"دونالد ترمب هو أشبه بزعيم مذهب، فيما عدد كبير من الجمهوريّين يخشون الوقوف ضدّه"، هذا ما قاله حليف سابق مفترض للرئيس الأميركي يقع في صلب التحقيق الجاري المتعلّق بعزل الرئيس. فقد ادّعى ليف بارناس أنه كان يقوم شخصياً بجهود مكثّفة لتشويه سمعة نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في أوكرانيا، بناءً على طلب مباشر من الرئيس ترمب ومحاميه الشخصي رودي جولياني، وهو شريك معروف له.
وقال بارناس في حديث مع شبكة MSNBC التلفزيونية الأميركية مساء الخميس الماضي إن "الأمر هو أشبه بأن نكون داخل طائفة. عندما يتحدّثون عن جريمة منظّمة، لا أعتقد أن ترمب يشبه جماعات الجريمة المنظّمة، أرى أنه يشبه زعيم طائفة". وأضاف: "في الوقت الراهن إن الجزء المخيف... الذي لا يفهمه الناس، هو أن هناك كثيراً من الأعضاء الجمهوريّين الذين سيعارضون ترمب. والفارق بين لماذا أصبح الرئيس قوياً للغاية الآن، وهو لم يكن بالقوة نفسها في العامين 2016 و2017، فهو أنه اكتسب قوةّ عندما أخذ إلى جانبه (المدّعي العام) وليام بار."
ومضى شريك محامي الرئيس ترمب في حديثه قائلا: "الناس خائفون. هل أنا خائف؟ نعم. أعتقد أنني خائف في الوقت الراهن من وزارة العدل لدينا، أكثر ممّا أخشى هؤلاء المجرمين. لأن الجزء الأكثر رعباً هو أن يتمّ حبسك في إحدى الغرف وأن تُعامل كحيوان عندما لا ترتكب أي خطأ. هذه هي الوسيلة التي يستخدمونها. إنهم يحاولون تخويفي لعدم التحدّث... إن زوجتي خائفة، وأطفالي قلقون."
هذه هي الجولة الأولى من المقابلات الإعلامية التي أجراها رجل الأعمال الذي وُلد في كنف الاتّحاد السوفييتي السابق، منذ اتّهامه بانتهاك قوانين تمويل الحملات الانتخابية الأميركية، من خلال تقديم تبرّعات كبيرة لقضايا الحزب "الجمهوري" بعد تلقّيه ملايين الدولارات من مصادر روسية.
وقد أقرّ بارناس بأنه غير مذنب في تهم بالتآمر والإدلاء بتصريحات كاذبة وتزوير سجّلات بعد اعتقاله وهو يحاول الفرار من الولايات المتّحدة. وادّعى أنه كان في مهمّة في أوكرانيا للبحث عن معلومات سلبية تتعلّق بكلٍّ من المرشح الرئاسي "الديموقراطي" جو بايدن وإبنه هانتر منذ العام 2018، وأنه التقى كبار المسؤولين في كييف نيابةً عن الرئيس الأميركي. وقال بارناس يوم الأربعاء الماضي إن ترمب "كان على علم بجميع تحرّكاتي".
وأضاف: "لم أفعل أي شيء من دون موافقة رودي جولياني أو الرئيس. ليست لدي أي نية وليس لدي أي سبب للتحدّث إلى أي من هؤلاء المسؤولين. أعني، ليس لديهم سبب للتحدّث معي. لماذا تلتقي بي الدائرة المقرّبة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي أو وزيره للشؤون الداخلية آرسين أفاكوف أو كلّ هؤلاء الأشخاص أو الرئيس الأوكراني السابق بترو بوروشينكو؟ من أنا؟ لقد طُلب مني أن التقيهم، وهذا هو السرّ الذي يحاولون كتمانه. كنت على الأرض أقوم بعملهم."
الرئيس الأميركي دونالد ترمب نفى بشدّة معرفته بليف بارناس، على الرغم من وجود أدلّة كثيرة من صور وفيديوهات على لقائهما في عددٍ من المناسبات. وكان بارناس قد نشأ في بروكلين وقال سابقاً إنه كان يعمل لدى "منظّمة ترمب" في الثمانينيّات في مجال بيع العقارات، لكنه ادّعى أنه لم يتعرّف بشكل قريب على دونالد حتى حملة الانتخابات في العام 2016. وقال ترمب يوم الخميس الماضي مكرّراً كلاماً سابقاً له: "أنا لا أعرف حتى من هو هذا الرجل. تُلتقط لي آلاف الصور مع أشخاص، وربّما يتعين عليك أن تسأل رودي."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حديث مع شبكة CNN يوم الخميس، تحدث بارناس عن مزاعم الرئيس الأميركي بأنهما لا يعرف أحدهما الآخر قائلاً: "أدعوه إلى أن يقول ذلك أكثر فأكثر. وفي كلّ مرة يقدّم نفياً سأظهر له صورة أخرى. إنه يكذب". وقد أجرى بارناس مقابلات تلفزيونية عدّة بعد أيامٍ من تقديم محاميه سلسلة وثائق من موكّله إلى الكونغرس.
