أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البريطانية اتجاه بوريس جونسون إلى تحقيق فوز كبير على حزب العمال وبقية الأحزاب الأخرى. ومن المحتمل بحسب الترجيحات أن يحصل حزب المحافظين على 368 مقعداً، وحزب العمال 191 مقعداً، والإسكتلندي القومي 55 مقعداً، والليبرالي الديمقراطي 13 مقعداً، وتوزعت أحزاب أخرى مقاعد متفرقة. هذه النتيجة تعني أن المحافظين زادت حصته 50 مقعداً عن انتخابات 2017، بينما خسر العمال 71 مقعداً. والإسكتلندي القومي ربح 20 مقعداً إضافياً، وأضاف الليبرالي الديمقراطي مقعداً واحداً الى حصته السابقة.
البريطانيون كانوا أدلوا بأصواتهم للاختيار ما بين الخروج من الاتحاد الأوروبي بقيادة بوريس جونسون أو تنظيم استفتاء جديد حول بريكست بقيادة جيريمي كوربن، في انتخابات تشريعية مبكرة ستطبع الاتحاد الأوروبي ومستقبل المملكة المتحدة لعقود، والبرلمان البريطاني في مأزق بريكست منذ التصويت بنسبة 52 في المئة للخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016.
وتحدى البريطانيون الأمطار والرياح القوية واصطفوا أمام مراكز الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم من أجل اختيار اعضاء مجلس العموم الـ 650 في انتخابات تجري وفق نظام الدائرة الفردية على دورة واحدة، على أن يفوز المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات في دائرته.
وتظهر استطلاعات الرأي تقدم المحافظين بزعامة جونسون بهامش ضيق، لكن الاستطلاعات أخطأت جميعها تقريبا في انتخابات عام 2017، وجونسون الذي حمل كلبه وقبّله بعد التصويت قال إن النتيجة لا تزال "متقاربة جدا".
انتخابات حاسمة
وفتحت مكاتب الاقتراع في المملكة المتحدة أبوابها في تمام الساعة 7:00 بالتوقيت المحلي صباح الخميس، في انتخابات عامة مبكرة حاسمة لمسألة خروج البلد من الاتحاد الأوروبي.
ويمكن للناخبين البريطانيين الإدلاء بأصواتهم حتى الساعة 22:00 بالتوقيت المحلي وبتوقيت غرينيتش لاختيار نوابهم الـ 650. ويأمل رئيس الوزراء بوريس جونسون في الحصول على غالبية واضحة تمكنه من تطبيق اتفاق "بريكست" الذي تفاوض بشأنه مع المسؤولين الأوروبيين في بروكسل وتنفيذ خروج لندن من الاتحاد الأوروبي في موعده في 31 يناير (كانون الثاني) المقبل، فيما يعد خصمه العمالي جيريمي كوربن باستفتاء جديد حول "بريكست".
الانتخابات بالأرقام
وتتقسم المقاعد الـ 650 التي يتم التنافس عليها، إلى 533 دائرة في إنكلترا و59 في اسكتلندا و40 في ويلز (بلاد الغال) و18 في إيرلندا الشمالية.وقدّم حزب المحافظين مرشحين في 635 دائرة، مقابل 631 مرشحاً لحزب العمال المعارِض، بينما رشّح الحزب الليبرالي الديموقراطي المعارض لـ "بريكست" 611 شخصاً. وتشكل النساء ثلث عدد المرشحين فقط أي حوالى 1124 امرأة بحسب شبكة "بي بي سي". ويتقدم 227 مرشحاً بشكل مستقلّ من دون أن يكونوا مرتبطين بأي حزب ساسي.
وقرر النائب المناهض لأوروبا نايجل فاراج عدم ترشيح أي شخص من "حزب بريكست" الذي يتزعمه في الدوائر التي يسيطر عليها المحافظون، بهدف أن يكون عدد النواب المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي، مرتفعاً إلى أقصى حدّ.
في المقابل، يحاول تحالف "اتحدوا من أجل البقاء" في الاتحاد الأوروبي أن يفوز بأكبر عدد ممكن من مقاعد يشغلها نواب مؤيدون لإجراء استفتاء ثانٍ حول بريكست. وبموجب اتفاق بين "الليبراليين الديموقراطيين" و"الخضر" و"القوميين في ويلز"، انسحب مرشحون من كل هذه الأحزاب لزيادة فرص فوز مرشحين مؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي إلى أقصى حدّ ممكن.
