وضعت المفوضية الأوروبية سبع دول جديدة بينها السعودية على قائمة الاتحاد الأوروبي للدول التي "لا تبذل جهوداً كافية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب". وستنضم الدول الجديدة التي تستهدفها المفوضية، ومن بينها السعودية وبنما، إلى 16 دولة أخرى مُدرجة على القائمة مثل إيران والعراق وباكستان وإثيوبيا وكوريا الشمالية.
وذكر خبراء أن زجّ السعودية في القائمة أثار تساؤلات حول قرار المفوضية والذي يتعارض مع ما تشير إليه مجموعة العمل المالي (Financial Action Task Force). في الوقت نفسه، فإن القرار غير مُلزم ويحتاج لموافقة البرلمان الأوروبي، مما يثير تساؤلات حول أهمية الإصرار على إصدار هذا القرار وما هو مغزاه؟
ويبدو بحسب مختصين أن إدخال السعودية في القائمة له هدف سياسي من دون دليل. وذكر الخبير الاقتصادي تركي فدعق في تعليق "ان المفوضية الأوروبية تعجّلت في إصدار القرار من دون أدلة، ويبدو الهدف وراءه سياسي بالدرجة الأولى ".
يُشار الى أن مجموعة العمل المالي هي الجهة العالمية في مجال مكافحة تبييض الأموال، وأظهرت قدرة السعودية على الرقابة المالية وتفعيل إرادة مكافحة غسل الأموال .
ويشير خبراء تحدثوا لـ إندبدنت عربية إلى أن قرار المفوضية تخطى حدوده، فالمفوضية مهمتها مراقبة النشاط السياسي الاوروبي، كما ان توجهها "لا يتوافق مع حجم العلاقة التجارية مع السعودية".
في الوقت نفسه، إن القرار تحفظت عليه دول أعضاء في الاتحاد، من بينها فرنسا والمملكة المتحدة. كما أن القرار "لا يعني أن إدراج أي دولة على تلك القائمة يؤدي إلى فرض أي عقوبات عليها، ولكنه يُجبر البنوك الأوروبية على اعتماد ضوابط أكثر تشدداً على التداولات المالية مع العملاء والمؤسسات في تلك الدول."
وصرحت فيرا غوروفا المفوضية الأوروبية للعدل "لقد وضعنا أعلى المعايير في العالم لمكافحة تبييض الأموال".
وأضافت في مؤتمر صحافي في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ: "ولكن علينا أن نضمن أن لا تصل الأموال القذرة من دول أخرى إلى نظامنا المالي". وتابعت أن "الأموال القذرة هي القوة المحركة وراء الجريمة المنظمة والإرهاب"، داعيةً الدول المدرجة على القائمة "إلى تصحيح أوضاعها بسرعة".
السعودية عزّزت إجراءاتها الرقابية من فترة طويلة
وبحسب خبراء، فإن السعودية قد بدأت في تطوير أنظمتها المالية منذ فترة طويلة، كما عززت الإجراءات حول حركة الأموال المشبوهة. ويُشارالى أن مجموعة العمل المالي قد تأسست قبل 29 عاماً وتضم 38 عضواً من بينها الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي .ويقول هؤلاء الخبراء ان المؤسسات المالية في السعودية قد راجعت بشدة إجراءاتها وعملت على تفعيل التحقيق بشكل مستمر في التحويلات بما يتوافق مع القوانين الدولية .
ويُشير الاقتصادي السعودي مازن السديري الى "أن وضع السعودية في قائمة الدول غير الملتزمة بمراقبة غسل الأموال هو خطأ، فضلاً عن أن المفوضية قد تعجّلت في الاعلان، حيث يتطلب ذلك تصويت الدول الأوروبية الأعضاء على القرار، مُضيفاً بأنه حسب تقرير FATF ، فإن السعودية نالت تقييماً مثالياً يتجاوز دولاً أوروبية؛ وفي الوقت نفسه، إن الموضوع ليس ذا أهمية للاهتمام به".
"أجندة سياسية" وراء قرار المفوضية
الى ذلك، يُشير الخبير وأستاذ الاقتصاد السياسي والمالي ناصر قلاوون في لندن في تصريح لـ إندبدنت عربية إلى أن المفاجأة أن تُقدم المفوضية على وضع السعودية في القائمة، وليس في إدراجها كدولة في لائحة المراقبة، حيث غالباً ما يتم وضع لوائح تحذيرية للدول قبل صدور القرار لإجراء تعديلات يُحددها الحوار القائم. وقال الخبير: "من المُستغرب أن تُحذف البوسنة والهرسك من القائمة في اللحظات الأخيرة، ويتم الزج بدول عربية تجاوزت كل الشكوك حولها ".
وأضاف الخبير أن القرار الأوروبي يحمل في طياته تحاملاً سياسياً من دول ضعيفة ليست لها خبرة في السلوك السياسي، معتبراً أن السعودية "قطعت أشواطاً واضحة في الاتفاقات الدولية مع أوروبا، منها الازدواج الضريبي وغيرها".
وقال "إن قرار المفوضية فضلاً عن أنه غير ملزم، فإن الإجراءات تتطلب وضع الاسم لمدة شهرين لتتم مناقشة الوضع مع البلد المعني وبعدها يُحذف من القائمة ".
وأكد الخبير ناصر قلاوون في حديثه "إن بعض القوانين التي توضع من دون خبرة، لها وجه سياسي؛ ولذلك يُمكن طرح السؤال على المفوضية حول استبعاد مناطق أوروبية كانت محط غسيل أموال، أو لحركة أموال مشبوهة، أو ملاذات ضريبية مخالفة للقوانين، كالتي هي في البحر الكاريبي." وقال: "كذلك إن أحد فروع بنك دنماركي كان قد تورط في تحريك أموال روسية فاقت 200 مليار دولار في أستونيا قبل سنوات، ولم نر وضع البنك الأوروبي في القائمة؟"
وأوضح الخبير بالقول "إن ما شهدته السعودية من حرفية في تطوير أدوات المراقبة جعلها مميزة أكثر من دول أوروبية، كما ان تعاون السعودية مع الخزانة الأميركية قد قطع شوطاً واسعاً في التعاون بين البلدين".
وختم ناصر بقوله "إن وضع دول عربية ومنها السعودية في قائمة المفوضية قد تكون وراءه أجندة سياسية أو لجان ليست لها خبرة في مراقبة الأموال".
وبحسب معلومات لـ إندبدنت عربية، فإن مؤسسة النقد السعودية من المنتظر أن تُصدر اليوم بياناً لتوضيح رأي المؤسسة في قرار المفوضية الأوروبية".