مسيرتُها الفنيّة زاخرةٌ بالأعمال السينمائية المشهود لها، وتاريُخها الفني تركَ بصمة واضحة بين أبناء جيلها، إذ شاركت كبار النجوم على رأسهم عادل إمام ونور الشريف وأحمد زكي في أفلام تعدُّ من علامات السينما المصرية المضيئة، تمرّدت على دور الفتاة الاستعراضية، فتفجّرت موهبتها التي تكللت بكثيرٍ من الجوائز الفنية... إنها الفنانة المصرية لبلبة.
"اندبندنت عربية" تحدّثت مع الفنانة عن أهم محطات حياتها الفنيّة، وكواليس علاقتها بعادل إمام، وكيف أثّر المخرج عاطف الطيب في مشوارها الفني، ولماذا ضحّت بحياتها وحلم الأمومة من أجل الفن، وعلاقتها بالجيل الجديد من الفنانين، ومعايير اختيارها الأدوار التي تُقبل عليها، وعن ارتدائها الحجاب في بعض الأعمال، ولماذا رفضت عروض التحكيم في مسابقات المواهب. فإلى الحوار.
فضّلتُ الفن عن الحياة الخاصة
في البداية انطلق الحديث من حاضر الفنانة، حيث حُرِمت لبلبة من نعمة الأمومة، إذ لم تتزوج، وعن ذلك تقول، "ضحيتُ بحياتي الخاصة والأسرة والبيت والزواج والأطفال، وتفرَّغت لفني، وأخلصتُ إليه".
وهنا قاطعتها: أين التعارضُ بين تكوين الأسرة والحياة الخاصة وأن تكوني فنانة جيدة؟ وبررت قائلة، "الإخلاصُ في الفن يسرقُ العمرَ، كنا مشغولين ومهمومين بحياتنا الفنيّة، وقراءة الموضوعات والأفلام، ونترقّب كيف سنقدمها وننفذها؟ وهل ستكون جيدة أم لا؟ ونركّز في العمل المقبل فقط. وهذا في حد ذاته لا يقبل بوجود أي شريك، لذا معظم جيلنا فضَّل الفن على الحياة الخاصة" .
الله اختارني للفن
وعن شعورها في الوقت الراهن، وهل أصابها الندم جراء إخلاصها للفن على حد قولها، أضافت الفنانة المصرية، "لم أندم لحظةً، ولا يمكن أن أترك نفسي أفكّر بهذا الشكل. في النهاية هو قدرٌ ونصيبٌ، وهذه إرادة الله، الذي أرادني أن أعطي كل عمري للفن. ثم ماذا أريد من الحياة الخاصة؟ شخصٌ يحبني مثلاً؟ جمهوري يحبني، والجمهور يحب الفنان دون غرضٍ، وحبه ليس مثل أي حب آخر".
قدَّمت لبلبة آخر أعمالها مسلسل "الشارع اللي ورانا"، وجسَّدت دور (ميتة)، وترددت في الموافقة عليه كثيراً، وحول هذه التجربة تقول، "عَرضَ عليّ المخرج مجدي الهواري الدور، وقال لي: (هتعملي دور ميتة إنتي وكل الأبطال)، وطبعاً أصابني الخوف، فلم أقدم دور (ميتة) أو روح، فالجمهور اعتادني مُبهجة، فكيف يستقبلني وأنا (ميتة) أو روح؟ لكن عندما قرأتُ السيناريو وجدت المشاهد مكتوبةً بعنايةٍ، والحوارُ كان رائعاً جداً، فتشجّعت على العمل".
وأضافت، "المسلسل كان 30 حلقة فقط، لكن القناة العارضة طلبت 15 حلقة أخرى، فاستكملنا العمل في ديكور، وحقق المسلسل نجاحاً، ولو كان الموضوع قُدّم سينمائياً كنت سأُقبل عليه دون خوف، لكن في الدراما الأمر بالنسبة إليّ مرعبٌ، خصوصاً أني أخشى من الدراما، ولم أكن أبداً من نجومها، بل كان مشواري سينمائياً".
لست دويتو عادل إمام
وعلى ذكر الدراما، فالنجم المصري عادل إمام كان سبباً في دخول لبلبة عالم الدراما بمسلسل "صاحب السعادة"، تقول "الزعيمُ من أهم الناس في حياتي، وأحبنا الجمهور معاً كثنائي عمل، وحققت أفلامنا نجاحاً كبيراً، وأعتبره من أبرز العلامات في حياتي الفنية، وأحب عائلته جداً، وأشجّع نجليه محمد ورامي من كل قلبي، ومؤمنة بموهبتهما".
