التقى قادة الدول الأفريقية في اليوم الثاني للقمة السنوية للاتحاد الأفريقي، والتي تنعقد في أديس أبابا، تحت شعار "إسكات الأسلحة"، لإحياء الطموح الذي حددته الهيئة القارية، قبل سبع سنوات، لإنهاء الصراعات التي تمزق بلدان القارة السمراء ومنع الإبادة الجماعية بحلول 2020، وهو ما لم يتحقق بشكل كامل على الرغم من أن الاتحاد الأفريقي حقق بعض النجاح أخيرا في صراعات مثل السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى.
تناولت كلمات قادة الدول الأفريقية والأمين العام للأمم المتحدة، خلال الدورة الـ33 للاتحاد، العديد من قضايا القارة، بما في ذلك الفقر وقضايا السلم والأمن.
وفي كلمته، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن التقدم ما يزال بطيئا في جهود أفريقيا للقضاء على الفقر وإنهاء الاستبعاد. ودعا إلى زيادة الجهود المبذولة للقضاء على الفقر، قائلاً إن هذا "لا يزال التزاما اجتماعيا وأخلاقيا أساسيا للبشرية".
وأثنى على الاتحاد الأفريقي لاستكماله التقرير الأول عن التنفيذ على المستوى القطري للخطة العشرية لجدول أعمال 2063. وقال "هذا معلم رئيس على طريق تحقيق أفريقيا التي نريدها"، مضيفا أن جدول أعمال 2063 وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 حفزا الحكومات الأفريقية وشركائها في التنمية على حساب الفقر. كما سلّط غوتيريش الضوء على 3 تحديات ذات أهمية خاصة للقارة، وهي تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومعالجة أزمة المناخ، وإسكات البنادق.
وأشاد الأمين العام الأمم المتحدة بفترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، خلال لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش القمة. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، الأحد، إن "الأمين العام والسيسي بحثا التطورات الإقليمية، بما في ذلك الوضع في ليبيا وعملية السلام في الشرق الأوسط".
وكان غوتيريش وصف العلاقة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بأنها "واحدة من أهم الشراكات"، مضيفا في حديث للصحافيين على هامش القمة أنها "شراكة ملتزمة الاستجابة لقلق وتطلعات الشعب الأفريقي، وتمهيد الطريق نحو مستقبل أفضل لنا جميعا".
وفي كلمته، استعرض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي - الذي سلّم رئاسة الاتحاد لنظيره الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، لمدة عام، خلاصة التجربة المصرية من خلال عدد من المحاور القارية ذات الأولوية التي ترتبط ببعضها البعض، وأبرز الجهود والأنشطة التي تمت تحت رئاسة القاهرة للاتحاد الأفريقي خلال عام 2019.
وقال السيسي إنه على الرغم من تنامي التحديات أمام أفريقيا، لا سيما استمرار النزاعات وزيادة مخاطر الإرهاب والتطرف بخاصة في منطقة الساحل والقرن الأفريقي، فقد حرصت مصر على تعزيز حالة السلم والأمن في القارة، بالاعتماد على ترسيخ مبدأ (الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية)، باعتباره السبيل الأمثل للتعامل مع الأزمات وفهم خصوصيات الدول والشعوب الأفريقية، مضيفا أن مصر طبقت عمليا خلال عام هذا المبدأ من خلال العديد من المبادرات، لا سيما عبر استضافة قمتين تشاوريتين حول ليبيا والسودان، مثمنا علاقات الشراكة القائمة على الاحترام المتبادل بين الاتحاد الأفريقي وبين مختلف الدول والمنظمات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحدث السيسي عن دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ والبدء في إطلاق آليات عملها خلال القمة الاستثنائية التي عقدت في النيجر، مما شكل إنجازا تاريخيا، فتحرير التجارة في أفريقيا وإزالة القيود أمام تدفق السلع والخدمات يفتح صفحة جديدة حافلة بالفرص، والتي من شأنها نقل التكامل القاري إلى مستويات جديدة وآفاق أرحب، بخاصة مع تواصل الالتزام والحوار البناء والعمل الجاد الذي بدأ بالفعل خلال العام الماضي.
