عبر اتفاق بريكست الذي توصّل إليه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون سابقاً مع بروكسل، مرحلة أولى حاسمة في البرلمان الجمعة 20 ديسمبر (كانون الأول)، بما وضع المملكة المتحدة على سكة الخروج من الاتحاد الأوروبي قبل المهلة المحدّدة في نهاية يناير (كانون الثاني).
وبعد نحو ثلاث سنوات من استفتاء بريكست، فاز المحافظون بغالبيةٍ كبيرة في انتخابات 12 ديسمبر، ما مهّد الطريق أمامهم للوفاء بتعهّدهم للخروج من الاتحاد الأوروبي. وبعد ثمانية أيام من الانتخابات، اجتمع البرلمان الجديد بشكل استثنائي الجمعة، ووافق على نص اتفاق بريكست بغالبية 358 صوتاً، مقابل 234 آخرين.
النقاشات المفصلة فالإقرار النهائي
فور انتهاء التصويت، غرّد جونسون عبر تويتر، قائلاً "لقد خطونا خطوة إضافية نحو بريكست". ويُنتظر أن يُطرح نص الاتفاق مجدداً على نقاشات أكثر تفصيلاً، بدءًا من 7 يناير، على أن يُقرّ نهائيّاً بعد التاسع من الشهر ذاته وفقاً لرغبة الحكومة.
وعقب الحصول على موافقة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، لن يتبقى سوى إقرار الاتفاق في البرلمان الأوروبي، لتتمكّن المملكة المتحدة من مغادرة الاتحاد الأوروبي في 31 يناير 2020، بعد 47 عاماً من شراكة مضطربة.
وكان جونسون أعلن في مجلس العموم أنَّ هذا النص يمثّل مفترقاً "في تاريخنا الوطني"، داعياً إلى "عدم النظر إليه بمثابة انتصار حزب على آخر". أضاف "إنّه وقت العمل سوياً... في ظل ثقة متجدّدة بمصيرنا الوطني".
وفشل رئيس الوزراء في أكتوبر (تشرين الأول) بالحصول على دعم البرلمان بعدما تفاوض على اتفاق جديد حول بريكست، ينصّ على حل آخر لتجنّب عودة فرض حدود فعلية بين أيرلندا الشمالية، المقاطعة البريطانية، وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.
ترحيب أوروبي والعين على اتفاق التجارة
الرئيس الجديد للمجلس الأوروبي شارل ميشال رحّب عقب تصويت مجلس العموم البريطاني الجمعة بـ"الخطوة المهمة"، ونبّه إلى أنَّ من شأن "منافسة عادلة" أن تشكّل أساس العلاقة المستقبليّة التي ستصُوغها المملكة المتحدة والتكتّل.
ويمثل الموعد الرسمي لبريكست بدايةً لمرحلة مفاوضات تهدف للتوصّل إلى اتفاق للتبادل الحر بين الطرفين. بالتالي، تبدأ في 31 يناير مرحلة انتقالية تستمرّ حتى نهاية 2020، ويُفترض أن تسمح للندن والمفوضية الأوروبية بالانفصال بهدوء. وخلال هذه الفترة، سيواصل البريطانيون تطبيق القواعد الأوروبية والاستفادة منها من دون أن تكون المملكة المتحدة ممثلة في مؤسّسات الاتحاد.
ويمكن أن تمدّد هذه المرحلة مرةً واحدة لعامٍ أو عامين، لكن أي طلب في هذا الاتجاه يجب أن يقدّم قبل الأول من يوليو (تموز). غير أنَّ جونسون يريد إلغاء هذا الاحتمال، إذ أدرج في النص المعروض على البرلمان الجمعة فقرةً تحظر أي إرجاء.
وأثار هذا الموقف مخاوف من عواقب الخروج "من دون اتفاق" على الاقتصاد في نهاية 2020، بينما اعتبر زعيم المعارضة العمّالية جيريمي كوربن أنَّ ذلك "سيضحّي بمئات آلاف الوظائف".
كوربين ينتقد تبادلاً حراً "ساماً" مع الأميركيين
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من انطلاقه من مبدأ احترام خيار البريطانيين، فإنَّ كوربن ندّد باتفاق "يفتح الباب أمام انعدام الضوابط على نطاق واسع" وباتفاق تبادل حر "سام" مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقال كوربن في مجلس العموم "ثمة طريقة أفضل وأكثر عدلاً لبلادنا لمغادرة الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أنَّ رئيس الوزراء يلجأ إلى "الحيل والنصائح" من أجل "إخفاء نواياه".
الاتحاد الأوروبي أكّد من جهته أنَّه سيبذل "أقصى الجهود" لإبرام اتفاق تجارة، محذِّراً في الوقت ذاته من أنَّ "عدم التوصّل" إلى اتفاق "سيترك أثراً في بريطانيا" أكبر مما سيكون على أعضائه.
وبعدما اكتسبت الحكومة حرّيتها في إتمام بريكست كما ترغب نتيجة الانتخابات، فإنَّها حسمت أمرها بما يخصّ رئاسة المصرف المركزي، المؤسّسة التي لعبت دوراً رئيساً في حماية الاقتصاد البريطاني من الاضطرابات المرتبطة بالخروج من الاتحاد الأوروبي. ولخلافة مارك كارني على رأس المصرف، بعدما مُدّدت ولايته في ظلّ الغموض الذي كان مهيمناً على مصير بريكست، وقع الاختيار على مدير هيئة أسواق المال أندرو بايلي، البالغ 60 سنة.