تراجع إنتاج السيارات البريطانية للسنة الثالثة على التوالي في العام 2019 فسجّل انخفاضاً بنسبة 14.2 في المئة مقارنة بالأشهر الإثني عشر السابقة. وانتجت المصانع البريطانية نحو 1.3 مليون وحدة حسب الأرقام التي أصدرتها الهيئة المصنّعة الرئيسية.
ويُعزى هذا الإنخفاض إلى ضعف ثقة المستهلكين وقطاع الأعمال بسبب بريكست إلى حد ما، وتباطؤ الأسواق الخارجية ولا سيما الصينية منها (حيث تراجعت الصادرات البريطانية بنسبة الربع)، والتأخير التقني بسبب تغيير موديلات المركبات وإغلاق بعض المصانع المرتبط ببريكست.
كما تراجع إنتاج المركبات التجارية والمحرّكات. وأشار توقّع مستقل لحجم الإنتاج في العام 2021 أُجري بطلب من جمعية مصنّعي وتجّار المحركات إلى تراجع إضافي في القطاع حتى 1.27 مليون وحدة وهي النسبة الأدنى منذ عقد من الزمن.
وأعرب مايك هاوس الرئيس التنفيذي لجمعية مصنّعي وتجار المحركات عن "بالغ قلقه" بالنيابة عن أعضاء الجمعية الذين يتراوحون بين لاعبين ضخمين وعالميين مثل "نيسان" و"تويوتا" و"بي أم دبليو" و"تاتا" ولاعبين أصغر حجماً من منتجي المكوّنات والمنتجين المختصّين.
ويهدد هذا التراجع المستمر في القطاع مصدر رزق آلاف العمال ممن يتلقّون أجوراً لائقة في المملكة المتحدة، وتقول الجمعية إن وظيفة من أصل كل ستة وظائف في شمال شرق بريطانيا تعتمد على قطاع السيارات- وهو عنصر مهم في إعادة موازنة النمو والإزدهار الإقليمي حسبما وعدت الحكومة.
وعلّق هاوس قائلاً "إن تراجع صناعة السيارات في بريطانيا إلى أدنى معدّل لها منذ عقد من الزمن تقريباً لمسألة في غاية الخطورة. كل بلد في العالم يرغب في امتلاك قطاع صناعة سيارات قويّ لأنّه محرّك للتجارة والإنتاجية والوظائف".
"نظراً لحالة الضبابية التي اختبرها القطاع من الضروري أن نعيد تأسيس موقعنا المنافس عالمياً وهذا يبدأ باتفاق طموح حول التجارة الحرة مع أوروبا، يضمن بيع وشراء كافة منتجات السيارات من دون رسوم جمركية أو أعباء إضافية. ومن شأن هذه الخطوة أن تعزز الصناعة وتتجنب الزيادات المكلفة في الأسعار وتحافظ على وجود خيارات أمام المستهلكين البريطانيين. سوف تكون المفاوضات صعبة لكن لكل الأطراف ما تجنيه منها والقطاع مستعدّ لها".
ورفضَ بشكل قاطع الإشاعات التي تُنسب إلى رئاسة الوزراء وتشير إلى اعتقاد الحكومة بأنّ قطاع السيارات "يسير نحو الإنحدار".
وأضاف السيد هاوس أنّ فرض رسوم جمركية على صادرات بريطانيا من السيارات وعلى استيراد بريطانيا لمكوّنات من سلسلات التوريد الأوروبية الموحّدة سيكلّف القطاع والمستهلكين "المليارات".
ولدى سؤاله عن احتمال وجود تحضيرات إضافية "للانسحاب من دون اتفاق" في نهاية العام 2020 حين تنتهي الفترة الإنتقالية ما بعد بريكست مع أوروبا، أعاد التشديد على أن القطاع غير مستعدّ للتفكير جدياً بخيار "اللا اتفاق" وأنه في حال فشلت المفاوضات في التوصّل إلى نتيجة بنهاية شهر سبتمبر (أيلول) مثلاً، قد تواجه المملكة المتحدة بريكست "الهاوية".
وفي هذه الظروف، تتوقع جمعية مصنّعي وتجّار المحرّكات من الحكومة أن تطلب تمديداً للفترة الإنتقالية إلى حين التوصل إلى اتفاق يمنح المستثمرين شعوراً باليقين والثقة.
كما تراجع الإستثمار في قطاع الصناعة البريطانية. وشكّل "صوت الثقة" من خلال استثمار "جاغوار لاند روفر" مليار جنيه استرليني في مستقبل المملكة المتحدة باعتبارها قاعدة السيارات الكهربائية، بصيص أمل في مشهد كئيب. وبلغت قيمة الإستثمار الإجمالية في العام 2019 1.1 مليار جنيه استرليني مقارنة بمعدّل طويل الأمد بلغ 2.7 مليار جنيه.
وتعرب جمعية مصنّعي وتجار المحركات عن ثقتها بأنّ إنتاج القطاع لن يتراجع إلى أدنى من مليون وحدة الرمزي لكن حتى عند هذا المستوى، لا يعتبر قطاع السيارات في المملكة المتحدة أكبر حجماً من نظيره في سلوفاكيا أو جمهورية التشيك فيما يصل إلى نصف حجم القطاع الإسباني. ولا تشمل التوقعات أي تقديرات لما يمكن أن يحصل في حال قرّر أي من كبار اللاعبين في بريطانيا الإنسحاب منها بعد بريكست أو لأي سبب تجاري.
وأكثر مصنع مهدد بالشكوك ما بعد بريكست هو مصنع فوكسهول في مرفأ إيليزمير الذي تملكه مجموعة بيجو (بي أس آي). وقال رئيس "بي أس آي"، كارلوس تافاريس، إن الشركة بحاجة للحصول على ضمانات حول وجود اتفاق تجاري جديد بحلول فصل الصيف قبل أن تلتزم بتصنيع جيل جديد من سيارة الأسترا في ميرسيسايد. من وجهة نظر متفائلة، قد يعلن عن هيكلية الاتفاق التجاري بين المملكة المتحدة والإتحاد الأوروبي بحلول ذلك الوقت.
وسبق أن أعلنت شركة "هوندا" التي تتخذ من سويندون مقراً لها أنها ستقلّص إنتاج موديل السيفيك وتنسحب من المملكة المتحدة باعتبارها قاعدة للتصنيع ما يسفر عن خسارة 3400 وظيفة في المجمع الرئيسي وخسارة وظائف أكثر في الشركات التي تعتمد على هذه الشركة كمصدر رزق لها.
© The Independent