بعد حصيلة كبيرة من الأفلام والمسلسلات الدرامية التي ناقشت قضايا إنسانية واجتماعية عديدة ولامست حياة المواطن العادي في بلاده، كتب القدر نهاية مفاجئة لصاحب فيلم "آخر الرجال المحترمين" المخرج المصري سمير سيف، أمس الاثنين، عن عمر ناهز 72 عاماً، متأثراً بسكتة قلبية، وتركت جرحاً نفسياً عميقاً في قلوب أصدقائه وعشاق أعماله السينمائية والتلفزيونية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تدفق بيانات التعازي
ما إن رحل مخرج الروائع سمير سيف حتى تدفقت بيانات التعازي في الوسط الفني والثقافي في مصر، وعكست تقديراً لرجل أفنى حياته في بلاتوهات السينما كجندي مرابط خلف الكاميرا.
وقال أشرف زكي نقيب الممثلين المصريين ورئيس أكاديمية الفنون في تصريحات لـ"اندبندنت عربية" إن "سيف لم يكن يشكو من أي أعراض صحيِّة، وما حدث كان سكتة قلبية مفاجئة، على إثرها فارق الحياة"، لافتاً إلى أن "جثمان المخرج الراحل شُيع من كنيسة العذراء في منطقة أرض الجولف (شرقي القاهرة)، ظهر اليوم، وستتلقى أسرته العزاء الأربعاء، في كنيسة مارمرقس بمنطقة مصر الجديدة".
وأشار نقيب الممثلين إلى أن "رحيل سمير سيف يمثل خسارة كبيرة للوسط الفني، كونه قامة كبيرة ومعلم أجيال تتلمذ على يديه مخرجون ومبدعون كُثر، وترك إرثاً فنياً عظيماً، يعتبر من أبرز أيقونات السينما المصرية الخالدة مع أكبر نجوم مصر، كما قدَّم قيماً فنية وإنسانية ورسائل لا يمكن أن ننساها في تاريخ الفن العربي".
ترك علامة بارزة على الشاشة
رسمياً، أصدرت إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة بياناً رسمياً، قالت فيه "إن الراحل كان معلماً للأجيال، وتتلمذ على يديه الكثير من المبدعين في عالم الإخراج، وبرحيله فقد الفن أحد قاماته العظيمة في مصر والوطن العربي، حيث ترك المخرج الراحل علامة بارزة على الشاشة الفضية، وبصمات مميزة في عالم الإخراج السينمائي والتلفزيوني، ولم يكن نجاحه عادياً، بل كان شديد التأثير، حيث تناول الكثير من القضايا الإنسانية والمجتمعية، وشكلت أعماله جزءاً مهماً من ملامح الفن السابع، باعتبارها نماذج إبداعية خالدة ستظل محفورة في ذاكرة الوطن".
ونعى العديد من النجوم المخرج الراحل بكلمات مؤثرة، ومنهم الفنان كريم عبد العزيز الذي وقف أمام الكاميرا للمرة الأولى في حياته مع سمير سيف، وكتب عبد العزيز على صفحته الرسمية على موقع انستغرام ناعياً سيف، "مع السلامة يا أستاذ، أول مخرج وقفت قصاد (أمام) كاميرته عندما كنت في الرابعة من عمري في فيلم (المشبوه)، ويشاء القدر أيضاً أن يكون أستاذي ومعلمي في معهد السينما، حقيقة فقدتُ مخرجاً كبيراً جداً، قدم للناس أفضل أفلام في السينما".
وفي دفتر العزاء الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي، عبَّر فنانون كثيرون عن حزنهم العميق لرحيل المخرج الكبير عبر صفحاتهم، بينهم نيللي كريم وصبا مبارك وهاني رمزي وندى بسيوني وطارق لطفي وغادة رجب، إلى جانب المنتج محمد حفظي والمخرج رامي إمام، وغيرهم من النجوم وصنَّاع الفن والإعلاميين والمخرجين.
رصيد كبير من الأعمال مع عادل إمام ونور الشريف
وترك سمير سيف رصيداً كبيراً من الأعمال الفنية المهمة، أبرزها أفلام تعاون فيها مع النجم الكبير عادل إمام، وشكلت بصمة ونقلة مهمة في حياته الفنية، مثل "المشبوه" و"النمر والأنثى" و"الهلفوت" و"شمس الزناتي" و"احترس من الخُط" و"الغول" و"المولد" و"مسجل خطر".
كما قدم سيف أفلاماً مميزة مع النجم الراحل نور الشريف، منها "عيش الغراب" و"دائرة الانتقام" و"شوارع من نار"، وجمع بين الشريف وسندريلا الشاشة سعاد حسني في فيلم "غريب في بيتي"، كما تعاون معه أيضاً في فيلمي "آخر الرجال المحترمين" و"لهيب الانتقام".
كما أبدع المخرج الراحل في أفلام مع عدد كبير من النجوم، مثل "الراقصة والسياسي" بطولة نبيلة عبيد، و"الشيطانة التي أحبتني" بطولة محمد صبحي ولبلبة، و"معالي الوزير" بطولة أحمد زكي، و"سوق المتعة" بطولة محمود عبد العزيز، بخلاف إخراجه باقة من الأفلام تركت بصمة كبيرة مثل "عصر الذئاب" و"المطارد" و"قطة على نار" و"المتوحشة" و"ديل السمكة" و"الزمن والكلاب".
وفي مجال الدراما التلفزيونية أخرج سيف أعمالاً أثارت جدلاً ونجاحاً جماهيرياً واحتفى بها النقاد، مثل "بشاير" عام 1986، و"قلوب عطشى" 1988، و"السندريلا" و"نور الصباح" 2006، و"نسيم الروح" 2008، و"بالشمع الأحمر" 2010، وكان آخر أعماله فيلم "أوغسطينوس ابن دموعها" عام 2016.
يُشار إلى أن سمير سيف وُلد في 23 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1947، وتخرج في المعهد العالي للسينما عام 1969 بتقدير امتياز، ثم عُين في المعهد، وعمل مساعد مخرج في بداياته الفنية لعدد من كبار المخرجين، مثل شادي عبد السلام، ويوسف شاهين وحسن الإمام، وكان المخرج الراحل يمارس الإخراج وتدريس فنونه في الجامعات الأجنبية في مصر حتى أيامه الأخيرة.