قال مصدر مطلع في منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط "أوبك"، إن اللجنة الفنية المشتركة للمنظمة، التي تتولى استعراض وضع سوق النفط، حددت موعدا لعقد اجتماع يوم الثالث من ديسمبر (كانون الأول) المقبل في فيينا.
وتجتمع منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" في الخامس من ديسمبر المقبل في فيينا، وتعقب ذلك مباحثات مع منتجي نفط آخرين، بينهم روسيا، الذين اتفقوا على خفض الإنتاج لدعم الأسعار، وهي المجموعة المعروفة باسم "أوبك+".
وأكد مدير وكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، أنه يتعين على دول "أوبك"، التي من المقرر أن تجتمع الأسبوع المقبل لمناقشة مستويات إنتاجها من النفط، اتخاذ القرار المناسب للاقتصاد العالمي الذي ما زال "هشا للغاية".
وأوضح، خلال مقابلة على هامش مؤتمر للطاقة في أوسلو، "القرار بأيدي دول أوبك، لكن ما أراه هو أن الضغط على أوبك زائد روسيا قوي، نتيجة للنمو القوي من الدول خارج المنظمة؛ الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج وجيانا وغيرهم. سيكون هناك الكثير من النفط في السوق. لدي أمل في أن يتخذوا القرار المناسب لأنفسهم وللاقتصاد العالمي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مستقبل غامض يواجه النفط الأميركي
في سياق متصل، تواجه صناعة النفط في الولايات المتحدة مستقبلاً غامضاً، حيث إن العالم يستيقظ سريعاً على حدة تهديد التغير المناخي. وتأتي هذه الرؤية وفقاً لتحليل حديث نشرته وكالة "بلومبيرغ أوبينيون". وفي الوقت نفسه، أصبحت السيارات الكهربية رخيصة بما يكفي للتنافس مع محركات الاحتراق الداخلي. وتوقعت الوكالة أن تبدأ السيارات الكهربية في الهيمنة في غضون عقد تقريباً.
من ناحية أخرى، تؤدي المخاوف من تلوث المياه الجوفية إلى تزايد الدعوات بشأن حظر التكسير الهيدروليكي، وهو المصدر الرئيس لزيادة الإنتاج الأميركي من النفط خلال العقد الماضي. لكن لا يعني ذلك أن صناعة النفط سوف تنتهي، حيث إن المواد البلاستيكية، التي يشتق غالبيتها من النفط، ستظل مهمة لمجموعة كبيرة ومتنوعة من التطبيقات الاستهلاكية والصناعية. كما أن الطائرات والسفن سوف تستغرق وقتاً أطول للتحول بعيداً عن الوقود القائم على النفط.
تحليل "بلومبيرغ" أشار إلى أن هذا يعني أن الاستهلاك سوف يتراجع، حيث إن الناس أبدت مخاوفها قبل عقد مضى من نفاد إمدادات النفط والآن يتوقع البعض أن الطلب على الذهب الأسود سوف يبلغ ذروته في غضون بضع سنوات فقط قبل أن يتحول للهبوط.
ومن شأن انخفاض الطلب على النفط أن يؤدي إلى هبوط الأسعار، مما سيقلل من الأرباح بالنسبة لشركات استخراج وتكرير الخام. وشهدت أسعار أسهم شركات النفط الكبرى تراجعاً في السنوات الأخيرة. وذكرت الوكالة أن الأزمات التي يشعر بها عمالقة سوق النفط، وكذلك المنتجون الأصغر ستكون مجرد البداية.
وتقع هذه المؤسسات في قلب شبكة واسعة من الموردين وشركات الخدمات النفطية، التي ستشعر جميعها بالآثار السلبية لانخفاض الطلب. وستعاني اقتصادات المناطق التي تعتمد بشدة على الصناعات المرتبطة بالنفط.
تكساس تستحوذ على ثلث إنتاج النفط الأميركي
التحليل أشار إلى أن ولاية تكساس الأميركية تعد الأكبر والأغنى من بين هذه المناطق، كونها لا تزال تنتج أكثر من ثلث النفط في الولايات المتحدة، كما استفادت بشكل كبير من طفرة التكسير. كما أصبحت "هيوستن" مدينة خارقة تجذب الموهوبين من كافة أنحاء العالم للعمل على التقنيات المتقدمة التي تدعم صناعة النفط.