وأضافت، "سينمائياً عادل إمام مهمٌ في مشواري الفني، وفي الدراما فوجئت به يحدثني ذات مرة قائلاً: (إنتي هتعملي دراما معايا السنة دي)، فترددت، وقلت: (دراما إيه! أنا ماعرفش أتعامل مع الدراما، دول 3 كاميرات، وأنا متعوّدة على كاميرا واحدة في السينما)، فضحك الزعيم وقال: (ستتعاملين مع كاميرا واحدة فقط، واعتبري نفسك أمام عمل سينمائي، وما تخافيش أنا معاكي. بس مثلي إنتي وبس)".
وتابعت، "أقنعني عادل إمام، وشاركته مسلسل (صاحب السعادة)، وأُجهدتُ وأجهدته جداً هو والمخرج رامي إمام في أيام التصوير الأولى، لكن بعد ذلك سارت الأمور بشكل طبيعي".
واستكملت الفنانة المصرية، "العمل مع الزعيم متعةٌ حقيقيةٌ لأي ممثل، عادل فنانٌ محترمٌ ودقيقٌ، كما تمتعت بوجود انسجام بيننا، وأعترف بأنني لست الثنائي النسائي معه، بل الفنانة يسرا هي الدويتو الخاص به".
عاطف الطيب فجّر موهبتي
على يد المخرج الراحل عاطف الطيب، تحوَّلت لبلبة من "استعراضية" إلى فنانة مميزة تفجّرت مواهبها، وعن تلك المحطة الفنية في حياتها تقول، "الطيب صاحب فضل كبير عليّ في العمل الفني، مدرستُه الفنيّة واقعيّة ومهمة، وتميّزت أعمالُه بالجرأة والثقل الفني".
وأضافت، "في الوقت الذي كنت فيه فنانة استعراضية تقوم بالرقص والغناء، فاجأني عاطف الطيب باختياري في فيلم (ضد الحكومة)، وكان الدورُ جاداً ومهماً ومختلفاً، وعندما قرأت العمل شعرت بخوفٍ كبيرٍ، لكنه طمأنني قائلاً: (إنتي هتكوني مفاجأة الفيلم)، وشاركت بالعمل، لكن الرقابة حذفت ثلاثة مشاهد مهمة، وحزنتُ وقتها، فوعدني الطيب بدور أقوى، وأنه سيعوّضني في فيلمٍ آخر".
وتابعت لبلبة، "سمعتْ والدتي وعد عاطف الطيب لي بدور أهم، فضحكت وقالت: (سيبك منه)، فردّ عليها (والله هاعوضها بدور هتاخد فيه جوايز)، وصدق الطيب ورشّحني إلى فيلم (ليلة ساخنة)، وحصدت عنه جوائز كثيرة".
أدوار الشرف... وعقدة المساحة
وعن الأدوار الجريئة في مسيرتها الفنية قالت لبلبة، "رفضت فيلم (النعامة والطاووس) للمخرج محمد أبو سيف ثلاث مرات، إذ إني كنت خائفة من جرأته، ومناقشته المشكلات الحساسة في العلاقات الزوجية، وفي كل مرة أرفضه يعود أبو سيف ويعرضه عليّ مرة أخرى، وكذلك فيلم (جنة الشياطين) كان جريئاً ومهماً جداً".
وأضافت، "أختار العمل المتكامل، فلا بد أن يكون الفيلم جيداً من حيث الكتابة والإخراج والإنتاج، لأني (مش هضحّك الجمهور عليّ بعد العمر ده كله). أنا أمثّل منذ كنت طفلة، وأعرف جيداً ماذا أقدّم وكيف أختار".
شاركت لبلبة جيل الشباب في أعمال كثيرة، مثل كريم عبد العزيز في فيلم "الفيل الأزرق"، وأمير كرارة، في فيلم "كازابلانكا"، وعن هذا تقول "أحبهم جداً، وهم يحبونني أيضاً، ويحبون التعاون معي، وسعيدة بهذه الحالة، نحن نتعاون معاً لخروج أفضل ما يمكن، وأختار أفضل ما يعرض عليّ، وفي بعض الأعمال قَبِلتُ أن أكون ضيفة شرف مثل (الفيل الأزرق 1)، إذ حدّثني مروان حامد، وطلبني في دور مديرة مستشفى الأمراض العقلية، وحقيقي الاختيار كان غير متوقع، ورحّبت به، لأنه يشكل تحدياً حقيقياً، لكني وافقت وتفهّمت أني بالفيلم (ضيفة شرف) ليس أكثر".
