تعرض الجنيه الإسترليني لضغوط البيع خلال تداولات اليوم الاثنين 3 فبراير (شباط) 2020، بعد تصريحات رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي أكد على عزم بلاده الوصول لاتفاق تجاري حرّ، ولم يستبعد أن تخرج بريطانيا دون اتفاق تجاري.
هبط الجنيه الإسترليني مقابل الدولار من 1.3200 إلى 1.3000، وأيضا ارتفعت العملة الأوربية الموحدة ''اليورو'' مقابل الإسترليني من 0.8400 إلى 08498.
هذه التصريحات ترفع المخاوف من تداعيات الـ"Hard Brexit" على التجارة والاقتصاد، التي تعني العودة لقوانين منظمة التجارة في حال لم يتم التوصل لاتفاق تجاري قبل نهاية الفترة الانتقالية، ولم يتم التمديد.
أخيرا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي
بانقضاء الليل الأخير لشهر يناير (كانون الثاني) 2020 دخلت بريطانيا رسمياً الفترة الانتقالية بموجب اتفاقية الخروج التي صادق عليها كل من البرلمان البريطاني والأوروبي، وأصبح فك الارتباط حقيقة بعد مفاوضات شاقة بين لندن وبروكسيل استمرت 40 شهراً.
التأثير المباشر الآن هو تأثير سياسي، وذلك بمغادرة 73 نائبا بريطانيا للبرلمان الأوروبي، وكذلك المؤسسات السياسية والمفوضيات الأوروبية المختلفة، وتبدأ مفاوضات بين الجانبين لتحديد طبيعة العلاقات التجارية مستقبلاً. وحسب اتفاقية الخروج هناك أحد عشر شهرا كفترة انتقال ومفاوضات تستلزم أن تتوصل كل من لندن وبروكسيل لاتفاق تجاري قبل الـ31 من ديسمبر (كانون الأول) 2020، وبعدها يجب أن يحضر اتفاق أو خروج من غير اتفاق Hard Brexit. ولتجنب هذا السيناريو على بريطانيا أن تطلب تمديدا للفترة الانتقالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منذ تفعيل المادة 50 في مارس (آذار) 2017، احتاجت بريطانيا 34 شهراً حتى تخرج باتفاق يدخلها الفترة الانتقالية. 11 شهرا ستكون فترة قصيرة لإبرام اتفاق تجاري بينها وبين الاتحاد الأوروبي. %50 من الصادرات البريطانية تذهب لدول الاتحاد الأوروبي، ولندن عاصمة المال تصدّر سنويا ما يعادل 46 مليار باوند (35.3 مليار دولار)، وعلى بريطانيا كتابة قوانين جديدة تحكم هذه العلاقات التجارية.
الفترة الانتقالية
هذه الفترة تبدأ في 1 فبراير (شباط) 2020، وتنتهي في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020 قابلة للتمديد، خلال هذه الفترة تستمر بريطانيا داخل الاتحاد الجمركي وضمن السوق الأوروبية المشتركة حتى إبرام اتفاق التجارة أو الخروج دون اتفاق.
3 سيناريوهات خلال هذه الفترة: التوصل لاتفاق شامل مع الاتحاد الأوروبي يسري تطبيقه بداية العام 2021، أو تمديد الفترة الانتقالية (بوريس جونسون صرح بأنه لا يرغب في تمديدها). السيناريو الثالث الكارثي هو عدم التوصل لاتفاق مع عدم تمديد الفترة الانتقالية، مما يقود مباشرة إلى تطبيق تعريفات جمركية من الطرفين، يكون لها الأثر السالب على النشاط الاقتصادي. وحتى الآن الأسواق لا تسعر هذا السيناريو ولكن يظل أحد المآلات.
قطاع صيد الأسماك البريطاني الرابح الأكبر
عندما انضمت بريطانيا للاتحاد الأوربي قبل 47 عاما، أصبحت خاضعة لسياسة مصايد الأسماك المشتركة "Common Fisheries Policy"، مما يوفّر مدخلا للمياه الإقليمية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
على الرغم من أن هذا القطاع يرفد الناتج المحلي الإجمالي بـ%0.1+، ولكنه من القطاعات التي تم تسليط الضوء عليها خلال فترة البريكست، حيث يشتكي الصيادون من تغوّل الدول الأوروبية على المياه الإقليمية البريطانية، بما يتجاوز الـ%65+ من إجمالي الثروات الطبيعية البحرية، حيث تأخذ أوروبا نحو %46 من أسماك المياه الإقليمية البريطانية، وتأخذ النرويج %21+، بينما قطاع صيد الأسماك البريطاني يأخذ فقط %32 من ثرواته البحرية، لذلك سوف تسمح اتفاقية التجارة الجديدة للبريكست بعودة قطاع الأسماك البريطاني ليسيطر على الثروات الطبيعية البحرية للبلاد.
العلاقات التجارية بعد البريكست
تستفيد بريطانيا من 40 اتفاقية تجارية للاتحاد الأوروبي مع 70 دولة، وبعد انتهاء الفترة الانتقالية تحتاج لندن إلى إبرام اتفاقيات جديدة، ومن المتوقع أن يقدم بوريس جونسون ملامح من خطته لمستقبل العلاقات التجارية مع بروكسيل اليوم الاثنين.
هنالك صيغ مختلفة وخيارات متعددة بشأن العلاقة التجارية دون التقيد بقوانين السوق المشتركة والاتحاد الجمركي والبحث عن اتفاقية تجارة حرة، فبريطانيا لم تختبر التفاوض الفردي من قبل، ولكنها تراهن على حجم اقتصادها ونفوذها كخامس أكبر اقتصاد في العالم.
هنالك تجارب لاتفاقيات تجارية، مثلاً اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي وكندا، الذي يعرف اختصاراً بـ "CETA"، دخل حيز التنفيذ في سبتمبر (أيلول) 2017، ألغى نحو %98 من الرسوم الجمركية. بروكسل مثلا كانت تفرض رسوما على الشوفان الكندي تبلغ %51، تم تخفيضها إلى الصفر بموجب اتفاقية (سيتا)، في المقابل تم رفع حصة منتجات الأجبان الأوروبية ذات الإعفاء الجمركي من 18,500 طن إلى 31,972 طن. وأهم ما يميز اتفاقية سيتا أنها ليست اتحادا جمركيا وليست سوقا مشتركة، وهذا يعني حرية أطراف الاتفاقية في إبرام اتفاقيات تجارية مع دول أخرى، ولكنها لا تتضمن حق بيع الخدمات في دول الاتحاد الأوروبي "passporting". هذا الشرط ربما لا يكون مناسبا لبريطانيا التي تبيع خدمات مالية لدول الاتحاد الأوروبي بما يعادل 46 مليار جنيه إسترليني، ويبدو أن بريطانيا تفضّل هذا النوع من الاتفاقيات مستقبلاً.
خلال الفترة الانتقالية ستعمل كل من لندن وبروكسيل على التوصل لاتفاق تجاري قبل الـ31 من ديسمبر (كانون الأول) 2020، حتى يتفادى الطرفان العمل وفق قوانين منظمة التجارة العالمية التي تعني مزيدا من الرسوم مما يرفع أسعار البضائع، إضافة إلى إجراءات الفحص الجمركي ونقاط العبور التي تتسبب في اختناقات مرورية، وتستغرق رحلات نقل البضائع زمناً أطول.