وخرج أمير الكويت عن صمته معبراً عن استيائه من التراشق الإعلامي الذي صاحب استقالة الحكومة.
وقال الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في كلمة بثت على الهواء مباشرة "لقد ساءني وآلمني في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث وتطورات أن نرى هذا التراشق في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وتبادل الإساءات والاتهامات."
وأكد أن حل القضايا القانونية لا يجب أن تتم عن طريق ساحات الإعلام مضيفا "نحن في دولة دستور وقانون ومؤسسات تكفل للجميع حق اللجوء للقضاء في مواجهة شبهات الفساد أو التجاوز على المال العام وهو قضاء مشهود له بالاستقلالية والنزاهة وموضع تقدير واعتزاز الجميع وهو أمر يغني عن تبادل الاتهام في ساحة الاعلام".
وشدد أمير الكويت بأنه " لن يفلت من العقاب أي شخص مهما كانت مكانته أو صفته وتثبت ادانته بجرم الاعتداء على المال العام فلا حماية لفاسد وسيكون هذا الملف محل متابعتي شخصيا".
وذكر أن حماية حرية التعبير لا يعني السماح بما يمكن أن يهدد استقرار البلاد "إذ نؤكد إيماننا الصادق بحرية الرأي والتعبير فان ذلك لا يعني ابداً ان نسمح بما قد يهدد أمن البلاد واستقرارها والدخول في متاهة الفوضى والعبث المدمر وهي تجربة مؤلمة عاشها الشعب الكويتي وعاني مرارتها وقساوتها".
وأعفى أمير الكويت، اليوم الاثنين، وزيري الدفاع والداخلية من مهامهما في حكومة تصريف الأعمال بعد تراشق بين الوزيرين حول دواعي استقالة الحكومة.
وقبل أمير الكويت استقالة الحكومة، الخميس الماضي، متبعاً إياها بقرار تكليف الحكومة ذاتها لتصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، قبل أن يصدر مرسوماً، اليوم الاثنين، بإعفاء كلٍ من وزير الداخلية خالد الجراح ووزير الدفاع ناصر الصباح من حكومة تصريف الأعمال، وتعيين الشيخ جابر مبارك الصباح رئيسا للوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن المبارك اعتذر عن تولي المهمة، حسبما أفادت وكالة الأنباء الكويتية في وقت مبكر من صباح الاثنين.
وبرر الصباح رفضه بما طاله من "افتراءات وادعاءات بها شبهة مساس بذمته"، بعد أن وجهت له تهم بالدفع باستقالة الحكومة للهروب من مساءلة مجلس الأمة في مخالفات وشبهة جرائم متعلقة بالمال العام تجاوزت 240 مليون دينار كويتي (790 مليون دولار) من "صندوق الجيش"، مضيفاً "أجد من الواجب علي أولا أن أثبت براءتي وبراءة ذمتي وإخلاصي في خدمة وطني، وما يستلزمه ذلك من أن أرفع لشخصكم الاعتذار عن هذا التعيين راجيا تفضلكم بقبوله".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صندوق الجيش
قد لا تكون ملفات الشبهات التي أحاطت بصندوق الجيش هي القضية الوحيدة التي عصفت بالحكومة، إلا أنها القضية الأكثر جدلاً في الكويت.
فـ"صندوق الجيش" الذي أنشئ في وزارة الدفاع، بهدف تقديم خدمات اجتماعية إنسانية لمنتسبي الوزارة، تصدر مشهد الفوضى السياسية في الكويت بعد أن كشف وزير الدفاع الكويتي الشيخ ناصر الأحمد الصباح، أمس الأول أن الأسباب الحقيقية لتقديم الحكومة استقالتها هو "تجنبها تقديم إجابات بشأن ما تم توجيهه من استفسارات لرئيس مجلس الوزراء حول التجاوزات التي تمت في صندوق الجيش والحسابات المرتبطة به"، نافيا ما يثار بشأن خلافات شخصية بينه وبين أعضاء مجلس الوزراء، أو أن تكون الرغبة في إعادة ترتيب الفريق الحكومي سببا في الاستقالة.
