مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول)، أعلنت الاستخبارات الجزائرية إحباط عمليتين كبيرتين في وقت متزامن، يتورط فيهما أجانب برتبة "دبلوماسيين". ونُقل عن مصالح أمنية إحباطها مخططاً تقوده حركة "الماك" الانفصالية بهدف "خلق بلبلة" في الشارع عشية الرئاسيات، أما الثاني فقالت إنه إحباط لـ"محاولة اختراق" قوة تابعة لدولة أجنبية، لحملة المرشح علي بن فليس.
وأحبطت مصالح الأمن الجزائرية مساء الخميس 5 ديسمبر، مخططاً وصفته بـ "التخريبي" عشية الانتخابات الرئاسية، كان سيستهدف نقاطاً حساسة في الجزائر العاصمة.
وأكدت مصادر أمنية لـ "اندبندنت عربية"، أن "جهاز الأمن أفشل عملية تخريبية كبرى وسط العاصمة ومنطقة القبائل"، وأن الأمر يتعلق بـ "خطة مدروسة ومخطط لها من قبل حركة الماك الانفصالية لزرع البلبلة في العاصمة ومنطقة القبائل مع اقتراب الرئاسيات".
تفاصيل المخطط
حركة "الماك" هي تنظيم سياسي قادته موجودون في فرنسا ويتزعمه الجزائري فرحات مهني. وتابعت المصادر الأمنية التي أوردت الخبر أنه "ألقي القبض على طالب من مناضلي حركة الماك، وهو منخرط في حزب معارض للرئاسيات، وذلك في ساحة الشهداء بالعاصمة"، وتابعت "الطالب كان يقوم بتصوير إحدى التظاهرات مع التركيز على الطوق الأمني في المنطقة."
وكانت الصور والتقارير التي يرفعها الطالب "المندس" ترسل إلى شخص خارج الوطن، وأشارت المصادر ذاتها إلى أن "المعني اعترف في محاضر التحقيق بوجود مخطط تخريبي كان هو أحد أطرافه، ومُدبّر من قبل حركة الماك الانفصالية والموجهة من طرف فرحات مهني".
وتضيف المصادر أن "المخطط التخريبي كان مبرمجاً على مرحلتين، الأولى اختراق الحراك من طريق عناصر مندسة، أما الثانية فهي خلق جو لتكثيف التظاهرات الليلية يومياً والضغط على المصالح ودفعها إلى المواجهة، في مسعى لإحداث مشادات تبعاً لمحتوى النداء الذي أطلقه زعيم الحركة الانفصالية من لندن في الثالث من يونيو (حزيران) 2018".
ضلوع جهات أجنبية
التحقيق بيّن أيضاً "ضلوع جهات أجنبية مع العنصر التخريبي الذي تربطه علاقة بأجنبي برتبة دبلوماسي، كان يتلقى تقارير حول الحالة الأمنية في الجزائر منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019".
وظهرت في الفترة الأخيرة "مسيرات ليلية" مفاجئة، وربما تشير معطيات الأمن إليها. فقد انتقلت المسيرات من كل جمعة إلى تجمعات متقطعة مساء، في محافظات عدة كالعاصمة وهران وبجاية وغيرهما.
اختراق حملة مترشح
وتزامن الإعلان عن تفاصيل المخطط الأول، مع الكشف عن إحباط مخطط ثان يتصل بـ"محاولة اختراق قوة أجنبية لحملة المترشح علي بن فليس". ويتعلق الأمر وفق تعبير المصادر نفسها، بـ"أحد المقربين من علي بن فليس والفاعلين في إدارة حملته الانتخابية أيضاً".
وعلمت "اندبندنت عربية"، أن الأمر يتعلق بشخص يدعى "ب. ص" وهو من محافظة بجاية شرق العاصمة، ويقيم في "ساندوني" في فرنسا، كان مثل أمام التحقيق في محكمة بئر مراد رايس في العاصمة الجزائرية، قبل أن يقرر قاضي التحقيق إيداعه الحبس المؤقت.
ووُجهت إلى الموقوف تهم تتصل بنص المواد 70 و71 و73 و65 من قانون العقوبات، وتشمل "تنظيم طريقة خفية للاتصال بأجانب من شأنها الإضرار بالدفاع الوطني"، وأيضا "التخابر مع عملاء دولة أجنبية بهدف الإضرار بالمركز العسكري للجزائر".
توضيح إدارة بن فليس
وأوضحت مديرية حملة بن فليس الانتخابية، أن الشخص المتهم بـ "محاولة اختراقها"، كانت أجهزة الأمن ألقت القبض عليه بتهمة العمل "لمصلحة دولة أجنبية"، لم "يشغل أية وظيفة ضمن مديرية الحملة".
وجاء في بيان إدارة الحملة أن "حضور المعني بين التجمعات الشعبية التي يشرف عليها المرشح علي بن فليس، يقتصر بنشاطه المهني ضمن الفريق التقني المكلف بالصوت"، أي ضمن الفريق الإعلامي الذي يدير حملته، لكن الإدارة "هنأت أجهزة الأمن باليقظة التي سمحت لهم بإحباط هذه المحاولة".
أزمة دبلوماسية
لم تحدد المصادر الأمنية التي نشرت هذه المعلومات، الدولة التي ينتمي إليها المخططان المشار إليهما. وليس واضحاً إن كان المقصود الدولة الفرنسية، ما دام قادة حركة "الماك" الانفصالية موجودين ومقيمين في فرنسا، وما دام المتهم الثاني في قضية علي بن فليس، مقيماً في ساندوني.
وتوجيه الإشارة إلى شخص برتبة "دبلوماسي" قد يحمل الكثير من التبعات قد تصل إلى حد "الأزمة الدبلوماسية" مع الدولة المقصودة، فرنسا أو غيرها، خصوصاً أن معلومات أجهزة الاستخبارات تشير إلى أدلة كافية تعزز "تهمة التجسس" أو "المشاركة في مخطط تخريبي".
وتحضيراً للرئاسيات المقررة الخميس المقبل، تشرع الجالية الجزائرية في الخارج في التصويت بدءاً من هذا السبت 7 ديسمبر، بينما يصوت من يعرفون بـ"البدو الرحل" الاثنين 9 ديسمبر، وهم سكان متنقلون في الصحراء الجزائرية تخصص السلطات في العادة "صناديق متنقلة" تتابع ترحالهم.