ذكرت مصادر عراقية مطلعة، الخميس 5 ديسمبر (كانون الأول)، أن كتل "الفتح" و"دولة القانون" و"الحكمة" تقترب من الاتفاق على تسمية رئيس الوزراء الجديد لخلافة المستقيل عادل عبد المهدي، وأنها تفاضل بين مرشحين اثنين لهذا المنصب.
وكان عبد المهدي قد دعا، الأربعاء، الكتل البرلمانية إلى الإسراع في تسمية رئيس وزراء للعراق لتشكيل الحكومة الجديدة، وقال في كلمة خلال جلسة لحكومته، بثّ التلفزيون الرسمي منها مقاطع مسجلة، إنه لم يقدم استقالته في بداية أزمة الاحتجاجات لـ"عدم إدخال البلد في دوامة"، ويقصد بها حالة الفراغ الدستوري التي قد تدخلها الكتل السياسية إذا ما أخفقت في تسمية البديل خلال فترة 15 يوماً بحسب الدستور، وتنتهي يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وتفيد المصادر بأن كتلة "الفتح" بوصفها الأكبر (47 مقعداً) بعد تنازل كتلة "سائرون" التي يتزعمها مقتدى الصدر (54 مقعداً) عن دورها في تسمية رئيس الوزراء الجديد، تواصل المفاوضات مع كتل كانت تشترك معها في ائتلاف "البناء"، ومنها "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، إضافة إلى "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، لاختيار "المرشح المناسب"، وتجرى الآن عملية المفاضلة بين وزير العمل السابق محمد شياع السوداني، ووزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم، وإن كانت الكفة تميل لمصلحة الأخير.
وتؤكد تلك المصادر أن هذه الكتل، وهي ذاتها التي وقّعت في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وثيقة للإصلاح السياسي في منزل عمار الحكيم، في طريقها إلى الاتفاق على وضع جدول زمني لعمل الحكومة الجديدة لتكون مؤقتة تنهي عملها بعد ستة أشهر أو سنة، ووفق المدة التي يتطلبها إقرار قانون الانتخابات والاستعداد للانتخابات المبكرة.
الجدير بالذكر أن تسمية رئيس الوزراء وفق آليات دستورية محددة تعني أنه سيكون بكامل الصلاحيات، ولا يوجد نص لاختيار رئيس وزراء مؤقت أو حكومة طوارئ، وأن عملية الاستجابة لمطالب المتظاهرين بالتغيير السياسي من خلال الانتخابات المبكرة مرهونة باتفاق الكتل السياسية الكبيرة التي يطالب الشارع الشيعي بإزاحتها عن السلطة.
الرفض الشعبي
وتخشى الكتل المنشغلة بتسمية رئيس الوزراء الجديد رفض المتظاهرين الأسماء المرشحة، ما يعني استمرار الاحتجاجات والمطالبة بإقالة رئيس الحكومة الجديد، كما أن الكتل البرلمانية الأخرى ستحاول الضغط من خلال عملية منح الثقة للمرشح المقبل، بهدف اختبار رأي المحكمة الاتحادية في تفسير المادة 76 من الدستور، والتي لم توضح ما إذا كان إخفاق الكتلة الأكبر في نيل الثقة لمرشحها لرئاسة الحكومة يعني تكليف الكتلة التالية من حيث العدد، أو أن الكتلة الكبيرة ستعود لتسمية مرشح آخر بديل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
النائب عن كتلة "سائرون"، رياض المسعودي، أوضح أن كتلته "لن تشارك في اختيار رئيس الوزراء المقبل، وسيكون لها موقف تحت قبة البرلمان عند تكليف الشخص المرشح لخلافة عبد المهدي، إذ ستصوت (سائرون) لتلك الشخصية في حال كانت تلبي طموح الشعب العراقي، وفي حال لم تتطابق مع ما يطمح إليه الشعب فستُرفض، والخيار سيبقى لمجلس النواب".
وأوضح المسعودي أن "خيارات مجلس النواب بالنسبة إلى الشخصية التي ستتولى رئاسة الوزراء مرصودة من الشارع العراقي"، لافتاً إلى أن "تنازل (سائرون) لرئيس الجمهورية عن منصب رئيس الوزراء لا يعني أن هذا التنازل سيُقدم إلى كتلة سياسية أخرى، لأن التنازل السابق للتحالف استُثمر بشكل سلبي من الكتل السياسية، وتم ترشيح شخصيات ضعيفة أو حزبية".
ركود سياسي
في هذه الأثناء، رجح مركز "ستراتفور" الاستخبارتي الأميركي أن استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ستعمق الركود السياسي في العراق، ولن تنهي الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد منذ أكثر من شهرين.
وقال المركز، في تقرير له، الخميس "لن يكون استبدال عبد المهدي بمرشح مقبول لدى كل من المحتجين والنخب السياسية على حد سواء أمراً سهلاً، ما يعني أن الركود السياسي في البلاد من المرجح أن يتعمق".
وأضاف أن "رحيل عبد المهدي لن ينهي الاضطرابات الشعبية، ولكنها ستكون مرشحة للزيادة. وقد أثرت الاحتجاجات المدمرة- التي استهدفت بعضها شبكات النقل العراقية- على التجارة، حيث قطع المتظاهرون الطرق ووصلوا إلى البنية التحتية الحيوية، مثل ميناء أم قصر".
وأوضح المركز أنه "سيكون لرئيس الوزراء المقبل دور فعال في تشكيل مستوى النفوذ الأميركي والإيراني في العراق، الذي يعد ساحة معركة رئيسة للحروب بالوكالة في المنطقة التي أغرقتها إيران بقدر كبير من رأس المال السياسي".
ويوم الأحد الماضي، وافق البرلمان العراقي على استقالة عبد المهدي من منصبه، والذي قدمها بعد أن دعت المرجعية الدينية العليا، يوم الجمعة الماضي، البرلمان إلى إعادة النظر بثقته في الحكومة، على خلفية مقتل عشرات المتظاهرين وإصابة المئات خلال الأيام القليلة الماضية في محافظتي النجف وذي قار.