وفي بيان له قال الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، إنه أبلغ النائب العام بهذه التجاوزات والمتسببين بها، موضحا تفاصيل الأزمة منذ بدايتها وحتى استقالة الحكومة الخميس الماضي، مؤكداً في الوقت نفسه أن التجاوزات المالية في صندوق الجيش سبقت توليه حقيبة الدفاع.
وبرر الصباح تصريحه بتفاصيل القضية بأن ديوان المحاسبة وجه العديد من الخطابات الرسمية لوزارة الدفاع، واستفسارات من قبل بعض النواب، وحاول البعض منهم "التلميح بمساءلتي فيما يتعلق بالعديد من تلك التجاوزات، وكأنها تمت بموافقتي وقبولي وأثناء فترة تسلمي لحقيبة الوزارة"، الأمر الذي استدعى كشف القضية بعد فشله في الحصول على أي توضيحات من قبل رئيس مجلس الوزراء، بحسب قوله "وجهت عدة مخاطبات منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي إلى رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، لاستيضاح الحقيقة بشكل كامل، وتبرير عمليات التحويل الضخمة التي تمت في شبهة هذه التجاوزات، واتخاذ القرارات الصائبة والواجبة العمل بها".
الاتهامات التي ألقى بها الصباح استدعت رداً من قبل خالد الجراح، وزير داخلية حكومة تصريف الأعمال، الذي شغل منصب وزير الدفاع قبل ذلك، ليصدر بياناً رفض فيه "ما أثير من اتهامات وطعن بذمته المالية دون دليل"، مؤكدا أنه "على أتم الاستعداد للمثول أمام القضاء الكويتي لكشف الحقيقة المخفية بشأن صندوق الجيش وحساباته"، وفقما ذكرت صحيفة الأنباء الكويتية.
واتهم الجراح وزير الدفاع الكويتي بأنه "تعمد إخفاء الحقيقة الكاملة عن الشعب الكويتي، لاسيما الردود الواردة له وفي هذا التوقيت بالذات بعد استقالة الحكومة، رغم ادعائه بعلمه بالشبهات منذ أكثر من 7 أشهر، مما يثبت الأهداف والتطلعات السياسية التي يبتغيها، التي لا تنطلي على أهل الكويت ولا تغيب عن فطنتهم".
وصرح رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، اليوم، بأنه قضية "صندوق الجيش" ستكون على طاولة المجلس في جلسته المقبلة للنقاش حول ملابسات ما تم كشفه اليوم.
سلسلة الاستقالات
وكان رئيس مركز التواصل الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة طارق المزرم، أعلن، الخميس الماضي، أن الشيخ جابر المبارك الصباح قدّم استقالة الحكومة لأمير البلاد حتى يتسنى له ترتيب العمل الوزاري. وأرجع رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، استقالة الحكومة إلى عدم تجانسها.
إلا أن الاستقالة جاءت قبل أسبوع واحد من جلسة برلمانية كان من المفترض أن يتم فيها التصويت على كتاب بسحب الثقة من الحكومة، تقدم به عشرة نواب ضد نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية خالد الجراح، بتهم متعلقة بهدر المال العام وعدم التصدي للحسابات الوهمية، التي "تثير الفتنة" على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تكن الاستقالة الأولى، فقبل استقالة الحكومة بأيام، استقالت وزيرة الأشغال العامة ووزيرة الدولة لشؤون الإسكان جنان بوشهري بعد تقدم عشرة نواب بكتاب لسحب الثقة، وقالت بوشهري عقب استقالتها "استقلت لأن الإصلاح أصبح مستحيلا، ولأن الشركات أقوى في قاعة عبد الله السالم (القاعة الرئيسة في مجلس الأمة الكويتي)"، وأضافت الوزيرة الكويتية، "وقفت برأس مرفوع وأنا أواجه استجواب المقاولين والشركات وليس نواب الأمة".
وكان وزير المالية نايف الحجرف، استقال في أوائل الشهر الحالي بعد تقدم النائب هايف المطيري، بطلب استجواب ضده يتعلق بمخالفة وزارة المالية لتعاليم الشريعة الإسلامية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية واعتماد نظام ربوي مخالف للشرع، علاوة على السماح باكتتاب المواطنين في شركتي الزور والبورصة. وقبل ساعات من استقالة الحكومة.