ما الذي سيحدث لحزب العمال لاحقاً؟ سؤال من بين الأسئلة الكبيرة المطروحة في عمق هذه الانتخابات البريطانية. إذا خسر المحافظون سبعة مقاعد يوم الخميس، فذلك سيخلق مجموعة من المشاكل لجيريمي كوربين أهمها كيفية تشكيل إدارة يسمح لها الحزب القومي الأسكتلندي والديمقراطيون الأحرار بممارسة الحكم؟
المشكلة التي من المرجح أن تواجه كوربين هي توقيت استقالته وإن كانت ستتم فوراً بعد الانتخابات أم في وقت لاحق؟ إذا فاز بوريس جونسون بالأغلبية، فقد يرغب كوربين في الاستقالة على الفور، لكنه سيواجه مع حاشيته السؤال المتعلق بإيجاد أفضل السبل لضمان تسليم القيادة لشخص يواصل مسيرتهم.
ومن الممكن أن تستفيد انتخابات مبكرة لقيادة الحزب من تصميم أعضاء حزب العمال على مضاعفة رهانهم على ما يعتبرونه اشتراكية حقيقية. بعد أن خسر الحزب القومي الإسكتلندي استفتاء اسكتلندا عام 2014، تطرف أعضاؤه وزادوا من حماسهم، تماماً كما فعل أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي بعد خسارة استفتاء البريكست لعام 2016.
لكن الأحزاب تتجاوب بشكل مختلف مع الهزائم الانتخابية. فقد مال حزب العمال نحو الوسط في العام 1983، لكنه ابتعد عنه عام 2015، وتعامل مع هزيمة عام 2017 بمثابة انتصار أخلاقي ينقصه بذل جهد إضافي.
ومن المحتمل أن يرغب كوربين بمنح المرشحين المؤيدين له وقتاً لإثبات وجودهم. فقد أشار حليفه لين مكلوسكي، زعيم أكبر نقابة تابعة للحزب هذا الأسبوع إلى ضرورة بقاء كوربين في منصبه. وقال إن إد ميليباند قد أخطأ في الاستقالة فوراً بعد انتخابات عام 2015، "لأنك بحاجة إلى إلقاء نظرة على ما حدث في الانتخابات، وعلى النتائج - يجب أن تكون هناك مدة من التأمل لتفادي ردة فعل تلقائية وإلقاء اللوم على أسباب بعينها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يمكننا افتراض ما ترمز إليه تلك الأسباب :وسائل الإعلام والبليريون [نسبة الى طوني بلير] أو موقف الحزب من البريكست. لكن من الصعب الحكم على مدى إدراك أعضاء حزب العمال لكون كوربين جزءٌ من المشكلة.
وكان من المثير للاهتمام أن أنجيلا راينر، وزيرة التعليم في حكومة الظل، انجذبت للحديث عن أسباب الهزيمة المحتملة للحزب في مقابلة مع بول ووف من هافينغتون بوست، حيث قالت "لا أعتقد أن السبب هو أننا اشتراكيون للغاية، كما لا أعتقد أن السبب هو أننا لسنا اشتراكيين بما فيه الكفاية".
ويبدو من المحتمل أن يرد أعضاء حزب العمال على الهزيمة بالقول إن سياساتهم كانت صحيحة ولكن طريقة عرضها كانت ضعيفة. لذلك سوف يبحثون عن شخص يمكنه الترويج لنفس الدعاية لكن بمزيد من الحماسة والاندفاع. وعلى الرغم من إعجابهم برفض كوربين الانخراط في التهجمات شخصية، إلا أن مثل هذا الاندفاع الهجومي بحسب اعتقادهم هو ما كان ينقصهم خلال المناظرة التلفزيونية يوم الجمعة الماضي.
