إنه حقاً أروع وقت في السنة. وُضعت الزينة، وباتت السيارة مليئة بالهدايا للأشخاص الذين لم نرهم منذ 12 شهراً، فيما يتجه دونالد ترمب مسرعاً نحو محاكمة في مجلس الشيوخ بهدف عزله.
وبينما نتأمل لحظات الإحباط والأمل في عام 2019، سيكون ترمب بلا شك جالساً في المكتب البيضاوي، حاملاً في يده علبة من الدايت كوك الباردة، وهو يتلذذ بنشوة عام آخر من الانتصار. من منا لن يكون فخوراً بما أنجزه؟ أضرار محتملة لا يمكن تداركها على السياسة البيئية، اتهام (آخر) بالاغتصاب، ومحاولة شراء غرينلاند وتنظيم حشد شعبي بينما يصوّت مجلس النواب على إجراءات عزله، وكمّ هائل من كراهية الأجانب.
سواء كان مشاغباً أو لطيفاً، فإنه من الواضح أن ترمب سيحصل على ما يريد في عيد رأس السنة، فهذه أمة منقسمة على نفسها يزداد احباطها وفقدان ثقتها بسياسييها. إذاً، دعونا نرفع كأساً من شراب البيض للعظيم رئيس الولايات المتحدة ولإنجازاته هذا العام.
عبور الحدود بين الكوريتين
ربما اعتقدت في الماضي أن عبور رئيس أميركي الحدود بين الكوريتين سيكون واحداً من أعظم اللحظات في السنة. لكن في الواقع تمكن ترمب من دفن ذلك الإنجاز، وإن كان مثيراً للجدل، بطرق كثيرة منذ أن قام بتلك الخطوة العظيمة في يونيو (حزيران).
ومنذ لقائه بكيم جونغ-أون شهدت العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة تقلبات أكثر من أي وقت مضى، إذ بلغت مستويات تاريخية من الأمل والإحباط. فتجارب الصواريخ استؤنفت مجدداً مع قول الدكتاتور الكوري إنه سيمنح الولايات المتحدة "هدية عيد الميلاد" إذا لم تتعامل مع كوريا الشمالية بالجدية اللازمة مرة أخرى. وأنا لا أعتقد أن تكون تلك الهدية هي السلم العالمي الذي نتوق إليه جميعاً.
خفض إنفاق الناتو
لم يكن ترمب أبداً واحداً من معجبي الناتو، وأنا متأكدة أن ذلك لا يعود بالمطلق إلى كون الحلف يدافع عنا ضد روسيا الجريئة، وإنما يتعلق تماماً بتخلف الدول الأعضاء عن الوفاء بالتزاماتها بإنفاق 2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2024.
فبتقليص التمويل الأميركي، يُظهر ترمب بشكل حقيقي أنه يهتم بالمسؤوليات المالية، وإذا اعتُبر ذلك الخفض الرمزي للدعم فشلاً في مواجهة التوسع العسكري لبوتين بشكل مناسب، فإن ذلك يعد صدفة غير سعيدة.
"براءة مطلقة"
هل تذكرون أيام الربيع المثيرة؟ كان ليام وميلي معاً، وكنت ما زلت أتظاهر بالذهاب للنادي الرياضي وكنا جميعاً مهووسين بتقرير مولر. ففي مارس (آذار) ادعى ترمب "براءة مطلقة" في ما يتعلق بالتحقيق حول الفساد في انتخابات 2016. أما في أبريل (نيسان)، بعد إصدار التقرير، فكان ذلك الادعاء بالبراءة في حقيقة الأمر "هراءً كاملاً" بحسب بوتوس. وفي نهاية المطاف دفع ذلك ترمب إلى الزعم بأن الدستور يسمح له بفعل كل ما يريد. حسناً، ذلك ما كان يقصده الآباء المؤسسون بالتحديد.
