أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل عن القواعد الجديدة لحكومة حزب المحافظين برئاسة بوريس جونسون لاعطاء تأشيرات الدخول والعمل في بريطانيا للمهاجرين من خارجها سواء من دول الاتحاد الأوروبي أو بقية دول العالم.
وكانت هجرة العمالة، خاصة من دول أوروبا الشرقية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أهم القضايا التي على أساسها صوت البريطانيون في استفتاء 2016 لصالج الخروج من الاتجاد الأوروبي (بريكست) وكذلك أحد أهم الوعود الانتخابية لبوريس جونسون لزعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة.
ورغم تصريحات مسؤولي الحكومة البريطانية التي تعد بأن النظام الجديد لتأشيرة العمل والهجرة سيخفض من عدد المهاجرين إلى بريطانيا إلا أن عددا من المحللين يستبعد ذلك، بل إن بعض هؤلاء تحدث على وسائل الإعلام البريطانية مشيرا إلى احتمال زيادة أعداد المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي خاصة في حال انتعاش الاقتصاد البريطاني بعد البريكست.
وأشار هؤلاء إلى أن هدف من يأتون للعمل ىفي بريطانيا هو تحسين مستوى معيشتهم، وهذا مرتبط بالوضع الاقتصادي، لذا فإن زيادة أعداد المهاجرين أو قلتها مرتبط بوضع الاقتصاد الأوسع وليس فقط بنظام منح التأشيرات.
نظام نقاط مختلف
كانت الوعود السابقة هي يإعلان نظام نقاط يشبه النظام المعول به في استراليا، لكن ما أعلنته وزيرة الداخلية يختلف. ففي النظام الاسترالي يحتاج من يتقدم للحصول على تأشيرة أن يجتاز الاختبارات محققا العدد المطلوب من النقاط، فاذا حصل عليها يمنح التأشيرة.
أما النظام البريطاني الذي سيبدأ تطبيقه مطلع العام القادم بعد نهاية الفترة الانتقالية لللبريكست فيشترط إلى جانب حصول طالب التأشيرة على 70 نقطة أن تكون هناك وظيفة بانتظاره. أي يحصل على عرض عمل في بريطانيا أولا، وألا يكون راتبه أقل من 33 ألف دولار في العام (25600 جنيه استرليني).
يستثنى من ذلك فئة العلماء وأصحاب الكفاءات النادرة، كما أن من يعملون في التمريض سيحصلون على استثناءات أيضا من نظام النقاط.
أما النقاط السبعين فمقسمة إلى حد كبير بما يشبه "الورقة البضاء للهجرة" التي اعلنتها حكومة المافظين قبل أعوام قليلة، والغت تريزا ماي وقت رئاستها للحكومة بعض استثناءاتها. ويتوزع نصف النقاط على اثبات امتلاك مهارة مهنية بمستوى معقول وكذلك تحدث اللغة الانجليزية بقدر مناسب.
وستجد الشركات والأعمال التي تستخدم عمالة رخيصة من الخارج نفسها أمام مشكلة كبيرة في حجم وكلفة الاجراءات للتوظيف، خاصة تلك الشركات التي تستخدم عمالة يقل راتبها عن 30 ألف دولار. كما أن الحكومة لم توضح بعد هل ستقوم ادارات الهجرة والجنسية الحكومية بتلك الاجراءات، ما يعني مزيدا من البيروقراطية والتعقيدات، أم أنها ستلزم بها الأعمال والشركات التي تجلب العمال.
وباستثناء أن نظام النقاط الجديد وشروط وجود وظيفة براتب محدد سيعقد هجرة الأوروبيين إلى بريطانيا، فإن تلك الشروط بالفعل موجودة لمن يحصل على تأشيرة عمل في بريطانيا من خارج الاتحاد الأوروبي. بل ربما يستفيد هؤلاء ممن ليسوا أوروبيين، إذ أن عضوية بريطانيا في الاتحاد كانت تلزم الأعمال البريطانية بعدم توظيف العمالة الماهرة من خارج الاتحاد الأوروبي إذا كان هناك عمالة أوروبية مماثلة متوفرة.
العمالة الأوروبية تخسر
لهذا يقول بعض منتقدي النظام الجديد الذي أعلنته الحكومة أنه مجرد "إعادة تغليف" لنظام التأشيرة والهجرة المعمول به سابقا فقط مع الغاء ما يتعلق بالتزامت عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وتلك الالتزامات ستنتهي بالفعل بنهاية الفترة الانتقالية آخر هذا العام.
وحتى ذلك الحين لن تتأثر العمالة الأوروبية الموجودة في بريطانيا، لكنها بدءا من يناير (كانون الثاني) 2021 سيطبق عليها نظام النقاط الجديد. وإذا كانت العمالة الأوروبية ستخسر دون تغيير يذكر في التعامل مع المهاجرين من غير الأوروبيين فإن أعمالا بريطاني أيضا ستعاني نتيجة هذا النظام.
في مقدمتها قطاع الرعاية الاجتماعية الذي يعتمد على عمالة رخيصة، أغلبها من أوروبا الشرقية وغيرها، وما زال ينتظر خطة حكومية موعودة بدعمه. كذلك قطاع البناء والتشييد الذي كان من أكبر المستفيدين من العمالة الأوروبية، التي قد تصنف الآن بأنها "غير ماهرة" ولا يحصل الأوروبيون على العشرين نقطة المخصصة للمهارة المهنية في النظام الجديد.
وسيكون على الشركات والأعمال، أما صعوبة وتعقيدات استقدام عمالة من الخارج، أن توظف من داخل بريطانيا. لكن مع معدلات بطالة في أدنى مستوياتها حاليا واحتمالات انتعاش الاقتصاد بعد البريكست قد يكون ذلك أمرا صعبا.
أضف إلى ذلك أن العمالة التي سيعتبرها نظام النقاط الجديد "غير ماهرة" ولا تتأهل لتأشيرة عمل يعملون في مهن ومهمات يعافها البريطانيون والمقيمون في بريطانيا – حتى لو كانوا يعيشون على الإعانات الاجتماعية.
ينتظر البريطانيون أن تعلن الحكومة تفاصيل النظام الجديد الذي أعلنت خطوطه العريضة وزيرة الداخلية ألأربعاء، وتتحسب الشركات وألعمال التي تحتاج إلى العمالة المهاجرة من خارج بريطانيا لضيق الفترة التي أمامها لتستعد للتعامل مع النظام الجديد,
لكن كثيرا من المراقبين، لا يرون أن هناك جديدا باستثناء تضمين نتائج البريكست (تهاية حرية انتقال الأوروبيين إلى بريطانيا) وزيادة شروط الحصول على تأشيرى العمل للأوروبيين وغيرهم. وفي كل المقابلات الإعلامية التي أعقبت إعلان الحكومة رفض المسؤولون، في السلطة والمعارضة، الحديث عن أي أرقام. وهذا صحيح، لأنه من غير الواضح إن كان فعلا نظام النقاط الجديد سيحد من عدد المهاجرين إلى بريطانيا أو يزيده.