وتتضمّن الوثائق مزاعم بأن محامي الرئيس الأميركي رودي جولياني أخبر المسؤولين الأوكرانيّين بأنه كان يعمل نيابةً عن الرئيس، وكذلك الرسائل النصّية التي تشير إلى أن ماري يوفانوفيتش السفيرة الأميركية لدى أوكرانيا التي تمّ إبعادها عن منصبها، قد تكون تحت مراقبة أحد المتبرّعين "الجمهوريّين" ويدعى روبرت هايد.
وأوضح بارناس أن السيدة يوفانوفيتش قد تمّ إبعادها لأنها كانت قد منعت محاولاتٍ من إدارة الرئيس دونالد ترمب للضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أجل إطلاق تحقيق في أنشطة نجل جو بايدن المنافس المحتمل لترمب في انتخابات هذه السنة 2020، الذي كان يعمل في مجلس إدارة شركةٍ للطاقة في أوكرانيا تُسمّى "بوريزما".
وفيما قلّل بارناس من خطورة الرسائل النصّية قائلاً إن "هايد كان في حال سكرٍ طوال الوقت" ادّعى أنه شاهد ترمب الغاضب يقول لأحد مساعديه خلال مأدبة عشاء خاصّة في ربيع العام 2018 "تخلّصوا من" السفيرة، وذلك بعدما أخبر بنفسه الرئيس بأنها كانت تسيء إليه في أوكرانيا.
وكان محامي ترمب رودي غولياني قد اعترف بأنه أراد إزاحة السفيرة يوفانوفيتش "من الطريق"، وبأنه تمّ استدعاؤها على عجل بشكل مفاجئ في العام الماضي، بعد حملة تشهيرٍ ضدّها يبدو أن بارناس اعترف بأنه قام بدور ناشطٍ فيها. وقال في هذا الإطار لشبكة MSNBC يوم الخميس: "لم أكن أعتقد أنني كنت أرتكب أيّ خطأ. أنا آسف على أمور معيّنة مثل إيذاء السفيرة، لأنه... عندما تكون في حال حرب، فأنت تعتقد أن خسائر أو أشياء مشابهة قد تقع."
على الرغم من تأكيداتٍ ليف بارناس أنه كان يخوض معارك الرئيس الأميركي، فقد رفض ترمب وحلفاؤه مزاعمه باعتبارها صدرت عن شخصٍ يائس يسعى إلى الحصول على ذريعة لعقد صفقة. وبعدما ادّعى رجل الأعمال نفسه أن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس كان على اطّلاع على ما كان يدور في أوكرانيا، ردّ رئيس أركان بنس قائلا: "الأمر بسيط للغاية، إن ليف بارناس يتعرّض لعددٍ من الاتهامات، وهو سيقول أي شيء لأي شخص قد يستمع إليه أملاً في البقاء خارج السجن. وليس مستغرباً أن يستمع إليه فقط الإعلام الليبرالي."
لكن مجلس النوّاب الأميركي كان قد قدّم يوم الثلاثاء أدلةً إضافية، بما في ذلك وثائق بارناس المقدّمة حديثاً لاستخدامها في محاكمة ترمب أمام مجلس الشيوخ، إلى جانب مادّتي العزل اللتين كان قد أقرّهما. وفي إشارة إلى الاستقطاب الذي تعيشه واشنطن مع بدء المحاكمة، فقد انتقد عدد من الأعضاء "الجمهوريّين" إدراج أدلّة جديدة، ومع ذلك لم يقدّموا سوى قليلٍ من الأسباب القوية لرفضها.
وعندما طرح مراسل شبكة CNN السؤال عمّا إذا كان ينبغي على مجلس الشيوخ النظر في الأدلّة الحديثة كجزءٍ من محاكمة العزل، مثل وثائق ليف بارناس الجديدة، أجابت السناتورة "الجمهورية" مارثا ماكسالي: "أيها الرجل، أنت متسلّل ليبرالي، وأنا لن أتحدّث معك."
© The Independent