واختار حزب العمّال والحزب الوطني الأسكتلندي المؤيدان لإجراء استفتاء جديد، عدم الانضمام إلى هذا التحالف.
حسم المسألة
وردد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (55 سنة) شعار "دعونا نحقق بريكست!" طوال حملة انتخابية باهتة. ووعد رئيس بلدية لندن سابقاً الذي حقق طموح حياته السياسية بتوليه رئاسة الحكومة على الرغم من هفواته الكثيرة، "امنحوني غالبية وسأنهي ما بدأناه، ما أمرتمونا بتنفيذه، قبل ثلاث سنوات ونصف السنة". وأضاف موجهاً كلامه إلى الناخبين المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي "تصوروا كم سيكون رائعاً أن نجلس حول حبشة عيد الميلاد، وقد حسمنا مسألة بريكست".
وقال جونسون إنه سيتمكن أخيراً، في حال فاز حزبه بالانتخابات، من معالجة "أولويات" الناس وفي طليعتها الصحة والأمن.
ويعتزم جونسون في حال فوزه طرح اتفاق الطلاق الذي تفاوض بشأنه مع بروكسل على البرلمان قبل عيد الميلاد بهدف تنفيذ بريكست في موعده المحدد في 31 يناير 2020.
وردد مراراً ممازحاً "الاتفاق جاهز، عليكم فقط خبزه". ووصل به الأمر إلى القيام ببادرة رمزية حين حطم بجرافة جداراً غير حقيقي يرمز إلى "مأزق" بريكست.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المعارضة تندد
في المقابل، نددت المعارضة مجدداً في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية بما سمته "أكاذيب" وردت على لسان رئيس الوزراء لا سيما وعده بالتوصل إلى اتفاق تجاري بعد "بريكست" مع الاتحاد الأوروبي خلال أقل من سنة، وهو وعد تعتبره بروكسل غير واقعي وفق ما أوردت الصحافة.
واعتمد زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن نبرةً أكثر تحفظاً، إلا أنه وعد بـ"تغيير حقيقي" بعد حوالى عقد من حكم المحافظين، في تجمع أخير عقده مساء الأربعاء في لندن.
وتهيمن على برنامج "العمال" عمليات تأميم لبعض القطاعات واستثمارات مكثفة، لا سيما في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (إن إتش إس) التي أضعفتها سنوات من التقشف.
وراهن الزعيم العمالي على هذه المسألة التي تُعدّ من أولى مواضيع اهتمام الناخبين، واتهم المحافظين بأنهم يعتزمون بعد "بريكست" بيع هذه الهيئة التي تقدم خدمات مجانية وتلقى تقديراً كبيراً من البريطانيين، لشركات أميركية.
وأعلن مختتماً حملة واجه فيها اتهامات بعدم التحرك حيال معاداة السامية داخل حزبه، "الخيار المطروح أمامكم، أنتم شعب هذا البلد، إنه خيار تاريخي حقاً".
في المقابل، أبقى كوربن على موقف ملتبس حيال "بريكست"، فوعد في حال فوزه بالتفاوض مع الأوروبيين بشأن اتفاق جديد أكثر مراعاة لحقوق العمال، يطرحه في استفتاء يكون البديل فيه البقاء داخل الاتحاد الأوروبي، على أن يبقى هو نفسه "حيادياً".
وأشار آخر استطلاع للرأي نشره معهد "يوغوف" في وقت متأخر الثلاثاء إلى تصدر المحافظين نوايا الأصوات متوقعاً حصولهم على غالبية مطلقة من 339 مقعداً، لكن هامش الخطأ فضلاً عن احتمال اختيار الناخبين التصويت المجدي وصعود حزب العمال في الفترة الأخيرة، كلها عوامل قد تقود إلى برلمان بلا غالبية كما في عام 2017.
وقال مدير البحث السياسي في "يوغوف" كريس كورتيس متحدثاً إلى وكالة الصحافة الفرنسية "الناخبون أكثر تقلباً من أي وقت مضى". ورأى أن نتيجة المحافظين ستتوقف إلى حد بعيد على قدرتهم على جذب ناخبي الدوائر التي تصوت تقليدياً للعماليين في وسط إنكلترا وشمالها، غير أنها مؤيدة لـ "بريكست".
كما ينبغي النظر إلى نتائج الأحزاب الصغيرة مثل الليبراليين الديموقراطيين والقوميين الأسكتلنديين، التي قد تُنتزع من المحافظين والعماليين على السواء بعض المقاعد، غير أن ذلك لن يكون كافياً للتأثير في نتائج الحزبين الرئيسيين.