تسبب سقوط أمطار غزيرة، أمس الثلاثاء، على بعض مناطق مصر في إرباك الحياة، حيث عانت حركة المرور من شلل تام في شرق القاهرة، بعد غرق الشوارع وبطء حركة تصريف المياه إلى الصرف الصحي، حيث تجاوزت كمية الأمطار 650 ألف كيلومتر مكعب من المياه في ساعة ونصف فقط على شرق القاهرة، بحسب تصريحات وليد عابدين، المتحدث الإعلامي لشركة القاهرة للصرف الصحي ومياه الشرب.
وشهدت حركة المرور، اليوم الأربعاء، هدوءاً نسبياً بعد قرار الحكومة المصرية تعطيل المدارس والجامعات في القاهرة والجيزة والقليوبية، وهي المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم "القاهرة الكبرى"، نتيجة تقارير من هيئة الأرصاد الجوية توقعت موجة أمطار أكثر غزارة، كما قرّر محافظ بورسعيد تعطيل الدراسة بمدارس قرى الجنوب والغرب وإلغاء تسجيل الغياب بجميع مدارس المحافظة، نظراً لسوء الأحوال الجوية، حيث تجاوز ارتفاع مياه الأمطار بشوارع المحافظة 30 سنتيمتراً.
وكانت شركة مصر للطيران قد أعلنت تأخير مواعيد إقلاع طائراتها من مطار القاهرة بسبب الأمطار الشديدة التي أغلقت الطرق المؤدية إلى المطار وأدّت إلى تأخّر وصول الركاب.
وكانت هيئة الأرصاد الجوية المصرية قد حذرت منذ أيام من سقوط أمطار رعدية غزيرة حتى يوم الجمعة المقبل، بينما بدت الأجهزة المحلية متفاجئة وغير مستعدة لهطول الأمطار. لكن الدكتور خالد قاسم، المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية، أكد في تصريحات صحافية، أن فرق عمل من قسم إدارة الأزمات في الوزارة تقوم بجولات ميدانية منذ 28 سبتمبر (أيلول) الماضي في كافة المحافظات للتأكد من جاهزيتها لاستقبال موسم سقوط الأمطار، من خلال مراجعة مدى كفاءة البالوعات ومخرات السيول، كما تجرى محاكاة لإدارة هطول الأمطار الغزيرة في كل محافظة للتأكد من مدى استعداد المحافظة لموسم سقوط الأمطار.
وأثار تحول الشوارع إلى "برك مياه" غضب وسخرية المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت مقاطع فيديو لأشخاص في الشوارع لا يستطيعون العودة إلى منازلهم سوى باستخدام "رافعات"، وآخرين عالقين داخل سياراتهم وسط الشوارع الغارقة.
وشكّل مجلس الوزراء غرفة عمليات، تحت الإشراف المباشر للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، وتتابع الغرفة لحظياً عمليات شفط وسحب مياه الأمطار من الأنفاق والشوارع، والتي تسببت في إعاقة الحركة المرورية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية وخبير تطوير المناطق العشوائية، أنه كان يجب على المحافظين وقيادات الإدارة المحلية مراجعة جميع المصبات الخاصة بتصريف المياه استنادا إلى توقعات هيئة الأرصاد بسقوط أمطار، فضلا عن أن المسؤولية تقع على مديرية الطرق والكباري في كل محافظة، فيجب على المسؤولين بها مراجعة الطرق غير الصالحة لضمان عدم تراكم المياه.
وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أنه طبقاً لقانون الإدارة المحلية يعتبر المحافظ مسؤولاً عن مرافق الخدمات في محافظته، وبالتالي كان عليهم الإشراف على صيانة الصرف الصحي وضمان استعداده للأمطار.
وقبل أيام، قال المهندس عادل حسن زكي، رئيس شركة الصرف الصحي في القاهرة، في تصريحات صحافية، إن عمر شبكة الصرف بالعاصمة المصرية يبلغ 105 أعوام، ويمكنها التعامل مع مياه الأمطار حتى ارتفاع 4 مليمترات، ولكن إذا تجاوزت كمية الأمطار المتوقع سقوطها حاجز 5 مليمترات، لن تستطيع الشبكة التعامل معها، ما تسبب في غرق مناطق بالقاهرة الجديدة بسبب الأمطار العام الماضي، بعد وصول منسوب الأمطار إلى نحو 18 مليمتر.
وأشار الدكتور محمود ربيع، خبير الإدارة العامة والمحليات، إلى أن تعرض شمال ووسط مصر للأمطار أوضح عدم جاهزية المؤسسات للتعامل مع الأزمات الطارئة، على الرغم من صدور العديد من التصريحات التي أكدت على جاهزية البنية التحتية للتعامل مع مثل هذه الحالات، وتعرض البلاد لحالة مشابهة في العام الماضي.
وأوضح أن الحل ليس في إقالة مسؤول، إنما بإمداده بالأدوات والمعدات الحديثة وإطلاق يده للتعامل مع القطاع الخاص في حالات الطوارئ مع محاسبته، وهو أمر لا غنى عنه، وبخاصة ونحن نتحدث عن اللامركزية طبقاً للمادة 176 من الدستور المصري.