صرح رئيس حزب "جيل جديد" سفيان جيلالي، الذي كان أول شخصية حزبية يستقبلها الرئيس عبد المجيد تبون في إطار المشاورات التي باشرها، أن "رئيس الجمهورية يبدي رغبة كبيرة في إحداث التغيير المنشود من قبل الجزائريين"، وكشف في حوار مع "اندبندنت عربية" أن "الحكومة الحالية انتقالية، تنتهي صلاحيتها مع الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية عام 2020". وقال إن الرئيس واعٍ إلى عدم شرعية وصدقية المؤسسات الدستورية الحالية، ومن بينها البرلمان.
لقاء ومقترحات
وكشف جيلالي خلال حوار أجراه مع "اندبندنت عربية" عن النقاط التي تناولها أثناء لقائه الرئيس عبد المجيد تبون في مقر رئاسة الجمهورية، مثل إطلاق سراح كل معتقلي الرأي، وقضية الانفتاح الإعلامي، كما "تطرقنا إلى محاور ممكن معالجتها في إطار تعديل الدستور من أجل تأسيس الإطار العام لتغيير الحوكمة في الجزائر"، وأهمها تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لمصلحة البرلمان، وإنشاء منصب رئيس الحكومة بدل الوزير الأول، مع التشديد على أن يكون للغالبية البرلمانية حق تعيين رئيس الحكومة، إضافة إلى تقوية موقف النواب مقابل الجهاز التنفيذي مع إمكانية مساءلة الوزراء، ناهيك عن مبدأ الفصل بين السلطات، بخاصة بين السلطتين التنفيذية والقضائية. وقال "تحدثنا عن حل البرلمان الحالي والذهاب إلى انتخابات تشريعية قبل نهاية 2020، كما اقترح حزبنا ضرورة فصل المؤسسة العسكرية عن المؤسسة السياسية المدنية". وتابع "نتجه قبل نهاية السنة إلى تجديد البرلمان وبعده الحكومة".
حكومة جراد رسالة طمأنة
ودافع جيلالي عن الحكومة الحالية التي وصفها بحكومة مرحلة، قائلاً إن "الشعب كان يطالب برحيل الحكومة السابقة المعينة من طرف الرئيس المستقيل (عبد العزيز) بوتفليقة، والإتيان بوجوه جديدة لا علاقة لها بالنظام السابق، وهو ما استجاب له الرئيس، فمثلاً عبد العزيز جراد كان في المعارضة إضافة إلى عدد كبير من الوزراء"، مبرزاً أنها "حكومة ذات تاريخ صلاحية، ينتهي مع الانتخابات البرلمانية المقبلة، فهي حكومة تصريف أعمال أكثر منها حكومة سياسية".
وأشار جيلالي رداً على سؤال حول العدد الكبير للطاقم الحكومي في ظل وضع اقتصادي واجتماعي صعب، إلى أنه "من بين 39 وزيراً، يوجد عدد كبير من الوزراء المنتدبين وكتّاب دولة، وهؤلاء لا يتطلبون ميزانية كبيرة ولا تأثير لتعيينهم في ميزانية الدولة، ولتعيينهم دلالات رمزية لأن معظمهم شباب وبعضهم قادم من الحراك الشعبي، وهي رسالة طمأنة من الرئيس إلى الرأي العام بأن المستقبل منفتح على الجميع".
وذكّر بأن "انتخاب الرئيس حصل في جو سلبي وانعدام الثقة ووسط مطالب شعبية كثيرة، وعليه فإن تبون حاول كخطوة أولى، التعبير عن تفهّمه، بتعيين هذه الحكومة، وكأنه يقول إن الكل يشارك بمَن فيهم الذين كانوا ضده وضد الانتخابات"، رافضاً وصفها بحكومة مكافأة أو حكومة ولاءات، بل حكومة انتقالية.
