عند الوصول إلى مالطا سيكون أبرز ما يستوقفك الكلمات العربية التي تسمعها، ولكن عندما تدقق ستجد أنها اللغة المالطية، التي تعرف بأن المكون الأساسي فيها اللغة العربية بنسبة تتخطى 40%، ويليها الإنجليزية، وبدرجة أقل الإيطالية والفرنسية والإسبانية، ولكن يبدو المكون العربي في مالطا مهدداً للطابع الأوروبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مصادر اللغة العربية في مالطا
ويرجع المزيج اللغوي الذي تعيشه مالطا إلى موقعها القريب من تونس وليبيا الملاصق لجزيرة صقلية الإيطالية، وبذلك كانت طوال التاريخ معبرا بين أفريقيا وأوروبا، ما حوّلها إلى مطمع لكافة الإمبراطوريات المحيطة بدءاً من الفينيقيين قبل الميلاد وحتى الإنجليز الذين احتلوا الأرخبيل المتوسطي حتى عام 1964، مروراً بالحكم العربي بين عامَي 827 و1090.
يكفي جولة واحدة في شوارع العاصمة فاليتا، لترى التشابه الكبير بين المالطية والعربية خصوصا اللهجة التونسية، فكلمة طريق بالمالطية هي "triq"، وسوق هي "souq"، أما الأرقام فهي: ويهد، اتنين، تليتا، أربعا، همسة، ستة، سبعة، تمينياه، دسعة، وآشرة.
كما كانت العلاقات الوثيقة بين مالطا والعالم العربي، تحديداً ليبيا في عهد رئيس الوزراء الأسبق دوم منتوف (1971-1984)، عاملاً أسهم في تعزيز علاقة المالطيين باللغة العربية، حيث أقر "منتوف" اللغة العربية كمقرر إجباري للتعليم في المدارس، في ظل الدعم الذي قدّمه الرئيس الليبي معمر القذافي لمساعدة مالطا على تجاوز أزمتها الاقتصادية، وتبع ذلك إرسال معلمين ليبيين لدعم تدريس العربية ومنح حوافز ورحلات للمتميزين في دراستها من الطلاب المالطيين، وبعد رحيل "منتوف" عن الحكم، ونظراً للدوافع السياسية في تخليص البلاد من الاتجاه الشيوعي لعهد منتوف، تحولت العربية إلى لغة اختيارية للطلاب يمكن دراستها كلغة ثالثة إلى جانب المالطية والإنجليزية.
وحتى الآن يمكن للطلاب المالطيين الاختيار من بين 7 لغات للدراسة كلغة ثالثة، هي الروسية والصينية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والألمانية، إلى جانب العربية.
وبعد أكثر من 30 عاماً على إلغاء تدريس العربية إجبارياً تجاهد اللغة للحفاظ على مكانتها في الهوية المالطية، حيث لم يعد أحد يختارها في المدارس، بعدما كان عدد دارسيها في المرحلة الثانوية 3 طالبات فقط عام 2004، في مقابل اكتساح للغة الإيطالية، كما يتزايد استخدام الشباب المالطي للغة الإنجليزية في تعاملاتهم وبالتالي تزيد نسبة المصطلحات الانجليزية المستخدمة في اللغة المالطية على حساب أصلها العربي.
وفي جامعات مالطا أقسام لدراسة اللغة العربية وآدابها، كما يوجد مراكز خاصة لتعليمها، لكن الاهتمام الأكبر من جانب الشباب المالطي يتجه إلى اللغتين الإنجليزية والألمانية وبدرجة أقل الفرنسية والإيطالية، باعتبارها الأهم في سوق العمل في الوقت الحالي، خصوصا مع وجود مالطا عضوة في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2003.
صراعات بشأن الهوية
وبين الحين والآخر تثور نقاشات في الرأي العام المالطي حول أهمية التقارب مع الجيران العرب وتعلُّم لغتهم، ففي عام 2016 نشرت صحيفة "تايمز أوف مالطا" مقالا للكاتب إيميل أنطون دعا فيه المالطيين إلى استغلال القرب الجغرافي وتقارب اللغة في تعلم العربية، واستغلال وجود سوق عربية بها أكثر من 400 مليون مواطن، لكن رد عليه ألفريد جاوشي بمقال في نفس الصحيفة بعدها بأيام، دافع فيه عن الهوية الأوروبية لبلاده، ورأى أنه من الأفضل تحسين معرفة الشعب بالإنجليزية.
وتركزت العديد من الدراسات اللغوية السابقة على الارتباط الوثيق بين المالطية والعربية، مثل كتاب اللغوي والأديب اللبناني أحمد فارس الشدياق (الواسطة في معرفة أحوال مالطة وكشف المخبأ عن فنون أوروبا)، الذي أقام في مالطا بين عامي 1834 و1848، ويقول، "إنّ المالطية هي فرع من الدوحة (العربية)".
وتعد اللغة المالطية مزيجا من اللغات السامية (العربية) واللغات الرومانسية (الإيطالية والفرنسية) وهي اللغة السامية الوحيدة التي تكتب بالحروف اللاتينية وتتكون من 25 حرفاً.