كشف الديمقراطيون في مجلس النواب عن بنود لائحة الاتهام المتعلقة بإجارات عزل الرئيس دونالد ترمب، وتتضمن إساءة استخدام السلطة وعرقلة تحقيقات الكونغرس، في توبيخ تاريخي للرئيس بسبب مطالبه لحكومة أجنبية بإجراء تحقيق سياسي.
جاءت لائحة الاتهام المكونة من بندين بعد تحقيق تاريخي مع ترمب عقب شكوى تقدم بها مُبلّغ مطّلع عن مكالمته الهاتفية مع أوكرانيا في 25 يوليو، والتي اتُهم فيها الرئيس بمطالبة نظيره الأوكراني بإجراء تحقيقات سياسية مع جو بايدن، أحد منافسيه السياسيين في انتخابات عام 2020.
وقد وصف شهود رئيسيون في إجاءات المحاكمة لمحققي مجلس النواب وجود عملية مقايضة في العلاقات الأميركية الأوكرانية تحت رئاسة ترمب. وأشار الشهود إلى أن ترمب كان يريد من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إعلان فتح تحقيقات بشأن نائب الرئيس السابق وابنه هنتر بايدن، الذي كان عضوا في مجلس إدارة شركة أوكرانية للطاقة عندما كان والده في البيت الأبيض. ومقابل ذلك، سيُفرج ترمب على مبلغ 391 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا ويدعو زيلينسكي إلى اجتماع ذات أهمية رمزية في البيت الأبيض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن لا يوجد هناك أي دليل على ارتكاب بايدن ونجله أي مخالفات، في حين قال الشهود إن الرئيس لم يكن في الواقع مهتماً بالفساد في أوكرانيا، وأنه بدلاً من ذلك، أراد وضع زيلينسكي "في إطار علني،" كما قال دانيل غولدمان، المستشار الديمقراطي في مجلس النواب خلال شهادة علنية ظهر يوم الثلاثاء.
والأكثر من ذلك هو أن البيت الأبيض رفض الامتثال لطلبات الاستدعاء الصادرة عن الكونغرس، ومنع شهودا لديهم معلومات مباشرة من الإدلاء بشهاداتهم خلال محاولة الديمقراطيين التحقيق في مخاوف مسؤول استخباراتي رفيع قدم شكوى مجهولة حول تعامل الرئيس مع أوكرانيا.
إساءة استخدام السلطة
أصدرت لجنة المخابرات بمجلس النواب تقريراً من 300 صفحة تقريباً عن النتائج التي توصلت إليها من تحقيقات المحاكمة قبل أن تبدأ اللجنة القضائية في النظر في بنود لائحة الاتهام المتعلقة بمحاكمة الرئيس. وقد أشار التقرير مباشرة إلى تورط ترمب في مطالبة إدارته الظاهرة من أوكرانيا بإجراء تحقيقات سياسية ستساعده في إعادة انتخابه.
وقد وجد التقرير أن ما قام به ترمب من "جهد ملح ومتواصل للضغط على دولة أجنبية لمساعدته في الفوز بالانتخابات عن طريق الغش" يشكل "خطراً واضحا وماثلاً على انتخاباتنا الحرة والنزيهة وعلى أمننا القومي،" وفقًا لبيان صادر عن مدير التحقيقات في لجنة المخابرات بمجلس النواب.
وأشار التقرير أيضا أن "مخطط ترمب قد زعزع السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه أوكرانيا وقوّض أمننا القومي من أجل تحقيقات ذات دوافع سياسية من شأنها مساعدة حملة إعادة انتخابه للرئاسة". وأضاف التقرير أن "الآباء المؤسسون حددوا وصفةً لعلاج حالة وجود رئيس تنفيذي يضع مصالحه الشخصية فوق مصالح البلد وهي المحاكمة البرلمانية."
وفي تصريح قبيل الإعلان عن التهم الموجهة للرئيس، قالت كاثرين كلارك، وهي ديمقراطية من ولاية ماساتشوستس ونائبة رئيس المجموعة الديمقراطية، لصحيفة "الاندبندنت" إن الرئيس يشكل "خطراً واضحاً وماثلاً على انتخابات 2020."
"نحن واثقون من محاسبة الرئيس، وهذا هو ما ينبغي القيام به، ليس فقط للرد على تصرفاته الماضية ولكن لضمان معرفة الرؤساء في المستقبل بأن لا أحد فوق القانون."
في غضون ذلك، وقبل الإعلان أيضا، وصفت بيلوسي تصرفات الرئيس بأنها محاولة "لإفساد انتخاباتنا المقبلة،" مضيفة أنه لا يزال يمثل "تهديدًا لديمقراطيتنا وأمننا القومي."
إعاقة عمل الكونغرس
تابع تقرير لجنة المخابرات في مجلس النواب بالإشارة إلى أن البيت الأبيض عمل فعلياً حجر عثرة في طريق تحقيقات المحاكمة التي يقودها المجلس بشأن تعاملات ترمب مع أوكرانيا، حيث أصبح الرئيس "الأول والوحيد" في التاريخ الأميركي الذي "يتحدى بشكل معلن ودون تمييز" سلطات الرقابة التي يتمتع بها الكونغرس في تحقيقات المحاكمة.
