أظهر استطلاع أن شخصاً واحداً من كل أربعة لندنيّين شهد مواقف داعمة للتطرّف العام الماضي. ويأتي هذا الاستطلاع، الذي أعدته شركة "يوغوف" لمكتب عمدة لندن لشؤون الشرطة والجريمة، في ظل تحذيرات في شأن عدم وصول جهود مكافحة الراديكالية إلى جميع فئات المجتمع. وأفاد الاستطلاع أن 25 في المئة من سكان لندن شهدوا مواقف تنطوي على "تشجيع وتأييد ودعم للتطرّف".
وتشير نتائج الاستطلاع إلى أن نحو 1.5 مليون شخصاً بالغاً في لندن ربما تعرّضوا لخطابات كراهية عقب أربع هجمات إرهابية ارتكبها أنصار تنظيم "داعش" وإرهابيون تابعون لليمين المتطرّف في العاصمة.
وقال عمدة لندن صادق خان أنه "بات واضحاً أن قدرتنا كدولة في مكافحة الراديكالية والتطرّف العنيف ليست كافية، وهذا ما يعرّض سلامتنا وأمننا للخطر".
وأضاف "لا أعتقد أن هناك أشياء مثل المجتمعات التي يصعب الوصول إليها، بل الصعب هو الوصول إلى الحكومات. ونحن بحاجة إلى القيام بعمل أفضل بكثير للتأكد من أننا نتعامل مع جميع سكان لندن."
وفي حديث موجّه للناجين من هجماتٍ إرهابية ومتطرّفين سابقين وقادة دينيين وناشطين في حملات مكافحة الراديكالية، خلال فعالية عُقدت في مبنى بلدية لندن، قال خان أنه يجب على السلطات أن تكسب ثقة الناس الذين يتعرّضون إلى التطرّف بكل أنواعه. ودعا إلى إجراء "تقييم شامل وصريح" للبرامج الحكومية الحالية الهادفة لمعالجة مستوى التواصل المتدني مع الشعب، مضيفاً أن "فئات عدة تشعر الآن بعدم الثقة وبأنها مُهمشة من قِبل برنامج "بريفينت"، وهذا يشكّل خللاً أساسياً يجب معالجته".
وخلص بحث أجراه مكتب رئيس البلدية كُلّف به قبل إعلان الحكومة مراجعتها لبرنامجها لمكافحة التطرف الأسبوع الماضي، إلى ضرورة إصلاح هذا البرنامج. كما أظهر الاستطلاع أن حوالي ثلثي اللندنيين لا يعرفون كيف يطلبون الدعم بشأن مخاوفهم من الإرهاب، فيما ذكر أقل من ربع الأشخاص الذين أجابوا على الاستطلاع فقط أنهم يستطيعون اكتشاف بوادر التطرّف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووجّه خان نداء لتجديد الجهود المبذولة لتعزيز التماسك والتسامح وسط الانقسامات الشديدة في شأن بريكست. وقال أن "التهديد الحقيقي والمستمر للتطرّف العنيف يثقل كاهلنا بشكل يومي". وأضاف أن "أنسب طريقة ممكنة لتكريم الذين فقدناهم لا تكون فقط من خلال ضمان التزامنا بالقيم التي نعتز بها ويكرهها المتطرّفون، كالديموقراطية والعدالة والمساواة والانفتاح على الآخرين، بل كذلك أن نُصبح أفضل بكثير في استئصال أولئك الذين يسعون إلى نشر هذه الأيديولوجيات الخبيثة".
وقال خان للاندبندنت أنه بالرغم من أن بريطانيا لم تشهد أي هجمات إرهابية العام الماضي، إلا أنه تم إحباط 18 مخططاً إرهابياً، كما ازداد تهديد الإسلاميين والمتطرّفين اليمينيين على حد سواء.
وأضاف ان "ما يتوجب علينا عمله هو منع الناس من الإنضمام إلى الإرهاب، وهذا يعني مكافحة التطرّف العنيف"، مردفاً أن هذا "التهديد ما زال حاضراً".
وقال العمدة أنه تحدّث إلى أفراد من الطبقة العاملة من اللندنيين البيض ومواطنين مسلمين من أصول مهاجرة ممن يشعرون أن الدولة تهملهم. وأضاف "إذا نظرنا إلى مسارات التطرّف التي يتخذها المتطرّفون اليمينيون، فإنها متشابهة إلى حد كبير وتلك التي تتخذها الجماعات الإسلامية ".
وأضاف أن هناك بعض"الناس الذين لا يشعرون بالإنتماء ويخافون من الطرف الآخر ويشعرون بالظلم. ومن ثم يأتي أحدهم تكون شخصيته جذابة في العادة، ويجعلهم يميلون إلى وجهات النظر العدمية التي يتبنونها في الغالب ويقدّمونها على انها الحل... أصبح الناس يؤخذون نحو الراديكالية ويتم إعدادهم فيما هم في غرف نومهم عن طريق الإنترنت".
وأشار خان إلى انه يشعر بالقلق من أن يؤدي بريكست إلى ارتفاع في معدل جرائم الكراهية، مثلما حدث عقب استفتاء 2016 حول البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، وقال أن الشرطة كانت لديها آنذاك خطة طوارئ للتعامل مع أي اضطرابات مدنية محتملة.
يُشار إلى ان خان استُهدف شخصياً من قِبل ناشطين يمينيين وجماعات معادية للإسلام، بما في ذلك أصحاب "السترات الصفراء" البريطانيين،الذين يحمّلونه مسؤولية ارتفاع معدلات الجريمة ومظالم اخرى.
وكثيراً ما يقوم المتطرّفون بنشر صور مركبة و"ميم" إنترنت عنصرية عن خان على مواقع التواصل الاجتماعي. وأقدم نقّاد على تحصيل تمويل جماعي على الإنترنت لمجسم بالونيّ يمثل عمدة لندن مرتدياً ملابس سباحة (بيكيني) تقليداً لاحتجاج سابق مناهض لـ دونالد ترمب.
كما ان الشخص الذي اعتدى على فينسبوري بارك، دارين أوزبورن، سمى السيد خان في رسالة انتحار كتبها، قبل إقدامه على عملية دهس بواسطة شاحنة صغيرة استهدفت مسلمين.
وقال العمدة أن النقد اللاذع صدر من "أقلية صغيرة من الناس الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن كراهيتهم نحوي"، وأضاف: أن "ما يهم هو عدم السماح للكارهين بالنجاح من خلال السماح لهم بالتأثير عليكم. أنه أمر مقلق للأصدقاء والعائلة، ولكن هناك عدد أكبر من الناس المحترمين يفوق عدد الأشخاص ذوي الأطباع الفظيعة والمسيئة".
© The Independent