تراجعت نسبة التبليغ عن جرائم الكراهية في المملكة المتّحدة التي تمّت مقاضاتها، من الربع إلى أقلّ من جريمة واحدة من بين كل 10 جرائم في الأعوام الستة الماضية، بحسب ما توصّلت إليه صحيفة "اندبندنت".
وعلى الرغم من تضاعف عدد الهجمات التي أُبلغت بها دوائر الشرطة لتصل إلى رقم قياسي بلغ 103 آلاف و400 في المدة نفسها، فقد انخفض عدد المشتبه فيهم المتّهمين بشكل مضطرد إلى 9 آلاف و500 فقط بين 2018 و2019، وذلك بحسب تحليلٍ لوزارة الداخلية و"دائرة الادّعاء الملكية" CPS. ويلقي المدّعون العامّون باللوم على الشرطة، التي تحيل عدداً أقل من القضايا الى القضاء للنظر في توجيه تهم إلى أصحابها.
لكن "دائرة الادّعاء الملكية" وضعت نصب عينيها بلوغ عتبة إدانة 85 في المئة من جرائم الكراهية في المدة الممتدة ما بين العام 2013 و2014. وكما غيرها من "معدّلات الطموح"، لم تنشر الدائرة هذه الهدف هذا. ويعزو الطاعنين في أدائها المسألة إلى تأثير المعدل المحدد ربما على سلوك كلٍّ من الشرطة والمدّعين العامّين.
وتزايد عدد التقارير المتعلّقة بجرائم الكراهية في الأعوام الأخيرة، وبلغت ذروتها خلال استفتاء 2016، والهجمات الإرهابية في كلٍّ من لندن ومانشستر العام 2017، والمناقشات في شأن الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي. وطالب ناشطون بمعاقبة الجناة في إجراءٍ رادع، لكن الأرقام تشير إلى أن من المرجّح أن يخرج هؤلاء بحرية ومن دون عقاب.
ووصف نيك نون، الرئيس التنفيذي لجمعية "غالوب" الخيرية التي تدافع عن حقوق مجتمع الميم+، تراجع المحاكمات المتعلّقة بجرائم الكراهية بأنه "مقلق".
وقال لـ "اندبندنت" إن "الارتفاع الكبير في العدد المسجّل من جرائم الكراهية، يزيد التوقّعات بتقديم مزيدٍ الدعاوى، وليس تراجع عددها. ويجب أن يتمتع جميع ضحايا جرائم الكراهية بحقّهم في الوصول المنصف والمتساوي إلى العدالة، وحيازة الدعم الذي يحتاجونه. فهذا أمر ملحّ بشكل خاص نظراً إلى الارتفاع الكبير في حالات انتشار الخوف من المتحوّلين والمثليّين وجميع أشكال جرائم الكراهية، بحسب أرقام إحصائية وضعتها أخيراً وزارة الداخلية".
وتشير "جمعية أمن المجتمع"، وهي مؤسّسة خيرية تسجّل جرائم الكراهية المعادية للسامية، إلى أنها ناقشت مع السلطات المعنية "الفجوة المتزايدة" بين الجرائم المسجّلة والإدانات في مثل هذا النوع من الجرائم". ويقول دايف ريتش، مدير السياسات فيها "شجّعَنا الشرطة ودائرة الادّعاء الملكية على تحديد أسباب هذا التراجع، ومن المهم عدم السماح باتساع هذه الفجوة على نحو مضطرد".
ولاحظت منظّمة "تِل ماما" التي توثّق حوادث الخوف من الإسلام، أنه على الرغم من أن معدلات مقاضاة الجرائم ظلّت واسعة النطاق، إلا أن عدداً أقلّ من القضايا أُحيل إلى النيابة. وقالت مديرة المنظّمة إيمان عطا "نحتاج إلى مراجعة سبب تراجع الإحالات إلى دائرة الادّعاء الملكية من جانب قوى الشرطة البريطانية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأت وثيقة وزارة الداخلية البريطانية أن الطريقة التي سجّلت بها الشرطة جرائمها قد تحسّنت وأن الوعي المتزايد بجرائم الكراهية قد زاد من تقاريرها. لكنها أشارت إلى وجود "ارتفاع حقيقي على المدى القصير في جرائم الكراهية، عقب أحداث معيّنة مثل الاستفتاء على انسحاب بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي في يونيو العام 2016، والهجمات الإرهابية في العام 2017"، واعتبر تقرير الداخلية أن "جزءاً من الزيادة قد يعكس ارتفاعاً حقيقياً في جرائم الكراهية".
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد جرائم الكراهية التي سجّلتها الشرطة في إنجلترا وويلز، بلغ رقماً قياسياً جديداً بعد ارتفاعه من 44 ألفاً و500 في المدة ما بين العامين 2013 و2014، إلى 103 آلاف و379 في العام الماضي. لكن عدد القضايا التي أُحيلت إلى المدّعين العامين انخفض من أكثر من 14 ألفاً إلى 11 ألفاً و800، وتراجعت نسبة التبليغ عن حوادث الكراهية من 31 في المئة إلى 11 في المئة وحسب.