لذا، أرى من المحيّر أن يكون وزير البريكست في حكومة الظل، كير ستارمر، هو المرشح الأوفر حظاً ليكون الزعيم المقبل لحزب العمال. لقد أكسبه أسلوبه في النضال ضد البريكست احتراماً كبيراً (رغم أن حزب العمال لو كان يريد خروجاً ناعماً من الاتحاد الأوروبي، لوجب أن يصوت لصفقة تيريزا ماي، ومع وجود بوريس جونسون في رئاسة الوزراء، فإن كل ما يمكن أن يحققه ستارمر بأسلوبه الدفاعي هو خروج قاسٍ من الاتحاد الأوروبي.) لكنه ليس من "المجموعة الأساسية" لمؤيدي كوربين، وينتمي لحزب محرج من فشله في انتخاب امرأة زعيمةً له - كما صرّح هو نفسه مؤخراً لأندرو مار عبر الـ بي بي سي عندما قال "من الواضح أنني لست امرأة، ولا أعتقد أن هذا سيتغير في القريب العاجل".
إن الشخصية المركزية في توقعات من سيقود الحزب هي المرشحة المفضلة الثانية، ريبيكا لونغ بيلي، وزيرة الأعمال في حكومة الظل. لقد كانت المرشحة المفضلة لجون ماكدونيل، ولكنها ليست مرشحة كوربين المفضلة بشكل صريح، وأظن أن ثمة توترات في الدوائر الداخلية للحزب لا نعرف عنها.
كما أن هناك مسألة صداقتها مع راينر، رفيقتها في الحزب. إنهما بمثابة بلير وبراون، ديفيد وإد، أحدث شراكة سيقدر لها أن تذهب ضحية تاريخ العمال.
قدّمت لونغ بيلي أداءً جيداً في المناظرة التلفزيونية التي شارك فيها زعماء الأحزاب السياسية السبعة في وقت مبكر من الحملة. لقد كانت أفضل من ريتشارد بورغون، المخلص الآخر لكوربين، الذي شارك في مناظرة الأسبوع الماضي. لكنها تفتقد للعفوية وتبدو مقيّدة للغاية بالنص المكتوب.
ويرجح أن ثمة مرشحين آخرين. أظن أنه لا شيء قد يمنع وزيرة الخارجية في حكومة الظل إميلي ثورنبيري من الترشح. قد تكون لورا بيدكوك النائبة الجديدة المندفعة، البالغة من العمر 32 عاماً، من الموالين البديلين لكوربين-على الرغم من أنها قد تفقد مقعدها في شمال غرب دورهام الأسبوع المقبل.
مآل الأمور يتوقف، إلى بعيد، على أداء المرشحين خلال الأيام القليلة المقبلة، لكن دور المجموعات السياسية قد يكون حاسماً. إن الفصائل التي تسيطر على النقابات العمالية الكبيرة مهمة، شأنها شأن اللجنة التنفيذية الوطنية لحزب العمال، والتي ستقرر قواعد المنافسة.
وستكون اللجنة، التي يتمتع فيها أنصار كوربين بالأغلبية، هي التي ستقرر على سبيل المثل ما إذا كان ينبغي تعيين نائب للقائد لتعويض توم واتسون. كما ستحدد اللجنة رسوم مؤيدي الحزب المسجّلين الذين يمكنهم التصويت في انتخابات القيادة، ومدة العضوية المؤهِلة للتصويت.
أتوقع أن يعلن كوربين استقالته في وقت متأخر من العام المقبل، وفي الوقت نفسه سيقود هو وستارمر معارضة حزب العمال لمشروع قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ويمكنه، إذا قرر ماكدونيل التنحي، تعيين لونغ بيلي وزيرةً للخزانة في حكومة الظل مكانه.
وإذا افترضنا أن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الأوروبي في 31 يناير، فإن السياسية ستتغير، على الرغم من معرفتنا كلنا أن "تنفيذ البريكست" هو مجرد شعار بسيط. حينها لن يقع ستارمر وثورنبيري في فخ الدعوة إلى إعادة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وسوف ينتقل العمال فوراً إلى مناقشة أفضل السبل لتحقيق الاشتراكية في بلد واحد.
قد يحدث أي شيء، وهذا ما يدركه أنصار كوربين أكثر من غيرهم، لكن ريبيكا لونغ بيلي هي في صدارة المرشحين حالياً.
© The Independent