باتت قوات النظام على وشك السيطرة على مدينة سراقب الاستراتيجية في شمال غربي سوريا، إذ أوقعت المعارك المستمرّة ضد الفصائل المسلحة أكثر من 400 قتيل من الطرفين خلال أسبوع، وفق ما أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة 31 يناير (كانون الثاني).
ومنذ ديسمبر (كانون الأول)، تشهد مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى في محافظة إدلب وجوارها تصعيداً عسكرياً لقوات النظام وحليفتها روسيا.
وتخوض دمشق أخيراً معارك عنيفة للسيطرة على محوري سراقب، في ريف إدلب الجنوبي، والراشدين، في ريف حلب الغربي المجاور.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إلى وكالة الصحافة الفرنسية، إن "اشتباكات عنيفة تدور جنوبي مدينة سراقب، التي باتت قوات النظام على بعد كيلومترين منها تقريباً".
وباتت المدينة على غرار بلدات وقرى عدة في محيطها شبه خالية من سكّانها، الذين نزحوا على وقع التقدّم العسكري لقوات دمشق التي أعلنت الأربعاء سيطرتها على مدينة معرّة النعمان، ثاني أكبر مدن محافظة إدلب، حيث يعيش ثلاثة ملايين شخص نصفهم تقريباً من النازحين.
معارك الطرقات الدولية
ويتركّز التصعيد في ريفي إدلب الجنوبي وحلب الغربي، حيث يمرّ جزءٌ من طريق دولي استراتيجي يربط مدينة حلب بدمشق، يُعرف باسم "أم فايف" (M5)، ويعبر أبرز المدن السورية من حماة وحمص وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.
ويمرّ هذا الطريق في ثلاث مدن رئيسة في إدلب، هي خان شيخون التي سيطرت عليها قوات النظام في صيف عام 2019، ومعرة النعمان وسراقب، ولا يزال 50 كيلومتراً من الطريق الدولي خارج سيطرة دمشق، غالبيتها في ريف حلب الغربي.
وقال مصدر عسكري سوري، لصحافيين على هامش جولة نظّمتها وزارة الإعلام في معرة النعمان الخميس، إن الجيش السوري "يسعى لتأمين كامل الطريق الدولي".
وأوضح، أنه بعد الوصول إلى سراقب، سيعمل الجيش على أن تلتقي قواته "فيها بتلك المهاجمة من جهة حلب"، حيث تدور معارك تعدّ الأعنف منذ نهاية العام 2016.
وتكمن أهمية سراقب في موقعها الاستراتيجي، كونها تشكّل نقطة التقاء بين طريق "أم فايف" وطريق استراتيجي ثان يُعرف باسم "أم فور" (M4)، يربط محافظتي حلب وإدلب باللاذقية غرباً.
مزيد من القتلى والنازحين
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسبّب القصف والمعارك المستمرة منذ أسبوع في مصرع أكثر من 400 مقاتل من الطرفين، موزّعين مناصفة تقريباً بين قوات النظام والفصائل المسلحة، حسب حصيلة للمرصد الجمعة. ودفع التصعيد منذ ديسمبر 388 ألف شخص إلى النزوح من المنطقة، خصوصاً من معرة النعمان باتجاه مناطق أكثر أمناً شمالاً، وفق الأمم المتحدة، كما تسبّب بمقتل أكثر من 260 مدنياً، وفق المرصد.
وبينما يقترب النزاع من إتمام عامه التاسع، باتت قوات النظام تسيطر على أكثر من سبعين في المئة من مساحة سوريا، كما تنتشر قواتها في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرقي البلاد.
وإثر تقدّمها الأخير في إدلب ومحيطها، تقترب من السيطرة على نحو نصف مساحة محافظة إدلب، المنطقة الأبرز التي لا تزال مع أجزاء من محافظتي حلب واللاذقية المجاورتين، خارج سيطرتها.
أردوغان يهدّد باستخدام القوة العسكرية
وفي ضوء معارك إدلب، ندّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، بـ"وحشية" النظام السوري، محذراً من أن تركيا على استعدادٍ لاستخدام "القوة العسكرية" مجدداً في سوريا.
وقال أردوغان، "لن نسمح بوحشية النظام تجاه شعبه وهجماته التي تتسبّب بسفك الدماء".
وأضاف، في خطاب بأنقرة، "تركيا بكل صدقٍ تريد استقرار وأمن سوريا، ولهذا الغرض لن نتوانى عن القيام بما يلزم بما في ذلك استخدام القوة العسكرية"، مؤكّداً أن بلاده "لا يمكنها أن تقف في موقف المتفرّج فيما تأتي تهديدات جديدة باتجاه حدودنا".
والعديد من النازحين الفارين من معارك إدلب توجّهوا إلى الحدود التركية السورية، حيث قال أردوغان إن أنقرة "تبني منازل بهدف منع مزيد من الهجرة إليها".
وذكرت وكالة أنباء الأناضول الأربعاء، أن الجيش التركي أرسل تعزيزات إلى الريحانية، البلدة التركية الحدودية قرب إدلب.
إلى ذلك، قال الكرملين الجمعة، إن روسيا "تفي تماماً بالتزاماتها في إدلب"، لكنها تشعر "بقلق عميق" إزاء ما وصفته بهجمات مكثفة يشنّها مسلحون على قوات الحكومة السورية وقاعدة حميميم الجوية الروسية.