تجربة فريدة يقدمها المتحف المصري بالقاهرة لزوّاره من الصغار، وهي متحف مخصص للأطفال يضم قطعا أثرية من مصر القديمة، تتنوع ما بين الأهرامات والتماثيل والتوابيت ولكنها مصنوعة من مكعبات الليغو لتتيح للأطفال فرصة التعرف على الحضارة المصرية القديمة بشكل مبسط ومحبب إليهم هذا إلى جانب برامج تعليمية مبسطة يقدمها متحف الطفل لزيادة الوعي الأثري عند الأطفال.
تقول شيرين أمين، مديرة متحف الطفل بالمتحف المصري بالقاهرة، عن نشاط المتحف المصري وبرامجه التعليمية وأهدافه، "تم افتتاح متحف الطفل في عام 2010 بهدف تقديم الحضارة المصرية القديمة بشكل مبسط للأطفال من خلال مكعبات الليغو، وقد كانت القطع المعروضة في المتحف جزءاً من عرض متنقل يقدم الحضارة المصرية القديمة تم تقديمه سابقاً في عده دول قبل أن يستقر في القاهرة بالمتحف المصري".
تضيف، "المتحف عبارة عن ست قاعات مقسمة إلى موضوعات رئيسة لأهم أركان الحضارة المصرية القديمة، مثل الحياة اليومية، والكتابة، والملك وعائلته، والمعتقدات الدينية، والعالم الآخر، والمعبودات المصرية القديمة. ويتضمن المتحف 19 قطعة مصنوعة من مكعبات الليغو تصور أهرامات الجيزة وأبو الهول والكاتب المصري وقناع توت عنخ آمون الجنائزي والتوابيت وأدوات الزينة بالإضافة إلى التحنيط في مصر القديمة وكلها مصنوعة بالمكعبات".
تجربة ثرية
يهدف متحف الطفل إلى تقديم تجربة تاريخية ثرية للأطفال من خلال وسائل تعليمية متعددة بشكل مبسط، بهدف خلق حالة من الارتباط بينهم وبين تاريخهم وتعريفهم بعظمة الحضارة المصرية القديمة من خلال وسائل تعليمية مختلفة ومعتمداً على فكرة التفاعل بشكل مباشر بين الأطفال والقطع الأثرية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تابعت شيرين، "التماثيل المصنوعة من المكعبات هدفها تبسيط المفاهيم المختلفة للحضارة المصرية القديمة وتقريبها لإدراك الأطفال، وأيضاً تم إمداد المتحف حالياً بعدد كبير من المستنسخات والنماذج التعليمية من إنتاج وحدة المستنسخات بوزارة الآثار المصرية وهي تثري العرض المتحفي فيتمكن الطفل من لمس القطع، والتفاعل معها حيث لا يمكن للطفل أن يلمس القطع الأثرية الحقيقية بالمتحف نفسه".
أوضحت، "من هذه النماذج نموذج لحجر رشيد، وتماثيل الملك توت عنخ آمون والدروع الحربية وتماثيل الأفراد في الدولة القديمة والوسطى وبيان ماهية المجتمع المصري وأهم المهن والوظائف في ذاك الوقت، ومومياء الملك توت عنخ آمون، والألعاب المصرية القديمة، وتماثيل الملوك والملكات في عصر الدولة الحديثة وعلى رأسها فترة العمارنة".
البرامج التعليمية
يقدم متحف الطفل العديد من البرامج التعليمية في مجالات مختلفة بأساليب شيقة معتمداً على أساليب متميزة، عن برامجها تقول مديرة متحف الطفل، "البرامج التعليمية التي يقدمها متحف الطفل بالمتحف المصري تمثل جزءاً من السياسة العامة لوزارة الآثار المصرية، التي تهدف لرفع الوعي الأثري وتقديم برامج تعليمية هادفة للخدمة المجتمعية مثل البرامج المقدمة في الفترة الصيفية والبرامج المقدمة للمدارس في القاهرة والمحافظات باللغتين العربية والإنجليزية وهناك برامج الشراكة التي يتم تنفيذها مع جهة أخرى سواء كانت حكومية أو أهلية".