وعلى الرغم من أن الولاية الأميركية نوّعت اقتصادها كثيراً منذ فترة الثمانينيات، فإن التقديرات تشير إلى أن واحدة من بين 8 وظائف في تكساس مدعومة بالنفط. ورغم أن الانكماش الهيكلي الكبير في صناعة النفط لن يدمر اقتصاد تكساس فإنه قد يُشكل رياحاً عكسية تستمر على مدى عقود. وبالفعل، يؤدي تراجع أسعار النفط في الوقت الحالي الأسعار إلى فقدان وظائف بالنسبة للمواطنين.
وفي الوقت ذاته، فإن ولايتي "أوكلاهوما" و"لويزيانا" الموجودتين في الأنحاء المجاورة عرضة بنفس المقدار للوضع نفسه، وكذلك العديد من الولايات الأميركية ذات الكثافة السكانية المنخفضة مثل "نورث داكوتا" و"ويومنغ". ويحتاج العمال في صناعة الطاقة للاستعداد إلى هذا التحول.
وبالنسبة للعاملين في مجال المعرفة، مثل خبراء الجيولوجيا والكيمياء ومهندسي البرمجيات، فإن هذا يعني تنمية المهارات الفنية التي يمكن أن تكون مفيدة في مجالات أخرى مثل تكنولوجيا المعلومات أو المستحضرات الصيدلانية أو الرعاية الصحية أو المالية.
وبالنسبة للمديرين، فإن ذلك يعني إنشاء شبكة من الاتصالات المهنية خارج صناعة النفط والغاز. ومن المحتمل أن يعني التحول بعيداً عن هذه الصناعة الانتقال إلى ولاية أخرى، لكن الاحتمالات بأن مدينة مثل هيوستن ستكون قادرة على الاستفادة من التركيز الحالي لرأس المال البشري وجذبه لصناعات جديدة.
"هيوستن" تتحول إلى مركز للتكنولوجيا الحيوية
تحليل "بلومبيرغ"، أشار إلى أنه خلال عقدين من الزمن، من المحتمل أن تعرف هيوستن كمركز للتكنولوجيا الحيوية، ومع ذلك، فإن العمال من ذوي المهارات المنخفضة والمدن التي تشهد طفرة في التكسير سوف يواجهون وقتا أكثر صعوبة في التكيف مع الأمر.
وعلى عكس صناعة الفحم، التي شهدت تراجعاً في أعداد عمال المناجم على مر السنين إلى حوالي 50 ألف شخص، فإن صناعة النفط والغاز توظف أكثر من 700 ألف شخص من ذوي الياقات الزرقاء. ويشبه الأمر تماماً الوضع مع عمال الصناعة، الذين فقدوا وظائفهم بسبب المنافسة الصينية في العقد الأول من القرن العشرين، أو عمال البناء الذين تم تسريحهم في فترة الكساد العظيم، حيث سيجد هؤلاء العمال صعوبة في العثور على وظائف جديدة بأجر مماثل. لكن من المتوقع أن تتفاقم المشكلة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في القرى الصغيرة والمدن التي نشأت حول مواقع استخراج النفط.
الوكالة أشارت إلى أن الأميركيين أصبحوا أقل استعداداً للانتقال من مكان إلى آخر بحثاً عن العمل في العقود الأخيرة، كما لم تعد المدن الكبرى مجالاً للفرص بالنسبة لأولئك الذين لا يمتلكون مهارة التعليم المتقدم. ومن المرجح أن يؤدي الانخفاض في صناعة النفط إلى ترك البلاد في موضع غير قادر على دفع تكاليف صيانة البنية التحتية الخاصة بها. وينبغي أن تعمل الحكومات على المستويات المحلية أو الولاية أو الفيدرالية لمنع هذا المستقبل البائس.
ويمكن إعطاء سكان المدن النفطية ضمانة لمساعدتهم على الانتقال وربما إلى مدينة جامعية مزدهرة قريبة، كما يمكن للحكومة أن تقدم حوافز مالية للشركات لتوظيف عمال النفط الذين تم الاستغناء عنهم، وربما في قطاعات متنامية مثل الطاقة الشمسية. كما يمكن لعمال النفط السابقين الحصول على قسائم تدفع ثمن عودتهم إلى المدرسة. ويعني التقدم التكنولوجي أن أيام النفط أصبحت معدودة.
ومن أجل مصلحة الكوكب، يجب أن يحدث هذا الانتقال بأسرع ما يمكن، لكن هذا لا يعني أن الأشخاص الذين ضحوا بحياتهم من أجل استخراج الطاقة من الأرض يجب أن يعانوا.