إنه العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، وفيه بدأت بعض رموز العلم الحديث تشعر بأن صلاحيتها قد انتهت. خذوا مثالاً على ذلك مكّوك الفضاء. فهو يشكّل أمام العامّة رمزاً للاستثناء الأميركي، لكنه بات في الواقع أشبه بقطعةٍ داخل متحف. وكانت قد أرسلت آخر رحلة مأهولةٍ على متنه قبل نحو تسعة أعوام، ولا يزال البحث عن خلفٍ له مستمراً حتى يومنا هذا.
ومع تقاعد هذا المكّوك، اضطُرت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" إلى دفع مبالغ كبيرة للروس لقاء نقل الرواد الأميركيين إلى مدار الأرض. وغني عن القول إن هذا النوع من الاتكالية لم يستسغه بشكل جيد المواطن الأميركي العادي. والأسوأ من ذلك أن "وكالة الفضاء الروسية" زادت تدريجيا من سعر الرحلة الواحدة إلى الفضاء من رقمٍ كان في البداية 20 مليون دولار إلى أن أصبح أخيراً 80 مليون دولار عن كلّ مقعد.
وكان قد تمّ تطوير المكوّك بهدف واضح هو خفض كلفة الرحلات المأهولة إلى الفضاء الخارجي. لكن هذا المنحى فشل. فالتصوّر الذي وُضع له في أوائل سبعينيّات القرن العشرين، استفاد من التفاؤل الكبير الذي تلى الهبوط الأول للإنسان على سطح القمر، ولم يتوقّع عدد قليل من مجتمع الرحلات الفضائية أي شيء لهذا المسار سوى النجاح.
ومع ذلك، كان برنامج مكّوك الفضاء يكلّف الحكومة الأميركية قرابة 500 مليون دولار لكل عملية إطلاق، وادّعى بعض المعلّقين الشرسين أن الكلفة الحقيقية كانت في حدود مليار و500 مليون دولار. وهكذا، بدأت وكالة الفضاء "ناسا" التي تعاني من ضائقة مالية في البحث عن مركبة إطلاق بديلة، تكون أقلّ طموحاً بكثير من المخلوق المجنّح كبير الحجم الذي يعود إلى مرحلة السبعينيّات، لكن أكثر أماناً وفاعلية من حيث الكلفة.
وتُعدّ هذه المسألة بالنسبة إلى البعض منّا من الذين حلموا يوماً بمستقبل مثير في الفضاء الخارجي، قصةً مخيّبة للآمال تماما. فقد استغرق العاملون في المشروع الفضائي الأميركي وقتاً أطول بكثير ممّا كان متوقّعاً لتطوير مركبة فضائية جديدة، ولم تكن أي من التصاميم الجديدة التي وضعت للمركبة مصدر إلهام، خصوصا وأن هناك تسليم بين هؤلاء بأن السفر إلى الفضاء سيظل مكلفاً على الرغم من أنه ربما قد لا يكون بالكلفة ذاتها التي كان عليها في السابق.
والعامل المفصلي الآخر قد يكون الاقتناع الأميركي بأن القطاع الخاص هو في وضع أفضل أساساً من وكالة "ناسا" لتطوير الجيل المقبل من المركبات الفضائية المأهولة وتشغيلها. ففي المرحلة الماضية، كانت شركات خاصّة تطوّر مركباتٍ فضائية جديدة وتسلّمها إلى وكالة "ناسا" لتضعها قيد العمل. وكان الأفراد الذين يتولّون إدارة المهمّات إلى الفضاء في مقر القيادة جميعهم من الموظّفين الحكوميّين، وكان عبء المسؤولية يقع في تلك المهمّات على عاتق الحكومة.
ويُعتبر جزءٌ ممّا يحدث هنا ثقافيا. ويشبه الطريقة نفسها التي يعتقد من خلالها حزب "العمّال" البريطاني بأن شبكة السكك الحديد لا يمكن أن تعمل إلا إذا كانت كياناً مؤمّما. ويرى كثير من العاملين في مجال الرحلات الفضائية الأميركية أنه لا يمكن ضبط تكاليف السفر إلى الفضاء الخارجي إلا بواسطة القطاع الخاص. وتظّل مسألة ما إذا كان ينبغي اعتبار أيٍّ من هذين الرأيين منطقيا، مسألةً غير أكيدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التصاميم الجديدة المتاحة تُبنى كلها على نموذج مركبات الإطلاق التقليدية التي ستكلّف ملايين الدولارات لكل رحلة، أما قدرتها فقد تتفوّق هامشياً على كبسولات "أبولو" في الستينيّات. فشركة "بوينغ" العريقة أنتجت كبسولة "ستارلاينر"، وهي مركبة تشبه إلى حدّ كبير وحدة قيادة "أبولو" في ستينيّات القرن الماضي، التي يمكن التسامح مع القول إنها كانت كذلك. ومع ذلك، فهي أوسع بنحو متر أو أكثر على مستوى قاعدتها، ويمكنها الهبوط بها في الصحراء بدلاً من البحر.
