط الضوء عليها بشكل كبير بعد تحقيق رقم قياسي معين، ما يؤدي إلى أن تحقق المبادرات أهدافها بصورة أكبر، وتصل إلى قطاع عريض من الناس".
ويضيف "من خلال رحلاتي كنت أقوم بنقل خبرات حياتية، وليس مجرد صور للأماكن، فأنقل لهم معالم الشوارع والمتاجر ومحطات البنزين والفنادق، وكل ما يتعلق بتفاصيل الرحلة، وبالطبع هذا يعطيهم دفعة وتشجيعاً كبيراً على خوض التجربة والسفر إلى أماكن لم يفكروا يوماً في التوجه إليها، فلدينا في مصر أماكن رائعة تستحق أن تكون على رأس الأماكن السياحية، التي تتجه إليها السياحة الداخلية والخارجية على السواء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مغامرة جديدة
في خلال الأيام المقبلة سيقوم عبده بمغامرة جديدة وتحدٍ جديد سيكون هو الأكبر، إذ ستستغرق الرحلة 100 يوم، وستكون داعمة لكثير من القضايا المجتمعية، إضافة إلى التعريف بكثير من الأماكن في مصر ودعم السياحة، يقول "الرحلة المقبلة ستكون تحقيق رقم قياسي لأطول رحلة بالعالم على دراجة كهربائية، وهو تحدٍ كبير، وهذا الرقم حُقّق من قبل في إيطاليا عام 2013، وكانت الرحلة لمسافة 12300 كم، أمَّا الهدف الذي أسعى إلى تحقيقه هو القيادة لمسافة 25000 كم وزيارة 75 مدينة مصرية خلال 100 يوم، ومن خلال هذه الرحلة أسعى إلى دعم القضايا المتعلقة بالتنمية المستدامة والبيئة، وإحدى وسائل دعم قضايا البيئة هو استخدامي الدراجة الكهربائية".
ويضيف، "الدراجة الكهربائية صديقة للبيئة، لا تحتاج إلى الوقود، ولا تسبب العوادم وتُشحن بالكهرباء، وتستخدم مثل الموتوسيكلات العادية تماماً، وهي أحد الحلول التي يمكن أن يشجع استخدامها في مصر كوسيلة لتقليل التلوث، خصوصاً مع انتشار محطات الشحن بالكهرباء الآن في مصر وتوافرها في معظم طرق السفر الرئيسية، ولكن هذا الأمر غير مروّج له بشكل كافٍ، فالتغير المناخي أحد أسبابه هو عوادم السيارات الكثيفة، ولا بد من محاولة تقليلها بإيجاد بدائل، وهذا هو أحد الأهداف التي أسعى إلى تحقيقها من خلال هذا التحدي".
مشروعات مستقبلية
بعد تحقيق كثير من الأرقام القياسية والقيام بجولات في أنحاء مصر ما الهدف المقبل أو المشروع الذي تتمنى العمل عليه؟ يجيب عبده "حلمي الشخصي هو أن ينتج عن رحلاتي في جميع أنحاء مصر موسوعة (وصف مصر الحديثة)، وهذا مشروع أقوم بالإعداد والتخطيط له بالفعل، وأتمنى أن يخرج للنور، لكنه بالطبع لا يمكن أن يكون مشروعاً فردياً، لأنه يحتاج إلى جهد كبير جداً ستكون نواته هو ما أقوم بتوثيقه من خلال جولاتي من معلومات وصور ومقاطع فيديو، على أن يشارك فيه آخرون ويستكملوا معي ما بدأته، فبشكل عام لاحظت عدم وجود محتوى مناسب لمصر على الإنترنت، وإن وجد، فهو يرتكز إما على جهود الهواة أو على جهات معينة تعرض المعلومة بتوجه معين".
ويضيف "أهدف إلى السعي لأن يكون لمصر هوية رقمية على مستوى عال تشمل صوراً ومعلومات حقيقية من أرض الواقع يمكن الاستناد والرجوع إليها، ويمكن للناس الاستفادة بها كل حسب احتياجه، فيستعين بها المسافرون إلى منطقة معينة في مصر، والباحثون عن معلومة محددة عن مكان معين، وقد يستعين بها المستثمرون، لأننا نهدف إلى إضافة تفاصيل عن كل منطقة، مثل الصناعات اليدوية التي تشتهر بها كل محافظة والإنجازات الشخصية للأفراد في كل محافظة".
تحديات وصعوبات
السفر مسافات طويلة على موتوسيكل والقيام بمثل هذا النوع من التحديات لا شك أنه يتضمن كثيراً من الصعوبات والمشكلات، وعنها يقول عبده "في البداية كنت أقوم برحلاتي على موتوسيكل عادي، ولم يكن لديّ وسائل للتوثيق والتصوير ذات إمكانيات عالية، وكنت أتكفل مادياً بكل النفقات، فلم يكن هناك أي راعٍ أو داعم لرحلاتي، لكن بالنسبة للطرق والسفر والتعامل مع الناس فلم أعانِ أي صعوبات، بل على العكس كنت أجد ترحيباً كبيراً من الناس ودعماً ومساندة وكرماً كبيراً من المصريين في كل مكان ذهبت إليه".