عُثر للمرة الأولى في المملكة المتحدة على طفيل تحمله حشرات القراد يمكن أن يكون مميتاً في حال انتقاله إلى الإنسان. في الواقع، يتسبَّب ذلك الكائن المتناهي الصغر، الذي يُدعى "بابسيا فيناتوروم" B venatorum، بداء حيوانيّ المنشأ يُعرف بأنّه عدوى ناشئة لدى البشر تُسمى "البابسيات" babesiosis، أو "حمى تكساس".
وفي هذا السياق، حذَّر "المركز الأوروبيّ للوقاية من الأمراض ومكافحتها" من أنّ أعراضاً على غرار الإنفلونزا واليرقان قد تظهر على المصابين، فيما أنّ الحالات الشديدة من المرض قد تؤدي إلى الوفاة.
وعلى مدى العقدين الماضيين، سُجلت حالات إصابة بذلك الداء على نطاق واسع في الصين وفي أوروبا أيضاً، علاوة على إصابتين بشريتين مؤكّدتين في إيطاليا. ولكن على خلاف ذلك لم تظهر أية حالة في المملكة المتحدة سابقاً.
غير أنّ دراسة أجراها علماء في جامعة "غلاسكو" الاسكتلندنيّة تشير إلى العثور على أغنام في شمال شرق اسكتلندا مصابة بطفيل البابسيا.
واللافت أنّ تلك الطفيليات الصغيرة التي تعود إلى صنف العنكبوتيات، ويمكن أن تحمل أمراضاً أخرى على غرار داء "لايم"، تزداد انتشاراً في أجزاء من المملكة المتحدة، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع في أعداد الغزلان.
ولما كانت تلك الكائنات تعيش بين الأشجار والحشائش يمكن أن تلتصق على البشر خلال سيرهم على الأقدام عبر الأشجار المتشابكة والأعشاب الطويلة.
وفي سياق متصل، قال الدكتور ويلي وير، وهو من كبار الأطباء السريريين الجامعيين، "إنّ وجود "ب. فينيتوروم" في المملكة المتحدة يمثِّل خطراً جديداً على الناس الذين يعملون أو يعيشون أو يتنزهون في المناطق حيث توجد حشرات تحمل هذا الطفيل وأنواع مصابة من الماشية، خصوصاً الأغنام منها. وعلى الرغم من أنّنا نعتقد أنّ الخطر الذي يتهددَّ البشر سيكون طفيفاً، يحتاج الاختصاصيِّون في الصحة والبيطرة المحليِّون إلى أن يكونوا ملمين بالمرض إذا ما أردنا الإحاطة على نحو كامل بالمخاطر الصحيَّة الناجمة عن الأمراض المنقولة بالقراد في المملكة المتحدة".
وخلال الدراسة، جمع العلماء عينات دم من أغنام وأبقار وغزلان موجودة في شمال شرقيّ اسكتلندا في مناطق اُكتشفت فيها سابقاً الأمراض التي تنقلها حشرة القراد.
وفي نتائج التحاليل، اكتشف الخبراء حمضاً نووياً يعود إلى الطفيل في عينات دم أعداد كبيرة من أغنام لم تظهر عليها أيّ علامات للمرض، ما يجعلها حيوانات حاملة للعدوى.
أمّا مصدر ذلك الطفيل، فيعتقد الباحثون أنّ "بي. فيناتوروم" وصل إلى المملكة المتحدة عن طريق الطيور المهاجرة من الدول الاسكندنافيّة. وبالتالي، تثير معرفة مصدر الطفيل المميت أوجه القلق بشأن السياسة الأوروبيّة المتعلقة بالصحة العامة والزراعة، وذلك استناداً الى الدراسة التي ستنشر في عدد ديسمبر (كانون الأول) من مجلة "الأمراض المعدية الناشئة".
وأضاف وير، "تأتي نتائجنا بعد التقرير الأخير الذي كشف عن فيروس التهاب الدماغ المنقول بحشرات القراد في المملكة المتحدة. مجتمعةً، تشير تلك النتائج إلى حدوث تغيير في مشهد مسببات الأمراض التي تنتقل عن طريق حشرات القراد في المملكة المتحدة، وفي الأسباب الكامنة وراء ذلك التي يتعيّن التحقيق فيها".
في الشهر الماضي، حذَّرت "هيئة الصحة العامة" في إنجلترا من أنّها اكتشفت مرضاً مُعدياً يمكن أن يُلحق الضرر بالدماغ وينتقل إلى البشر عن طريق لدغات القراد.
كانت تلك المرة الأولى التي يُكتشف فيها فيروس التهاب الدماغ الذي يحمله القراد في المملكة المتحدة.
وذكرت الهيئة أنّ الخطر "منخفض جداً"، ولكنها على الرغم من ذلك تبحث في مدى انتشار إصابات حشرات القراد.
تغطية إضافية من "برس أسوسيشن".
© The Independent