وعن تجربتها في فيلم "كازابلانكا" مع أمير كرارة قالت، "التجربة أعجبتني، لكن الفيلم كان طويلاً، فاختصروا من دوري أربعة مشاهد، لكني سعدتُ بالتجربة جداً مع أني ضيفة شرف أيضاً، وأحب أمير كرارة، فهو ممثل جميل ومجتهد، والعمل معه رائع".
وأضافت، "ليس لديّ عُقدة المساحة في الدور ما دام الدور جيداً، وأقبل فقط ما يتناسب مع قناعاتي، وأحب الأدوار الصعبة، وأعشق الأعمال التي تجعل وجهي يتغير مئة مرة أثناء التمثيل".
أحب الحجاب... ولكن
ارتدت لبلبة الحجاب في فيلمي "عائلة ميكي" و"الفيل الأزرق"، تحكي الفنانة عن شعورها وهي تخوض تلك التجربة قائلة، "أنا فنانةٌ مرنةٌ جداً، متصالحةٌ مع نفسي، فلا أقول هل سأظهر محجبة؟ وهل سيُقلل ذلك من شكلي؟ بالعكس أنا أحببت شكلي في الحجاب جداً، ولا مانع لديّ من تقديم أدوار جديدة بالحجاب".
لا أحد يشبهني
وسألنا لبلبة هل توجد نجمة تعتبرها خليفة لها أو تشبهها، وردت قائلة، "لا يوجد لي خليفةً، ولا أرى من يشبهني، فلا أحد يشبه أحداً مثل بصمة الإصبع. عبد الحليم حافظ هل وجدنا شخصاً يشبهه في موهبته رغم مرور عشرات السنين على رحيله؟ الإجابة لا، لا أحد خليفة لأحد في الحياة".
رفضت لبلبة بعض الأعمال، ثم عادت وقبلتها، منها فيلم (فرحان ملازم آدم) مع ياسمين عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب، وعن هذا قالت، "(فرحان ملازم آدم) رفضته أمي، وقالت لي (ملناش دعوة بالسكة دي)، لأنه دور أم تحب حبيب ابنتها. وهو قاسٍ جداً في وجهة نظر أمي التي كانت تختار لي كل شيء، وكانت بوصلة حياتي فهي من صنعتني، ووضعت قدميّ في الفن، وأنا طفلة لا أفهم شيئاً، لكن الكاتب محسن زايد أقنعني بالدور، وقال إنه دور امرأة متصابية، وفي العشوائيات توجد نماذج منه، وجعلني أتخفى وأنزل لأرى العشوائيات على الحقيقة. وجسّدت الدور وحقق نجاحاً".
وتحدّثت لبلبة عن أقرب أفلامها إلى قلبها، وقالت "أحب كل أفلامي مع عادل إمام، وفيلم (ليلة ساخنة) الذي حصلت على 13 جائزة عنه، إضافة إلى فيلمي (إسكندرية نيويورك)، و(الآخر) اللذين رشحني إليهما المخرج العالمي يوسف شاهين".
لست مقدمة برامج ولا محكمة
وعن ابتعاد لبلبة عن المسرح، وهل يمكن أن تقبل الوقوف عليه مجدداً، قالت "قدمت 7 مسرحيات فقط، واخترت أفضل ما عرض عليّ، لأني أختار الأهم، وإذا عرض عليّ حالياً مسرحٌ جيدٌ لن أتردد في أن أقدم العمل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الختام سألنا الفنانة المصرية هل يمكن أن تقدم برامج تلفزيونية؟ فردّت "ليست مهنتي، ولا أحب أن أقدم عملاً لا أتقنه، فلا أتصوّر أن أسأل الفنانين أسئلة تُتلى عليّ في سماعة الأذن، وأردد أسئلة معدّة لي مسبقاً، لا أتخيل ذلك أبداً، ولا يناسبني على الإطلاق. أنا ممثلة وفقط".
وأضافت "أمَّا بالنسبة إلى برامج تحكيم الرقص والتمثيل، فعرضت عليّ برامج ورفضتها، لأني أخشى أن أقيّم شخصاً أو أكسر قلبه بالرفض أو أُقصيه خارج البرنامج. لا أستطيع تحمّل هذه العبء مع احترامي لكل من يشارك في هذه البرامج، لكن أنا لا يمكن أن أحطم حلم أحد" .