وحافظ كلّ من نوعي القضايا المحالة إلى "دائرة الادّعاء الملكية"، تلك التي سطّرت فيها تهماً (80 في المئة)، أو القضايا التي نجم عنها إدانات (84 في المئة)، على استقرار واسع في تلك المدة. ولاحظت الدائرة أن إحالات الشرطة تُصنّف في نطاق الجرائم الجنائية، التي انخفضت بنسبة الخمس بشكل عام في الأعوام الخمسة الماضية.
وتؤكّد مصادر الشرطة أنه لم يتمّ التعرّف على المشتبه بهم في عددٍ من جرائم الكراهية المبلّغ عنها، وأن البعض منهم تمّ التعامل معه من خلال مبدأ "التصرّف خارج إطار المحكمة" الذي لا يتطلّب توجيه تهمة جنائية إليهم. وأصبح تحديد المشتبه بهم أكثر صعوبة بعد استخدامهم حساباتٍ مجهولة لإرسال مضايقاتٍ وتهديداتٍ بالاعتداء عبر الإنترنت.
وشهد "مستوى الطموح" الذي وضعته "دائرة الادّعاء الملكية" لجريمة الكراهية، انقسامات إقليمية في الحكم على هدف الـ 85 في المئة من الإدانات، الذي كان أعلى بكثير من الحدّ الذي وضعته لجرائم أخرى مثل الاغتصاب.
وفهمت "اندبندنت" أن هذه الأرقام استندت إلى المتوسط الذي وضعته وحدات "دائرة الادّعاء الملكية" في جميع أنحاء إنجلترا وويلز، وأن الرقم كان أعلى لأن معظم جرائم الكراهية هي مخالفات جزائية ينظر فيها القضاة ويجوز فيها الإقرار بالذنب مقابل تقليص الحكم.
وأوضحت "دائرة الادّعاء الملكية" أن تلك الأهداف استُخدمت لتتبّع نتائج القضايا التي تتعلّق بالضحايا المعرّضين للخطر، لكنها استُبدلت بمقاييس أداء مختلفة للتأكّد من دقّتها في المدة الممتدّة ما بين العامين 2017 و2018. وقال ناطقٌ بإسمها قائلا "نريد أن تكون لدى جميع ضحايا جرائم الكراهية ثقةٌ في أن كلّ قضية تحال إلى دائرة الادّعاء الملكية سيُنظر فيها عن كثب، وعند تدعيمها بأدلّة، ستوجّه اتّهامات وتجري محاكمات عادلة".
ويضيف: "كانت ثمة فجوة متزايدة لعددٍ من الأعوام، بين عدد جرائم الكراهية المبلّغ عنها للشرطة، وعدد الحالات التي ترسلها وحداتها إلى دائرة الادّعاء الملكية لإصدار قرارٍ اتّهامي فيها. ويعمل المدّعون العامّون عن كثب مع الشرطة على فهم أسباب هذا الهبوط".
وأعلن "مجلس رؤساء الشرطة الوطنية" عن ترحيبه بزيادة التقارير التي تفيد عن جرائم الكراهية، معتبراً أنها إشارة إلى أن الضحايا كانوا أكثر ثقة في أفراد الأجهزة. ويقول متحدّث باسم المجلس "نحن ندرك أن هذه الجرائم لها تأثير ضار على الضحايا، وسنواصل تقديم الجناة إلى العدالة حيثما توجد أدلة على ذلك".
وأضاف: "تقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية التفكير بعناية، والتعامل مع سبل التواصل بين بعضنا البعض، إضافةً إلى حماية مجتمعاتنا المتنوّعة. ستأخذ الشرطة جميع تقارير التهديدات وسوء المعاملة على محمل الجدّ، وستواصل العمل مع شركائنا في العدالة الجنائية لتحسين النتائج للضحايا".
وتعمل الحكومة البريطانية على إنشاء لجنة ملكية تعمل على نظام العدالة الجنائية من خلال "تقديم مراجعة أساسية للقضايا الرئيسية التي تؤثّر على هذا النظام، لجعله أكثر فاعلية وتأثيراً".
وقد تعرّضت توجيهات عن خطاب الملكة صادرة عن مقرّ رئاسة الوزراء في "داونينغ ستريت" للانتقاد، بسبب عدم إشارتها إلى تسعة أعوام من فرض تخفيضات على موازنة الشرطة ووزارة العدل منذ العام 2010. وأحيل إلى القضاء نحو 7.4 في المئة فقط من مجمل الجرائم المبلّغ عنها في إنجلترا وويلز وفقاً لأرقام وزارة الداخلية. في حين انخفض عدد الأشخاص المعاقبين جزاء جرائمهم إلى أدنى المعدلات.
© The Independent