لكن من سيهتم بتدخل روسيا في انتخابات 2016 عندما تكون لدينا قصة أوكرانيا المثيرة للاحتفاء بها؟
فوضى العزل الكبيرة
انسوا "حالة الطوارئ البيئية" أو "همّ" أو "الوجودي"، فالكلمة التي اختارها لوصف عام 2019 هي بوضوح "العزل". إن الرئيس ترمب هو الرئيس الثالث للولايات المتحدة الذي يتعرض للعزل بعد شهادة مجموعة من الخبراء بأنه أساء استخدام السلطة وعرقل العدالة.
فالكرزة التي تتوج كعكة عيد الميلاد هي بطبيعة الحال تصويت مجلس النواب هذا الأسبوع على عزل الرئيس ترمب، مع رفع القضية إلى مجلس الشيوخ العام المقبل. وبالتأكيد، لن يتم عزله من قبل مجلس الشيوخ ذي الغالبية الجمهورية، لكننا نستطيع الاستمتاع قليلاً ببلوغ إجراءات العزل هذه المرحلة. وإن كنتم تتساءلون عن موقف الرئيس بوتين من كل ما يجري، فهو لا يدعم العملية برمتها.
اتهام بالاغتصاب
اتهمت الكاتبة إ. جين كارول الرئيس باغتصابها عام 1993. ويقول ترمب إن ذلك ليس صحيحاً لأنها ليست من "النساء اللائي يفضلهن". وسأترك القضية هنا.
وهناك أيضاً قضية التشهير التي رفعتها ضده سومر زيرفوس، وهي متبارية سابقة في برنامج "أبرنتيس"، ادعت أن ترمب راودها عن نفسها على الرغم من رفضها الاستجابة لمحاولاته. وستواصل القضيتان إثارة الجدل خلال عام 2020.
عداوة عنصرية مع الفرقة
من أهم اللحظات "الترامبية" خلال السنة هو هجوم الرئيس على النائبات في الكونغرس، أليكزاندريا أوكاسيو-كورتيز وإلهان عمر ورشيدة طليب وأيانا بريسلي، الملقبات بـ "الفرقة". ولمَ لا؟ فكلهن حديثات العهد بالعمل النيابي، ونساء ملونات البشرة، وهي أشكال طبيعية يرّكز زعيم العالم الحر على تحطيمها!
ففي لحظة خاصة وبارزة، طلب دونالد ترمب حرفياً من هؤلاء النائبات العودة من حيث أتين، وكان ذلك التعبير المناسب تماماً لما كان الرئيس عليه في 2018.
وهتف أنصار ترمب الأكثر حماسة "أعدها من حيث أتت" خلال مسيراته كلما ذكر إحدى هؤلاء النائبات. لكن دعونا نتذكر أن كلهن مواطنات أميركيات، وليس لأهمية الأمر. كما نشر على الإنترنت فيديو معدل لإلهان عمر مع مشاهد مؤلمة من اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).
حرب مستمرة ضد الصحافة
لن يكتمل عيد الميلاد هذه السنة من دون التهديد بشن هجمات ضد الصحافة! فالناس لا يميلون إلى التعاطف كثيراً مع الصحافيين هذه الأيام، لكن فقدان الثقة ببعض المراسلين لن يمنع التاريخ من النظر بكثير من الاشمئزاز إلى طريقة تعامل ترمب مع الصحافة. وقد بلغ الأمر درجة من التدني عام 2019 عندما شارك الرئيس فيديو معدلاً له حول عمليات قتل ضد الصحافة ومنعه صحفاً مشهورة من تغطية أخبار البيت الأبيض ورفضه طلب الأمم المتحدة إجراء مركز التحقيقات الفيدرالي تحقيقاً في وفاة جمال خاشقجي.