استمرار الحراك يحمي إرادة التغيير
ولدى سؤاله عن الجدوى من استمرار الحراك في هذه الحالة، رد جيلالي بأن "السلطة في الجزائر متشعبة ومركبة ولا يكفي أن يملك الرئيس إرادة التغيير، لأن هناك مراكز قرار أخرى ترفض التغيير لعدد من الأسباب، وعليه فإن استمرار الحراك يعطي قوة أكثر لإرادة التغيير". وتابع "أنا لا أتكلم عن أشخاص معروفين، ولكن نعلم أنه مع كل عملية تغيير نجد جهات تعطل التغيير لأنه لا يخدم مصالحها وهذا أمر طبيعي، لأن أي إصلاح يمسّ أجهزة قوية بالضرورة سيمس بعض المصالح، وعلينا توقع أن يكون هناك نوع من هذه السلوكيات".
البرلمان الحالي... مؤسسة شكلية
وأرجع رئيس حزب "جيل جديد" استباق تعديل الدستور على الانتخابات البرلمانية إلى سبب بسيط وهو أن "الوصول إلى انتخابات نزيهة لا يمكن بالقوانين الحالية، وعليه بات ضرورياً تعديل الدستور بالتشاور مع الطبقة السياسية والمجتمع المدني ثم الذهاب إلى استفتاء شعبي، سواء تم تمريره على البرلمان أو تجازوه، فإن ذلك لا يؤثر في هذه الخطوة"، موضحاً أن "الرئيس تبون أكد خلال لقائنا أنه من الممكن جداً مروره على البرلمان لكن من دون إتاحة إمكانية تغييره أو المساس بنصوصه المعدلة من قبل النواب، وعليه فإن مروره برلمانياً سيكون شكلياً فقط"، مضيفاً أن "الأمر المهم في كل ذلك، هو الاستفتاء الشعبي الذي سيمنح القوة للدستور الجديد"، مشدداً على أن "الرئيس واعٍ إلى أن المؤسسات الحالية تفتقد لصدقية، بما فيها البرلمان".
دسترة دور المؤسسة العسكرية
هل يمكن القول إن الجزائر بلغت مستوى عدم تدخل المؤسسة العسكرية في العمل السياسي؟ المؤسسة العسكرية هي العمود الفقري للجزائر كدولة، ومن الصعب جداً أن تخلق قطيعة تامة بين المؤسسة العسكرية والقرار الإستراتيجي في البلاد، يؤكد رئيس حزب "جيل جديد"، مضيفاً أن هذا الواقع الحاصل في مختلف الدول الديمقراطية التي باتت تدمج البعد الأمني بالقرار الإستراتيجي، وأبرز أن من بين المقترحات في هذه النقطة، أن تتم دسترة دور المؤسسة العسكرية ويُحدَد بصفة واضحة بشكل يترك المجال السياسي لصالح الطبقة السياسية، وقال رداً على تجاوز منصب نائب وزير الدفاع في الحكومة، إن "رئيس الأركان الجديد لا يريد التدخل في المجال السياسي، وخرج من الحكومة ليترك المنصب بين يدي رئيس الجمهورية".
ولفت جيلاني إلى أنه "لم توجَه إلينا الدعوة للمشاركة في اجتماع تكتل البديل الديمقراطي المعارض في العاصمة" يوم السبت 25 يناير (كانون الثاني) الحالي، مضيفاً في شرحه الأسباب، أن "هذا القطب له مواقف مضادة لتوجهاتنا، فهو لا يعترف بالرئيس ويرفض أي حوار معه، ويطالب بالمرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي، ما من شأنه ضرب استقرار البلاد"، وبعد الاجتماع يتبين ما إذا كان التكتل متمسك بمواقفه أم سيتراجع عنها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أوراق حل أزمة ليبيا
وبعد 10 سنوات من الغياب عن الساحة الدولية، ومع مشاركة تبون في مؤتمر برلين من أجل ليبيا، عادت الجزائر إلى مكانتها بين الدول، برأي جيلالي، الذي قال إن "تحرك الجزائر يندرج في إطار الدفاع عن مصالحها ومواقفها، إلا أن النشاط الديبلوماسي الأخير بادرة خير لمستقبل أفضل"، مشدداً على أن "الجزائر وحدها لا تملك الأوراق لإنهاء الأزمة الليبية، ولا تملك القوة لتغيير المسار، ويبقى ظهورها في إطار الإسهام لمنع اقتتال الأخوة الليبيين وتغليب لغة الحوار على المواجهة المسلحة".