وكانت إدارة ترمب قد أصدرت تعليمات لكل من المسؤولين الحاليين والسابقين الذين عملوا في البيت الأبيض - وكان لديهم معرفة مباشرة بمكالمة الرئيس الهاتفية ومعاملاته مع أوكرانيا - بتجاهل مذكرات الاستدعاء ورفض الدعوات للإدلاء بشهاداتهم أمام محققي مجلس النواب.
كما أمرت إدارة ترمب محامي البيت الأبيض دون ماكغان بتجاهل مذكرات استدعاء لتسليم وثائق صادرة عن اللجنة القضائية بمجلس النواب في مايو الماضي، ما مهّد الطريق لمعركة مشحونة بين الإدارة والكونغرس مع بدء الأخير في إجراء تحقيق شامل في مخالفات الرئيس المزعومة.
من جهة أخرى، فشل العديد من مسؤولي الإدارة في حضور اجتماعات مقررة مع محققي المحاكمة، بمن فيهم رئيس موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني وجون آيزينبيرغ، نائب محامي الرئيس لشؤون الأمن القومي، بالإضافة إلى مايكل إليس، وهو أحد نواب آيزينبيرغ، وكثيرون آخرون. كما كان من المقرر أن يدلي كارل كلاين مدير أمن الموظفين السابق في البيت الأبيض، بشهادته أمام لجان مجلس النواب، لكنه تلقى تعليمات من مولفاني بعدم المثول في جلسات الاستماع.
وقد أسفر منع البيت الأبيض مسؤولين بعدم الامتثال لاستدعاءات الكونغرس عن دعوى قضائية وعن حتى بعض الانشقاقات، بمن في ذلك العقيد ألكساندر فيندمان، الذي حضر المكالمة التي أجراها الرئيس في 25 يوليو مع نظيره الأوكراني، وأبلغ آيزنبرغ بقلقه بشأنها بعد فترة وجيزة.
في تصريح عبر البريد الالكتروني إلى الاندبندنت، قال النائب الديمقراطي ستيني هوير إن قرار ترمب "اللاحق بعرقلة الكونغرس من خلال حجب وثائق مطلوبة وإصدار تعليمات لموظفيه بعدم التعاون مع محققي الكونغرس تؤكد مجددا زيف الافتراض غير الجمهوري بأن الرئيس فوق القانون ولا يخضع لمراقبة ممثلي الشعب الأميركي."
من جانبه، أصرّ البيت الأبيض على رفضه التعاون مع المحققين على أن العملية "غير عادلة" وأن التحقيق "لا أساس له على الإطلاق."
ومع ذلك، وفّرت اللجنة القضائية بمجلس النواب نافذة لإدارة ترمب لتقديم مستشار قانوني ينوب عنها في جلسات الاستماع عندما تتم دراسة بنود الاتهام المحتمل رفعها ضد الرئيس، غير أن البيت الأبيض رفض المشاركة مراراً رغم هذه الدعوات.
وفي هذا الصدد، قال جيري نادلر رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب، خلال جلسات الاستماع، إن الرئيس "بعد أن رفض هذه الفرصة، لا يمكنه الادعاء بأن العملية غير عادلة،" مضيفا أن "فشل الرئيس في الحضور لن يمنعنا من القيام بواجبنا الدستوري الجليل."
ماذا بعد؟
أشار رئيس مجلس النواب إلى أن التصويت على بنديْ لائحة الاتهام المتعلقة بمحاكمة ترمب قد يتم قبل عطلة عيد الميلاد.
ويبدو أن المجلس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون سوف ينجح في تمرير كلا البندين، ومن ثم ستُحال التهم إلى مجلس الشيوخ لإجراء محاكمة شاملة. يمكن أن تؤدي المحاكمة إلى عزل الرئيس من منصبه، رغم إشارة العديد من الخبراء إلى إن مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون سيواصل على الأرجح دعم ترمب.
كان الرئيس قد دعا مجلس الشيوخ إلى بدء المحاكمة بسرعة بعد انتهاء مجلس النواب من تحقيقاته، وحث النواب الديمقراطيين على محاكمته "بسرعة،" وذلك في تغريدة نشرها في وقت سابق من هذا الشهر.
وأشار ترمب في تغريدته إلى أن "الديمقراطيين الذين لا يفعلون أي شيء قد حظوا بيوم تاريخي سيء في مجلس النواب يوم أمس. إنهم لا يمتلكون قضية لإجراء المحاكمة وهم يهينون بلدنا، لكن لا شيء يهمهم، لقد فقدوا صوابهم."
"لذلك أقول لكم، إذا كنتم سوف تحققون معي، فقوموا بذلك الآن بسرعة، حتى أتمكن من الحصول على محاكمة عادلة في مجلس الشيوخ، ومن ثم تستطيع بلدنا العودة إلى العمل."
ورغم احتمال حصول الرئيس على مراده، على ما يبدو، في الوقت المناسب قبل عطلة عيد الميلاد، يبقى من غير الواضح كم سيستغرق التحقيق في مجلس الشيوخ أو كيف ستبدو العملية هناك. ستتولى القيادة الجمهورية العملية بمجرد انتقالها إلى مجلس الشيوخ، وفي هذه الحالة ستكون لزعيم الأغلبية ميتش ماكونيل سلطة استدعاء الشهود والإشراف على المحاكمة.
© The Independent