تضيف، "البرنامج ثلاث ساعات لعدد 30 طفلا بحد أقصى، ونحن نستهدف الفئات من خمس سنوات وحتى طلاب الجامعة ولكن بالطبع يكون هناك برامج ملائمة لكل فئة عمرية ويبدأ البرنامج بجولة أثرية متخصصة باستخدام أنشطة تفاعلية ذات علاقة بموضوع البرنامج يتبعها ورشة فنية تحت إشراف المنسق الفني بمتحف الطفل".
برامج متخصصة
ليس فقط تقديم المعلومات التاريخية للأطفال حتى وإن كان من خلال شكل وطريقة جذابة، وإنما يقدم متحف الطفل دورات متخصصة في مجالات وعلوم معينة مع إلقاء الضوء على الجانب التاريخي للموضوع، وكيف كان في مصر القديمة مثل الهندسة والفنون واللغات، وعن هذا الأمر تقول شيرين أمين، "هناك برامج تعليم اللغات الأجنبية الإنجليزية والفرنسية والألمانية من خلال مقتنيات المتحف ويقوم على تعليم مبادئ اللغة متخصصين من المتحف المصري من خلال المصطلحات الأثرية بشكل مبسط وبرامج خاصة ذات طابع علمي بالتعاون مع قسم الترميم في المتحف لإلقاء الضوء على علم التحنيط في مصر القديمة".
أوضحت، "نقدم أيضاً برنامج الجولات الإرشادية للمدارس في متحف الطفل والمتحف المصري نفسه باللغات العربية والإنجليزية وهدف هذه الجولات هو دعم الجانب الدراسي للأطفال في التاريخ المصري، ولا بد من الإشارة إلى أن كل نشاطات وبرامج متحف الطفل تقدم بالمجان للأطفال دون أي مقابل مالي".
اهتمام بالفنون
لا تقتصر أنشطة متحف الطفل بالمتحف المصري على الجوانب التاريخية والتعليمية، وإنما هناك اهتمام كبير بالفنون حيث ينظم المتحف ورشا فنية للأطفال من كل الأعمار مع ربطها بالفن المصري بشكل عام.
تقول ميرا عبد الله إسكندر، فنانة تشكيلية والمنسق الفني لمتحف الطفل بالمتحف المصري، "نقدم برامج فنية متنوعة للأطفال من كل المراحل العمرية بالإضافة لبرنامج الفنون لطلاب المرحلة الثانوية لتعليم الرسم من البداية فنبدأ بالأساسيات والظل والنور والتشريح، وهذا برنامج طويل خلال فترة الصيف بالإضافة إلى برنامج قدرات الفنون والعمارة والمنظور الهندسي لمن يرغب في الالتحاق بكليات الهندسة وأقسام العمارة".
تضيف "ما يجمع نشاطاتنا الفنية المختلفة هو أنها مستوحاة من التراث والتاريخ المصري، ونصطحب الأطفال أحياناً للرسم داخل قاعات المتحف المصري نفسه وليس متحف الطفل فقط والتجربة تكون ثرية وجديدة بالنسبة للأطفال".
دور المتطوعين
يعتمد متحف الطفل في جانب من نشاطاته على المتطوعين من شباب الأثريين المؤمنين بالفكرة والراغبين في العمل على نشر الوعي بأهمية التاريخ والحضارة المصرية عند الناس بشكل عام والأطفال بشكل خاص ومن المتطوعين في متحف الطفل الأثري.
يقول تامر المنشاوي، أحد المتطوعين، "هدفنا التوعية الأثرية وربط الأطفال بثقافة وحضارة بلادهم، وكيف أن المصري القديم كان مبدعا وفنانا من خلال الشرح المبسط والجولات في المتحف والأطفال يتجاوبوا ويكونوا في حالة من الانبهار بعظمة الحضارة المصرية".
يضيف، "بالنسبة إلي، فالتطوع في هذا الأمر يضيف إلى الكثير فمن ناحية اكتساب الخبرة بالتعامل المباشر في المتحف، ومن ناحية أخرى لابد أن يكون لنا دور مجتمعي بالمشاركة في مثل هذه الأعمال التطوعية والتوعية الأثرية والعمل على ربط المتحف بالمجتمع وبالبيئة المحيطة به، وفكرة التعريف بقيمة وعظمة الحضارة المصرية للأطفال تحديداً هو هدف لابد أن نسعى للعمل عليه كل في تخصصه".