ولفت الرئيس المصري إلى أن اجتماع القمة التنسيقية الأولى بين الاتحاد الأفريقي والتجمعات الإقليمية الاقتصادية بالعاصمة نيامي في يوليو (تموز) الماضي وضع أساسا ثابتا لهذا الغرض، سوف نستمر في متابعته وتطويره لتحقيق أهدافه.
وأشار مركز "مجموعة الأزمات الدولية" للأبحاث إلى أنه على الرغم من إخفاق الاتحاد الأفريقي في تحقيق الهدف الرئيس بإنهاء الصراعات في القارة بحلول 2020، ففي العام الماضي فقط، على سبيل المثال، تدخل في لحظات حرجة للحفاظ على ثورة السودان ومنعها من الانزلاق إلى العنف. وساعد في التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والمتمردين في جمهورية أفريقيا الوسطى. لكنه أخفق في أماكن أخرى، من الكاميرون إلى الساحل إلى جنوب السودان. ودعا جنوب أفريقيا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، إلى استغلال الاجتماعات لتنشيط الجهود الأفريقية لتهدئة أشد الأزمات دموية في القارة.
وأضاف المركز البحثي أن الاتحاد الأفريقي قام بتدخلات ملحوظة في أزمتين رئيستين في عام 2019. وأظهر مجلس السلام والأمن، وهو هيئة صنع القرار الدائمة في القارة لمنع النزاعات وإدارتها وحلها، تأثيرا بعد إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في السودان، وساعد في التوسط بين القادة المدنيين والعسكريين. كنا أكد أيضا تفوقه في عملية السلام في أفريقيا الوسطى، حيث رعى اتفاقا بين الحكومة و14 مجموعة متمردة مع استيعاب مبادرة روسية سودانية هددت بأن تصبح حوارا موازياً. وعلى الرغم من أن الاتفاق لم يخفف من العنف بشكل كبير، لكنه ركز الاهتمام الخارجي على الأزمة ووحد الدبلوماسيين وراء جهود وساطة واحدة.
وفيما يتعلق بالقضية الكبرى، حيث الإرهاب الذي يجتاح منطقة الساحل الأفريقي، أشار المركز البحثي إلى إخفاق الاتحاد في إنهاء الصراع الوحشي في جنوب السودان. ومما يثير القلق بشكل خاص أن التزام القادة الأفارقة الجهود متعددة الأطراف لتهدئة الصراعات في جميع أنحاء القارة يبدو أنه تضاءل، فنادرا ما يجتمع مجلس الأمن والسلم الأفريقي على مستوى رؤساء الدول.
وعلى الرغم من التركيز المفترض على "إسكات الأسلحة"، فإن مسودة جدول أعمال القمة تشير إلى أن المناقشات حول السلام والأمن لا تحتل مركز الصدارة، وأن عدد الاجتماعات الجانبية رفيعة المستوى المخطط لها حول النزاعات الفردية سيكون أقل من السنوات الماضية".
وأضاف مركز "مجموعة الأزمات الدولية" أنه على الاتحاد الأفريقي أن يدرج في أولوياته وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مع الأمم المتحدة لتمويل بنسبة 75 في المئة من مهماته لحفظ السلام التي يوافق عليها مجلس الأمن الدولي، موضحا أن الاتحاد القاري يملك الإرادة والقدرة على القيام بمهمات لمكافحة الإرهاب وحفظ السلام الضرورية للمساعدة في إحلال الاستقرار في دول أفريقية، لكنه لا يملك الموارد المالية الضرورية لتقديم دعم ثابت ومتوقع، وهذا أمر يمكن أن تؤمنه الأمم المتحدة.