وقفات تضامنية ودعوات إلى الإضراب ومساندة لوجستية للمتظاهرين، هكذا بدت جهود نقابات واتحادات العراق، فمنذ الأيام الأولى لاندلاع شرارة التظاهرات أصدرت النقابات بيانات الاستنكار لقمع المتظاهرين وأعلنت وقوفها مع مطالب المتظاهرين.
الإضراب سلاح النقابات
سلسلة الدعوات إلى الإضراب توالت مع زيادة القمع بحق المتظاهرين وعدم استجابة الحكومة لمطالب الإصلاح، فأعلنت نقابة مزارعي العراق في بيان الدعوة إلى الإضراب العام حتى تحقيق مطالب المتظاهرين. وأوضح البيان أن "النقابة تعلن الإضراب المدني عن العمل في كل الاتحادات المحلية والفرعية والجمعيات، إلى حين تلبية مطالب المتظاهرين السلميين بتوفير فرص العمل والضمان الصحي والسكن والعيش بكرامة".
دعوات الإضراب أطلقتها نقابة المعلمين أيضاً، إذ دعت في 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الهيئات التدريسية والتعليمية إلى إضراب عام للتضامن مع المتظاهرين لمدة أسبوع ومددته لأسبوع آخر قبل أن تنهي الإضراب وتعلن العودة إلى العمل في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، حفاظاً على سير العملية التربوية، وبعدما أوصلت من خلال إضرابها رسالتها الاحتجاجية.
أما نقابة المحامين فلم تكتف بالإضراب والامتناع عن الترافع أمام المحاكم، بل شكلت لجاناً مهمتها الدفاع عن المتظاهرين السلميين الموقوفين والمعتقلين. أما الممرضون أصحاب الدور الفعال في الميدان، فدعت نقابتهم باستمرار في بياناتها إلى الاستعداد الكامل لتقديم كل الخدمات العلاجية، موضحةً في بيان نشرته أخيراً على موقعها الرسمي دعمها للمتظاهرين، إذ أكدت "مواصلة الدعم والتأييد لمطالب المتظاهرين الثائرين والاستعداد الكامل لتقديم كل الخدمات التمريضية والعلاجية، وأن تتحمل نقابتنا كل تلك الإجراءات وتتكفل بذلك في كل محافظات العراق، فضلاً عن فرق التمريض في المفارز التمريضية".
نقابة المهندسين دعت منتسبيها في بيان إلى الاستمرار بالاعتصامات السلمية وتعليق العمل في المؤسسات غير الرسمية، كما طالبت منتسبيها والعاملين في الدوائر العامة إلى تنظيم وقفات احتجاجية في دوائرهم لمدة نصف ساعة لضمان استمرار تقديم الخدمات للمواطنين. كما طالبت القوات الأمنية بوقف استهداف المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع والذخائر الحية حفاظاً على أرواحهم. وأكد البيان استمرار النقابة في دعم مطالب الشعب ومساندته في الاعتصامات بكل الوسائل الممكنة إلى حين تحقيق المطالب المشروعة.
مع اقتراب إكمال التظاهرات شهرها الأول قدّمت نقابات واتحادات العراق المهنية خريطة طريق للسلطات الثلاث، إذ أوضحت في بيان نُشر في معظم المواقع الرسمية للنقابات واتحادات العراق "أننا ولكوننا مؤسسات مهنية منتخَبة من شرائحنا المهنية التي تمثل عماد الدولة ومحركها، وحيث أننا جزء لا يتجزأ من الحراك الشعبي نضع خريطة طريق ندعو فيها السلطات إلى العمل من خلالها".
البيان الذي وقِع من قبل 20 نقابة واتحاد طالب بالإسراع بتعديل قانون الانتخابات بما يؤمن التمثيل المتوازن والانتخاب الفردي وتغيير مفوضية الانتخابات. كما طالب البيان بضرورة إجراء انتخابات مبكرة وبإشراف دولي. ولأن العملية السياسية لن تنتج إلا نفسها، طالب البيان بتكليف مجلس النواب الجديد المنتخب بإدخال تعديلات على الدستور لتجديد وتصحيح العملية السياسية برمتها.
وطالب البيان بضرورة وقف الإجراءات التعسفية المتخذة ضد المتظاهرين السلميين، والكشف عن الجناة الذين تسببوا بسفك دماء المتظاهرين والقوات الأمنية، وحصر السلاح بيد الدولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أيدٍ "وطنية نزيهة"
وأوضح العيساوي أن سبب الفساد هو الخلل الدستوري وفساد الطبقة السياسية، مؤكداً أن "قطاع التعليم يواجه حاله حال القطاعات الأخرى، انهياراً كارثياً، فلا يُستغرب خروج العراق من قائمة جودة التعليم بعد ارتفاع نسبة الأمية، إذ بلغ عدد الأميين بحسب الجهاز المركزي لمحو الأمية، 8 ملايين أمي، جلهم من الشباب، كما أن قطاع التعليم بحاجة إلى 20 ألف مدرسة".
وأكد العيساوي أن النقابة راقبت التظاهرات منذ بدايتها في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومع إيمانها بضرورة تصحيح العملية التربوية، تساند أيضاً مطالب الشعب الرافض لتردي الخدمات وسوء الطبقة الحاكمة، لذلك كان على النقابة أن توصل رسالة قوية من خلال إعلانها الإضراب لمدة أسبوعين، مفادها "أننا مع المتظاهرين السلميين لتحقيق مطالبهم وضد ما تعرضوا له من قمع بشكل لا يتفق مع بنود الدستور التي تكفل حرية التظاهر".
وطالب العيساوي بتحقيق مطالب المتظاهرين عبر آليات الدولة وليس عبر الفوضى، مؤكداً ضرورة إقرار قانون انتخابات يحفظ للصوت العراقي مكانته وتشكيل مفوضية جديدة وإعادة النظر بكثير من بنود الدستور وتعديله بأيادٍ نزيهة وإعطاء السلطة لمَن هم مهنيون.
أما عضو المكتب التنفيذي لنقابة العمال مازن الجنديل، فأوضح أن "التظاهرات السلمية العفوية التي رفعت شعار "أريد وطناً" كان لا بُد للنخب والنقابات أن تترجم هذا الشعار لخريطة طريق تضعها أمام السلطات، فبنود الاتفاق الذي أجمعت عليه النقابات، يُعد بمثابة بلورة لأفكار المتظاهرين وقراءة لمطالب الشارع العراقي"، مؤكداً ضرورة تعديل بعض بنود الدستور وإلغاء مفوضية الانتخابات، التي وصفها بغير المستقلة، وإبعادها عن سطوة الأحزاب وأن تقود المفوضية شخصيات نزيهة ووطنية تعي ما يجري في العراق، مؤكداً أن "الشعب العراقي أصبح لا يؤمن بالعملية السياسية التي تقودها هذه الفئة الحاكمة".