وفي المقابل، فاز شاب مبتدئ يُدعى إيلون ماسك أيضاً بعقد مع وكالة "ناسا"، كما أن شركته الفتية SpaceX صنّعت مركبة فضاء قادرة على ترميم محطة الفضاء الدولية وصيانتها. ونقلت مركبته هذه فعلاً عدداً من مهمّات الإمداد غير المأهولة إلى محطة الفضاء الدولية. وفي الأعوام القليلة الماضية، تم تحقيق كثير من تطلّعات ماسك لاستعمار كوكب المرّيخ، لكن من المهم أن نتذكر أنه حتى وقت كتابة هذا التقرير، لم تكن "سبيس أكس" قد قامت حتى الآن بنقل أيّ رائد فضاء إلى أيّ وجهة على الإطلاق.
ما أنجزته وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" هنا هو صفقة مقسّمة على شركتين تلقيّتا عقداً حكومياً كبيراً بإنتاج مركبتين متميّزتين يمكن لكلٍّ منهما حمل ما يصل إلى سبعة روّاد فضاء. وأعلن إيلون ماسك أن سعر الإطلاق الواحد قد ينخفض قريباً عن عتبة الـ 100 مليون دولار، لكن هذا الإنجاز الخاص ما زال بعيد التحقيق بعض الشىء. وما هو أسوأ من ذلك، أن كلاً من شركتي "بوينغ" و"سبيس أكس" ما زالتا متخلّفتين فعلاً أعواماً عدة عن الموعد الذي حُدّد لإطلاق أول مهمّة مأهولة يمكن تكرارها مرارا، والذي كان مقرّراً في العام 2017.
ويبدو من المحتمل في وقتٍ ما خلال السنة الجارية 2020، أن تطرح الشركتان نموذجيهما الأوليّين مع رائدي فضاء في كلّ مهمة، والالتحام بمحطة الفضاء الدولية، والتسبّب بموجةٍ جديدة من الذعر لدى الذين يموّلون برنامج الفضاء الروسي. وفي ما عدا المزيد من التأخير، ربما تكون "سبيس أكس" أول شركة تحمل روّاداً أميركيّين إلى الفضاء منذ توقّف مكّوك الفضاء، على مدى تسعة أعوام كاملة.
ماذا لو كان هناك أيّ شيء قد قام به ماسك وجعله فعلاً متقدّماً على شركة "بوينغ"؟ في الواقع، يجب القول إن إطلاق شركة فضاء من الصفر والخروج بمركبة قادرة على العمل وفق المزايا المطلوبة يُعدّ في حدّ ذاته إنجازاً رائعا. فمنذ مركبة الفضاء الروسية "سبوتنيك"، كان برنامج الفضاء أكثر بكثير من مجرّد استكشاف للفضاء الخارجي. إنه أمرٌ يتعلّق بالسياسة والاقتصاد. إنه شكل من أشكال الاستعراض من قبل أغنى الأمم، والجميع مصمّم بعناد على القول إنه متقدّم بأشواط على جيرانه.
في العصر الحديث، يتعلق الأمر كذلك بجانب آخر. فوكالة "ناسا" هي مؤسّسة تموّلها الحكومة الأميركية وتقوم بتفويض العمل إلى عددٍ كبيرٍ من الشركات في جميع أنحاء الولايات المتّحدة، ما يوجد حافزًا "كينزياً" على مستوى التقنية العالية في الاقتصاد الأوسع. وكلّما سمعتم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشتكي من الدعم الأوروبي لشركة "إيرباص"، فقط تذكّروا أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالة الفضاء "ناسا" تضخّان أموالاً إلى شركات الفضاء الخاصّة بهما على نطاق مذهل.
لكن ماذا عن إيلون ماسك تلك الشخصية الغامضة الغريبة التي برزت كثيراً في نشرات الأخبار مؤخرا؟ هل هناك شيء نتعلّمه من نجاحه؟ نعم. فاستناداً إلى بعض الحسابات لم تتغيّر كلفة إطلاق قمر صناعي إلى مدار الكوكب منذ أيام الرئيس الراحل جون كينيدي. وقد أرادت "ناسا" التعاقد مع شركات مختلفة في أماكن متعدّدة من أجل بناء معدّاتها. وبهذه الطريقة تولّد لدى الناخبين في جميع أنحاء الولايات المتّحدة شعور بأن مناطقهم اكتسبت وظائف واستثماراتٍ في برنامج الفضاء الأميركي.
