أماط المؤتمر الصحفي الختامي للقمة العربية الأوروبية اللثام عن كواليس الاجتماعات المغلقة، والقضايا المثيرة للجدل، والمسائل الخلافية التي حاول القادة العرب والأوروبيون تأجيل النقاش حولها خلال قمتهم في شرم الشيخ، وتحييدها عن البيان الختامي للقمة، ليخرج بصورة الإجماع والتوافق العام بين المشاركين من قادة المنطقة العربية والاتحاد الأوروبي أصحاب المواقف المتباينة فيما بينهم.
مصير المقاتلين الأجانب
حيث طالب قادة الدول العربية نظراءهم الأوروبيين بوضع حد لظاهرة المقاتلين الأجانب الذين انتشروا خلال السنوات الأخيرة بعدما تمدد تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق وليبيا ومناطق أخرى، بالإضافة إلى وجود الجماعات الإرهابية في شمال شبه جزيرة سيناء المصرية.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية لـ"اندبندنت عربية" إن عودة المقاتلين الأجانب كانت من بين الموضوعات المهمة التي ناقشها القادة خلال جلسات القمة، والتي اهتمت بها مصر بوجه خاص، لقناعتها بأن القضاء على بؤر انتشار الإرهاب، كما جرى في العراق وسوريا، لا يعني بأي حال القضاء على الإرهاب، ما لم يتم التعامل بشكل علمي وتعاوني في مسألة المقاتلين الأجانب الذين لا يكون أمامهم خيارٌ ثالثٌ غير العودة لبلدانهم، أو الانتقال إلى مناطق توتر أخرى لاستكمال نشاطهم الإرهابي، مما ينذر بالدخول في دائرة جهنمية لا نهاية لها.
وأضاف راضي: "مصر لديها تجربة ثرية وخبرة في التعامل مع ملف المقاتلين العائدين من الصراعات، نتيجة مرورها بتجربة "العائدين من أفغانستان"، مشيرا إلى أن ظاهرة عودة المقاتلين الأجانب تختلف نسبيا هذه المرة، وأصبحت أكثر تعقيداً، وتصحبها أيضا عودة زوجات وأبناء المقاتلين الذين يعامل بعضهم كلاجئين، مشيرا إلى خطورة تشكيلهم تهديدات جسيمة في المستقبل.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية أن بلاده ترى ضرورة قصوى في التعاون مع الدول الغربية، خاصة لتحقيق صورة من صور السيطرة على شبكة المعلومات الدولية؛ الإنترنت، بهدف نزع الأداة الأساسية التي تستخدم في تجنيد الإرهابيين والمقاتلين الأجانب من الدول الأخرى للمجيء إلى المنطقة كما فعلوا في سوريا والعراق، أو العكس أيضا، بتوجيههم لعناصر إرهابية للقيام بعمليات في القارة الأوروبية، فضلا عن توفيرها لوسيلة للتواصل وتبادل الدعم بين العناصر والتنظيمات الإرهابية، مشيرا إلى أنه بالإضافة للمواقع الإلكترونية الإرهابية المطلوب إغلاقها، هناك أيضا قنوات تحريضية تبث من بعض الدول الأوروبية ينبغي التعامل معها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحفظات على البيان الختامي
من جانبها، حاولت الإمارات والسعودية والبحرين إدخال تعديلات على البيان الختامي لمؤتمر القمة تتركز على مواجهة خصومهم الإقليميين، وعلى رأسهم إيران، فضلا عن قطر وتركيا.
وقبيل إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في ختام المؤتمر خروج البيان الختامي إلى النور، كما تم توزيع نص مسودته النهائية على الوفود المشاركة، سجل الوفد السعودي تحفظاً لفت فيه إلى أنه قدم تعديلات يتطلع إلى تضمينها البيان الختامي، ليتولى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الرد عليه بالتأكيد على أن الطرف الأوروبي هو من تمسك بالمسودة الأولى للبيان الختامي، نافيا عن الرئاسة المصرية المشتركة بالقمة تجاهل المقترح السعودي.
وتعد مصر طرفا أساسيا في "دول الرباعي العربي" المناوئة للسياسة التركية والإيرانية في المنطقة، والمقاطعة لقطر العضو بجامعة الدول العربية، التي أعلن ديوانها الأميري عدم المشاركة في القمة العربية الأوروبية الأولى، مكتفيا بمشاركة مندوب دبلوماسي ممثلا عن الدوحة.
وقال مصدر دبلوماسي في الوفد السعودي المشارك بالقمة لـ""اندبندنت عربية": إن التعديلات المقترحة من جانبهم، لم تؤثر على موقف بلاده الداعم لإعلان شرم الشيخ ومبادئه الجوهرية، مشيرا إلى أن بلاده كانت من أبرز الدول الداعمة لهذه القمة منذ اقتراح مصر استضافتها، وأسهمت في حشد الدعم لها، فضلا عن اهتمامها بالمشاركة فيها برفع مستوى التمثيل، إذ جاء الوفد السعودي المشارك برئاسة العاهل السعودي، مؤكدا أن هذه "الزيارة الملكية" تم خلالها بحث العديد من ملفات العلاقات الثنائية، إلى جانب تجديد الالتزام بالعمل المشترك لمكافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة، ومواجهة التدخلات الإقليمية، وعلى رأسها التدخلات الإيرانية والتركية.
ملف حقوق الإنسان
لم تتطرق القمة العربية الأوروبية إلى الحديث عن حقوق الإنسان في أي من الدول المشاركة، وفقما أعلن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، ردا على سؤال لأحد المراسلين الأوروبيين خلال المؤتمر الصحفي الختامي.
واختتم الرئيس المصري المؤتمر بتوجيه رسالة إلى الأوروبيين يؤكد فيها رفض المنطقة العربية تلقي دروسٍ في الإنسانية من الخارج لا تتفق مع خصوصياتها الثقافية.