تحولات مدمرة للسياسة البيئية
السماح ببناء أنابيب مثيرة للجدل لنقل النفط، إعادة النظر في قوانين حيوية، الوعد بإعادة تشغيل صناعة الفحم، التي يعمل فيها حالياً موظفون أقل من العاملين في شركة أربيز للأغذية السريعة ولا فرصة لها بالعودة بقوة إلى سابق عهدها بحسب معظم خبراء الصناعة، تعيين أشخاص يقولون ببساطة إن التغير المناخي ليس حقيقياً في مناصب بـ "الوكالة الوطنية لحماية البيئة" (ريك بيري قال ذات مرة حرفياً إنه يود تفكيك الوكالة الوطنية لحماية البيئة)، التنقيب، التصديع المائي، والمزيد من التنقيب في أعالي البحار، لسبب وحيد هو: لمَ لا؟، والتهكم على الطفلة الناشطة غريتا تونبرغ. تلك كلها أشياء يمكن أن تكون مصدر قلق إذا كان التغير المناخي حقيقة، لكن لا مشكلة. يقول ترمب ليس هناك ما نقلق بشأنه.
تلك الطواحين الهوائية المزعجة التي يمكن أن تعطينا السرطان هي فقط ما يجب أن نكون أكثر قلقاً حياله.
السماح بالتراجع المخيف عن حقوق النساء
من يريد الحقوق الإنجابية، على أي حال؟
أعمال تجارية خاصة مشبوهة
قدم ترمب هذا العام مليوني دولار للمؤسسات الخيرية- أليس ذلك فعلاً كريماً منه؟ بالتأكيد، فقد أمره قاضٍ بفعل ذلك بعدما خرق القانون وأساء استغلال وضع مؤسسة ترمب الضريبي لخدمة أهدافه الشخصية، ومع ذلك فهو شخص رائع.
صرخات استهزاء به خلال بطولة العالم
الشيء الوحيد الذي تعلمناه خلال عام 2019 هو أن الناس يحبون فعلاً إطلاق صرخات الاستهزاء بالآخرين. والرئيس ترمب هو من كان هدف صرخات من هذا النوع في الكثير من المناسبات: خلال ألعاب بطولة العالم، وأثناء زيارته لضحايا عملية إطلاق النار في إيل باسو، وخلال مباراة لفنون القتال المختلطة أقيمت في نيويورك، وأثناء عرض بمناسبة يوم قدامى المحاربين، وحتى ميلانيا قوبلت بصرخات الاستهزاء أثناء نشاط نظمته مدرسة حول أزمة المواد شبه الأفيونية.
وابل من العنصرية
بعد بلوغ هذه النقطة، في الحياة أو المقال، بالكاد ستستغربون بأن دونالد ترمب قد قال في عام 2019 أشياء أكثر عنصرية مما أشرنا إليه سلفاً. لكنني لن أدع ذلك يوقفني عن تذكيركم بما قاله.
فهو قال إنه "الشخص الأقل عنصرية في العالم". أظن أن ذلك وصف منصف، لأنه لم يطلق تصريحات معادية هذه السنة إلا تجاه سكان أميركا الأصليين، والمسلمين، والأشخاص الذين تعود أصولهم إلى أميركيا اللاتينية، واليهود والسود. وبلغت جرائم الكراهية العنيفة درجة لم يسبق أن وصلتها خلال السنوات الست عشرة الماضية في الولايات المتحدة مع تصاعد الهجمات ضد السكان من أصول لاتينية.
في مدينة إيل باسو بولاية تكساس، قتل 22 شخصاً وجرح 24 آخرون. وقال المسلح الذي هاجمهم إنه كان يستهدف المكسيكيين.
ومن العار كذلك أن يكون الشخص الأقل عنصرية في العالم رئيساً. حبذا لو أن الناس يسيرون على خطى الرئيس.
حملة من الكراهية على الحدود
يموت الأطفال في أماكن احتجازهم بالولايات المتحدة على الحدود. ويعيش المهاجرون بخوف من أن يتعرضوا للفصل عن عائلاتهم. تحتجز وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الناس بصورة غير مشروعة.
لكن ترمب والمسؤولين عن تنفيذ سياسة "صفر تسامح"، مثل العنصري الأبيض ستيفن ميلر، يرون أنه لم يقع شيء من هذا! فما دام دونالد ترمب يبني ذلك الجدار، أنا سعيدة أننا سننام جيداً خلال عيد الميلاد هذا، حتى إذا كانت المكسيك لا تدفع ثمن بنائه.
© The Independent