اعتمد إيلون ماسك مقاربة مختلفة. فمصنع صواريخ الإطلاق الخاصّ به يجمع معظم مكوّناته في مكان واحد. وهذا يوفّر على فرق البناء اضطرارها إلى نقل المعدّات من كاليفورنيا إلى فلوريدا. والأهمّ من ذلك، أن شركة "سبيس أكس" كانت رائدةً في تمكّنها من إعادة مركبات الإطلاق الخاصّة بها إلى الأرض مع مراحل الصواريخ الفردية، واستطاعت أيضاً القيام بهبوط سهل إما في موقع الإطلاق أو الهبوط على متن سفينة مسيرة مخصصة لاطلاق واستقبال طائرات من دون طيّار في عرض البحر. وبعد سلسلة من الإخفاقات الأولية، يبدو أن فريقه قد أتقن هذه العملية بشكل جيّد. وإذا كان محقّاً ويمكن استخدام مرحلة الإطلاق النموذجية لنحو 10 مرّات من دون إدخال تحديثات كبيرة، فمن المفترض أن تنخفض كلفة الرحلة الفضائية بنحو 20%.
وقد أدّى عمل مماثل إلى استرداد غلافات الحمولة على منصّات الإطلاق الفضائية غير المأهولة التي صنّعها. وكانت جميع الشركات المصنّعة لمركبات الإطلاق الأخرى تترك تلك المكوّنات تسقط في البحر بشكل غير ضار، لكن فريق ماسك يعمل بوعي لالتقاطها في الهواء من خلال ربط مظلاّت بكلّ نصف حمولة من الغلافات، ويلاحقها بعد ذلك بشبكة تكون في انتظارها في المحيط. ونظراً إلى أن كلفة كلّ حمولة هي في حدود 6 ملايين دولار، فإن النجاح في استعادة الأغلفة يجب أن يحقّق وفراً إضافياً في التكاليف.
ولا يختلف اثنان حاليا أن شركة إيلون ماسك قد أدخلت طاقةً جديدة إلى عالم الرحلات الفضائية وأن شركة "بوينغ" تكافح من أجل مواكبة هذا التحدّي. فكيف تمكنت شركة "سبيس أكس" من تحقيق هذا التطوّر في وقتٍ فشلت فيه شركات أخرى كثيرة؟ الجواب يكمن في مسألة واحدة، قد تكون العمر. فمتوسط عمر المهندس المتدرّج في شركة "بوينغ" هو 50 عاما. والأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة لا يحاولون ابتكار أشياء مثيرة للدهشة. ويميل هؤلاء عادةً إلى قضاء وقت أطول في التفكير في نظام معاشاتهم التقاعدية أكثر من صرفه على أحدث المبادرات، وفي وقت كان يمكن فيه استرجاع أجزاء مختلفة من مركبات الإطلاق لبعض الوقت، لم يكلّف أحدهم حقّاً عناء العمل على ذلك. وكانت شركات مثل "بوينغ" و"لوكهيد مارتن" تتلقّى عقوداً منتظمة من البنتاغون ووكالة "ناسا" وشركات الاتّصالات في العالم، ونادراً ما شعرت بالحاجة إلى تغيير هذه العادة. أما الآن فقد باتت مجبرة على القيام بذلك.
واعترفت "وكالة الفضاء الأوروبية" ESA صراحةً في بيان صدر عنها في المرحلة الأخيرة، بإنجازات شركة "سبيس أكس"، إضافةً إلى أن "ما أصبح روتينيّاً في الولايات المتّحدة يظلّ مستحيلاً في أوروبا". فقد باشرت "وكالة الفضاء الأوروبية" خطواتها الأولى في مسار إعادة استخدام المكوّنات الذي بدأ مع مكّوك الفضاء، والذي لم يتحقّق بشكل كامل حتى الآن.
ويمكن في حال النسيان، أن أذكّر بالمنافس الثالث لبرنامج الفضاء التابع لوكالة "ناسا". إنها السفينة التي تُشغّل بلا طيّار Dream Chaser وهي مركبة فضاء صُمّمت أساساً لنقل روّاد فضاء إلى المحطة الفضائية الدولية، لكن تم تخفيض تصنيفها لتكون سفينة شحن، ووظيفتها محصورة الآن بتأمين نقل الطعام والإمدادات. وهذه المركبة هي الوحيدة التي يمكنها الهبوط على مدرج تقليدي. وتُعدّ "دريم تشايسر" نسخةً مصغّرة عن Space Shuttle، وتعود أصولها إلى ذلك النوع من الطائرات التجريبية التي نجح ستيف أوستن في تحطيمها في المقدّمة الافتتاحية للمسلسل الشهير "سيكس ميليون دولار مان" 6 Million Dollar Man. وبعد سنوات من التطوير المستمر، اقتربنا أخيراً من إمكانية الطيران في الفضاء الخارجي، ويبدو في الواقع كأنه شيء من أفلام الخيال العلمي.
وتم تصميم كلّ من هذه السفن الفضائية الثلاث، لتتمكّن من الالتحام مع "محطة الفضاء الدولية" بشكل مستقل. ومن حيث المبدأ، يمكن لروّاد الفضاء عدم التدخّل في مرحلة الاقتراب النهائية من المحطة، وتظلّ الكبسولة قادرةً لوحدها على الالتحام. والأفضل من ذلك أن كلاً من شركتي "سبيس أكس" و"بوينغ" أضافتا نظام نجاة إلى كبسولتيهما. ففي حال لم يتمّ التمكّن من اكتشاف خلل ما، فإن إحدى مشكلات مكوّك الفضاء قد تكمن في احتمال جنوحه نحو كارثة بحيث يمكن أن يفقد أربعة عشر رائد فضاء أرواحهم في هذا البرنامج. والجديد في مسألة السلامة أنه في حال ظهور خللٍ في أي من الكبسولتين الجديدتين بعد الانفجار، فإن مقصورة الطاقم مصمّمة للانفصال عن صواريخ الإطلاق وفتح المظلاّت من أجل إجراء هبوط اضطراري.
وبات اعتماد نظام نجاة جيّد شرطاً أساسياً وضرورياً لعمليات السفر المأهولة إلى الفضاء الخارجي. وقامت الشركتان بجهدٍ كبير لتحقيق ذلك. ففي العام 2019، تمكنت "ستارلاينر" الكبسولة التي صنّعتها "بوينغ" من فتح مظلّتين فقط من أصل ثلاث من مظلاّتها أثناء هبوط تجريبي. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن كبسولة "دراغون" التي بنتها "سبايس أكس" قد فجّرت نفسها إلى أجزاء على الأرض خلال محاولة لمحاكاة عملية إطلاق تجريبي. وكانت شركة "بوينغ" سريعة في الإشارة إلى أن طاقماً بشرياً كان يمكن أن ينجو من حادثة "ستارلينر". وغني عن القول إن أيّ شخص كان يمكن أن يكون متورّطاً في حادثة "دراغون" قد قضى نحبه.
حتى في هذه المرحلة المتطوّرة، قد تكون رحلة الفضاء المأهولة محفوفة بالمخاطر، ويستحق الاعتراف لبضع ثوانٍ بالقوة الرائعة لبرنامج "سويوز" الروسي الذي بالكاد غيّر تصميمه منذ مرحلة الحرب الباردة، ولم يتسبّب في مقتل أي شخص منذ العام 1971. وعلى الرغم من هذا الاعتراف، فإن برنامج "سويوز" بات من الماضي، وإذا أردنا استكشاف الفضاء الخارجي بعمق فسنحتاج إلى بعض الأجهزة الجديدة.
ولا بدّ من الاعتراف أن البشر ليسوا مجرّد خطر إضافي. ويمكنهم أن يقدّموا إضافةً إلى مبدأ السلامة أيضا. ففي الأيام الأخيرة من العام 2019، اختبرت شركة "بوينغ" نسخةً غير مأهولة من "ستارلاينر" في مدار منخفض حول الأرض، واكتشفت أن الكومبيوتر الموجود على متن المركبة قد ارتكب خطأ فادحا، وأن أجهزتها لم تكن قادرة على الالتحام بمحطة الفضاء الدولية. وسارع رواد الفضاء الذين تمّ تحديدهم للقيام بأول رحلة مأهولة إلى الإشارة إلى أنهم لو كانوا على متن المركبة لتمكنوا من معالجة هذه المشكلة. وإذا كان هذا الأمر يبدو رائعا، فيجب تذكّر أن روّاد فضاء "أبولو" تمكّنوا هم الآخرون من القيام بذلك. ففي العام 1973، أرسل الأميركيّون ثلاث كبسولات من "أبولو" إلى محطة "سكايلاب" الفضائية، وأتمّت جميعها المهمة من دون أي إخفاق. ورغم استعانتها بتاريخ حافل من هذه التجارب وخمسة عقود أخرى من التطوّر التكنولوجي المستمر، ما تزال وكالة ناسا تعاني في سعيها لتكرار النجاحات التي عرفتها في سبعينات القرن الماضي.
( ستيفن كاتس هو دكتور وكاتب في العلوم. روايته الخيالية العلمية The Village On Mars متاحة على موقع "أمازون" )
© The Independent